قبل ستة أيام من الاقتراع العام المباشر لاختيار رئيس جديد في الجزائر، بدأت ترتفع حرارة حملات المرشحين الذين يجوبون المناطق والولايات لعرض برامجهم أولاً، والرد على منافسهم، وان كان على نحو غير مباشر. وقد تزداد حدة الانتقادات المتبادلة مع الاقتراب من الموعد المقرر في 15 نيسان ابريل الجاري، ومع بدء بلورة التحالفات تمهيداً للدورة الثانية المقررة بعد اسبوعين من الأولى. وصدر امس بيان عن اجتماع الاحزاب الأربعة، حزب جبهة التحرير والتجمع الوطني الديموقراطي وحركة النهضة وحركة مجتمع السلم، أيد المرشح عبدالعزيز بوتفليقة. فتصبح المعادلة الانتخابية: أربعة مرشحين مستقلين أحمد طالب الابراهيمي، مولود حمروش، حسين آيت أحمد، عبدالله جاب الله ينافسون أربعة أحزاب. في المداومات الوطنية للمرشحين المراكز الرئيسية للحملات في العاصمة، اكد المتفائلون ل"الحياة" ان مرشحهم سيفوز في الدورة الأولى، فيما اعرب الأكثر واقعية منهم بأن مرشحهم يأمل بتسجيل نسبة مرتفعة من الاصوات في الدورة الأولى. ويصعب كثيراً، بعد زيارة هذه المداومات تكوين صورة حقيقية عن شعبية المرشحين. لأن المسؤولين فيها يحرصون على ترداد الشعارات التعبوية من جهة، ولأن ثقل المعركة الشعبي الحقيقي لم ينتقل بعد الى العاصمة، فهو يتنقل مع المرشحين في الولايات والجهات من جهة ثانية، ولأن تدفق المؤيدين يكون اساساً على المراكز الفرعية. لكن الحركة داخل المداومات وعدد العاملين فيها وموقع مقرها وحجمه، كل ذلك يشير الى ما يمكن ان يتوقعه المرشح. فإذا كان بعضها في شارع ثانوي في حي شعبي وفي بناء متواضع، فإن بعضاً منها يقع في حي راق وبناء فخم. وبقدر ما يكون مقر المداومة متواضعاً وعدد العاملين فيه قليلاً تزداد الشكوى ويكثر الانتقاد وترتفع اصوات المطالبة ب"النزاهة" و"الحياد". قاسم مشترك يجمع بين العاملين في هذه المداومات هو الى الاستقبال البشوش، التفاؤل بأن الجزائر قطعت شوطاً كبيراً في الخروج من عنق الزجاجة. ففي مداومة حركة الاصلاح الوطني التي يتزعمها المرشح عبدالله جاب الله، وحيث يسمع أكبر عدد من الشكاوى، يظل التقدير انه حتى في حال حصول "تزوير" بنسبة تصل الى خمسين في المئة، ستحمل النتائج ايجابيات. وفي مداومات اخرى، يحرص المسؤولون على أنهم يثقون بالبيانات الصادرة عن رئاسة الجمهورية ووزارة الدفاع لجهة تأمين الحياد وحسن سير الاقتراع. لكن هذه المظاهر التي يحاول الجميع عبرها عدم قطع الخيوط لا تخفي ان التحالفات هي التي ستحدد في النهاية اسم الرئيس المنتخب. ولا يخفي المسؤولون في مداومة بوتفليقة تفاؤلهم بفوز مرشحهم في الدورة الأولى، مستندين الى تأييد الاحزاب الأربعة من جهة، والى التأثير السلبي لتأييد "الحزب المحظور" الجبهة الاسلامية للانقاذ للدكتور احمد طالب الابراهيمي الذي يأمل مسؤولو حملته الانتخابية بأصوات زملائه الثلاثة في مجموعة الأربعة في حال وصوله الى الدورة الثانية. علماً ان مسؤولاً في حملة جاب الله يؤكد ان الاتفاق بين مجموعة الأربعة لا يزال محصوراً في مراقبة العملية في الدورة الأولى، وانه لم يتناول بعد الدورة الثانية وبدا أمس ان الحملة مستمرة وان وتيرتها مرتفعة، خصوصاً بعد تأكيد مسؤول في الحملة لمرشح جبهة القوى الاشتراكية ان السيد حسين آيت أحمد في حال صحية جيدة حيث يعالج في سويسرا وانه مستمر في المنافسة التي يقودها على الأرض مساعده في الحزب السيد أحمد جداعي. ورد المسؤولون في حملة آيت أحمد، بعنف واستياء، على التفسيرات التي اعطيت لمرضه. حتى ان مدير الحملة السيد جمال زيناتي أبلغ صحيفة "ليبرتيه" امس ان ثمة من يرغب في موته كي لا يحضر يوم الاقتراع. في مداومة المرشح المستقل مقداد سيفي، يؤكد الوزير السابق ومدير الحملة السيد نورالدين بحبوح "تفاؤلاً كبيراً" ب"الحملة الإيجابية والنظيفة ... ونفخر بما قمنا به". وفيما شدد سيفي أمام أهل بلدته تبسة قبل ان ينتقل الى العاصمة لإقامة مهرجان فيها بعد ظهر امس على ضرورة "مكافحة الارهاب واسبابه العميقة والفقر والحقرة والاقصاء في اطار القانون" اعتبر بحبوح ان قوة مرشحه تكمن في استجابة برنامجه لما ينتظره الجزائريون من معالجة لقضاياهم اليومية مثل البطالة والسكن والخدمات، وليس الحلول الايديولوجية. قائد الولاية التاريخية الرابعة المرشح المستقل الدكتور يوسف الخطيب ركز حملته المباشرة التي يقوم بها بنفسه عبر الاتصال المباشر مع الناخبين على انتقاد بوتفليقة، واعتبره من "الذين تقلدوا مقاليد الحكم بعد الاستقلال" ويتحملون "مسؤولية الكوارث التي تعيشها البلاد". واستند في انتقاداته على تاريخ الثورة، متحدثاً في بسكرة وتيزي وزو، عن وقائع عاشها لأن "جهل التاريخ وراء الانحرافات". المرشحان أحمد طالب الابراهيمي ومولود حمروش يركزان على نسف فكرة ان الانتخابات محسومة سلفاً وان الاقتراع هو الذي سيحدد الرئيس الجديد. ويأمل الابراهيمي، كما قال في مهرجانه في غرداية، بالفوز "بأكبر عدد من الأصوات" في الدورة الأولى، وفي رد مباشر على اتهامات له بالتقارب مع "جبهة الانقاذ" خصوصاً بعد بيان رابح كبير، قال: "إذا كنا نصلي فهذا لا يعني بالضرورة اننا متعصبون"، مضيفاً انه يعمل من أجل "الحوار والمصالحة مع كل الأطراف باستثناء أولئك الذين تلطخت أيديهم بالدماء". ومن جانبه انتقد حمروش في الاغواط الذين يشيعون "ان النتائج محسومة مسبقاً لمصلحة مرشح معين" في اشارة الى بوتفليقة، واعداً بالعمل على "التخلص من عقلية ان الحزب ملك لقائده وأمينه العام، ومن عقلية تبعية النقابة لرئيسها"، في رد على الاحزاب والنقابات التي أعلنت تأييدها لبوتفليقة.