جهود دعوية وإنسانية لتوعية الجاليات وتخفيف معاناة الشتاء    أمير الرياض ونائبه يعزيان في وفاة الحماد    أمير الرياض يستقبل سفير فرنسا    «الحياة الفطرية» تطلق 66 كائنًا مهددًا بالانقراض    انخفاض معدلات الجريمة بالمملكة.. والثقة في الأمن 99.77 %    رغم ارتفاع الاحتياطي.. الجنيه المصري يتراجع لمستويات غير مسبوقة    إيداع مليار ريال في حسابات مستفيدي "سكني" لشهر ديسمبر    العمل الحر.. يعزِّز الاقتصاد الوطني ويحفّز نمو سوق العمل    نائب أمير تبوك يطلق حملة نثر البذور في مراعي المنطقة    NHC تنفذ عقود بيع ب 82 % في وجهة خيالا بجدة    العمل الحرّ.. يعزز الاقتصاد الوطني ويحفّز نمو سوق العمل    الاحتلال يكثّف هجماته على مستشفيات شمال غزة    تهديد بالقنابل لتأجيل الامتحانات في الهند    إطلاق ChatGPT في تطبيق واتساب    هل هز «سناب شات» عرش شعبية «X» ؟    المملكة تدعم أمن واستقرار سورية    "أطباء بلا حدود": الوضع في السودان صعب للغاية    حرب غزة:77 مدرسة دمرت بشكل كامل واستشهاد 619 معلماً    السعودية واليمن.. «الفوز ولا غيره»    إعلان استضافة السعودية «خليجي 27».. غداً    رينارد: سنتجاوز الأيام الصعبة    اتركوا النقد وادعموا المنتخب    أخضر رفع الأثقال يواصل تألقه في البطولة الآسيوية    القيادة تهنئ رئيس المجلس الرئاسي الليبي    غارسيا: العصبية سبب خسارتنا    القيادة تهنئ رئيس المجلس الرئاسي الليبي    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    رئيس بلدية خميس مشيط: نقوم بصيانة ومعالجة أي ملاحظات على «جسر النعمان» بشكل فوري    الأمير سعود بن نهار يلتقي مدير تعليم الطائف ويدشن المتطوع الصغير    وافق على الإستراتيجية التحولية لمعهد الإدارة.. مجلس الوزراء: تعديل تنظيم هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية    مجلس الوزراء يقر الإستراتيجية التحولية لمعهد الإدارة العامة    الراجحي يدشّن «تمكين» الشرقية    تقنية الواقع الافتراضي تجذب زوار جناح الإمارة في معرض وزارة الداخلية    لغتنا الجميلة وتحديات المستقبل    أترك مسافة كافية بينك وبين البشر    مع الشاعر الأديب د. عبدالله باشراحيل في أعماله الكاملة    عبد العزيز بن سعود يكرّم الفائزين بجوائز مهرجان الملك عبد العزيز للصقور    تزامناً مع دخول فصل الشتاء.. «عكاظ» ترصد صناعة الخيام    وزير الداخلية يكرم الفائزين بجوائز مهرجان الصقور 2024م    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع اللجنة التنفيذية للجنة الحج المركزية    زوجان من البوسنة يُبشَّران بزيارة الحرمين    القهوة والشاي يقللان خطر الإصابة بسرطان الرأس والعنق    القراءة للجنين    5 علامات تشير إلى «ارتباط قلق» لدى طفلك    طريقة عمل سنو مان كوكيز    الموافقة على نشر البيانات في الصحة    جامعة ريادة الأعمال.. وسوق العمل!    نقاط على طرق السماء    الدوري قاهرهم    «عزوة» الحي !    أخطاء ألمانيا في مواجهة الإرهاب اليميني    المدينة المنورة: القبض على مقيم لترويجه مادة الميثامفيتامين المخدر (الشبو)    استعراض خطط رفع الجاهزية والخطط التشغيلية لحج 1446    عبد المطلب    "الداخلية" تواصل تعزيز الأمن والثقة بالخدمات الأمنية وخفض معدلات الجريمة    سيكلوجية السماح    الأمير سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف.    «الحياة الفطرية» تطلق 66 كائناً فطرياً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"لم أكن أعرف ان الخيار العسكري يمكن ان ينسف "اونسكوم"... واريد معرفة نتائج الضربات الاخيرة لتقويمها . بتلر ل "الحياة": "الجرائم" المزعومة في تقاريري لن تدفعني الى الإستقالة
نشر في الحياة يوم 09 - 01 - 1999

أجرت "الحياة" حديثاً مفصلاً مع الرئيس التنفيذي للجنة الخاصة المكلفة ازالة الأسلحة العراقية المحظورة اونسكوم السفير ريتشارد بتلر في اعقاب تسليط الأضواء الاعلامية على نشاطات مزعومة للولايات المتحدة استخدمت فيها "اونسكوم" غطاء لعمليات تجسسية على النظام في بغداد.
