الأسهم الأوروبية تغلق على تراجع    أمير تبوك: نقلة حضارية تشهدها المنطقة من خلال مشاريع رؤية 2030    الفالح: المستثمرون الأجانب يتوافدون إلى «نيوم»    برئاسة ولي العهد.. مجلس الوزراء يقرّ الميزانية العامة للدولة للعام المالي 2025م    السعودية وروسيا والعراق يناقشون الحفاظ على استقرار سوق البترول    مغادرة الطائرة الإغاثية ال24 إلى بيروت    التعاون والخالدية.. «صراع صدارة»    الملك يتلقى دعوة أمير الكويت لحضور القمة الخليجية    الهلال يتعادل إيجابياً مع السد ويتأهل لثمن نهائي "نخبة آسيا"    في دوري يلو .. تعادل نيوم والباطن سلبياً    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء    «التعليم»: 7 % من الطلاب حققوا أداء عالياً في الاختبارات الوطنية    أربعة آلاف مستفيد من حملة «شريط الأمل»    «فقرة الساحر» تجمع الأصدقاء بينهم أسماء جلال    7 مفاتيح لعافيتك موجودة في فيتامين D.. استغلها    أنشيلوتي: الإصابات تمثل فرصة لنصبح أفضل    الأسبوع المقبل.. أولى فترات الانقلاب الشتوي    «شتاء المدينة».. رحلات ميدانية وتجارب ثقافية    مشاعر فياضة لقاصدي البيت العتيق    الزلفي في مواجهة أبها.. وأحد يلتقي العين.. والبكيرية أمام العربي    مبدعون.. مبتكرون    ملتقى الميزانية.. الدروس المستفادة للمواطن والمسؤول !    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    بايدن: إسرائيل ولبنان وافقتا على اتفاق وقف النار    كيف تتعاملين مع مخاوف طفلك من المدرسة؟    حدث تاريخي للمرة الأولى في المملكة…. جدة تستضيف مزاد الدوري الهندي للكريكيت    قمة مجلس التعاون ال45 بالكويت.. تأكيد لوحدة الصَّف والكلمة    7 آلاف مجزرة إسرائيلية بحق العائلات في غزة    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    كثفوا توعية المواطن بمميزاته وفرصه    شركة ترفض تعيين موظفين بسبب أبراجهم الفلكية    «هاتف» للتخلص من إدمان مواقع التواصل    حوادث الطائرات    حروب عالمية وأخرى أشد فتكاً    معاطف من حُب    الدكتور عصام خوقير.. العبارة الساخرة والنقد الممتع    جذوة من نار    لا فاز الأهلي أنتشي..!    الرياض الجميلة الصديقة    هؤلاء هم المرجفون    المملكة وتعزيز أمنها البحري    اكتشاف علاج جديد للسمنة    السعودية رائدة فصل التوائم عالمياً    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء الخميس المقبل    مناقشة معوقات مشروع الصرف الصحي وخطر الأودية في صبيا    حملة على الباعة المخالفين بالدمام    «السلمان» يستقبل قائد العمليات المشتركة بدولة الإمارات    أهمية الدور المناط بالمحافظين في نقل الصورة التي يشعر بها المواطن    المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة يناقش تحديات إعادة ترميم الأعضاء وتغطية الجروح    مركز صحي سهل تنومة يُقيم فعالية "الأسبوع الخليجي للسكري"    "سلمان للإغاثة" يوقع مذكرة تفاهم مع مؤسسة الأمير محمد بن فهد للتنمية الإنسانية    جمعية لأجلهم تعقد مؤتمراً صحفياً لتسليط الضوء على فعاليات الملتقى السنوي السادس لأسر الأشخاص ذوي الإعاقة    حقوق المرأة في المملكة تؤكدها الشريعة الإسلامية ويحفظها النظام    استمرار انخفاض درجات الحرارة في 4 مناطق    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    نوافذ للحياة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سبيروس كبريانو : نحن في وضع دولي جديد لا نظام يسوده ولا سلام وإنما حروب صغيرة في كل مكان
نشر في الحياة يوم 04 - 05 - 1999

يعتبر الرئيس السابق سبيروس كبريانو أحد أبرز الرؤساء القبارصة، فهو عمل مع الزعيم الراحل مكاريوس، ممثلاً لقبرص في الأمم المتحدة ووزيراً للخارجية ورئيساً للبرلمان. تسلم مقاليد الرئاسة لفترتين، ويعتبر سياسياً مخضرماً وصديقاً للعرب وصاحب سياسة متوازنة.
