بريشتينا - رويترز - أيقظت عناوين الصحف عن محنة اللاجئين والمقابر الجماعية في اقليم كوسوفو الغرب من سباته الطويل ليتوعد يوغوسلافيا من جديد، ولكن هل سيقتصر الأمر مرة اخرى على مجرد الاقوال دون الافعال؟ سكت الجميع عن الدمار الذي تلحقه بلغراد بالثوار الانفصاليين الذين يسعون لانهاء اعوام من حكم الصرب لاقليمهم ذي الاغلبية الالبانية الاصل الى ان هز العامل الانساني الضمائر. ودفع التقدم الصربي والقصف العشوائي عشرات الالاف من المدنيين الالبان الى الفرار الى تلال نائية حيث يواجه كثيرون صراعا اخر من أجل البقاء في ظل ظروف قاسية دون مأوى او طعام او امدادات طبية. ثم ترددت الاسبوع الجاري أنباء في شتى انحاء العالم عن وجود مقابر جماعية تحوي رفات مئات المدنيين الالبان الذين اعدموا ثأرا من هجوم للثوار على بلدة اوراخوفاتش. ولم يعثر تحقيق غربي مبدئي على أي أدلة، إلا أن البحث ما زال جارياً. وهزت الروايات المتعلقة بمأساة اللاجئين والمقابر الجماعية القوى العظمى التي التزمت الصمت لتمكين الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوشيفيتش، على ما يبدو، من ارغام جيش تحرير كوسوفو على الجلوس الى مائدة المفاوضات. فحلم هذا الجيش هو دمج كوسوفو والبانيا ومقدونيا التي يقطنها الالبان وتشكيل "البانيا عظمى"، ولكنه سيكون بمثابة كابوس في منطقة البلقان بالنسبة الى مجلس الامن. وأبدى مسؤولون غربيون استياء من رفض كل من جيش تحرير كوسوفو والزعماء السياسيين لالبان كوسوفو قبول اي شيء أقل من الاستقلال التام الامر الذي دمر محادثات مع بلغراد حول عرض مبدئي بمنح كوسوفو حكما ذاتيا. ولكن معظم المحللين يرون ان هجوم ميلوشيفيتش كان بالغ الشراسة اذ تضمن الحرق العمد ونهب ممتلكات الالبان الفارين، الأمر الذي يتطلب اتخاذ اجراء صارم لانقاذ عملية السلام. وما زالت القوى الرئيسية تشعر بوخز الضمير لفشلها في القضاء على آلية الحرب الصربية في البوسنة قبل ان تدمر هذه الآلية الجمهورية المتعددة العرقيات لذا فانها تحرص على الا تدع كوسوفو تغرق في كارثة انسانية مروعة. وتجدد الان القوى الغربية تهديداتها بأن يشن حلف شمال الاطلسي غارات جوية على بلغراد دعما لجهد ديبلوماسي جديد يستهدف دفع البان كوسوفو والصرب الى وقف النار وبدء حوار بناء. والخميس الماضي اعربت مادلين اولبرايت وزيرة الخارجية الاميركية عبر الناطق باسمها عن رأيها "ان الهجوم الصربي الحالي والتصرفات غير المقبولة التي حدثت في اطار هذا الهجوم لن تؤدي سوى الى زيادة فرص اتخاذ اجراء عسكري من جانب حلف شمال الاطلسي". وناقش الرئيس بيل كلينتون ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير ايضا القضية في شكل موسع في اتصال هاتفي جرى بينهما. ولكن حلف الاطلسي يبدو منقسماً على شروط التدخل. ففي الوقت الذي اعلنت فيه وزارة الخارجية الاميركية ان الحلف اعد خططا للتدخل، ناقضت ذلك مصادر اوروبية في الحلف مشيرة الى ان الموافقة على الخطط مازالت تتطلب بعض الاجراءات. وزادت الشكوك بعدما اعلن وزير الخارجية الالماني كلاوس كينكل رفضه هذه الخطط الا اذا حصلت على موافقة مجلس الامن في خطوة قال كينكل ان روسيا الحليف القديم للصرب ستعرقلها.