وتناول الحديث تفاصيل التهم الموجهة للجنة الخاصة وللولايات المتحدة، كما تناول خلفية التقرير الذي سبق العمليات العسكرية الأميركية - البريطانية الأخيرة، ومواقف اعضاء مجلس الأمن من بتلر، وعلاقته مع الأمانة العامة، واحتمالات بقائه أو استقالته.
وهنا نص الحديث:
أكد المسؤولون الأميركيون في أكثر من تصريح الى الصحافة والتلفزة ان الولايات المتحدة استخدمت حقاً لجنة "اونسكوم" للحصول على معلومات غير تلك المعنية بنزع السلاح، وأنها زرعت عملاء اميركيين في اللجنة الخاصة تحت غطاء أعمال "اونسكوم". ما ردك على تأكيد المسؤولين الأميركيين هذه الأنباء والتقارير؟
- التقرير الرئيسي الذي قرأته جاء في صحيفة "نيويورك تايمز" ووجدت أنه مشوش ومثير للحيرة والارتباك. وتحدثت هذا الصباح الخميس مع مسؤولين أميركيين ونقلت اليهم رأيي وهم وافقوا على أن المقال في صحيفة "نيويورك تايمز" افتقد الوضوح ولم يعكس ما أراد كبار المسؤولين الأميركيين قوله.
من جهتي، يمكنني القول انني لم أعطِ في أي وقت مضى صلاحية استخدام مواردنا لمثل هذه الغايات، وأنا أعرف ان سلفي السفير رالف اكيوس تبنى الموقف ذاته. ان الموارد التي تسلمناها من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، ومن الولايات المتحدة، في هذه الحالة، ركزت دائماً على أهداف نزع السلاح. وكلما بدا لي ان هناك ربما أهدافاً وغايات أخرى، اعترضت عليها ورفضت تعريض موضوعيتنا للتقويض من خلال السماح بانشاء اجهزة وأنظمة تستخدم هذه الغايات. وحسب علمي، لم يحدث ذلك.
ان نسمع الآن مسؤولين أميركيين يقولون انه كانت هناك اهداف وغايات أخرى أمر مثير للاهتمام لي. ولقد طرحت المسألة والاسئلة عليهم، واني أتوقع الرد سريعاً.
هل طلبت رسمياً من الولايات المتحدة الايضاحات لجهة ما حدث حقاً، وان كانت عمليات التجسس حدثت من دون علمك؟
- الموضوع ليس بهذه البساطة. أردت التوضيح في شأن تقرير الصحيفة الذي وجدته مشوشاً ومربكاً.
الموضوع ليس ما جاء في صحيفة "نيويورك تايمز" وحدها، بل ما صرح به مسؤولون أميركيون الى عدة صحف وشبكات تلفزيون. فدعني أضع أمامك ما قاله المسؤولون لشبكة "اي. بي. سي." بأن مفتشي لجنة "اونسكوم" التابعين للأمم المتحدة قاموا بزرع الأجهزة فيما قامت الولايات المتحدة بمراقبتها وقامت بترجمة نصوص عشرات الآلاف من الساعات التي سجلت الاتصالات السرية بين المسؤولين العراقيين والتي رصدت حركة الرئيس صدام حسين. وحسب المسؤولين ذاتهم فإن الولايات المتحدة هي التي أعطت "اونسكوم" المعلومات ذات العلاقة بالأسلحة فقط، واحتفظت بالبقية.