يذكر أن الرئيس كبريانو توجه بعد اندلاع الحرب اليوغوسلافية إلى بلغراد في عملية وساطة فاشلة جرّت عليه انتقادات كثيرة داخلية ودولية.
أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أن نشر "الصواريخ الروسية" في كريت بدلاً من قبرص هو أمر جيد لأنه يساهم في بناء الثقة بين اليونان وتركيا. برأيكم ما الأثر الذي يمكن أن تعود به على المشكلة القبرصية نظرية "بناء الثقة" التي يطالب بها الحلف كلاً من اليونان وتركيا؟
- أشك كثيراً أن تكون حكومة أنقره ترى في نشر الصواريخ المذكورة في كريت حركة في اتجاه بناء ثقة بين اليونان وتركيا. فالمسؤولون الأتراك اصدروا، عملياً، بيانات تهديد في حال نشر الصواريخ في كريت. على أي حال، تركيا لم تقدم أبداً أي تنازلات أو تساهم بأي إجراءات تشير إلى حسن نواياها بالنسبة إلى علاقاتها مع اليونان أو، بالنسبة إلى الوضع في قبرص. وفي حال تم قيام مثل هذه الثقة بين اليونان وتركيا فإن ذلك سينعكس بلا شك على قضية قبرص.
من كان صاحب فكرة شراء الصواريخ الروسية، وهل تعتقدون أن قبرص تستطيع حماية نفسها وحماية هذه الصواريخ من هجمات تركية لتدميرها؟
- قرار شراء أجهزة الدفاع الجوي اتخذته الحكومة القبرصية بالتنسيق مع اليونان في ظل سياسة الدفاع المشترك. ولا أظن ان تركيا من الغباء حتى تدخل في حرب ضد اليونان بسبب نشر الصواريخ في كريت. أما بالنسبة إلى قبرص فإنها اتخذت اجراءات كثيرة لتقوية قدراتها الدفاعية وستظل تسعى جاهدة لاتخاذ المزيد من هذه الإجراءات طالما استمر العدوان التركي.
هددت تركيا بنشر صواريخ مماثلة للصواريخ التي تزمع قبرص الحصول عليها من روسيا. هل تعتبرون هذا التهديد التركي جديا، وما هو ردكم عليه لو حصل؟
- سيتم نشر الصوارخ في جزيرة كريت كما تقرر بعد مباحثات بين اليونان والحكومة القبرصية وبعد التنسيق مع الحكومة الروسية. وهذا قرار يخص قبرص واليونان فقط وليس من حق احد التدخل في حقوق الدول في سيادتها. وكما ذكرت، لا أظن أن الحكومة التركية ستتخذ أي إجراء عسكري بخصوص نشر هذه الصواريخ، عدا عن أن نشرها في كريت بدلاً من قبرص يسهم في تخفيف حدة التوتر، وهذا ما تراه الأوساط الدولية والأطلسي.
تجسس في قبرص
ما هي حكاية دخول الموساد على شبكة الهاتف القبرصية، وما علاقة تركيا بالأمر، وما سرّ الزيارات الإسرائيلية على أرفع المستويات إلى قبرص، وهل هناك صفقة ما بين الحكومتين القبرصية والإسرائيلية وراء تبرئة عضوي الموساد من تهمة التجسس؟
- أظن أن معظم القبارصة يعتقدون بأن عضوي الموساد كانا يقومان بعمليات تجسس في قبرص. أما قرار المدعي العام بإسقاط تهمة التجسس عنهما فيعود إلى عدم توافر أدلة كافية ضدهما. وأنا احترم هذا القرار. في الوقت نفسه، أعتقد، كما تبين خلال جلسات المناقشة في البرلمان، من أن هناك ضعوطاً سياسية قد مورست على الحكومة القبرصية. أما بالنسبة إلى تركيا، فهناك قناعة قوية من أن تركيا ساهمت أيضاً في قضية التجسس هذه عن طريق تحالفها مع إسرائيل.
تحالف مضاد للسلام
في المنطقة اليوم حلف عسكري جديد بين تركيا واسرائيل، ويستهدف سورية والعراق، وربما قبرص. ما هو تقييمكم لمستقبل الوضع في المنطقة على خلفية ذلك؟
- أشرت آنفاً إلى التحالف العسكري بين اسرائيل وتركيا في ما يتعلق بعضوي الموساد. أعتقد أن مثل هذا التحالف يضر بمصالح دول المنطقة ويشيع التوتر في منطقتنا التي تعتبر منطقة حساسة. لذلك هناك حاجة ماسة للعمل الجماعي بهدف إشعار كل من اسرائيل وتركيا بأن تحالفهما ليس من مصلحة السلام والتعاون في المنطقة.
