بدت موسكو هادئة امس السبت بعدما خفتت الزوبعة السياسية بتعيين يفغيني بريماكوف رئيساً للوزراء، وصدر مرسوم رئاسي بأن يكون نائبه الأول يوري ماسليوكوف أحد أقطاب الحزب الشيوعي، فيما اسندت حقيبة الخارجية الى ايغور ايفانوف وكيل الوزارة سابقاً، واحتفظ وزيرا الدفاع والداخلية بمنصبيهما. واجتمع رئيس الحكومة أمس الى رؤساء تحرير الصحف الكبرى ومحطات الإذاعة والتلفزيون ليؤكد ان روسيا "لن تتخلى عن التزاماتها" وانها "ليست البلد الذي يمكن ان يشهر إفلاسه" ووعد بتسديد الديون الداخلية والخارجية. وفي أول تصريح صحافي الى التلفزيون ليلة الجمعة - السبت اثر موافقة البرلمان بغالبية ساحقة على تعيينه شدد بريماكوف على ان "لا تراجع عن الاصلاحات"، لكنه دعا الى "الاعتراف بالأخطاء التي ارتكبت ... وتقويمها". وتوقع انفراجاً في الوضع السياسي لكنه حذر من انتظار تغيرات سريعة في الاقتصاد الذي قال انه سيكون "وطنياً". الا انه أوضح ان ذلك لا يعني غلق الأبواب أمام المستثمرين الأجانب ووعد بتهيئة المناخ الملائم لهم. وكان بريماكوف في كلمته امام البرلمان فند ما ذكره عدد من النواب عن جهله بالاقتصاد، وقال انه قاد سنوات معهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية. ومعروف أيضاً انه ألف بعد ارتفاع النفط في السبعينات كتاباً ضخماً عن "أزمة الطاقة" وجوانبها الاقتصادية. وواضح انه سيعتمد الى حد كبير على نائبه الأول ماسليكوف الذي سيشرف على القطاعين الصناعي والاقتصادي، فيما سيلعب دوراً مهماً في ادارة الأزمة المالية فيكتور غيراشينكو الذي وافق البرلمان على تعيينه حاكماً للبنك المركزي وأيد طلبه إقالة مجلس ادارة البنك وتعيين أشخاص جدد. وكان ماسليوكوف نائباً لرئيس الوزراء في العهد السوفياتي، فيما تولى غيراشينكو آنذاك ادارة البنك المركزي، وهذا ما دفع عدداً من الصحف الليبرالية الى الحديث عن "انتقام شيوعي" بدأ في روسيا كما ذكرت صحيفة "كوميرسانت ديلي". وأشارت "نيزافيسيمايا غازيتا" الى ان بريماكوف المتحالف مع الشيوعيين سيعمل على بناء "رأسمالية دولة وقوتها هرم سياسي فردي" اذ ان ضعف بوريس يلتسن يجعل بريماكوف قائماً بأعمال الرئيس فعلاًَ على حد تعبير الصحيفة. واعتبر عدد من المراقبين تقديم يلتسن تنازلات الى البرلمان بداية العد التنازلي لعهده. وذكرت "كويير سانت" انه أصبح "على هامش الحياة السياسية" وتوقعت ان يصعد الشيوعيون هجومهم لإزاحته من الكرملين. وأدلى الزعيم الشيوعي غينادي زيوغانوف بتصريح يدعم هذا الرأي بإعلانه ان البرلمان لن يوقف اجراءات حجب الثقة عن رئيس الدولة. وأشار في حديث تلفزيوني الى ان أحزاب اليسار والنقابات مصممة على تنظيم "حركة وطنية عامة" في السابع من الشهر المقبل للمطالبة باستقالة يلتسن. ولكن صحيفة "ازفيستيا" أشارت الى ان بريماكوف ليس الرجل الذي يمكن ان يسلم قياده الى الآخرين، وتوقعت ان يتبع سياسة "الحلول الوسط" بين اليسار واليمين. وستتضح معالم سياسة الحكومة الجديدة اثر اعلان تشكيلتها بالكامل في غضون اسبوع. واحتفظ وزير الدفاع ايغور سيرغييف ووزير الداخلية سيرغي ستيباشين بمنصبيهما الا ان المرسوم الرئاسي لم يتضمن اسم رئيس هيئة وزارة الامن فلاديمير بوتين الذي يعد من حلفاء "عراب الخصخصة" أناتولي تشوبايس الذي يتوقع ان يفقد وأنصاره مواقعهم بسبب التغييرات الأخيرة.