- ان الايضاحات والتفسيرات التي طلبتها تتعلق بهذه المسائل بالذات. ودعيني أقول اننا في "اونسكوم" كنا في حاجة لوسائل متفوقة لاختراق حائط المقاومة المتفوق الذي بناه العراق لمنعنا من القيام بعملنا. والرجاء ان تتذكري ان العراق كان ملزماً بموجب قرار مجلس الأمن ان يصدق ويتعاون معنا. وبعد سنوات عديدة اكتشف رالف اكيوس انهم لم يفعلوا ذلك، مما جعل مهمتنا أصعب مما كان يجب أن تكون عليه. لذلك قررنا تغيير أساليبنا واستخدام تكنولوجيا جديدة لاختراق ذلك الجدار، وهذا تطلب استخدام هذه الوسائل لأهدافنا القانونية حصرا، وفي اطار اهداف نزع السلاح حصرا. ان نسمع الآن ان من الممكن ان نكون ضُللنا بصورة أو أخرى مثير لاهتمامنا. وأنا أريد أن أعرف الاجوبة.
التكنولوجيا الجديدة التي ذكرتها قبل قليل شملت اجهزة التنصت، فكيف يمكن لك القول ان لا أجهزة تنصت لكم في العراق؟ أليست أجهزة التنصت جزءا من برنامج الرقابة البعيدة المدى؟
- نعم، انما هل قلت ذلك؟
ألم تقصد ان تقول انه ليس هناك أي تنصت تقوم به "اونسكوم"؟
- تجنبت السؤال الذي طرح علي.
دعني اسألك اذن: ألم تشمل التكنولوجيا التي استخدمتها "اونسكوم" في برنامج الرقابة اجهزة تنصت؟
- عليك ان تعرّفي لي ماذا تقصدين بالتنصت؟
لماذا لا ادعك تعرّف التنصت من وجهة نظرك؟
- استخدمنا مختلف أنواع التكنولوجيا في العراق مثل الكاميرات لمراقبة ما كان يحدث في مواقع معينة، والمعدات لشم الهواء للتعرف الى ما إذا كان هناك كيماويات في الهواء، وكثير من التحاليل للمختبرات وغيرها. وبكل تأكيد حاولنا ان نراقب الاتصالات ذات العلاقة بعمليات التفتيش، اتصالات لاسلكية وغيرها كان هدفها اصدار التعليمات باخفاء ما كنا نسعى وراءه وما كان عليهم عدم مسه لو التزموا القانون. انما ان يقال اننا كنا نتنصت على حركة تنقل الرئيس صدام حسين فهذا شيء لم يسبق لي ان اعطيت صلاحية القيام به. وأريد ان اسجل هنا رسمياً انه لو قال لي أحد انه يريد أن "يركب على ظهرنا" للتنصت على اتصالات صدام حسين الشخصية لقلت له: اخرج من هنا. فهذا ليس عملنا. ولو قمنا بذلك لأدى ذلك الى تقويض موضوعيتنا. فليست لدينا صلاحية ومهمات التدقيق في شؤون حكومة العراق وانما صلاحيتنا تنحصر في التدقيق في أسلحته.
خُدِعتَ اذن اذا ثبت ان "اونسكوم" وفرت الوسيلة وسهلت التنصت لغايات تتعلق بنظام صدام حسين وليس بنزع السلاح؟
- انظر باعجاب الى اسلوبك الخلاق باستعمال تعبير "الخداع". انا من جهتي لن استخدم هذا التعبير الآن الى حين التعرف الى الحقائق.
لئلا تتحول المسألة الى "قضية بتلر"، دعني اعرض معك ما قاله رالف اكيوس، وما قد يكون مصدر توريط له، عندما أكد ان عمليات "جمع المعلومات الخاصة" بدأت قبل عهدك...
- بدأت عندما كان هو الرئيس التنفيذي. وهو أكد ذلك علناً. وقد تحدثنا سوياً حول هذه المسألة في الأيام القليلة الماضية.
