شكك مسؤولون إيرانيون في "صدقية" الموقف الذي أعلنه الرئيس الأميركي بيل كلينتون، وتضمن للمرة الأولى اعتذاراً واضحاً عن آلام لإيران و"ظلم" لها تسببت فيه سياسات أميركية وغربية على مدى نصف قرن. ورأى المرجع الديني - السياسي البارز في النظام الإيراني آية الله أحمد جنتي ان تصريحات كلينتون ليست سوى "تضليل"، وتندرج في إطار السياسة الأميركية القائمة على "المكر والخداع" ازاء إيران. واتهم واشنطن ب"ازدواجية الخطاب" و"التناقض بين الخطاب والممارسة". وكان كلينتون تحدث في كلمة خلال احتفال في البيت الأبيض حول انتهاء الألفية الثانية ودروس هذا القرن، عن اهمية التعاطي بين الغرب والدول الاسلامية، وطرح ايران كمثل. وقال: "ربما يُعلم الشعب الايراني ان يبغض الولاياتالمتحدة والغرب ولا يثق بهما على اساس اننا كفار وخارج الدين، وبالتالي من السهل علينا ان نغضب ونرد بالمثل، لكنني اعتقد ان من المهم ان نعترف بأن ايران تعرضت - بسبب اهميتها الكبيرة الجيوسياسية على مر الزمن، لكثير من الظلم من مختلف الدول الغربية. واعتقد ان من المهم ايضاً القول للناس: انظروا، لديكم الحق في ان تغضبوا من شيء قام به بلدي او ثقافتي او آخرون متحالفون معنا الآن، قبل 50 او 60 او 100 او 150 سنة". وشدد على ان المطلوب ايجاد وسيلة لبدء حوار مع ايران من اجل بناء "مستقبل مشترك". يذكر أن الرئيس الإيراني محمد خاتمي أمضى ثلاثة أيام في جولة على محافظة لورستان وعاد إلى طهران منتصف ليل الخميس - الجمعة. وقالت مصادر موثوق بها إن خاتمي اطلع على أهم الفقرات المتعلقة بإيران والواردة في كلمة ألقاها كلينتون في وقت متقدم ليل الأربعاء، ووزعت مقتطفات منها ليل الخميس. ويُعتقد ان خاتمي سيدعو إلى اجتماع للمجلس الأعلى للأمن القومي، وهو أعلى هيئة إيرانية مخولة اتخاذ القرارات الدفاعية والأمنية وكذلك في السياسة الخارجية، ويضم اركان النظام خصوصاً رئيسي البرلمان والسلطة القضائية ووزراء الخارجية والداخلية والاستخبارات وقائدي الجيش و"الحرس الثوري"، وذلك لدرس الموقف من تصريحات كلينتون. كما يتوقع ان يعكف كبار مستشاري خاتمي في الحكومة ووزارة الخارجية على درس كلمة الرئيس الأميركي. وذكرت المصادر أن خاتمي سيتريث قبل أن يعلق على "اعتذار الرئيس الأميركي والذي يعد سابقة". وشددت على أن موقف كلينتون "يعتبر في كل الأحوال جديراً بالاهتمام". وعلق جنتي، وهو واحد من أبرز رموز اليمين المحافظ، على "اعتذار" كلينتون، لكنه لم يشر في خطبة صلاة الجمعة في جامعة طهران أمس إلى ان الرئيس الأميركي اعتذر، واكتفى بالقول إن كلمته اتسمت ب"ليونة" تجاه إيران. وتابع جنتي: "أميركا تتبع سياسة مزدوجة وخطاباً متناقضاً". وقال موجهاً الكلام إلى أطراف في إيران: "اعجب لهؤلاء الذين يصدقون كلام الأميركيين، فهؤلاء مخادعون ماكرون، لا يريدون سوى التسلط والهيمنة". وأعرب عن ثقته بأن موقف كلينتون خدعة، واتهم الولاياتالمتحدة بأنها تعمل لتطويق إيران وتهديد أمنها "فهي تجري مناورات عسكرية مع الإمارات، وهذا يشكل تهديداً للأمن القومي الإيراني، وتتفق مع أذربيجان لإقامة قاعدة عسكرية في بحر قزوين". وحذر اذربيجان من أن "الشعب الإيراني لن يقف مكتوف الايدي". في غضون ذلك أكدت مصادر حكومية في طهران ل"الحياة" ان الرئيس محمد خاتمي سيبدأ جولة عربية الشهر المقبل، تشمل سورية والسعودية وقطر. وقالت ان موعد بدء الجولة لم يحدد "بدقة" لكنها رجحت أن يكون في 13 أيار مايو المقبل. وأوضحت انه لم تحدد المحطة الأولى في الجولة لكنها توقعت ان تكون دمشق، ثم يزور خاتمي الرياض فالدوحة.