ما هي تقديراتكم لوضع منطقة الشرق الأوسط، في ظل تأزم عملية السلم العربي - الإسرائيلي، وما هو موقف بلادكم في حال نشبت الحرب السورية - الإسرائيلية؟
- بعد فترة من الركود، جاء اتفاق "واي ريفر" ليحرك هذا الجمود. وأظن أن هناك الآن بعض الأمل في التوصل إلى حل عادل وشامل يضمن سيادة وحقوق كافة شعوب المنطقة.
وآمل ان يتم التوصل إلى حل سلمي في المنطقة يمكن كلاً من سورية وإسرائيل من الدخول في حوار يؤدي إلى اتفاق ترضي الطرفين. إن الحرب ليست في صالح أي من الدولتين أو المنطقة. والخلافات يجب أن تحل على أساس القوانين الدولية وقرارت مجلس الأمن.
جثث المفقودين
قبل فترة حصلت الحكومة القبرصية على معلومات من الموفدين الدوليين المولجين بالأزمة مفادها أن المفقودين ينبغي اعتبارهم في عداد الموتى، وأن هذا الملف يجب أن يقفل... كم يمكن تحميل هذه الورقة من ثقل يفوقها حجماً في المفاوضات؟
- أظن ان هنالك، باستمرار، سوء فهم في ما يتعلق بمسألة المفقودين. إنها مسألة إنسانية بحتة وليست جزءاً من المفاوضات لأي حل سياسي. إن من حق أهالي المفقودين أن يعرفوا مصير ذويهم المفقودين. أما إذا أصر الجانب التركي على أن كل المفقودين توفوا، فيجب إعطاء معلومات كافية عن الظروف التي احاطت بموتهم وعن أمكنة دفنهم.
وللعلم اجتمع في 31 تموز يوليو 1997 الرئيس كليريدس والزعيم القبرصي التركي لبحث المواضيع الإنسانية واعلنا أن أهل المفقودين الذين توفوا من حقهم أن يحصلوا على بقايا جثث هؤلاء للقيام بالإجراءات الضرورية لدفنها. كما اتفقوا على القيام بخطوات لتحقيق حل لمسألة المفقودين. للأسف، يرفض الجانب التركي تنفيذ هذا الاتفاق.
رئيس قبرص قوي
هل تحتاج الجزيرة إلى شخصية قوية تأخذ على عاتقها فرض قرار يتجاوز المماحكات الداخلية التي تلجم الرئيس من أخذ مبادرة قوية؟
- إن الوضع غير المشروع في قبرص مستمر منذ ربع قرن. ومن الطبيعي أن نحتاج إلى رئيس قوي، في ظل احتلال تركي لجزء من الجزيرة ورفض تركيا لتنفيذ قرارات مجلس الأمن. إن الموقف الراهن والمستمر منذ 25 سنة هو نتيجة تعنت الموقف التركي تحديداً، وليس بسبب تباينات الحياة السياسية في الشطر اليوناني من الجزيرة. إن الجانب القبرصي اليوناني وعن طريق التنازلات التي قدمها وصل عملياً إلى حدود لو تجاوزها لهدد استقلال الدولة وسيادتها.
كما تعرفون ظهر مصطلح "الشرق أوسطية" في بدايات عملية السلام العربي - الإسرائيلي، وبصفتكم دولة شرق أوسطية، هل لديكم في قبرص مفهوم خاص لهذا المصطلح؟
- نحن أيضاً شركاء في هذه الرؤية لتحقيق سلام دائم في قبرص يسمح للفئات التركية واليونانية القبرصية التعايش بسلام وبحبوحة. كذلك لدينا رؤية أوسع للمساهمة في بناء الأمن والتعاون في بحيرة المتوسط وأوروبا. إن المتوسط هو مهد الحضارات والديانات والثقافات وبالإمكان عن طريق التعاون بين مختلف دول المنطقة تحسين الأوضاع المعيشية لدوله وشعوبه. أظن أننا من هذا المنطلق نستطيع التحدث عن الشرق أوسطية.