اتحدث عن مذكرة كتبها اكيوس ايلول سبتمبر عام 1996 في اعقاب اجتماع له مع مدير وكالة الاستخبارات المركزية حينذاك، جان دويتش، بعد مرور 8 أشهر على بدء عملية التنصت، تذمر فيها من رفض وكالة الاستخبارات المركزية مشاركة "اونسكوم" حصيلة العملية. كتب يقول: "منذ كانون الثاني يناير هذه السنة اعتمدت اللجنة الخاصة ثلاث مهمات جمع المعلومات الخاصة" و"حتى اليوم لم يُسمح للجنة الخاصة الاطلاع على المعلومات التي جمعتها هذه المهمات". لا بد وان "اونسكوم" كانت تعلم بجمع الولايات المتحدة المعلومات عبر اجهزتها، اليس هذا واضحاً؟
- اوافق معك على أن ما قرأته لي يشير الى ذلك. لكني، انطلاقاً من احترامي للسفير رالف اكيوس، لن اتعاطى مع هذه المسألة. عليه هو التعاطي معها. ما يمكنني القول من جهتي انه عند تسلمي مهماتي هنا سئلت ان كنت أريد استخدام هذه التكنولوجيا لتنفيذ أهداف نزع السلاح. ففكرت ملياً في الأمر، واستطلعت ما هي طبيعة التكنولوجيا وحدودها وأهدافها، وقررت انه من الشرعي لنا استخدام هذا النوع من التكنولوجيا في ظروف محاولات العراق خداعنا ولاخفاء الحقائق. وقد وضعت أيضاً قوانين حازمة بعدم السماح أبداً ان نُستخدم لأهداف وغايات أخرى. وسأقول لك الآن انه وقعت حوادث كان يمكن تفسيرها بذلك الاتجاه رغم اني لم يعرض علي أحد اقتراح القيام بعمل نيابة عنه. وقعت حوادث كان في الامكان تفسير ما قيل واقترح بأنه انطوى على هذه الأهداف. وكان ردي: لا، لن أقبل ذلك. بل أني رفضت في الواقع تكنولوجيا معينة كان من شأنها ان تساعدنا. رفضت ليس لأن أحداً كان يقول لي: نريد أن "نركب على ظهركم" للتجسس، بل لأنني كنت حذراً.
متى حدث ذلك؟
- لا أتذكر تماماً، انما منذ فترة طويلة.
هل حدث ذلك حوالى آذار مارس 1998؟ المفتش الأميركي السابق، سكوت ريتر، يقول ان في ذلك التاريخ "نُصِبَ فخ لك"، وانك وافقت على سيطرة الولايات المتحدة على جهاز المراقبة الذي مكّن الولايات المتحدة من التنصت في نيسان ابريل.
- قرأت ذلك، وأريد أن أسجل نقطتين هنا: اولاً، ان سكوت ريتر مخطئ، فأنا لم أعطِ أي طرف السيطرة على تكنولوجيتنا. صحيح ان المعدات التكنولوجية وفرتها لنا الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، انما نحن الطرف الذي قام بالعمل وبنصب الأجهزة وبتشغيلها. ومن الخطأ القول انني اعطيت السيطرة لأحد.
من قام بجمع المعلومات التي التقطتها الأجهزة؟
- اعذريني، هذا السؤال يدخل في تفاصيل تكنولوجيا المراقبة. ولا أريد الدخول في التفاصيل لأننا عندما نعود الى العراق - ك "اونسكوم" جديدة أو غير ذلك - للقيام بعمليات المراقبة سيكون مهماً الحفاظ على سلامة هذه الأجهزة. وحسب أحد المقترحات، كما تعرفين، ان معظم العمل المستقبلي سيتم عبر الأجهزة وليس عبر الأفراد. لذلك لا أريد بحث عملية تشغيل الأجهزة.
انما هذه اتهامات علنية أضعها أمامك لنفيها أو تأكيدها.
- ماذا تقصدين بجمع المعلومات؟
أعني ان كانت الولايات المتحدة قامت بجمع معلومات من خلال هذه الأجهزة، وان كانت قامت بتحليل الحصيلة والحصاد، وان كانت احتفظت بمعلومات جمعتها واعطت "اونسكوم" فقط المعلومات ذات العلاقة بنزع السلاح؟
- أفهم الآن ما تعنيه. أنا هو الطرف الذي يقرر ما هي التكنولوجيا الملائمة لعملنا، و"اونسكوم" هي التي قامت بتشغيل هذه التكنولوجيا.
