قال الرئيس الاريتري أسياسي افورقي في مقابلة مع "الحياة" امس في مقر اقامته في قصر الضيافة في العاصمة القطرية حيث عقد محادثات مع أمير الدولة الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، "ان المناخ ملائم ومهيأ الآن لحل المشكلة الاريترية - السودانية في اطار مفهوم اوسع". واشار الى "حديث متغيرات واقعية نجمت عن مساهمات فعالة للشعب السوداني". واضاف ان الشعب السوداني "قال ان خيار النظام لم يكن الخيار الصحيح وان الخيار الصحيح هو ان يحلّ السودان مشاكله الداخلية باسلوب يناسب الوضع السوداني وان تكون علاقات السودان مع جيرانه طيبة". ورأى أفورقي "ان العزلة الدولية لم تساهم في تقوية الاوضاع الاقتصادية وغيرها داخل السودان. ومن هذا المنطلق وهذا الفهم نقول ان المناخ مهيأ الآن لحل المشكلة الاريترية - السودانية في اطار هذا المفهوم الاوسع". واوضح افورقي ل"الحياة" انه بحث مع أمير قطر العلاقة الاريترية - السودانية. وشدد على ان المبادرة القطرية لايجاد حل بين السودان واريتريا "تأتي في ظرف مناسب. واعتقد ان المبادرة مناسبة لانها ليست مجرد وساطة للتقارب او حل مشاكل معينة بمعزل عن المشاكل التي تعم المنطقة كلها". واعرب عن اعتقاده "انه بالنسبة الى المبادرة القطرية المناخ الحالي فان الظرف مهيأ اكثر من السابق" لحل الخلاف مع السودان وسئل هل سيجتمع وزراء خارجية السودان واريتريا وقطر وليبيا قريباً بحسب ما تم الاتفاق عليه في ليبيا اثناء لقاء بين الرئيسين السوداني والاريتري برعاية الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي، فرد انه لم يكن هناك اي رفض من الطرف الاريتري تجاه عودة العلاقات الديبلوماسية مع السودان الى مجراها الطبيعي "لكن كيف وضمن اي ظروف وضمانات؟" ورأى ان هذا المفهوم المبدئي "مطاط" ويحتاج الى آلية لوضع التفاصيل حول كيفية عودة العلاقات الى مسارها. وقال افورقي "ان المساهمات القطرية والليبية اخيراً تعتبر داعمة" و"ان اجتماع وزراء خارجية الدول الاربع سيكون تسهيلاً يعجل بوضع العلاقة في مستوى معين ودفعها الى الامام". ورأى ان هذا يتوقف على العلاقات الثنائية بين السودان واريتريا. لكن الرئيس الاريتري وجّه انتقادات شديدة لسياسة "النظام في السودان". وقال ان هذه الانتقادات مبنية على تقويم صحيح لمجرى الاحداث في الاعوام العشرة الماضية، من 1989 تاريخ تولي الرئيس السوداني السلطة في انقلاب عسكري، الى 1999. وشدد على اهمية "ازالة الاسباب التي ادت الى المشاكل" بين الخرطوم واسمرا. واضاف: "في اعتقادنا ان اسباب المشاكل والتعقيدات كانت تكمن في التوجه الايديولوجي للنظام الحاكم الذي اتى لترتيب البيت الذي اعتبره غير منظم". وعزا حدوث المشاكل الى "خلط النظام في السودان بين المشاكل الداخلية والعلاقات الاقليمية والدولية للسودان". وقال: "ان خلط هذه الامور والخروج ببرنامج كبير سُمي بالمشروع الحضاري هو سبب كل هذه المشكلات". وتساءل افورقي بعد مرور 10 سنوات على تولي النظام الحالي في السودان: هل نجح "المشروع الحضاري" في حل مشاكل الجنوب وعلاقات السودان الاقليمية. ورد على هذا التساؤل: "ان هذه السياسات لم تنجح بل عقّدت العلاقات والمشاكل في المنطقة". لكنه اضاف انه يوجد اليوم "مناخ ملائم لعودة العلاقات وتوجد متغيرات واقعية ناتجة عن مساهمات الشعب السوداني". وسئل عن الاتهامات الموجهة لاريتريا بدعم المعارضة السودانية والتدخل في شؤون السودان، فأجاب بأن محاولة الحديث عن ان اريتريا تخلق الاحزاب السودانية من لا شيء هو محاولة لانكار الواقع والتهرّب من ايجاد حل للمشاكل الموجودة. واضاف "ان هذا الاتهام متعمد". ونفى