سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
حمل على اولبرايت واتهم واشنطن بانتهاك القانون الدولي مؤكداً انه زار اسرائيل 30 مرة . سكوت ريتر ل "الحياة" : عودة المفتشين الى العراق مستحيلة والحل في يد صدام
اعتبر المفتش الاميركي السابق سكوت ريتر ان إطاحة الرئيس العراقي صدام حسين أو اغتياله "حلم مستحيل"، مشيراً الى ان "مفتاح الخلاص" للعراق يبقى في يد صدام. واتهم واشنطن بانتهاك القانون الدولي، لافتاً الى ان مرحلة نزع السلاح في العراق انتهت عملياً. وذكر ريتر في حديث مطول الى "الحياة" ان العراق جرد من السلاح عملياً لكنه قادر على تصنيع أسلحة دمار شامل في غضون ستة شهور و"لديه برنامج صواريخ بالستية جاهز للتطوير". على رغم ذلك، دعا ريتر الذي عمل ست سنوات لدى اللجنة الخاصة المكلفة التحقق من إزالة الأسلحة العراقية المحظورة أونسكوم، الى فتح حوار مع بغداد مشدداً على ان النهاية لا بد ان تكون ديبلوماسية. وحمل على وزيرة الخارجية الأميركية مادلين اولبرايت واصفاً إياها بأنها تفتقد الصدقية، وقال: "لست صديقاً لصدام، انه ديكتاتور، لكنه القائد الشرعي للعراق". وكان ريتر أصدر أخيراً كتابه "نهاية اللعبة" الذي عرض فيه تفاصيل مثيرة عن مهمات "أونسكوم". وأكد لپ"الحياة" ان عودة المفتشين الى العراق باتت مستحيلة، وأقر بأنه زار اسرائيل ثلاثين مرة و"لولا المعلومات التي قدمتها اسرائيل لما تمكنت اونسكوم من تنفيذ عمليات تفتيش فاعلة بين عامي 1995 و1998". وهنا نص الحديث: خرجت في كتابك بتوصية أدهشت كثيرين اذ تدعو الى حوار بين الولاياتالمتحدةوالعراق، بمبادرة ديبلوماسية تطلقها واشنطن. وهذا ليس ما قلته في الماضي. فماذا غيّرك؟ - لم أتغيّر بل ان مواقفي متماسكة. قبل كانون الاول ديسمبر 1998 كان امامنا القرار 687 وهيئة اسمها "اونسكوم"، وكانت السياسة الدولية نحو العراق قائمة على نزع سلاحه وابقاء العقوبات حتى تحقيق العراق ذلك المستوى المطلوب من نزع السلاح. كمفتش تابع ل "اونسكوم" قمت بما عليّ لتنفيذ ارادة مجلس الامن. في الشهر ذاته، وعندما كنت ضيفاً في برنامج تلفزيوني شاركتُ فيه ايضاً، وقعت مشادة بيني وبينك عندما تكلمتُ على ضرورة الحوار وعارضت انت الفكرة كلياً. - كان ذلك قبل عملية "ثعلب الصحراء". وماذا حدث في عملية "ثعلب الصحراء" ليغيّر رأيك"؟ - ما حدث ان "اونسكوم" ماتت والآن ليس هناك منطق في القول ان السياسة الدولية يجب ان تصبّ في اعادة المفتشين الى العراق فهذا لن يحدث. ان "اونسكوم" ماتت وانتهت. وعودة المفتشين باتت حلماً مستحيلاً. فما العمل؟ هناك نظرية تقول ان لا بد من استمرار العقوبات والعمليات العسكرية، ولكن ماذا كان هدف العقوبات الاقتصادية، الى جانب فرض الانسحاب بعد غزو العراق الكويت؟ كان الهدف ابقاء العقوبات الى حين نزع السلاح، وبالتالي اعتمد اطار العقوبات بكامله على عملية نزع السلاح. وانا وقفت ضد العقوبات منذ البداية، فهي تعاقب الابرياء وتتسبب في معاناتهم. لم تتكلم ضد العقوبات عندما كنت مفتشاً. - هذا ليس صحيحاً، لكن مهمتي كانت تنفيذ التفتيش في مسائل الاسلحة ولم تكن ذات علاقة بالعقوبات. يبدو انك تدعم المبادرة الفرنسية، لماذا؟ - لأنها المبادرة المنطقية الوحيدة، فمع اختفاء "اونسكوم" الاقتراح الفرنسي منطقي لأن لا مجال في هذا المنعطف للتمسك بمواقف متشددة مع العراق في مسألة اسلحة الدمار الشامل. يقال انك تنتمي الى معسكر اليمينيين المحافظين المتشددين في الحزب الجمهوري الاميركي... - تقصدين انني جزء من "المؤامرة اليمينية"؟ انا لا أصف نفسي بأنني يميني محافظ، وحرصت منذ البداية على الا اكون مسيّساً. فموضوع العراق ومعاناة شعبه والحاجة الى التوصل الى حلول تأخذ في الاعتبار مواضيع نزع السلاح واستقرار العراق تتطلب التركيز على القضايا ذاتها وليس على الحزبية. لذلك ابتعد عنها. وراء الاشارة الى المعسكر الجمهوري اليميني المحافظ وانتمائك اليه محاولة لمعرفة هل الآراء التي تعبّر عنها تعكس تفكير ذلك المعسكر. - لست في حوار مع الحزب الديموقراطي او الحزب الجمهوري في هذه المسألة، وما احاول فعله هو اطلاق الحوار مع الشعب الاميركي. الافكار التي وضعتها في كتابي هي افكاري التي اتمنى لو تبناها آخرون. تدرك ان هناك تشكيكاً في "شخصية" سكوت ريتر، بدءاً بالرجل الذي كان في عيون العراقيين "الجاسوس الاول" والذي تحوّل بعد استقالته كمفتش الى رائد في كشف التجسس في العراق من قبل وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية والاستخبارات البريطانية . لماذا تكشف عمليات تجسس اميركية لطالما اعتبرت بغداد انك كنت جزءاً من هذه العمليات وانت تدرك ان تأكيد ذلك التجسس يخدم العراق؟ - عندما عملت لدى "اونسكوم" كنت اعمل للرئيس التنفيذي للجنة رالف اكيوس ثم ريتشارد بتلر، ما وصفه العراق بأنه تجسس كان نشاطات التفتيش. التجسس عمل غير مشروع اما كشف ما اخفاه العراق عمداً في مجال الاسلحة ونفاه بعمليات اقتحامية فانه تفتيش وليس تجسساً. لكنك في كتابك تؤكد حصول التجسس. - هنا الفارق: طالما ان "اونسكوم" كانت تسيطر على كل شيء قام به فريق تفتيش في العراق، وطالما ان كل ما قام به اي فريق جاء بتعليمات من "اونسكوم" لتنفيذ الولاية التي اوكلها مجلس الامن الى اللجنة الخاصة، فان ذلك ليس تجسساً، بل عمليات تفتيش. حتى إن اعتبر العراق تلك النشاطات تجسساً؟ - لا يهمني ما يقول العراقيون. حتى اذا كانت النشاطات تجسسية، الامر يعتمد على ما اذا كانت "اونسكوم" مسيطرة عليها او اذا خرجت عن سيطرتها. - العراق ضمن حماية اسلحة الدمار الشامل التي امتلكها بواسطة الافراد والمنظمات والاساليب ذاتها المعتمدة لحماية الرئيس العراقي. فعندما يجري التدقيق في كيفية اخفاء العراق اسلحته، من الطبيعي الاطلاع على كيفية حمايته رئيسه، مهمة "اونسكوم" ليست اغتيال صدام بل كشف اسلحة الدمار الشامل. فاذا كانت "اونسكوم" مسيطرة على العملية، يمكن التأكد من ان المعلومات التي لا علاقة لها بمهمة اللجنة لن يُساء استعمالها. اما عندما تخسر "اونسكوم" سيطرتها على العملية، فجأة، تقع هذه المعلومات الخطيرة في ايدي حكومات تسيء استعمالها. وهذا تجسس. انت تقول ان الاستخبارات الاميركية والاستخبارات البريطانية استخدمت اللجنة لجمع معلومات استخباراتية لا علاقة لها بمهمات اللجنة الخاصة بهدف اغتيال صدام. - اولاً. لنميّز بين ال "سي. آي. اي" وبين اية منظمة بريطانية. ان الحكومة البريطانية تصرفت بصورة مشرفة في كل هذه العملية، والانتقاد الوحيد لها انها في النهاية سحبت دعمها الحاسم ل "اونسكوم" بضغط من الولاياتالمتحدة، وان السياسة البريطانية ارتبطت بتلك السياسة الحمقاء المسماة "الاحتواء المفتوح". ووكالة الاستخبارات المركزية الاميركية ايضاً قدمت لسنوات عديدة دعماً فعالاً للجنة الخاصة شأنها شأن الوكالات البريطانية المماثلة. ليس لدى الاممالمتحدة وكالة استخبارات ولأن "اونسكوم" اعتمدت على القدرات الاستخباراتية كان لا بد لها من الاعتماد على الدول. الولاياتالمتحدة قدمت المعلومات الاستخباراتية، وكذلك بريطانيا واسرائيل. ولا مانع في هذا الدعم طالما ان "اونسكوم" تسيطر على الامور. ما حدث ان وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت غيّرت الاتجاه في اذار مارس 1997 عندما قالت ان إمتثال العراق لالتزاماته في اطار نزع السلاح لا علاقة له بالعقوبات لأن هذه العقوبات باقية الى حين