شهد البرلمان التركي الجديد خلال جلسته الافتتاحية، أمس، موقفاً من أصعب المواقف في تاريخه عندما حضرت النائبة الاسلامية مروه كاواكجي الجلسة بحجابها، متحدية العرف العلماني الذي حكم هذا المجلس منذ 75 عاماً. واستغلت كاواكجي مغادرة كبار الجنرالات والرئيس سليمان ديميريل البرلمان بعد انتهاء الاحتفالات الرسمية بافتتاحه، ودخلت متأخرة ساعات عدة عن موعدها مرتدية حجابها. ومنذ اللحظة التي دخلت فيها ونظرات التحدي في عينيها، انفجر نواب حزب اليسار الديموقراطي بالصياح احتجاجاً، فيما انهالت اياديهم ضرباً على الطاولات. وفي الجانب الآخر وقف اعضاء حزب الفضيلة وصفقوا لها حتى جلست في مقدم المقاعد المخصصة لحزبها، في مشهد لم يخطر على بال أي من الأتراك قبلاً. وعلى الفور، سارع رئيس الوزراء بولند أجاويد مهرولاً ومعه بعض نواب حزبه الى منصة رئاسة البرلمان وراحوا يصيحون في وجه رئيس الجلسة الذي بدا عاجزاً لا يعرف كيف يتصرف. ولكنه أشار الى كتيّب قوانين البرلمان قائلاً ان "لا شيء في هذه القوانين يمنع ارتداء الحجاب في البرلمان". لكن اجاويد توجه الى المذياع وخاطب الحضور بعصبية شديدة، قائلاً ان "البرلمان ليس المكان الذي يجرؤ أحد فيه على تحدي النظام والدولة". واضطر رئيس المجلس الى رفع الجلسة حتى إشعار آخر، فيما واصل نواب حزب اليسار الديموقراطي الصياح في وجه النائبة: "الى الخارج، الى الخارج". لكن كاواكجي لم تلتفت اليهم. وعاد اجاويد وكرر خارج القاعة ما قاله في الداخل. وأبدى في تصريحات للصحافيين أسفه الشديد لعدم اعتراض أي من الأحزاب الأخرى على هذا الحادث. وتوجه للقاء رئيس البرلمان ولم يستطع اقناعه بطرد كاواكجي من القاعة، لكنه اقنعه بتأجيل الجلسة بضع ساعات حتى يتم الاتفاق على موقف موحّد من هذه القضية. ومن المؤكد ان هذه الأزمة ستطول وهي الأخطر في تاريخ النظام العلماني للجمهورية التركية، اذ وجدت تعاليم مؤسس الدولة العلمانية أتاتورك نفسها وجهاً لوجه مع معارضة قسم من الشعب التركي الذي استطاع ان يوصل صوته الى البرلمان. وأشار البعض الى ان ما حدث رسالة من نجم الدين اربكان الذي اقحم كاواكجي في لوائح حزب الفضيلة، ومعروف عنه صلته الوثيقة بوالدها. وتعني هذه الرسالة ان الاسلاميين مستعدون لتصعيد تحديهم للمؤسسة العلمانية بشكل خطير ومؤثر اذا استمرت ضغوطها عليهم، خصوصاً بعدما اعترض العسكر على تعديل القانون بشكل يسمح لأربكان وبعض من أعضاء حزبه بالعودة الى الحياة السياسية، وبذلك فقد أمله في ممارسة السياسة مجدداً.