غطت التصريحات المتضاربة الصادرة من موسكو أمس على دوي القصف الاطلسي في يوغوسلافيا وعلى اعلان اللجنة الدولية للصليب الاحمر انه عثر، اخيراً، على العشرة آلاف لاجئ من البان كوسوفو في مقدونيا وألبانيا. وحذرت روسيا من احتمال اندلاع حرب عالمية، لكنها تعهدت عدم التورط في النزاع. راجع ص 6 و7 وصباح امس فجّر رئيس الدوما الروسي غينادي سيليزنيوف العائد من بلغراد "قنابل صوتية" بعد اجتماعه الى الرئيس بوريس يلتسن، اذ صرّح بأن الكرملين امر بمعاودة توجيه الصواريخ النووية الروسية نحو الدول المشاركة في الحرب على يوغوسلافيا، وانه يوافق على انضمام الاخيرة الى الوحدة مع روسيا وروسيا البيضاء، وان النتيجة الطبيعية لذلك هي وجود قوات روسية فوق مسرح العمليات. ورغم ان وزير الخارجية ايغور ايفانوف نفى علمه بالموضوع النووي، ورغم ان الجنرال اناتولي برميدف قائد وحدات الصواريخ الاستراتيجية اعلن انه لم يتلق تعليمات جديدة فان العواصم الغربية انشغلت بهذا التطور. فأعلنت واشنطن انها تبحث عن تطمينات ثم قال الناطق باسم البيت الأبيض جو لوكهارت انها حصلت عليها. وصرّح المستشار الألماني غيرهارد شرودر بأنه "لا يصدق ان روسيا ستعاود توجيه صواريخها"، ووعدها بدور في العملية السلمية. وعلم في بريطانيا ان اتصالات غربية مكثفة اجريت مع موسكو للتمني عليها "عدم التورط". وذكر مصدر فرنسي مأذون له رفض التصريح عن اسمه انه لا يجوز دفع المعركة ضد يوغوسلافيا الى ابعاد لا تحتملها روسيا، كما طالب باشراكها في المساعي السلمية وأيد طلبها عقد اجتماع لوزراء خارجية الدول الثماني. وعاد يلتسن فنفى ما نسب اليه، لكنه استدرك انه ابلغ حلف الاطلسي ضرورة عدم دفع روسيا الى الصراع لأن هذا قد يسفر عن حرب اوروبية بل عالمية. وكرر عدم رغبة بلاده في التورط "الا اذا ارغمتها واشنطن"، مشيراً الى انه لا يسمح ب"شن عمليات برية". وأعلن الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية جيمس روبن ان الوزيرة مادلين اولبرايت ستجتمع الثلثاء المقبل في أوسلو مع نظيرها الروسي ايغور ايفانوف للبحث في تطورات أزمة كوسوفو، وهل هناك امكانية للتوصل الى حل ديبلوماسي. وتابع روبن ان موسكو أكدت لواشنطن عزمها عدم التورط عسكرياً في النزاع رغم معارضتها الحملة الجوية العسكرية ضد القوات الصربية، مشيراً الى ان المسؤولين الروس نفوا نفياً قاطعاً ما تردد عن أن موسكو ادخلت العواصم الغربية على قائمة الأهداف الاستراتيجية النووية. وأضاف ان التأكيدات جاءت إثر اتصال هاتفي بين اولبرايت وايفانوف أمس. في غضون ذلك تواصلت غارات الاطلسي على يوغوسلافيا واعترف ناطق باسم الحلف بوقوع "اضرار جانبية" في عملية على مواقع في بريشتينا، بعدما اعلن مسؤول عسكري يوغوسلافي ان 24 جريحاً، بعضهم في حال الخطر، سقطوا في غارة على مصنع. وكان لافتاً امس، على صعيد التحركات السياسية، كشف مبادرة من خمس نقاط يعرضها الامين العام للأمم المتحدة كوفي انان على بلغراد ويربط بين موافقتها عليها وبين وقف الاطلسي عملياته. وتستعيد هذه المبادرة الشروط المعروفة للدول الغربية لجهة وقف العمليات في كوسوفو وسحب القوات الصربية منها، والموافقة غير المشروطة على عودة جميع اللاجئين، وضرورة السماح بانتشار قوة دولية للمساعدة في العودة وتقديم العون، والموافقة على ان تتولى المجموعة الدولية التأكد من العودة. الى ذلك جدد الرئيس بيل كلينتون امس تعهده العمل لاجبار الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوشيفيتش على القبول بشروط الاطلسي، مؤكداً وحدة الحلف في مواصلة الغارات الجوية على المواقع الصربية، ورافضاً "انصاف الحلول" التي اقترحتها بلغراد. وقال كلينتون في تصريحات ادلى بها امس في البيت الأبيض قبل توجهه الى مدينة فيلادلفيا ان طيران الحلف مستمر في ضرب "آلة القمع الصربية والبنية التحتية التي تدعمها"، مشيراً الى ان عمليات اغاثة المهجرين من كوسوفو الى البانياومقدونيا مستمرة. وزاد ان على ميلوشيفيتش سحب جيشه وميليشياته من كوسوفو "فهم المسؤولون عن العنف وعليه ان يسمح بنشر قوات امن دولية هناك وبعودة غير مشروطة لجميع اللاجئين، وان يأخذ هذه الخطوات الضرورية بينما نتحرك نحو الحكم الذاتي والأمني لشعب كوسوفو". ولوحظ ان كلينتون تفادى الحديث عن مصير الجنود الاميركيين الثلاثة الأسرى، الذين اكد الرئيس القبرصي سبيروس كبريانو الموجود في بلغراد امس ان جهوده لم تفلح في اطلاقهم. من جهة اخرى اكدت مصادر عسكرية اميركية في أوروبا ل"الحياة" امس ان طائرات مكلفة مراقبة فرض الحظر الجوي شمال العراق حوّلت اخيراً الى قواعد في أوروبا للمشاركة في عملية "القوة الحليفة" التي ينفذها الاطلسي. لكن هذه المصادر رفضت التطرق الى عدد الطائرات ونوعها، او التأثير المحتمل لنقلها على العمليات الجوية فوق العراق. وأشار ضابط في القيادة الاميركية في أوروبا الى ان واشنطن تدرس بعض السبل للتعويض عن هذه الطائرات التي غادرت تركيا. ويمكن الولاياتالمتحدة ان ترسل طائرات من قواعد في الداخل او اماكن اخرى لدعم عملية "القوة الحليفة"، كي تستبدل بها الطائرات التي تتمركز في تركيا، او يمكن ان تنقل طائرات الى هذا البلد مباشرة.