حصلت "اونسكوم" على هذه التكنولوجيا من الولايات المتحدة...
- لن أجيب على هذا السؤال سوى القول، ليس حصراً. فالولايات المتحدة ليست وحدها التي تمد لنا مثل هذه المساعدة.
لا أسألك عن حصول "اونسكوم" على معلومات ومعدات من الدول الأعضاء، فهذه المعونة ليست القضية. اسألك عن المعلومات في صحيفة "بوسطن غلوب" التي أفادت انه مع حلول شهر تموز يوليو من عام 1998 تم تحويل اجهزة الرقابة الى سيطرة اوتوماتيكية تسمح للولايات المتحدة ان تتنصت على الاتصالات العراقية من موقع بعيد في أعقاب خروج المفتشين من العراق قبل بدء العملية العسكرية الأميركية - البريطانية.
- هذه احدى الفقرات التي جعلتني أقول للصحافة: لا تصدقوا كل ما تقرأونه.
حاول، السيد السفير، ان تجيب على سؤالي: هل قامت الولايات المتحدة بتشغيل هذه الأجهزة والسيطرة عليها؟
- لا. لم تسيطر عليها ولم تشغلها. هذه الفقرة خاطئة.
هل أنت على ثقة كاملة بأنك لم تتصرف أو تستخدم كمسهّل لعمليات الولايات المتحدة واهداف غير تلك المتعلقة بنزع السلاح؟
- اني على ثقة كاملة بأن ما وافقت عليه والقيود التي فرضتها على ما وافقت عليه خدمت فقط أهداف نزع السلاح وليس أي غايات أخرى. ثانياً، برزت تساؤلات في الاعلام حول دور الولايات المتحدة اثارت قلقي وانزعاجي ولذلك طلبت من المسؤولين الأميركيين الاجوبة. ولا يمكنني اضافة أي شيء على ذلك.
سأضع أمامك رأيا كي أعرف رأيك: ان السياسة الأميركية الجديدة الآن لا تضع لجنة "اونسكوم" في أولوياتها.
- اعذريني، انما أية سياسة اميركية جديدة؟ إذا كانت لديك معلومات بأن هناك سياسة أميركية جديدة، رجاء ان تشاركيني بها. اعتقد اني أعرف ما هي السياسة الأميركية لأنها معلنة. وما تقولينه عن سياسة اميركية "جديدة" يحيرني.
ما هي قراءتك للسياسة الأميركية القائمة؟
- ان الولايات المتحدة، كما أفهم، ملتزمة بامتثال العراق لقرارات مجلس الأمن واستكمال مهمة نزع السلاح. واني اؤمن بصدق ان في حال اتمام ذلك بصدقية، ان الولايات المتحدة ستتمسك بالقانون وبتنفيذ الفقرة 22 من القرار 687 مما يؤدي الى رفع الحظر النفطي منذ استكمال نزع السلاح... ولا شك لدي على الاطلاق بأن هذه هي السياسة الأميركية: تنفيذ مهمة نزع السلاح كما يجب، ثم رفع الحظر النفطي عن العراق.
الادارة الأميركية لم تعلن التزامها تنفيذ الفقرة 22 بمعنى حصر شروط رفع الحظر النفطي باستكمال امتثال العراق لمطالب "اونسكوم".
- بلى. لقد فعلت ذلك.
أين؟
- من جهتي هذه قناعتي. ولقد قلت علناً فيما انشغل الناس بموضوع استقالتي...
