لمح الرئيس الاميركي بيل كلينتون للمرة الاولى امس، الى خيار التدخل البري في كوسوفو، فيما بدا في سباق مع الوقت لحسم الحرب مع بدء انحسار دعم الاميركيين لغارات الاطلسي. وجاء ذلك في وقت قالت موسكو ان معلوماتها تؤكد ان التدخل البري سيبدأ بعد شهرين اثر استكمال حشد 200 الف عنصر. أعلن الرئيس بيل كلينتون ان ادارته لا تسقط أي من الخيارات المتوافرة لديها، بما في ذلك خيار استخدام القوات البرية لتحقيق اهداف حلف الاطلسي في كوسوفو ودفع النظام في بلغراد الى القبول بها. وقال الرئيس الاميركي امس الثلثاء لدى استقباله العاهل الأردني الملك عبدالله في البيت الأبيض ان "الحرب الجوية" ضد يوغوسلافيا "حققت الكثير، وان هناك الكثير ايضاً يمكن تحقيقه من خلالها". وأكد ان الولاياتالمتحدة تعتزم مع حلف الاطلسي، تحقيق الاهداف و"لن نسقط اي من الخيارات الموضوعة على الطاولة". وأعرب الرئيس كلينتون ايضاً عن امله في نجاح "الجهود الديبلوماسية التي تقوم بها وزارة الخارجية الاميركية وموسكو". واضاف: "لكن اذا لم تنجح الجهود فسنمضي قدماً في العمليات العسكرية". ولاحظ ان الحملة الجوية نفذت حوالى 20 الف طلعة وانه تم تحقيق الكثير من الأهداف. وأشار الى ان عدم استعمال هليكوبترات "اباشي" هو قرار عسكري وليس قراراً سياسياً. وبدأ دعم الاميركيين لغارات الاطلسي على يوغوسلافيا بالتراجع حسبما جاء في استطلاع للرأي نظمته شبكة "اي بي سي" التلفزيونية الاميركية بالتعاون مع صحيفة "واشنطن بوست" ونشر امس. وطالبت غالبية الذين شملهم الاستطلاع التفاوض مع بلغراد لانهاء النزاع حول كوسوفو. وبالرغم من ان 59 في المئة منهم لا يزالون يدعمون الضربات الجوية فإن أكثر من 56 في المئة يرفضون ارسال جنود الى كوسوفو لتفادي وقوع خسائر في صفوفهم. من جهة أخرى، رأى 52 في المئة انهم يدعمون ارسال الجنود كإحدى الطرق لإنهاء الضربات الجوية. وفي اتجاه يدعم خياراً سلمياً، رأى اكثر من 58 في المئة ان على الولاياتالمتحدة وحلفائها التفاوض مع صربيا حول شروط انهاء الصراع. وأشار منظمو الاستطلاع الى ان نسبة تأييد الاميركيين للضربات الجوية تراجعت 9 نقاط عما كانت عليه في بداية الشهر الجاري، ما يعكس ملل الاميركيين من هذه الحرب. من جهة اخرى، أبلغ مصدر مسؤول في الادارة الاميركية "الحياة" امس ان لا علاقة مباشرة تربط ادارته بجيش تحرير كوسوفو. واتى هذا الكلام لينفي تكهنات في واشنطن اثارها تصريح لوزير الدفاع وليام كوهين الاحد الماضي مفاده ان "جيش تحرير كوسوفو سيجعل من الاقليم مستنقعاً لسلوبودان ميلوشيفيتش". وقال المسؤول إن الولاياتالمتحدة لا تدعم مادياً أو لوجستياً هذا الجيش، بل شدد على اهمية نزع سلاحه عند التوصل الى حل سياسي لوضع كوسوفو. ورأى انه في هذه الحال يصبح من الممكن تحويل عناصره الى شرطة محلية بعد تدريبهم من قبل الدول الغربية. ورأى المسؤول ان بلاده لا تشجع جيش تحرير كوسوفو على قتال القوات الصربية في الاقليم. لكنه اعترف بأن الولاياتالمتحدة تساند مناوشة الصرب على الارض، إلا أن ذلك لا يعني حرباً بالواسطة. وأشار الى انه تبين ان جيش تحرير كوسوفو لا يستطيع مجاراة الصرب في ساحة المعركة، غير ان بلاده وحلف الاطلسي "يغضان النظر" عن عمليات تهريب الاسلحة الى جيش تحرير كوسوفو. وتذرع المصدر بان تاريخ التهريب في البلقان طويل ولا يستطيع احد ايقافه بسهولة. وعبر المسؤول عن تشاؤمه حيال تقارير من بلغراد تحدثت عن اقتراب قبول ميلوشيفيتش بشروط الولاياتالمتحدة والاطلسي لايجاد حل سياسي. ورأى ان الأولوية تبقى قبول ميلوشيفيتش شروط الولاياتالمتحدة التي تتلخص باستعداده للاستسلام الكامل. الا انه اشار الى ان بلاده تعمل على ايجاد صيغة اخراجية تسمح لبلغراد بحفظ ماء الوجه. غير انه عاد وشدد على ان الولاياتالمتحدة لن تقبل بأقل من خروج القوات الصربية من كوسوفو من أجل تسهيل عودة النازحين الى ديارهم. موسكو وفي موسكو، اكد وزير الدفاع الروسي ايغور سيرغييف ان معلومات بان المفاوضات التي يشارك فيها الاطلسي هي "ديكور" لتغطية التحضيرات "المتواصلة" لعملية برية. وقال ان بريطانيا من اشد المتحمسين لهذه العملية. وذكر ان الهجوم لن يستهدف كوسوفو فقط بل سيشمل سائر اراضي يوغوسلافيا. واوضحت هيئة الاركان العامة ان العملية قد تبدأ بعد شهرين اثر استكمال حشد 200 الف عنصر، وذكرت ان الهجوم سيبدأ دفعة واحدة من خمسة محاور تنطلق من هنغاريا وبلغاريا والبانيا ومقدونيا والبوسنة - الهرسك. وأكدت ان الهدف الاساسي للعملية البرية هو اطاحة نظام الرئيس ميلوشيفيتش وتقسيم يوغوسلافيا.