بادرة الإنفتاح التي صدرت عن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب اللبناني وليد جنبلاط بالرغبة في إنجاح عهد رئيس الجمهورية العماد إميل لحود، الأحد الماضي، أتبعتها "جبهة النضال الوطني" النيابية بقرار يقضي بالمشاركة في مناقشة مشروع موازنة العام 99 في المجلس النيابي. قالت مصادر في "جبهة النضال" انها قررت في اجتماع عقده اعضاؤها برئاسة جنبلاط، اول من امس الثلثاء، مشاركة نوابها في مناقشات مشروع قانون الموازنة الذي باشرت لجنة المال والموازنة النيابية البحث فيه امس، عائدة بذلك عن قرار بالاستنكاف عن المشاركة فيها، تمشياً مع قرار "التهدئة" والصمت الذي التزمه جنبلاط بناء على نصيحة القيادة السورية له بالتهدئة مع الحكم اللبناني والحكومة و"كبادرة حسن نية". وأكدت ان الجبهة ستشارك في مناقشات الموازنة في اللجان وفي الهيئة العامة للمجلس حين تجتمع للبحث فيها والمصادقة عليها. وذكر أحد أعضاء الجبهة ل"الحياة" ان نوابها ارتأوا ابداء ملاحظاتهم على مشروع الموازنة وطرح آرائهم في ارقامها، كل ضمن اختصاصه وعضويته في اللجان النيابية المعنية المختصة ببرامج الانفاق في الوزارات المختلفة وأرقامها. وقال النائب نفسه ان هذا القرار جاء نتيجة اقتناع بعدم جواز الغياب عن الاخذ والرد في شأن الموازنة، خصوصاً ان للجبهة ونوابها ونواب الحزب الاشتراكي رأياً فيها، لا شيء يمنع من طرحه في الندوة النيابية، اذ انه لا يتناقض مع سياسة التهدئة والصمت التي يتبعها جنبلاط حيال العهد، وأكد ان الجبهة ستدلي برأيها في هدوء ومن دون تشنج انطلاقاً من رؤية اعضائها للوضعين المالي والاقتصادي. وقالت مصادر مقربة من جنبلاط ان بعض المعنيين في الحزب الاشتراكي يتولون درس الموازنة ايضاً، ويضعون ملاحظات عليها، اضافة الى ان لجنبلاط مجموعة من الافكار، ستعلن قريباً. وأضافت "ارتأينا ان ليس معقولاً ان تمر الموازنة من دون ان نقول رأينا فيها. سنطرح الملاحظات التي لدينا وهم احرار في ان يأخذوا بها او لا. ونقوم بذلك حتى لا يقال لاحقاً، اننا لم نقل موقفنا او لم نطرح رأينا في طريقة المعالجات القائمة والاخطاء فيها، حين تظهر نتائجها، فضلاً عن ان الحزب والنواب الحلفاء يمثلون قوى اجتماعية واسعة يجب التعبير عن رأيها". وألمحت المصادر الى ان الحزب والجبهة اتخذا قراراً بكسر الصمت حول الموازنة، "بعدما فسرت اوساط الحكم صمت جنبلاط ورئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، على انه تنسيق بينهما يهدف الى اظهار الحكم بأنه ديكتاتوري ويمنع الكلام والتصريحات". وأضافت "حرصوا على التهدئة ومارسناها، وكي نبدي حسن النية ايضاً سنخرج عن الصمت ونبقي على الهدوء". لكن المصادر نفسها اشارت الى ان مبادرة الانفتاح على العهد التي اطلقها جنبلاط الاحد الماضي حين قال "كلنا يريد ان ينجح الرئيس لحود... ونتعاون لمواجهة الرياح الآتية بعد انتهاء حلف الأطلسي في كوسوفو"، تأتي في سياق نظرة جنبلاط الى التطورات الضاغطة المقبلة عليها المنطقة وان قرار المشاركة في مناقشة الموازنة مرتبط بوجهة نظره الداعية الى التعاون على قاعدة المشاركة واتفاق الطائف لمواجهة هذه الضغوط. وقالت المصادر ان جنبلاط لم يتلق اي رد فعل مباشر من اوساط العهد على موقفه، او اي تجاوب مع مبادرته، باستثناء اعتبار بعض المقربين من الرئيس لحود ان ما قاله رئيس الاشتراكي خطوة جيدة وإيجابية. الا ان هذا لم يقترن بأي خطوة عملية مقابلة. وحرصت المصادر على القول ان ما اعلنه جنبلاط من كلام انفتاحي، جاء عن "سابق تصور وتصميم" ومناقشة طويلة مع بعض معاونيه، انتهت الى قراره القيام بمبادرة ما، عبر عنها على طريقته، خصوصاً ان قراءته مستقبل الوضع في المنطقة ولبنان والتي يعلن عنها بين الحين والآخر في تصريحاته، متخوفاً من استفادة اسرائيل مما يدور على الصعيد العالمي وفي المنطقة، من اجل توظيف التطورات لمصلحتها، ضد الدول العربية وخصوصاً سورية وحلفائها في لبنان، كانت المنطلق الذي دفعه الى اطلاق هذه المبادرة. وقالت المصادر ان جنبلاط يعتقد ان اعتماد اسلوب القطيعة و"الزمجرة" في ظروف كهذه، من جانب الفريق الحاكم لا تفيد في اشاعة ظروف تساعد على التعاون في مواجهة ما هو آت، لأن الادارة السياسية للظرف الاقليمي ومخاطره اليومية، تتطلب على العكس تناغماً يجنب البلاد اخطاء حصلت نماذج منها، في التعاطي مع المناورات الاميركية والاسرائيلية في شأن اوضاع الجنوب ومحاولات فرض امر واقع جديد يعدل من "تفاهم نيسان" أبريل.