هل لاحت في عهدكم فرص لحل الأزمة بين الجاليتين القبرصيتين، وجرى إحباطها من قبل طرف ثالث؟
- أي شخص ضليع بحقائق المشكلة القبرصية يعلم أن القيادة القبرصية التركية لا تعمل بأي من المبادرات المطروحة لحل الأزمة القبرصية. إن القرارات تصدر في أنقره وتنفذ من قبل الزعيم رؤوف دنكتاش. وليس صحيحاً مثلاً اعتبار تركيا طرفاً ثالثاً، لأن تركيا هي الطرف المسؤول عن استمرار هذا الوضع في قبرص. إن أي فرصة للتوصل إلى حل للمسألة القبرصية لن تتم من دون التدخل المباشر لتركيا.
معايير مزدوجة
من وحي غارات الاطلسي على بلغراد هل تطالب بنقل ملف الأزمة القبرصية من عهدة الأمم المتحدة إلى عهدة الناتو، وإنزال عقوبات مماثلة بالجيش التركي؟
- ما أراه أن سياسة أميركا المتمثلة في قصف طائرات الاطلسي لكوسوفو وبلغراد من دون تفويض من قبل الأمم المتحدة هو مخالفة صريحة لكل المواثيق والقوانين الدولية. ما هو مخيب للآمال حقاً أنه في حال استمرار هذه السياسة فإننا لا نسير في اتجاه عالم أفضل. لذلك فإن المهم ليس مضمون الإتفاق الموقع في رامبوييه، الذي تحاول أميركا فرضه على الرئيس ميلوشيفيتش. وما أفهمه من الأتفاق أنه يعطي حكما ذاتياً كاملاً للإقليم يمكن أن يمهّد للإنفصال الكامل له عن يوغوسلافيا، وهذا مرفوض لنا كلنا، على اعتبار أن الحدود هي مسألة تمس سيادة الدول. يمكن للغرب التدخل لتحسين أوضاع داخلية في الإقليم من دون أن ينتهك سيادة يوغسلافيا.
وأنا أسأل، لماذا لايأخذون الموقف نفسه في قبرص على سبيل تطبيق القرارات التي أصدرتها الأمم المتحدة على مدار 25 سنة لحل المشكلة؟ ولماذا لم تتخذ أميركا والناتو أي موقف مشابه من تركيا للذي يجري الآن في يوغوسلافيا، على سبيل إنهاء احتلال شمال الجزيرة واحترام معايير حقوق الإنسان.
وهنالك سؤال آخر: لمإذا يحق لألبان كوسوفو الذين يبلغ عددهم على ما أعتقد حوالى المليون ونصف المليون نسمة أن يحصلوا على هذا القدر من الحكم الذاتي، في الوقت نفسه الذي لا يستطيع ملايين الأكراد الذين يشكلون أمّة بأسرها أن يحصلوا من تركيا مثلاً على ربع المواصفات المطلوبة لألبان كوسوفو!
من قبل، في ظل وجود الاتحاد السوفياتي، كنا نعيش في عالم الثنائية القطبية، واليوم في ظل التفرّد الأميركي نحن نعيش في عالم يتكلم بلغة ويعمل ضدها. عالم أحادي القطب لكنه يكيل بمكيالين وينفذ سياستين متعارضتين في مبادئهما. كثر الحديث حديثاً عن نظام دولي جديد، والواقع أن هناك وضعاً دولياً من دون نظام!
نحن قلقون ونأمل من هذا الخرق للقوانين الدولية ولسيادة يوغوسلافيا أن يتوقف. وأن تحل المشاكل السياسية من طريق المفاوضات السياسية وليس بواسطة القوة.
الملفات التركية
هل يمكن في ظل تطورات الوضع في يوغسلافيا أن تقوم تركيا بعمل عسكري ما في الجزيرة؟
- آمل أن لا يحصل شيء من هذا. حالياً ليست هناك أي مؤشرات. لكن لا ندري كيف تفكر القيادة التركية الآن. إنما في ظل مثل هذا التعامل العسكري الأميركي في كوسوفو مع يوغوسلافيا، سيكون حذراً كل من يملك طموحات غير شرعية.
لكن هل تظن أن التحول في سياسة أميركا نحو تركيا سيأتي حاملاً معه فتح الملفات التركية - القبرصية، والتركية - الكردية، والتركية - السورية: لواء اسكندرون المحتل.
