أصبح موضوع "العداء للسامية" محوراً رئيسياً في روسيا، وطالب سكرتير الكومنولث بوريس بيريزوفسكي بحظر الحزب الشيوعي فوراً، رداً على اعلان رئيس لجنة الأمن البرلمانية فيكتور ايليوخين ان اليهود يشكلون الغالبية في الكرملين، فيما وصف الديوان الرئاسي تصريحات ايليوخين بأنها جزء من مخطط "للاستيلاء على السلطة بالقوة". واثار رئيس لجنة الأمن المحسوب على الجناخ المتشدد في الحزب الشيوعي ضجة واسعة أثناء اجتماع اللجنة المكلفة النظر في اتهامات الى الرئيس بوريس يلتسن تمهيداً لحجب الثقة عنه، ومن بينها تحميله مسؤولية "ابادة" الشعب الروسي. وذكر ايليوخين ان روسيا فقدت خلال السنوات الأخيرة ثمانية ملايين نسمة وأورد ارقاماً عن تفشي الأمراض وتدني المستوى المعيشي وأضاف ان الخسائر كانت ستغدو أقل "لو كانت الغالبية في الديوان الرئاسي لممثلي القوميات الأصلية جميعاً وليس لممثلي الأمة اليهودية وحدها على رغم انها أمة موهوبة". ورد الكرملين فوراً باصدار بيان وصف تصريحات ايليوخين بأنها "خطوة بلشفية مدروسة" هدفها زعزعة الاستقرار واثارة العداء القومي والطبقي والديني، غايتها النهائية الاستيلاء على السلطة بالقوة. واللافت ان الناطق باسم الكرملين اشار الى ان الشيوعيين يريدون بهذه التصريحات "توسيع القاعدة الانتخابية" وذلك في اعتراف ضمني بأن ما قاله ايليوخين يلقى صدى لدى قطاعات واسعة من الروس. ومن جانبه دعا بيريزوفسكي الى اعتقال ايليوخين وحظر الحزب الشيوعي. وقال: "ليس أمام السلطة خيار وكلما تأخرت في استخدام القوة ازدادت كمية الدماء التي ستراق". ولم يوفر البليونير اليهودي رئيس الحكومة يفغيني بريماكوف وقال ان معارضته حظر الحزب على أساس ان له أكبر كتلة برلمانية "لا تقوم على أساس". وفي ما يشبه التنسيق بدأت وسائل الإعلام المناوئة للبرلمان حملة واسعة واجتزأت من كلام ايليوخين جملة واحدة وهي ان "ممثلي الأمة اليهودية" كثيرون في الكرملين واعتبرتها عداء للسامية وطالبت باتخاذ اجراءات ضد رئيس لجنة الأمن وحزبه. وانضم الى الإعلام وزيرا العدل والداخلية اللذان اعتبرا كلام ايليوخين "تطرفاً واستفزازاً". إلا أن البرلمان رفض الموافقة على بيان يستنكر التصريحات بل طلب من احدى لجانه المتخصصة النظر في سحب اعتماد ثلاث قنوات تلفزيونية لتشويهها الحقائق. وطلب رئيس مجلس الدوما غينادي سيليزنيوف من الصحافيين "الا ينفخوا في رماد ليس تحته نار" وقال ان الإعلام يغدو أحياناً المحرض الفعلي ويثير الحساسيات القومية. ومعروف ان اللوبي اليهودي مسيطر على أهم المرافق الإعلامية وفي مقدمها قناة "او. آر. تي" التي يديرها عملياً بيريزوفسكي الذي أكد أمس ان بليونيراً آخر هو روبرت مردوخ "أبدى اهتماماً" بشراء أسهم هذه القناة. وأشارت صحيفة "ارغونتي اي فاكتي" الواسعة الاطلاع الى أن مردوخ قد يشتري 20 في المئة من الأسهم وذكرت ان بيريزوفسكي في هذه الحال سيحصل على المال ويحتفظ بالنفوذ من خلال علاقاته مع ميردوخ. وعلمت "الحياة" ان المنظمات اليهودية تعد لتظاهرة كبيرة في العاصمة الروسية الاثنين المقبل للمطالبة ب "التصدي للنازية" وحظر الأحزاب المتهمة بالعداء للسامية. وأعلن رئيس "المركز المناوئ للفاشية" يفغيني بروشيتشكين ترحيبه بقرار أصدره محافظ موسكو يوري لوجكوف بمنع انعقاد مؤتمر حزب "الوحدة القومية الروسية" في العاصمة. ويعد هذا الحزب من التنظيمات القومية المتشددة والمناهضة لليهود وكان مقرراً ان يحضر مؤتمره خمسة آلاف مندوب. وذكر رئيس الحزب الكسندر باركاشوف انه رفع شكوى قضائية على أمانة العاصمة لاصدارها قراراً كيفياً ينافي القانون. ويرى محللون ان اثارة موضوع "العداء للسامية" قد يكون حلقة من مسلسل سياسي ذي أهداف بعيدة. وأشار زعيم الحزب الديموقراطي الليبرالي فلاديمير جيرينوفسكي الى أن الضجة المثارة هي "غطاء" لهجرة اعداد من الاصلاحيين الراديكاليين الذين فقدوا مواقعهم. وطالب بالاعتراف بالجانب التاريخي للموضوع اليهودي مؤكداً ان "ممثلي قومية واحدة اليهود كانوا يشكلون الغالبية في قيادة البلد" منذ 1985 وحتى اليوم