بدت تركيا وكأنها على حافة حرب أهلية أمس، بعد صلاة الجمعة في مدينة ملاطية حيث ردد دعاة ارتداء الحجاب هتافات مؤيدة للنائبة الإسلامية مروة قاوقجي، وكالوا الاتهامات إلى الرئيس التركي سليمان ديميريل والمدعي العام العلماني فورال ساواش، ووصفوهما بأنهما "يهوديان"، كما اتهموا رئيس الوزراء بولند أجاويد بأن "لا دين له". واعتبر المتظاهرون قاوقجي "مجاهدة" شأنها شأن زعيم حزب الرفاه المحظور نجم الدين أربكان الذي أثنوا على "جهاده" في هتافاتهم. وبدت الشرطة عاجزة عن قمع المسيرة على رغم استعمال قنابل الغاز وخراطيم المياه والكلاب المدربة لتفريق المحتشدين. وتم استقدام تعزيزات من قوات الجندرمة والجيش، واعتقل عدد كبير من المشاركين. وكانت الاعتقالات بدأت أول من أمس وطاولت أكثر من 400 رجل وامرأة من أنصار الإسلاميين، اطلق سراح البعض منهم. وظلت ملاطية تحت قانون الطوارئ غير المعلن، وسيرت قوى الأمن دوريات في شوارعها. وكان الرئيس سليمان ديميريل استقبل بتظاهرة أول من أمس في ضاحية اسنلر غرب اسطنبول حيث حضر تدشين مستشفى العمر الخاص. ورغم الاحتياطات الأمنية المشددة، ردد المتظاهرون هتافات مؤيدة ل"حرية ارتداء الحجاب". ونقلت قنوات التلفزيون الفضائية التركية وقائع التظاهرات. وأفيد ان قادة الجيش التركي قرروا رفع مستوى استنفار القوات المسلحة، خصوصاً ان الاحتجاجات في الداخل ترافقت مع تظاهرات مؤيدة للإسلاميين في إيران المجاورة. ولعل هذه التطورات عجلت في مساعي القوى العلمانية لتشكيل الحكومة ب"عملية قيصرية"، تم بنتيجتها اقناع زعيم حزب الوطن الأم مسعوذ يلماظ بالتراجع عن مطالبة أجاويد بالاعتذار عن عدم تشكيل الحكومة وإعادة التكليف إلى ديميريل. ووافق يلماظ على الدخول في حكومة أجاويد، كذلك تراجع زعيم الحركة القومية دولت باغجلي عن تحفظات سابقة واتخذ موقفاً مماثلاً بالمشاركة في حكومة إئتلافية تتولى مواجهة الاحتجاجات المتزايدة للحركة الإسلامية. وتسرب بروتوكول الحكومة التركية المقبلة والتي ستكون السابعة والخمسين في تاريخ البلاد، إلى وسائل الاعلام مساء أول من أمس. ونص على تشكيل حكومة ائتلافية من أحزاب: اليسار الديموقراطي والحركة القومية والوطن الأم. وركزت المواد الخمس الأولى منه على "تكريس العلمانية"، فيما ركزت الباقية على الوضع الاقتصادي المتدهور، وموضوع السوق الأوروبية والاتحاد الجمركي، إضافة إلى قضية قبرص وضرورة الحوار مع اليونان في ضوء المصالح المشتركة وقضايا أخرى.