ان السودانيان الدكتور حسن الترابي والسيد الصادق المهدي محادثات موسعة أجرياها في جنيف، أمس، باتفاق على توسيع الاتصالات مع الاطراف السودانية لتحقيق حل للمشكلة السودانية. وأثار اللقاء جدلا واسعاً في اوساط المعارضة ودعوات الى "مساءلة المهدي على خروجه عن إجماع المعارضة"، لكن الخرطوم استقبلت التطور بموقف يركز على الترحيب بالخطوة. واعتبر مراقبون أن لهجة حزب الامة والحكومة وأجواء اللقاء الودية والسرية التي احيطت بها تفاصيله تشير الى أن الجانبين توصلا إلى اتفاق يريدان حشد التأييد له قبل إعلانه. وامتنع المهدي والترابي عن الخوض في مضمون محادثاتهما المنفردة، واكتفيا بالقول أنها تهدف الى تحقيق الوفاق الوطني. ورحب مسؤولون في الجانبين بنتائج لقاء جنيف وقالوا ل"الحياة" إنهم يحترمون اتفاقاً على عدم الخوض في مضمون المفاوضات والقضايا محل البحث في انتظار اجراء المهدي والترابي اتصالات مع معنيين. ولم يصدر عن اللقاء بيان مشترك واكتفى حزب الامة باصدار بيان باسم أمينه العام فيما انتظرت الخرطوم وصول الترابي اليها اليوم. وأعلن الامين العام لحزب الامة الدكتور عمر نور الدائم، في بيان أصدره من أسمرا أمس، ان "حواراً صريحاً دار بين المهدي والترابي أدلى فيه كلاهما برأيه في شأن القضايا محل النزاع". وأضاف إن "نتيجة الحوار السياسي هي العمل من أجل الاتفاق على جدول أعمال وآلية بهدف التوصل الى إتفاق سياسي سوداني يحسم المسائل الوطنية المتنازع عليها كافة". وقال إن الجانبين "التزما اجراء مشاورات واسعة لأخذ رأي كل أطراف المعارضة والنظام. واتُفق على أن نتيجة تلك المشاورات ستحدد الخطوات التالية". وشدد على أن حزبه "يواصل مبادرته في كل المجالات وبكل الوسائل ليس لتحقيق حل حزبي وانما للدفع بمبادرات تحقق نتائج شاملة وتحقق تطلعات الشعب السوداني". وزاد إن "السودان اليوم في خطر عظيم وشعبه يعاني من شقاء ليس له مثيل والبلاد معرضة للتمزيق والتدويل ما يدفع بنا الى البحث عن كل الوسائل وكل الخيارات للأخذ بيد البلاد". وقالت مصادر رفيعة المستوى في "المؤتمر الوطني" الحاكم ل"الحياة" أمس إن الحكم "يؤكد قبوله التام لمبدأ التداول السلمي للسلطة"، وأن محادثات الامين العام للمؤتمر مع المهدي "تأتي في إطار سياسة التنظيم التي أقرها إثر تشكيل آلية الحوار مع المعارضة أخيرا". ورأت أن اللقاء "يأتي نتيجة رغبات ودعوات شعبية واقليمية ودولية ومن الاصدقاء من أجل تحقيق مصالحة سودانية". وتابعت "نحن نستجيب لذلك ولا مانع من الحديث عن حكومة مشتركة مع المهدي أو بقية الاطراف على أن يتم ذلك وفق برنامج". وقالت أيضاً إن "القيادة السياسية مستعدة لمناقشة أي ضمانات بما في ذلك الرقابة الدولية على تنفيذ أي اتفاق". وشددت على أن لقاء المهدي والترابي "لا يعني أبداً إغلاق الباب أمام لقاء أي طرف آخر من أطراف المشكلة السودانية". "مساءلة المهدي"! في القاهرة، تحفظ رئيس التجمع الوطني الديموقراطي السيد محمد عثمان الميرغني ازاء لقاء المهدي والترابي، وفضّل الانتظار الى حين عودة المهدي للاستماع الى "تبريراته لهذه الخطوة المنفردة". وتلقى الميرغني الذي يلتقي اليوم وزير الخارجية المصري عمرو موسى، دعوة اريترية لاستضافة اجتماع هيئة قيادة التجمع في نهاية الشهر الجاري. وقالت مصادر مطلعة في المعارضة إن "هيئة القيادة ستسائل المهدي في اجتماعها المقبل عن توجهاته، فلا يمكن ان يكون مع المعارضة والحكومة في آن". وكشفت مصادر سودانية في القاهرة ان المهدي سيتوجه اليوم الى ليبيا لإبلاغ الزعيم الليبي معمر القذافي بنتائج حوار جنيف، وأن زعيم حزب الامة سيبدأ بعد ذلك جولة افريقية تقوده الى اوغندا واثيوبيا ويتوقع ان يعود بعدها الى القاهرة.