ازاحة صدام من السلطة. حينذاك كانت اللجنة تمتلك كنزاً من المعلومات ليس فقط في شأن اسلحة الدمار الشامل بل ايضاً عن كيفية حماية الرئيس العراقي. وكالة الاستخبارات المركزية ارادت تلك المعلومات لأن اولويتها لم تعد مساعدة اللجنة الخاصة على نزع سلاح العراق بل ازاحة صدام من السلطة. وبالتالي اتخذت الوكالة اجراءات لتقليص سيطرة "اونسكوم" واستبدالها بسيطرتها كي تتمكن من التصرف على اساس المعلومات المتوافرة. وانا قلت لبتلر ان هذا ما يحدث وان عليه ألا يسمح بذلك، وان عدم حفاظه على سيطرة "اونسكوم" يعني انها عملية جمع معلومات استخباراتية لمصلحة الولاياتالمتحدة وهذا تجسس. أثبت له ان ما يحدث هو تنفيذ الولاياتالمتحدة عمليات استخباراتية على حساب "اونسكوم" ولم يستمع اليك؟ - قلت له انه اذا تنازل عن السيطرة لن نتمكن من الدفاع عن اللجنة. لم يكن في امكاني توثيق ماحدث لأنني لم اكن مطلعاً على التفاصيل. بتلر لم يكن يعلم اذاً بالتجسس؟ - لا. ما اقوله انه كان على بتلر ان يتأكد من ان التجسس لم يكن قائماً. فاذا كان يتصرف كرئيس تنفيذي للجنة يصدر التعليمات لنشاطات في العراق، كان عليه ان يكون مئة في المئة مسيطراً على ما يحدث، وهذا ما لم يفعله. تنازل عن سلطة السيطرة، وبات في وضع لا يعرف فيه ما يجري، لم يعد في الامكان الدفاع عن "اونسكوم" امام تهمة التجسس. أتعتقد ان بتلر ادرك في مرحلة ما ان هناك تجسساً وقرر تجاهله؟ - لن ادخل في افتراضات من هذا النوع لأن الافتراض في مثل هذا الشأن يعني توجيه تهمة جدية. بتلر ينفي اية معرفة بمثل هذه النشاطات وينفي ايضاً كل ما تقوله عنه. - انا مرتاح مع كل ما قلته وكشفته من حقائق، ويمكنني توثيق كل ما قلت. فاذا نفى الحقائق، ردي هو: تفضل بوثائقك وحقائقك الى الطاولة سيد بتلر. انا لا اتهمه بأنه جاسوس، بل التهمة بقيادة فاشلة وبفقدان حسن التقدير. لم اقل ابداً ان بتلر سمح عمداً بالعمليات التجسسية. اقول انه بدد قدرة "اونسكوم" على ضمان عدم القيام بالتجسس. لكنك في كتابك تقول انك جمعته بالاسرائيليين هنا في نيويورك وعرّفته الى ما يسمى "القناة الاسرائيلية" التي كانت ايضاً قناة تجسس. - بالطبع لا. لم يكن ذلك تجسساً. القناة الاسرائيلية بدأت في عهد اكيوس لأن "اونسكوم" كانت في حاجة الى معلومات عن كيفية اخفاء العراق الاسلحة. لكن "اونسكوم" اعطت اسرائيل معلومات ولم تكتف بتسلّم معلومات استخباراتية منها. - لنعش في عالم الواقع هنا. اذا كنا سنتسلم معلومات من طرف، علينا في المقابل تزويده معلومات ثم، مَن كان مسؤولاً عن العلاقة مع اسرائيل؟ من طلب ماذا ولمن؟ قدمنا لهم ما نحتاجه. فكنا نحن الطرف المسؤول عن العلاقة. ولكن مقابل معلومات منكم اليهم، وليس ضمن مهمة "اونسكوم" او صلاحيتها ان تزوّد اي دولة معلومات. - بالطبع هذا ما تقوم به "اونسكوم" ان توفر المعلومات لدولة، اذا اعطى الصلاحية بذلك الرئيس التنفيذي للجنة الخاصة. اكيوس خوّل اليك صلاحية تأمين المعلومات لاسرائيل؟ - بالطبع. فوضني كل ما قمت به وكذلك بتلر بعده. تقصد عندما ترددت على اسرائيل في زيارات مستمرة؟ - اكثر من 30 زيارة. بتعليمات من اكيوس؟ -بالطبع. من يوقّع على مهمة السفر؟ هل يقرر سكوت ريتر ان يزور اسرائيل ويدفع نفقات سفره؟ ولماذا اكثر من 30 مرة؟ - لأن اسرائيل كانت توفر الطاقة التي كانت المحرك لجهاز "اونسكوم"، فلو لم يكن الفضل لاسرائيل والمعلومات التي قدمتها لما تمكنت "اونسكوم" من القيام بعمليات تفتيش فاعلة من عام 1995 الى عام 1998. تقصد ان اسرائيل كان لها بين عامي 1995 و1998 وجود استخباراتي داخل العراق؟ - لاسرائيل قدرتها المميزة، والعالم كله يعرف ان تلك القدرات ممتازة. اسرائيل بشجاعة، عرضت على "اونسكوم" بعض هذه القدرات، وهذا مكّننا من الوصول الى معلومات ضرورية لعملنا. اسرائيل والعراق دولتان في حال عداء. ألم يجعلك ذلك تتوقف لتدرك معنى التعاون؟ - الولاياتالمتحدةوالعراق في حال عداء ايضاً، فلماذا لا بأس بالعمل مع اميركا؟ ودعني اسأل: ما هما الدولتان الاكثر اهتماماً بتجريد العراق من الاسلحة؟ اسرائيل وايران. وهل تعتقد ان هدف تجريد العراق من السلاح هو خدمة اسرائيل وايران؟ - لست هذه خدمة لأحد، انها خدمة للجنة الخاصة ولمجلس الامن. واضمن لك انه في حال عدم اقتناع اسرائيل بتقرير تقدمه "اونسكوم" الى المجلس فانها تجلس على معلومات استخباراتية مهمة قد تثبت ان العراق يكذب في الوقت الذي تقدم "اونسكوم" شهادة نظافة السجل. عندئذ كل شيء يفشل. واسرائيل ستضغط سياسياً على الولاياتالمتحدة وعلى حكومات اخرى لرفض مزاعم اللجنة الخاصة، وبالتالي من وجهة نظر "اونسكوم" يتطلب النجاح اقناع اعضاء مجلس الامن والدول الاعضاء في الاممالمتحدة. واحدى اهم الدول التي على "اونسكوم" اقناعها ولها مصلحة وطنية امنية كبيرة ومهددة هي اسرائيل. فاذا اقتنعت بأن العراق جُرّد من الاسلحة، يُعدّ هذا نجاحاً. لم يكن معروفاً على نطاق واسع ان جزءاً من قرار مجلس الامن ينص على ضرورة اقناع اسرائيل بأن العراق جُرِّد من السلاح. - هذا يسمى السياسة الواقعية. فتقديم تقرير الى المجلس ينص على ان العراق جرد من السلاح، يتطلب الاقتناع الكامل بهذا الواقع. ماذا عن التحقيق الذي يورده مكتب التحقيقات الفيديرالي الاميركي في شأن علاقتك المزعومة باسرائيل؟ - ما زال التحقيق جارياً. ماذا يعني ذلك؟ - اسألي مكتب التحقيقات الفيديرالي. هذا يعني انهم ما زالوا يحققون في مسألة قيامي بالتجسس لمصلحة اسرائيل. أنت نفيت التهمة بقولك ان كل زيارة قمت بها لاسرائيل كمفتش صادق عليها رئيس "اونسكوم" اكيوس ثم بتلر. لكن ال "اف بي آي" يحقق في مزاعم تقديمك معلومات اميركية الى اسرائيل. - اولاً، لا اعرف ما هو ادعاء مكتب التحقيقات لأنهم يحيطون ذلك بالسرية ما افهمه من الاتهامات الموجهة اليّ انهم يدّعون انني اطلعت اسرائيل على اسرار اميركية. المضحك ان وكالة الاستخبارات الاميركية اعلنت العكس واكدت ان من المستحيل لي ان اكون اطلعت اسرائيل على اسرار اميركية، اولاً، لأنني كنت موظفاً لدى "اونسكوم" وبالتالي لم تكن لي حرية الوصول الى الاسرار الاميركية. وثانياً، اي معلومات اعطتها الولاياتالمتحدة للجنة "اونسكوم" لم تكن سرية. فماذا كان في امكاني اخذه الى اسرائيل؟ يصعب تصديق ان يقرر مكتب التحقيقات فجأة انه يريد التعدي على مواطن اميركي يقوم بعمل فعّال كمفتش في "اونسكوم". لا بد ان شيئاً حدث ادى الى التحقيق في المسألة، لأن الاولوية لدى ال "اف بي آي" هي الأمن القومي الاميركي. - مصدر الادعاءات هو "امتحان الكذب" الذي خضعت له لدى الاستخبارات الاميركية حين طُرحت مسألة اسرائيل. واليوم، اعترفت وكالة الاستخبارات المركزية بأنها اخطأت عندما عرضت على ال "اف بي اي" نتائج الامتحان بسبب شكوكها في اطار قيامي بالتجسس. ولماذا اجريت "امتحان الكذب" لدى ال "سي. آي. اي"؟ - لأنني كنت اتقدم بطلب عمل لدى الوكالة عام 1996. فوظيفتي لدى "اونسكوم" دامت ستة شهور كل مرة، وكان عليّ التقدم بطلب للتجديد كلما انتهت تلك الفترة. وهذا صعب خصوصاً اذا كان على الفرد الاعتناء بزوجة واطفال. فعندما عرضت عليّ وكالة الاستخبارات عملاً دائماً، اجري "امتحان الكذب" وفصّلت طبيعة علاقتي باسرائيل. وهذه معلومات كانت الحكومة الاميركية على علم كامل بها، لأنني لم اذهب الى اسرائيل من دون موافقة اكيوس وبتلر وتعليماتهما فحسب، بل كانا ايضاً حريصين على موافقة الحكومة