أقال الرئيس بوريس يلتسن الحكومة وأعفى رئيسها يفغيني بريماكوف من مهماته. وأثار قرار يلتسن ردود فعل عنيفة في الاوساط السياسية، خصوصاً في البرلمان الذي ينظر اليوم في امكان حجب الثقة عن يلتسن. ووصف المراقبون القرار بأنه "خاطئ" أو "أحمق". دخلت روسيا دوامة جديدة من الأزمات الحكومية والدستورية باصدار الرئيس بوريس يلتسن قراراً باقالة الحكومة واعفاء رئيسها يفغيني بريماكوف وتعيين نائبه الأول وزير الداخلية سيرغي ستيباشين رئيساً للوزراء بالوكالة. واثر لقاء دام 20 دقيقة بين يلتسن وبريماكوف أصدر رئيس الدولة بياناً أكد فيه انه "اتخذ قراراً صعباً". واعترف بأن بريماكوف تولى المهمة في مرحلة بالغة التعقيد وحظي بتأييد "كل القوى السياسية وارتبط اسمه باستقرار اقتصادي واجتماعي". إلا أن يلتسن حمّل الحكومة مسؤولية "التسويف" في انهاض الاقتصاد وقال انه يريد من الوزارة الجديدة ان تعمل على تحسين الأوضاع بسرعة. وطلب يلتسن من الوزراء الاستمرار في مهامهم الى أن يتم تشكيل حكومة جديدة، وعين وزير المواصلات نيكولاي اكسيوتينكو نائباً أول لرئيسها، والأخير معروف بأنه من "رجال" البليونير بوريس بيريزوفسكي، ويتوقع أن يتولى مسؤولية القطاع الاقتصادي والمالي. وفور اعلان النبأ قطع مجلس الدوما جلسته العادية واتصل رئيسه غينادي سيليزنيوف بيلتسن لاستيضاح الأسباب الفعلية للاستقالة. وذكر ان رئيس الدولة أبلغه انه أعفى بريماكوف لوجود "تساؤلات جدية" لم يوضح طبيعتها. وأشار رئيس لجنة الأمن البرلمانية فيكتور ايليوخين الى أن يلتسن طلب من بريماكوف ان يهدد مجلس النواب باستقالة الحكومة إذا لم يتراجع المجلس عن نيته الشروع في اجراءات حجب الثقة عن رئيس الدولة اليوم الخميس. وأكد رئيس الحكومة انه أكد لقادة الكتل البرلمانية أثناء لقائه معهم مساء الاربعاء ان حجب الثقة "زعزعة للاستقرار" ودعا الى التراجع عنه لكنه لم يهدد بالاستقالة ما أثار غضب الرئيس. وأثر خروج بريماكوف من الكرملين عقد "اجتماعاً وداعياً" للحكومة أكد فيه ان الوزارة "لا تخجل مما أنجزت". وفي رد غير مباشر على يلتسن الذي تحدث عن اخفاق الحكومة في وضع استراتيجية اقتصادية قال بريماكوف "حققنا الاستقرار وعدلنا الوضع" الذي نشأ بعد الأزمة المالية الكبرى الصيف الماضي. ودعا الوزراء الى مواصلة العمل "لمصلحة الوطن" وقوبل خطابه بتصفيق عاصف، ووقف اعضاء الحكومة طويلاً لوداعه. ومن جانبه أكد ستيباشين ان الوزارة الجديدة ستعمل على "تطبيق اصلاحات السوق بتوجه اجتماعي"، واعترف بأن اقالة حكومة بريماكوف "ستعقد المهمة"، وقال ان الأخير أعرب عن تأييده لتعيين الرئيس الجديد للوزارة. ولكن قرار الاعفاء أثار عاصفة من الاحتجاجات في البرلمان، ودعا الزعيم الشيوعي غينادي زيوغانوف الى عقد جلسة طارئة لمجلس الفيديرالية الشيوخ ووجه نداء الى الشعب يطلب فيه "التصدي للاستفزازات ومنع جر البلد الى الحرب الأهلية ... واحباط المحاولات الانقلابية". ووصف رئيس الدوما غينادي سيليزنيوف اقالة الحكومة بأنها "أكبر خطأ" ارتكبه الرئيس وتوقع ان يحصل قرار حجب الثقة على 400 صوت بدلاً من النصاب الدستوري 300 صوت. وانضمت كتل وأحزاب الوسط الى اليسار الرافض إقالة الحكومة، وأكد محافظ موسكو يوري لوجكوف الذي يعد من أقوى المرشحين للرئاسة ان بريماكوف "أوقف الانحدار نحو الكارثة"، وقال ان اعفاءه قد يؤدي الى فوضى، وأشار الى أن الرئيس "أقال وزارة من ذهب". إلا أن الكتل اليمينية اعربت عن ابتهاجها بالقرار وذكر رئيس الوزراء الأسبق يغور غايدار انه كان "نتيجة منطقية" لاخفاق الحكومة في معالجة الوضع الاقتصادي. وفور اعلان النبأ انخفضت قيمة الأسهم في البورصة بنسبة 10 في المئة وبدأ سعر الدولار في الارتفاع. ولم يرصد أي تحرك في الشارع إلا أن المراقبين لاحظوا ان وزراء الأمن والدفاع والداخلية عقدوا اجتماعاً قبل ساعة واحدة من لقاء يلتسن وبريماكوف. وذكر ان الغرض من الاجتماع "تفقد" مركز لمكافحة الارهاب الا ان المحللين اعتبروه محاولة لمنع أي تحرك مناوئ للكرملين.