ان تكون اريتريا سبباً في مشاكل السودان الداخلية. ورأى، رداً على سؤال آخر، "ان التقارب الاريتري - السوداني يساهم في حل المشاكل الاقليمية بما فيها المشاكل الداخلية للسودان". وقال "ان قضية جنوب السودان مطروحة في منظمة ايغاد وليس في اسمرا". وسئل هل سيستمر في دعم المعارضة السودانية التي تطالب بتغيير النظام لايجاد نظام ديموقراطي وهل يعد هذا تدخلاً في الشؤون الداخلية للسودان. فرد بقوله: "مهما كانت هناك مواقف خارجية اريتيرية، اثيوبية، مصرية، عالمية تجاه هذه القضية فانها لن تكون حاسمة في هذه المسألة، فهذا شأن سوداني". واضاف انه "حتى لو كانت هناك قناعات وتعاطف مع قوى سياسية بعينها داخل السودان فهذا لا يعني تدخلاً مباشراً في قضايا داخلية للسودان". واعتبر ان حل المشكلة الداخلية للسودان سيعتمد على المواقف والتطورات السياسية. ورأى ان محاولة القول ان المشكلة آتية من الخارج من اريتريا واثيوبيا ويوغندا ومصر "لن يوجد حلاً لها". وقال انه "لا يوجد موقف اريتري يعتبر تدخلاً في الشؤون الداخلية للسودان حتى هذا اليوم". وسألته "الحياة" عن دلالة تسليم اريتريا المعارضة السودانية مبنى السفارة السودانية لتصبح مقراً للتجمع الوطني الديموقراطي المعارض تجمع احزاب المعارضة، فقال: "اذا كان النظام في السودان يعطي كل التسهيلات في الخرطوم لكارلوس وابن لادن والارهابيين من العالم، فهل هذا امر خارج عن القانون؟" ورأى انه "لم يكن هناك سبب لأي دولة ان تتدخل في الشؤون الداخلية للسودان اذا لم تكن هناك سياسات متبعة في الخرطوم تتحرش وتحاول الدخول في اغتيالات وارهاب حيث افسح النظام الاراضي السودانية لكل القوى الارهابية". ووصف افورقي العلاقات بين بلاده ودول مجلس التعاون الخليجي بانها "ممتازة ومحصّنة وقوية جداً وهي ليست مجرد عواطف وتعاطف مع القضية الاريترية". ونوّه بدعم دول الخليج المعنوي والمادي لمشاريع التنمية في بلاده في مرحلة اعادة البناء. ولفت الى انه بحث مع امير قطر والمسؤولين موضوع الاستثمار والتجارة. وقال ان اقتصاد بلاده حقق تطوراً ملحوظاً في اعوام 95، 96، 97، 98 وراوح معدل النمو بين 6 و7 في المئة سنوياً وبلغ 8 في المئة عام 1998. لكنه اعلن ان الحرب بين اريتريا واثيوبيا تسببت في خفض هذا المعدل الى 4 في المئة. واتهم افورقي اثيوبيا بأنها تسعى الى حل عسكري لمشكلة الخلاف الحدودي مع بلاده. وشدد على التزام اسمرا الوسائل السلمية لحل الخلاف سواء عن طريق الوساطات او المفاوضات المباشرة، وشدد على ان المحاولات العسكرية الاثيوبية الاخيرة اثبتت فشل الحل العسكري للنزاع. وقال افورقي ان "مدخل البحر الاحمر يعني اريتريا واليمن ونحن المسؤولون عن ذلك". واضاف انه "ليس هناك حق لأي عربي او انسان ان يتدخل في هذا المدخل من قريب او بعيد". وسئل عن رأيه في ان يكون هناك دور لدول البحر الاحمر لحمايته، فقال "هذا مقبول بشكله العام. اما المزايدة والقول ان هناك من يتولى دوراً اكبر من غيره فهذا مرفوض". وتمنى ان تكون هناك "اتفاقات اشمل بين دول البحر الاحمر لتأمين الامن لهذه البحيرة الصغيرة". وعن العلاقة مع ايران قال "انها غير موجودة". لكنه قال ان ذلك "من دون اسباب تبرر عدم وجود علاقات ديبلوماسية بين البلدين". ونفى ان تكون بلاده تسعى الى ان تكون جسراً بين العرب واسرائيل. وسخر من هذا الاتهام مشيراً الى ان الرئيس ياسر عرفات "يتصافح مع بنيامين نتانياهو ويعيش معه في فلسطين". ولفت الى علاقة مصر مع اسرائيل. وقال انها تتلقى مساعدات بالملايين من اميركا لان الرئيس الراحل أنور السادات وقّع اتفاقاً مع اسرائيل وخلص الى القول: "لن نكون ملكيين اكثر من الملوك".