الاميركية على ذلك، لكن المسؤولين عن "امتحان الكذب" اختاروا تفسير ما قلته بصورة مختلفة، وحوّلوا المعلومات الى مكتب التحقيقات الفيديرالي الذي قرر التحقيق في ادعاء التجسس. فالوكالة تدرك انها ارتكبت خطأ كبيراً ولكن ليس في امكانها وقفه. والآن هناك ضغوط سياسية من الادارة الاميركية التي تشعر انها مهددة نتيجة ما اكشفه وكل هذا جزء من حملة التخويف القائمة. مدحت الحكومة البريطانية في علاقتها ب "اونسكوم" لكنك في كتابك تذكر عمليات نفذتها الاستخبارات البريطانية لاطاحة النظام في العراق الى جانب عملية "فنجان الشاي". - ذكرتها في الكتاب وتناولت التفاصيل في مكان آخر. قلت ان الاستخبارات البريطانية لعبت دوراً رئيساً في عملية فاشلة لاطاحة النظام العراقي. - هذا ليس شأني بل شأنهم عندما تعاطيت مع الاستخبارات البريطانية كان ذلك على اساس توسيع مصلحة اللجنة الخاصة فالاستخبارات البريطانية جاءت بقدرات معينة كنا في حاجة اليها فقدمت المساعدة لقطع الطريق على نشاطات عراقية سرية للحصول على مواد محظورة من رومانيا. وهذا ما عرف بعملية "فنجان الشاي" اذ كان الدور البريطاني رائعاً. لكنك تحدثت عن علاقة الاستخبارات البريطانية مع وكالة الاستخبارات المركزية عام 1994 في سعيهما المشترك لاطاحة النظام والذي اسفر عام 1996 عن محاولة فاشلة نفذتها حركة "الوفاق الوطني العراقي". - لا علاقة لذلك ب "اونسكوم". هذه سياسة بريطانية وطنية. ولماذا تذكرها اذاً في كتابك؟ - لأنني أضعها في اطار ما كان يحدث في حزيران يونيو 1996. كنا نقوم بعملية تفتيش كبيرة في العراق عُرفت بالتفتيش "150" حين ذهب الفريق الى مواقع خاصة بالحرس الجمهوري الخاص، واسفر ذلك عن مواجهة . فطار اكيوس الى العراق واثناء لقائه نائب رئيس الوزراء طارق عزيز استجوب الاخير اكيوس عن اهداف التوقيت ومعناه خصوصاً في مواقع الحرس الجمهوري. تحدث عن "الشكوك" وما نعرفه الآن ان ما كان يحدث في "التوقيت" ذاته، هو محاولة انقلاب عبر عناصر من الحرس الجمهوري الخاص، وبحسب العراقيين الذين كانوا يعدّون للانقلاب كان في ذهنهم استخدام المواجهة التي جاءت عبر "اونسكوم" لتكون المبرر لاجراء عسكري اميركي هدفه تأمين الغطاء للانقلاب. لا ادري ان كان ذلك صحيحاً او ان كانت "اونسكوم" تدرك ما يحدث ولكن لا بد من وضع الامور في الاطار. وفي ذلك الاطار ذكرت "الوفاق الوطني العراقي" ومحاولة الانقلاب. اللافت في ما يقال الآن ان وكالة الاستخبارات المركزية انخرطت في عمليات تجسس في العراق سنوات عديدة، لا بد انها جمعت خلالها كمية هائلة من المعلومات بهدف اطاحة النظام والتخلص من صدام حسين. لكن صدام ما زال في السلطة، فماذا حدث؟ هل كانت العمليات الاستخباراتية والتجسسية فاشلة ام ان المعلومات جمعت لأهداف مجهولة؟ - الفشل او النجاح يُقرر في ضوء الاهداف المرجوة. ولا اعتقد ان احداً يعرف ما هي الاهداف الاميركية في العراق اليوم. بالنسبة الى "اونسكوم" جمعنا المعلومات بهدف تنفيذ المهمة التي اوكلت الينا عام 1991 اي نزع سلاح العراق، وبين عامي 1991 و1998 انجزنا الكثير وهذا كان هدفاً من الاهداف السياسية للحكومة الاميركية والحكومة البريطانية وربما حكومات اخرى تشمل اطاحة صدام. لكنه ما زال في السلطة، وهذا يفترض ان تلك السياسة فشلت، وسبب الفشل ان هؤلاء الناس لا يعرفون شيئاً عن الواقع العراقي. لا يعرفون كيف يتعاطون مع الشعب العراقي او مع الحكومة العراقية في اطار الواقع العراقي. انهم يطلقون الاحكام من وجهة نظر غربية ضيقة مبنية على افتراضات مسبقة ومشاعر متفوقة معادية. بسببك أُطلِق تعبير تصرف المفتشين مثل "الكاوبوي" باقتحامك المواقع بصورة فوقية واملاء المطالب واهانة الناس. سكوت ريتر كان ذلك "الكاوبوي" وهو الآن يبدو كأنه الرجل النقيض، فماذا غيّرك؟ - لم أتغيّر انا رجل ينفّذ المهمات، وانا اعرف تماماً الشعب العراقي. والحكومة العراقية تؤمن بأسلوب التخويف الوحشي، وهذا ما تفعله. فعندما كانت مهمتي قيادة فريق تفتيش تنفيذاً لمهمة اوكلها اليّ مجلس الامن، واول ما يفعلونه العراقيون هو البدء بأساليب تخويفي، فماذا يجب ان يكون ردّي؟ الخوف؟ الخوف امام عراقي مثل الدم امام سمك القرش. فالخوف يؤدي الى المزيد من التخويف، لذلك كان من الضروري عدم السماح للعراقيين بإملاء العمليات. انا المسؤول عن العمليات، وهم يفهمون مَن في السلطة. في كل الأحوال أسالي وزير النفط عامر رشيد وغيره ممن تعاطى معي: مَن هو اكثر المفتشين عدلاً؟ بالفعل، كانت لك علاقات جيدة مع عامر رشيد. - كانت علاقاتي جيدة مع جميع العراقيين الذين تعاطيت معهم لأنهم وثقوا بي واحترموني وعرفوا انني صريح وواضح. فعندما وصلت الى بغداد قلت لهم: انا مواطن اميركي، عملت برتبة كابتن في البحرية الاميركية وكنت ضابط استخبارات وحاربت ضدكم في حرب الخليج، والآن ضعوا كل ذلك جانباً لأنني مفتش لحساب "اونسكوم". ثم، بعد ذلك اخبرتهم ان لديّ مشاكل مع الحكومة الاميركية. هل تنوي العودة الى العراق؟ - لا اعتقد ان من الحكمة ان افعل ذلك الآن. بعد رفع العقوبات، اذا رُفعت؟ ذكرت ان لك اصدقاء يحترمونك هناك؟ - يحترمونني في اطار "اونسكوم". كان عليهم التعاطي معي ومع هذا الازعاج المسمى سكوت ريتر. بعد انتقاد الحكومة العراقية لا يمكن توقع استقبالي بأيد مفتوحة. فأنا لست صديقاً لصدام. انه ديكتاتوري ورجل سيئ لكنه القائد الشرعي للعراق. انت عملت عن كثب مع نائب الرئيس التنفيذي ل "اونسكوم" تشارلز دولفر وظهرت في الفترة الاخيرة تقارير زعمت انه احدى دعائم عملاء التجسس للولايات المتحدة لغايات غير اهداف "اونسكوم". هل هذا رأيك ايضاً؟ - دولفر لم يتجسس لمصلحة الولاياتالمتحدة. انه الاميركي الاقدم في "اونسكوم" بصفته نائب الرئيس التنفيذي وكان عليه ان يوازن بين طلبين رئيسيين، متناقضين في معظم الحالات: الاول، العمل المشروع للجنة الخاصة، والثاني المصلحة الوطنية الامنية للولايات المتحدة، والتي نعرف الآن ان متطلباتها تناقضت مع مهمة اللجنة الخاصة اذ انها اقتضت اطاحة صدام. تشارلز دولفر، كموظف لدى الحكومة الاميركية وُضع في موضع صعب جداً، ومن غير العدل اطلاق الاحكام عليه من دون فهم ظروفه، وهو بذل قصارى الجهد للتأكد من ان اللجنة تسير على ما يرام. تقول انه كان عليه ان يختار بين مصلحة "اونسكوم" والمصلحة الوطنية الأمنية الاميركية؟ - لم يكن أمامه خيار آخر، كأميركي، يضع المصلحة الاميركية فوق كل اعتبار. لكنك تزعم انك لم تفعل ذلك؟ - أنا لست موظفاً رسمياً اميركياً. كأميركي لي حق التعبير عن رأيي وأن اختلف في الرأي. دولفر موظف في وزارة الخارجية الاميركية وليس في إمكانه ان يتكلم ضد السياسة الاميركية، إن كان يرغب في الاحتفاظ بوظيفته. إذاً عمل لحساب الحكومة الاميركية ومصلحتها بما في ذلك التجسس على حساب "اونسكوم"؟ - دولفر ليس جاسوساً. قد يكون سهّل بعض الاجراءات، أو كان على علم بها ولم يوقفها. هل هذا يعني انه جاسوس؟ يعني انه ينفذ تعليمات الحكومة الاميركية. وإذا كان صحيحاً أنه اخفى المعلومات عن بتلر، ماذا يجعله ذلك؟ - يجعله موظفاً اميركياً ينفذ تعليمات حكومته. فوق تعليمات "أونسكوم" التي أُعير لها كموظف اميركي يفترض ان يخدمها؟ - بدل إلقاء اللوم على دولفر، لماذا لا نتكلم على وزيرة الخارجية مادلين اولبرايت ومستشار الرئيس لشؤون الأمن القومي صموئيل بيرغر، وأولئك الذين وضعوا دولفر في موقف صعب؟ عليهم اللوم. هناك رأي يقول ان العراق لم يعد يمتلك أسلحة محظورة ذات معنى وان عملية نزع السلاح انتهت عملياً، وان "اونسكوم" والولاياتالمتحدة تعرفان ذلك. - "أونسكوم" انشئت لنزع السلاح في العراق بدرجة مئة في المئة، وليس للجنة الخاصة ان تصدر حكماً في شأن ما تبقى وأهميته. ان مجلس الأمن هو الذي يصدر هذا الحكم. والواقع ان العراق على رغم مقاومته جهود تجريده من السلاح، جرد منه عملياً. بعد سبع سنوات، أين هي مصانع الأسلحة البيولوجية؟ تم تدميرها. أين مصانع الأسلحة الكيماوية؟ دمرت. أين برنامج الأسلحة النووية؟ دمر وفكك. برنامج الصواريخ البعيدة المدى؟ مدمر ومفكك. ماذا تبقى؟ مجرد البذور التي يمكن معاودة زرعها وتنميتها. في العراق قدرات وعلماء ومعرفة وصيغ ومسودات. واجزاء إذا ترك له التصرف بها لربما قرر احياءها. اليوم، العراق لا يمتلك أسلحة دمار شامل، لذلك سعت فرنسا وروسيا والصين وراء اعتراف مجلس الأمن بذلك، لكن الولاياتالمتحدةوبريطانيا رفضتا الجلوس مع المجلس لإعادة تعريف ولاية "أونسكوم"، فالأمر ليس عائداً الى اللجنة لإعادة تعريف ولايتها. هذا عائد الى المجلس، وما أثار قلق الولاياتالمتحدة، في هذا الاطار، ان بدء مثل هذا النقاش في مجلس الأمن سيؤدي الى طرح أسئلة مثل: هل يمثل العراق الآن خطراً حقيقياً ومباشراً على الأمن والسلم الدوليين أو الأمن والسلم الاقليميين؟ والجواب هو لا. هل في امكان العراق اليوم غزو الكويت؟ والجواب لا. هل في امكانه غزو أي جار؟ لا. إن المؤسسة العسكرية العراقية حُطمت كثيراً بسبب العقوبات، ولم يعد العراق يشكل تهديداً. وإذا طرح السؤال: هل لدى العراق اليوم قدرات عسكرية بيولوجية تمكنه من صنع سلاح فاعل، فالجواب هو لا. كذلك الأمر في ما يتعلق بالقدرات العسكرية الكيماوية. أما اذا كان السؤال هل في قدرة العراق تصنيع هذه الأسلحة في ستة شهور؟ فالجواب هو نعم. لديه برنامج صواريخ بالستية جاهز للتطوير ليصبح قادراً على تصنيع الصواريخ البالستية الآن. وما كشفته عملية "فنجان الشاي" ان العراق كان يسعى الى الحصول على تكنولوجيا تمكنه من انتاج الصواريخ البعيدة المدى. هو يريد ذلك ويخطط له، لذلك من الضروري جداً ان تتواجد "أونسكوم" ليست تلك التي تصطاد السلاح في البرامج السابقة، بل "أونسكوم" التي تراقب العراق كي لا يعاود بناء هذه الاسلحة. تقول ان الوقت حان للانتقال من مرحلة نزع السلاح الى مرحلة الرقابة الدائمة، تقصد ان مرحلة نزع السلاح انتهت؟ - نعم، مرحلة نزع السلاح استكملت وانتهت بالمقدار الذي يمكنها بلوغه، قمنا بكل ما ينبغي القيام به. المثير للفضول انه لدى بلوغ نقطة الانتقال الى مرحلة الرقابة الدائمة... - مقاطعاً يقتلون "أونسكوم". لماذا؟ - فلنعد الى ما قالته اولبرايت. تقصد ان الانتقال الى مرحلة الرقابة الطويلة الأمد يعني رفع العقوبات، وما قالته أولبرايت ان العقوبات باقية ما دام صدام في السلطة؟ - تماماً، فالوسيلة لتبرير استمرار العقوبات الاقتصادية هي في عدم امتثال العراق لمتطلبات نزع السلاح... وكل ما تريد الولاياتالمتحدة التحدث عنه هو استمرار العقوبات. كنت صامتاً عندما كنت مفتشاً، وها أنت الآن تتحدث عن مسائل كأنك اكتشفتها لتوك. - اقرأي كل تقويم اعطيته لبتلر. "اونسكوم" كانت لجنة فاعلة وعندما ماتت تغيرت الأمور. إذاً، أنت قررت، بعد موت "اونسكوم"، ان الوقت حان للعب بحسب الأصول وبحسب القرارات لجهة ضرورة الانتقال من مرحلة نزع السلاح الى مرحلة الرقابة الطويلة الأمد وما يترتب على ذلك من رفع العقوبات. - لو كانت "اونسكوم" حية اليوم لأصررت على قيامها بمهماتها... ما احتج عليه هو تغيير القوانين في خضم تطبيقها. توافق إذاً على الرأي القائل ان الولاياتالمتحدة لا تلتزم القوانين الواردة في قرارات مجلس الأمن؟ - بالطبع. ما تفعله الولاياتالمتحدة يشكل انتهاكاً للقانون الدولي. فقرارات المجلس تنص على أن العقوبات باقية الى حين تجريد العراق من السلاح. الولاياتالمتحدة تقول، بصراحة، انها لا تريد أن تلعب بتلك القوانين. اي قانون دولي يدعم فرض منطقتي الحظر الجوي في شمال العراق وجنوبه؟ وكيف لهذا علاقة بنزع السلاح؟ لا علاقة على الاطلاق. ان الأمر ذو علاقة بعدم الاستقرار. فالولاياتالمتحدة ضللت وانحرفت عن البرامج الانسانية وحولتها الى احتواء عسكري، والهدف هو زعزعة النظام في العراق. فأين الدعم الدولي لهذا الهدف، ومن أعطى أميركا الصلاحية في ذلك؟ تقول في كتابك ان من المستحيل اطاحة صدام أو اغتياله. - هذا حلم مستحيل. صدام قائد العراق لمدة ثلاثين سنة لأنه خلق مناعة حيال اطاحته. تقول ايضاً ان صدام ليس على الاطلاق ما صور باعتباره هتلر الشرق الأوسط. - أقول اننا جعلنا صدام شيطاناً فبات من المستحيل للقادة السياسيين الأميركيين التفكير في الحوار، لذلك حولناه الى شبيه لهتلر. ان صدام رجل شرير، لكننا نحاور شريرين غيره. انت تدعو الى ارسال مبعوثين أميركيين لفتح صفحة جديدة مع بغداد، مبعوثين مثل بيل ريتشاردسون أو ريتشارد هولبروك أو جورج ميتشيل. - لنكن واقعيين، اولبرايت وبيرغر وأمثالهما فشلوا فشلاً ذريعاً، ولكن ليس واقعياً اقتراح استقالتهم. وفي الوقت ذاته من المستحيل تصور قيام اولبرايت بقيادة الحوار مع العراق لأن لا صدقية لها. وبالتالي الاطار الجديد الضروري هو مبعوث يتمتع باستقلالية، ريتشاردسون مثلاً رجل نزيه وشجاع تعاطى مع موضوع "اونسكوم" بصورة مشرفة... العالم كله له علاقة وحوار من نوع أو آخر مع العراق، باستثناء الولاياتالمتحدة. لماذا؟ لأننا نريد احتواء العراق عبر عقوبات اقتصادية. ان سياسة زعزعة صدام من خلال فرض منطقتي الحظر الجوي ستنهار، ففي النهاية لن يدعمها أحد. وستجد أميركا نفسها معزولة وضعيفة. ان هذه سياسة سيئة جداً يجب وقفها فوراً. ولا بد من نهاية ديبلوماسية مع العراق، شاءت الولاياتالمتحدة ذلك أو أبت. ولن يتمكن أحد من الحؤول دون ذلك. وعلى أميركا أن تتخذ قراراً هل تريد ان تكون وحدها معزولة عن العالم، أم تلعب دوراً رائداً في سياسة التقارب مع العراق. علينا أن نتقدم ونلعب الدور القيادي. وهل تندم لأنك كنت جزءاً من نظام ولجنة ووضع ساهم في تمديد المعاناة الانسانية وما تصفه ب "الانحراف الاخلاقي" الناتج عن العقوبات الاقتصادية؟ على ماذا تندم؟ - لا أندم على شيء قمت به. فأنا لم أفرض العقوبات وقمت بمهمتي في عمليات التفتيش في العراق بصورة مشرفة. وعندما ابلغتني حكومتي ان لا مجال للمضي في العمل الموكل اليّ، وان لا مجال لعثوري على أسلحة، وأن ما تريده هو ان أسمح باستمرار الأمور بما يسمح باستمرار العقوبات، استقلت. قمت بما هو مشرف. بصرف النظر عن مأساة موت الأطفال، صدام يمتلك المفتاح للخلاص. كل ما كان عليه فعله هو الامتثال لمتطلبات نزع السلاح، وعندما لم يفعل ذلك، دفع الأبرياء العراقيون الثمن. أما حين يقال ل "اونسكوم" تجنبوا الاجراءات العدائية واستمروا في اصدار التقارير السيئة كي يتسنى تبرير ابقاء العقوبات، فإن ذلك انحراف. عندها استقلت، وأنا فخور بما فعلت. وهل تعتقد ان بتلر أتاح عمداً ان يستخدم من الولاياتالمتحدة، أو بيرغر، عندما سحب المفتشين من العراق بما سمح بعملية "ثعلب الصحراء"؟ - من دون شك. بتلر وبيرغر "يد في كف" في هذه المسألة. بيرغر طار الى نيويورك في 30 تشرين الثاني نوفمبر حيث طرح الخيار العسكري الأميركي وطرح بتلر خيار التفتيش. وتأكدا من تداخل الأمرين وتزامنهما. بتلر كان على علم كامل بما سيؤدي اليه سحب المفتشين.