- نأمل ذلك، وخصوصاً مسألة الإبادة العرقية التي مارستها تركيا. والمهم عندنا أن يفهم الجيل الجديد في تركيا أن سياسة تركيا الحالية في المنطقة لا يمكن أن تستمر، وعليهم أن ينظروا إلى حل المشاكل بصورة سلمية، بما في ذلك مشكلة قبرص والمسألة الكردية ولواء اسكندرون على حد سواء. الأتراك الآن في موقف قوي جداً بفعل التأييد الأميركي الكامل لسياستهم العدوانية. وهم يعتقدون أن في وسعهم استغلال هذا التأييد. لكن الوقت سيأتي ويتغير فيه هذا الوضع. أميركا ودول أوروبا سيعيدون يوماً ما النظر بتحالفاتهم. فهناك في المنطقة فضلاً عن إسرائيل وتركيا دول أخرى مهمة كإيران وسورية والعراق وفلسطين، وربما سيتمكن الروس من استعادة بعض ما فقدوه من قوّة. تركيا لن تكون دائماً بمثل ما هي عليه من حظوة أميركية الان. لذلك علينا أن نتحلّى بالصبر والمثابرة على ما نحن عليه.
من جهة أخرى إن الوضع الحالي غير مقبول أبداً بسبب أن القوة الوحيدة التي تريد أن تكون حامية لحقوق الإنسان هي نفسها التي تخرقها بشكل صارخ. على كل الدول أن تتنبه إلى هذه المفارقة.
أوروبا
هل تعتبر مشاركة أوروبا في الضربات ضد يوغسلافيا موقفاً أوروبياً صرفاً؟
- كلا، للأسف. وما أراه أن على أوروبا في ظل ما يحصل اليوم في يوغسلافيا أن تفكر في كيفية استقلال قرارها عن القرار الأميركي. لأن من الواضح أن أوروبا تملك قرارها المستقل اقتصادياً، في حين تنفذ هذه الأوروبا على الصعيد السياسي سياسة أميركية.
شهدت العلاقات القبرصية العربية في عهدك انتعاشاً كيف رسمت قبرص هذه السياسة وتحت أي شعارات؟
- أعتقد أن قبرص والدول العربية كانت تنعم دائماً بعلاقات جيدة جداً وآمل عندما تصبح قبرص عضواً في الاتحاد الأوروبي أن تلعب دوراً أهم يطور هذه العلاقات. فقبرص ستكون دولة صغيرة في الاتحاد الأوروبي وبالتالي لن تضحي بعلاقاتها مع دول المنطقة فهي بحاجة إلى هذه العلاقات.
نحن لن نتخلى عن أصدقائنا العرب. فبدخولنا أوروبا، نحن ننشد الانفتاح على العالم وليس مجرّد الانضمام إلى مجموعة والانغلاق داخلها. نحن لا نبدل مداراً بمدار. قبرص تتطلع باستمرار إلى تمتين علاقتها الممتازة مع العرب.
هل إن سياستك اليوم هي نفسها عندما كنت رئيساً لقبرص؟
- نعم هي السياسة نفسها التي تدعو الى تنفيذ قرارات مجلس الأمن واحترام القوانين والشرائع الدولية.
هناك من يسميك الإبن الروحي لمكاريوس فهل تعتبره الأب الروحي لك. هل يسعدك مثل هذا الأمر؟
- عملت مع مكاريوس سنوات عدة، وكان هذا أمراً كبيراً بالنسبة لي. فهو كان زعيماً وطنياً من مستوى عالمي. آمن مكاريوس بحرية الشعوب وعمل من أجلها إلى جانب زعماء كبار من أمثال جمال عبدالناصر وتيتو ونهرو. صحيح أن زمن الحرب الباردة التي شهدها مكاريوس وناضل في ظلها، في إطار حركة عدم الانحياز، قد ولّى، لكننا اليوم لسنا في وضع أفضل. نحن في ظل نظام دولي جديد إنما لا نعيش سلاماً بل نعيش حروباً عدة صغيرة. وما يمكن أن نطالب به متواضع جداً: احترام الحقوق والواقعية في التعامل بين الدول.
قصة المبادرة الفاشلة... لو اوقف الاميركيون القصف
لاطلق اليوغسلافيون سراح الاسرى
ذهب الى بلغراد في محاولة لاطلاق سراح الأسرى الأميركيين، وعاد بعد يومين بخيبة أمل، محملاً القصف العنيف لقوات الأطلسي مسؤولية فشل مهمته.
