وضعت السلطات الجزائرية امس محافظة الجزائر تحت حراسة مشددة منذ التاسعة صباحاً حتى السادسة مساء. وقدرت قوات الأمن التي توزعت بين ساحة الشهداء مروراً بالبريد المركزي وانتهاء بساحة أول ماي حيث كان مقرراً ان يتجمع المنسحبون الستة من الانتخابات الرئاسية، بنحو 10 آلاف شرطي، الى جانب طائرة مروحية كانت تحلق في سماء العاصمة. واغلقت الطرقات والاحياء والشوارع المؤدية الى ساحة أول ماي وشارع زيغرود يوسف، وساحة الشهداء، تحسباً لأي مسيرة أو تجمع تنظمه المعارضة. وقال شهود ان الطرق المؤدية الى العاصمة من جهة الشرق شهدت ازدحاماً شديداً. لكن الحافلات منعت من الدخول الى العاصمة إلا فارغة. كما ان السيارات التي كانت تحمل أرقام غير ولاية الجزائر كانت تفتش ويستجوب ركابها، خصوصاً السيارات التي تحمل الرقم 15 رمز ولاية تيزي وزو. وعلى رغم هذه الاجراءات، تمكن نحو 30 شخصاً من اختراق طوق الشرطة والتجمع في ساحة أول ماي. لكن الشرطة في الأزقة كانت تمنع كل من لا يحمل بطاقة اقامة في العاصمة من المرور الى المناطق المقررة للتجمعات. واوقف اكثر من 40 شاباً ثم أطلقوا بعد انتقال السيد احمد حداعي، الأمين العام بالنيابة لجبهة القوى الاشتراكية، الى ساحة أول ماي. كذلك تجمع أكثر من 40 شخصاً في مقر جبهة القوى الاشتراكية الى جانب الصحافيين الذين انتظروا أكثر من ساعتين ونصف الساعة اجتماع الزعماء المعارضين الستة: أحمد طالب الابراهيمي ومولود حمروش وعبدالله جاب الله ويوسف الخطيب ومقداد سيفي وجمال زناتي ممثلاً للسيد حسين آيت أحمد. وكان مقرراً ان يدرس المجتمعون اصدار "بيان الحريات العامة"، الا ان اقتراحاً من أحد الاعضاء بضرورة تأجيل مناقشته الى الاربعاء المقبل، ليصادق عليه الزعماء الستة في اجتماعهم الاحد. وقرر الستة إلغاء الندوة الصحافية التي كانت مقررة صباح اليوم لمناسبة تسلم السيد عبدالعزيز بوتفليقة منصب الرئاسة خلفاً للرئيس اليمين زروال. وأصدر المجتمعون بياناً مشتركاً أكدوا فيه أنهم درسوا المستجدات السياسية وقرروا مواصلة "اللقاءات التنسيقية" ودعوا المواطنين الى "مواصلة النضال بالوسائل القانونية من اجل فرض احترام الحريات وتمكينهم من ممارسة حقوقهم السياسية كاملة". وحمّلوا السلطة المسؤولية عن "الممارسات التعسفية الهادفة الى اغلاق السبل أمام المساعي الرامية الى تكريس الديموقراطية وصون الحريات". واكدوا "تمسكهم بالنضال السلمي من أجل تمكين الشعب من ممارسة حقه في التعبير الحر". ونددوا باستمرار السلطة "في التمادي في خرق القوانين وانتهاك الحريات الاساسية". واشار البيان المشترك إلى منع السلطات تنظيم المسيرات السلمية، وعقد التجمعات واستمرار "الاستفزازات والقمع والتهديد والاعتقالات". وقالت مصادر قريبة من حركة الاصلاح الوطني ل"الحياة" ان أربعة عناصر من مؤيدي الشيخ عبدالله جاب الله في عين تيمشنت اعتقلوا وان احدهم أودع السجن. بوتفليقة سلطة قائمة وقال مصدر مطلع ل"الحياة" ان المجتمعين الستة ناقشوا كيفية التعامل مع بوتفليقة في حال دعوتهم الى الحوار. واضاف ان الستة لا يعترفون بشرعيته رئيساً منتخباً، وأنهم اجمعوا على ان يكون التعامل معه ك"رئيس دولة" و"سلطة واقعية"، وانهم "لا يمانعون في حوار جاد ومسؤول" معه. وأوضح المصدر ان هذا الطرح يعتبر جديداً في لغة المنسحبين الذين يصرون على الاحتجاج بالطرق السلمية. وعُلم ان النواب الذين يؤيدون المرشحين الستة المنسحبين، قرروا مقاطعة حفلة تنصيب بوتفليقة اليوم. وهم 20 من جبهة القوى الاشتراكية، 8 من حركة النهضة سابقاً جناح جاب الله، 4 من التجمع الوطني الديموقراطي جناح مقداد سيفي، 6 من مؤيدي حمروش، و3 من مؤيدي الابراهيمي. ووجهت مديرية التشريفات لرئاسة الجمهورية الدعوات الى اطارات الدولة والسلك الديبلوماسي والصحافة الجزائرية. ولوحظ انها المرة الأولى التي لا تدعى فيها الصحافة الاجنبية المعتمدة في الجزائر، الى حفلة التنصيب، كذلك لوحظ ان دعوات وجهت الى رؤساء عرب وأفارقة، لكن يستبعد حضورهم لأن الدعوات أرسلت متأخرة.