أدبيات المعارضة في كثير من دول العالم تنأى عن الزج باسمها في دائرة الباحثين عن السلطة بأي ثمن، وتحت أي شعار. خبرنا المعارضة الديموقراطية تهيئ نفسها كحكومة ذات كيان بكل ما تحمله الكلمة من أبعاد ومؤسسات وطروحات ونقد بناء من أجل الوصول الى سدة الحكم من طريق الإقناع والاقتناع، غير أننا فوجئنا عبر الصحف اليومية بالبيان الهزيل الذي بعثت به ما تسمى بالقيادة المشتركة للتجمع الوطني الديموقراطي، من طريق وكالة "فرانس برس" في القاهرة، من أنها أعلنت طريق بورسودانپ- الخرطوم منطقة عمليات خطرة. هكذا عندما تسدل الظلامية أستارها على الأفئدة والأبصار والبصائر تتحول القوى التي تصف نفسها بالديمقوقراطية الى أحد أشد أعداء تلك الديموقراطية المفترى عليها، وترتمي طائعة في حضن الارهاب من دون حياء أو محاسبة ذاتية تردع خطواتها الشاذة، وهذا دليل قطعي على عدم وجود ذرة من الديموقراطية في اطار هذا التجمع الارهابي الذي يسعى لقطع الطرق مثله مثل أي لص أو قرصان دولي. هل تعتقد "قيادة" التجمع الوطني الديموقراطي ان طريق بورسودانپ- الخرطوم ملك للحكومة؟ وهل ترى ان قصف مصنع الشفاء للأدوية الذي قامت به الإدارة الاميركية مساء يوم 20/8/1998 قوى من موقفها كمعارضة ديموقراطية في الشارع السوداني. يبدو ان تلك المجموعة التي سدرت في غيها قد اختلط عليها الحابل بالنابل. ونظرا لانعدام الديموقراطية وسط صفوفها فهي لا تجد من يقول لها "عيب". ان أملاك الشعب السوداني فوق كل اعتبار، وكل من يجرؤ على التلاعب بها سيكون مسؤولا أمام التاريخ مسؤولية الردع والحسم والمحاسبة الشديدة، لأن الطريق الى المشاركة في الحكم لا يكون عبر تدمير مقدرات الشعب وإنجازاته. لعل قيادة ما يسمى بالتجمع الوطني الديموقراطي لا تعلم مدى الاشمئزاز والقرف الذي يصيب أبناء الشعب السوداني عندما يطلعون على هذه التهديدات التي تشكل مساساً مباشراً بانجازاتهم كشعب يسعى للبقاء تحت الشمس وسط عالم لا يعرف غير القوة. فكيف نسعى نحن سواد الشعب لبناء وطن وتأتي فصائل ما يسمى بالتجمع الوطني الديموقراطي لتهدد بنسف ما بنيناه عبر عشرات السنين وصرفنا من أجله كل غالٍ ونفيس. عجبي لتلك العقليات التي أعمى حب السلطة بصيرتها فرأت ان تضع نفسها في مصاف قاطعي الطرق وترضى بذلك كوسيلة لا بأس بها للوصول الى كرسي الحكم، ولو جاء ذلك على أشلاء الوطن. عجبي للديموقراطية التي يمكن وضعها تحت الأقدام للوصول الى سدة الحكم ثم طرحها في أي مزبلة بعد الانتهاء من دورها . ذلك ان فاقد الشيء لا يعطيه، والديموقراطية التي لم تمنع مثل هذه المهازل التي يهرف بها التجمع الوطني لا يمكن ان يكون لها مستقبل في حماية مكتسبات الشعب بأي شكل من الأشكال. أتطلع الى معارضة ترتفع بنفسها الى مستوى المسؤولية الوطنية والتاريخية، وتتجه نحو قاعات المفاوضات متسلحة بالديموقراطية الحقة، والحكمة، والرأي السديد... وان تطرح الى الأبد مسألة قطع الطرق، وتربأ بنفسها ان تكون من ضمن قطاع الطرق وعصابات النهب المسلح. والله المستعان. جدة - سعد سليمان محم