قبل مغادرته قبرص يوم الأربعاء في 7 نيسان أبريل الماضي صرح بأن اطلاق سراح الأسرى الثلاثة بات أمراً مؤكداً، وهناك نقاط صغيرة ستتم تسويتها خلال لقاء بالرئيس ميلوشوفيتش وتراجع تفاؤله حين تأخرت الطائرة التي وضعتها الحكومة اليونانية بتصرفه عن الاقلاع.
استمرت الاتصالات الديبلوماسية طوال ليلة كاملة لحل هذا الإلتباس، فغادر في صباح اليوم التالي الخميس على متن طائرة عسكرية تابعة لقوات الجيش اليوناني بدلاً من الطائرة المدنية التي كانت مخصصة لهذه الرحلة. يعاني الرئيس كبريانو من مرض القلب فرافقه طبيبه الخاص، في رحلة استغرقت ست ساعات الى يوغسلافيا ووصل بلغراد وهو في غاية التعب.
خابت آمال الرئيس كبريانو مجرد وصوله الى مطار بلغراد، حين استقبله رئيس البرلمان اليوغسلافي وأبلغه بأن موعده مع الرئيس اليوغسلافي تحدد في اليوم التالي. في تلك الأمسية دعي الرئيس كبريانو الى عشاء ترأسه وزير الخارجية اليوغسلافي زيفادين جوفانوفيتش. وصباح اليوم التالي، وبعد ليلة من القصف العنيف والمركز من قبل قوات الأطلسي، أيقن كبريانو ان مهمته فشلت. ولاحقاً حمل الزعيم القبرصي مسؤولية فشل زيارته الى رفض الولايات المتحدة وقوات الحلف وقف، أو حتى تخفيف، حدة القصف عشية وصوله الى بلغراد. وقال كبريانو ل "الحياة": حتى عندما كنت مجتمعاً مع الرئيس اليوغسلافي لبحث الأمور المتعلقة بالأوضاع الانسانية، صرح الرئيس كلينتون مساء يوم الجمعة بان القصف سيشتد. وكان قبل لقائه الرئيس ميلوشوفيتش قام برفقة وزير الخارجية اليوغوسلافي بجولة اطلع فيها على الدمار الذي لحق بالمنازل السكنية في اليكسيناك وشوبريا. أثار لوم واشنطن في افشال زيارة كبريانو احتجاج الحكومة الأميركية. وأبلغت السفارة الأميركية في نيقوسيا المراجع القبرصية بذلك خلال وجوده في بلغراد. وبعد يوم عاد الرئيس كبريانو الى قبرص وصرح بأنه مستعد لمعاودة مهمته ليس فقط للتفاوض من أجل اطلاق سراح الأسرى الثلاثة، بل أيضاً من أجل العمل لتحسين الأوضاع الإنسانية عموماً.
وفي نيقوسيا واجه الرئيس الانتقاد بسبب زيارته التي اساءت الى العلاقات القبرصية الأميركية.
قال كبريانو قبل بدء الحديث عن الأزمة القبرصية: "ان ما شاهدته يجعلني أؤمن اكثر بأن القصف يجب ان يتوقف وبأن استمراره لن يؤدي الى أي نتيجة سوى استمرار عذاب الشعب اليوغوسلافي وتصاعد حس العداء لقوات الناتو والولايات المتحدة". وقال ان الرئيس اليوغوسلافي أخبره بأنه سيجلس الى طاولة المفاوضات عندما يتوقف القصف. ولدى السؤال عما كان ينقص مبادرته حتى تنجح قال: "لو أوقفت قوات الناتو القصف ليلة وجوده في بلغراد لأطلق الرئيس اليوغوسلافي سراح الأسرى الأميركيين". أضاف: أنه لن يعتذر لأحد عن قيامه بهذه الزيارة.
وتعليقاً على انتقادات الرئيس السابق فاسيليو، الذي يرأس الفريق المفاوض في المباحثات القبرصية - الاوروبية للزيارة وقوله أنها أساءت الى العلاقات القبرصية - الاوروبية، رد كبريانو "فاسيليو والحكومة القبرصية يبالغان كثيراً، وأنا لا أحب ذلك".
ويذكر ان واشنطن انزعجت من بيان البرلمان القبرصي في ما يخص الحرب في كوسوفو. وأدعت ان كبريان وقاد المظاهرات التي سارت الى مبنى السفارة الأميركية في نيقوسيا. ورد كبريانو على متهميه بالقول انه لم يقم بهذه المبادرة الفاشلة لكسب الأصوات في الانتخابات المقبلة. وقال: أنا لا أنوي ترشيح نفسي في انتخابات الرئاسة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.