بالمناسبة هل صحيح انك تنوي الاستقالة؟
- ليس صحيحاً على الاطلاق واني على يقين بأنك تنوين التطرق الى هذه المسألة. لكن دعيني أقول ان ما قلته علناً مراراً ان الأمر الوحيد الذي يمكن ان يشكل مادة استقالة، ليس تلك "الجرائم" المزعومة التي ارتكبتها بتقاريري المختلفة، وانما هي مادة خرق وانتهاك الوعود الواردة في الفقرة 22. فنحن في مؤسسة "اونسكوم" نبذل قصارى الجهد لاستكمال نزع السلاح باخلاص ونحن مؤمنون بأنه لن يتم تحريك "علم الوصول" في نهاية المطاف، وان الجميع سيلتزم بالقانون القائم على تنفيذ الفقرة 22 حين نعلن اننا في "اونسكوم" استكملنا مهمات نزع السلاح. وفي محادثاتي مع المسؤولين الاميركيين على مستوى خارق من الصراحة والوضوح لم اشك ابداً في ذلك. لم اشك ابداً في التزامهم بذلك. الشطرالثاني من السياسة الاميركية في وضع الازمة الراهنة يتعلق بايجاد وسيلة، باجماع مجلس الامن، تمكن "اونسكوم" من العودة الى العراق وانهاء مهامها، سيما بناء برنامج الرقابة البعيدة المدى.
كثيرون يعتقدون ان الولايات المتحدة على استعداد للتضحية الآن بلجنة "اونسكوم" اولاً، لانها عثرة في تنفيذ السياسة الراهنة القائمة على ضربات عسكرية متكررة لما يوحي به سحب المفتشين من انذار الامر الواقع وثانياً لان "اونسكوم" مفتاح رفع الحظر النفطي والولايات المتحدة ليست جاهزة الآن للموافقة على رفع العقوبات. ما ردّك ورأيك؟
- لا اوافق على ذلك. ولم توحا كل المباحثات بيني وبين كبار المسؤولين الاميركيين بما يدعم مقولة التضحية بلجنة "اونسكوم". بل العكس.
هل لديك معلومات لجهة مدى تدمير العملية العسكرية الاميركية - البريطانية اجهزة المراقبة التي نصبتها "اونسكوم" في العراق؟
- لا. لم أطّلع عى تقويم الدمار الناتج عن القصف. بالطبع هذا امر اود التعرف عليه. اني من جهة اخرى، لا اسعى وراء الحصول على هذه المعلومات لاني اريد الحرص على المسافة بين ما نفعله وهو نزع السلاح، وبين الاجراءات العسكرية.
اذا ثبت ان الولايات المتحدة قامت حقاً بعملية التجسس التي بدأنا حديثنا بها، الا تعتقد ان من شأن ذلك ان يؤدي الى نسف برنامج الرقابة البعيدة المدى بسبب اساءة استخدام الولايات المتحدة لهذا البرنامج لأهداف التجسس على النظام؟
- لا. لا اعتقد ذلك. وسؤالك نظري.
ليس نظرياً امام تأكيد المسؤولين الاميركيين بأنهم قاموا فعلاً بهذه العمليات. اني لا اتخيّل هذه المسائل التي يؤكدها مسؤولون اميركيون.
- لكن سؤالك نظري لاننا لا نعرف ماذا كانت نتيجة القصف وغيره. وحسب مفهومي، ان مجلس الامن يبذل جهداً لايجاد حل لحال التوقف مع العراق. وما اسمعه هو ان برنامج الرقابة البعيدة المدى يشكل هدفاً اساسياً لمجلس الامن.
تعلم ان عدداً من اعضاء مجلس الامن ينتقدك شخصياً انتقاداً لاذعاً. سفير الصين وصف تصرفاتك بأنها "غير مشرفة"، وسفير روسيا سيرغي لافروف قال قبل ايام ان تقريرك الاخير كانت وراءه نوايا سيئة وخدم في اطلاق العمليات العسكرية الاخيرة وانطوى على أنصاف الحقائق، بل كان خالياً من الحقيقة احياناً، وقال "لا نثق بالسيد بتلر". هل تشعر الآن ان تقريرك لم يكن ضرورياً بالصيغة التي ورد بها؟
- ان السفير الروسي له حق التعبير عن آرائه واني احترم ذلك واقبله. اما في ما يتعلق بتقريري فإني آسف، اني لا اوافق على وصفه وانتقاده له. لقد كان تقريري واقعياً كلياً على اساس المهمة التي اوكلها مجلس الامن لي والتي لم اطلبها بل وجدتها مثقلة… فالعراق هو الذي تعهد بالتعاون "الكامل"… وعلى اساس استخدام العراق تعبير التعاون "الكامل"، طلب مني مجلس الامن ان اجيب على هذا السؤال: هل لقيت التعاون "الكامل" من العراق؟ هذه المهمة اوكلت اليّ من قبل مجلس الامن على اساس التعهد العراقي… ثانياً، لقد عانيت عند كتابة ذلك التقرير، وكنت على اتصال وثيق بالخبراء في "اونسكوم" والمفتشين الرئيسيين، وكل واحد منهم قال لي انه لم يلق التعاون "الكامل".
