"الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان مليوشيفيتش بدأ التزحزح عن موقفه بشأن كوسوفو... اعتقد ان بامكانكم ان تتوقعوا خلال الأيام القليلة المقبلة استمراراً للحملة الجوية بتصميم كامل، ولكن قد ترون أيضاً خلال هذه الأيام بعض التحركات على الصعيد الديبلوماسي التي آمل أن تكون ايجابية". هذه هي الصورة التي قدمها، أمس، الأمين العام لحلف شمال الأطلسي خافيير سولانا في حديث إلى هيئة الاذاعة البريطانية. وبدا ان هذا التقدير للموقف يخدم في قطع الطريق على أي حديث عن "التدخل البري" لأن العمليات الجوية مستمرة عسكرياً وسياسياً. ولعل هذا ما قصده وزير الخارجية البريطاني روبن كوك عندما أشار إلى "تقارير عن تدني المعنويات لدى الذين يدفعهم ميلوشيفيتش إلى الأعمال الوسخة" راجع ص 6 و7 ومن المقدر ان يستمر عمل الأطلسي على هذين المحورين: تشديد القصف واستكشاف مدى استعداد بلغراد للخضوع إلى الشروط المعروفة. على الصعيد الأول، جرى التركيز أمس على القصف الصاروخي لأن أحوال الطقس عرقلت عدداً من الطلعات الجوية. ولكن ذلك لم يمنعها من أن تنثر 5.2 مليون منشور فوق يوغوسلافيا حاملة عناوين الحل الأطلسي المقترح وقف العمليات الصربية، الانسحاب من كوسوفو، عودة اللاجئين، قوة دولية لتأمين الحماية والاشراف على التسوية. وفي سياق تشديد الضغط، أعلنت واشنطن عن دعم قواتها العاملة حول يوغوسلافيا ب82 طائرة جديدة، وكذلك أمرت لندن حاملة الطائرات "انفسيبل" بالتوجه إلى البحر الادرياتيكي. إلى ذلك حصل التوافق بين الأطلسي وتيرانا على تنفيذ عملية "مأوى التحالف" التي تقضي بارسال 8 آلاف جندي إلى البانيا للمساعدة في إغاثة اللاجئين. ولوحظ، ان الأطلسي تعمد تكذيب الأنباء عن القضاء على "جيش تحرير كوسوفو" واعتبره لا يزال يعمل و"يصعّد المقاومة". على الصعيد السياسي، بدأت وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت جولتها الأوروبية باجتماع عقدته مساء أمس مع سولانا. ومن المتوقع أن تلتقي اليوم وزراء خارجية الأطلسي قبل أن تعقد اجتماعات ثنائية مع بعض منهم. وستجتمع أولبرايت مساء اليوم إلى وزراء خارجية "دول التماس" ألبانيا، البوسنة، بلغاريا، كرواتيا، مقدونيا، هنغاريا، رومانيا، سلوفينيا. وهذه اللقاءات مخصصة للبحث في كيفية تطبيق خطة الحلف لإغاثة اللاجئين وتقدير الموقف العسكري والسياسي والتوافق على الجوانب السياسية. وقال مصدر ديبلوماسي إن رسالة الحلف إلى ميلوشيفيتش ستكون "نحن صامدون أما انتم فبدأتم بالتضعضع". وستكون أولبرايت مزودة بهذه المواقف عندما تلتقي غداً الثلثاء، في أوسلو، وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف، وهو اللقاء الذي تقرر عقده بعد التصريحات العنيفة التي صدرت في موسكو يوم الجمعة الماضي. وفي حين تقوم أولبرايت بحشد التأييد لسياسة بلادها، يكون الكونغرس الأميركي عاد من إجازته الى العمل في ظل انقسام في الرأي يخترق الحزبين الجمهوري والديموقراطي حول التدخل البري. وفي هذا المجال قال الناطق باسم مجلس الأمن القومي الاميركي ديفيد ليفي ان حلف الاطلسي يملك خططاً احتياطية لإرسال قوات برية ولكن المسؤولين الاميركيين يصرون على تكثيف الضربات الجوية حتى تحقيق الانتصار. وكان التطور اللافت امس الكلام الذي صدر عن رئيس موظفي البيت الأبيض جون بوديستا، والذي أشار الى ان الصرب قد يكونون بحاجة الى زعيم جديد لهم. لكنه أوضح ان العمليات الجوية الاطلسية العالمية لا تستهدف ميلوشيفيتش الذي اشعل خلال السنوات العشر الماضية أربع حروب. وزاد: "كي تنضم صربيا الى العائلة الأوروبية بطريقة سلمية، هي في حاجة لأن تحظى بقدر من الديموقراطية، ولقيادة تحترم حقوق الانسان وتحترم الحكم الذاتي للناس الذين يعيشون في جمهورية يوغوسلافيا سابقاً، وفي النهاية يبدو لي أنهم الصرب سيكونون في حاجة الى زعيم جديد كي يتمكنوا من ايجاد وضع مستقر".