كان في وسعك ان تكتب تقريرك بصورة تقرّ بأن العراقيين تعاونوا بهذا القدر ولم يتعاونوا بذلك القدر. لكنك لم تفعل ذلك.
- دعيني انهي ما اقوله. كل من الخبراء ورؤساء فرق التفتيش اعطاني عدة امثلة اثبتت ان العراق لم ينفذ تعهده بالتعاون الكامل. ولقد عكس التقرير بأن العراق، الذي كان في فترة امتحان، فرض في الواقع عراقيل وقيوداً جديدة على حركتنا.
لا بد وانك كنت تدرك ان العمليات العسكرية الاميركية - البريطانية ستبدأ بالتأكيد لدى صدور تقرير على نسق تقريرك بالصورة التي صغت فيها التقرير…
- لا. اني اعترض على قولك بكل حدة، واني لن اقبل ذلك على الاطلاق. وسأذهب الى قبري رافضاً هذا الكلام. فأنا لم أكن اعرف ولم يكن في وسعي ان اعرف تفكير وفكر الرئيس الاميركي ورئيس الوزراء البريطاني.
لكنهما كانا واضحين تماماً للجميع بقولهما انهما ينويان بدء العمليات العسكرية بلا انذار لدى انتهائك من تقريرك اذا سجل عدم تعاون العراق.
- الناس تقول أشياء في إطار كهذا تمر بلا تنفيذ. واني أرفض بحدة أي تلميح إلى انني كنت أعرف مسبقاً ان هذه ستكون النتيجة. فالقرار لم يكن قراري، ولم تكن هناك وسيلة لي لاعرف ذلك.
أنت رجل يفهم الديبلوماسية ويتقن القراءة السياسية، فكيف يجوز انك لم ترَ ما كان واضحاً للجميع وهو ما قاله الأميركيون والبريطانيون بصراحة: إذا لم ينص التقرير على تعاون العراق، سنقصف. قالوا ذلك علناً وبوضوح؟
- لمن كان ذلك واضحاً أيضاً؟ كان واضحاً للعراق، ورغم ذلك، فشل العراق بوضوح في مدّنا بالتعاون الكامل. وهذا أيضاً شيء سأذهب إلى قبري من دون فهمه: لماذا؟ لماذا تصرف العراق بهذه الطريقة في مرحلة حاسمة عنده؟ فلو تصرفوا بصورة مختلفة وبنمط تصرف مختلف وضئيل لمكنوني من كتابة التقرير بصورة مختلفة ولتمكنت من ايجاد طريقة لكتابة تقرير مختلف. وبكل صراحة، ان الطرف الرئيسي الذي كان يدرك ذلك هو العراق.
أليس مدهشاً ان لدى الطرف العراقي اليوم أساساً ملموساً يبرر له مواقفه التي زعمت دائماً ان كثيرين من المفتشين كانوا من "الجواسيس الأميركيين" الذين جاؤوا الى العراق تحت مظلة "أونسكوم" لغايات غير غايات نزع السلاح واختلاق المشاكل والعراقيل؟
- هذا هراء. إن العراقيين جلسوا مع رئيسة الفريق البيولوجي، في الفترة ذاتها، وكانت تسعى وراء اجراء المقابلات والمباحثات في شأن البرنامج البيولوجي العراقي. عاملوها بصورة بغيضة وأخبروها أكاذيب. هل كانت جاسوسة أميركية؟ هراء. وهذه ليست حادثة هامشية. لدينا أمثلة عديدة وكثيرة على هذا النمط. ان هذه الادعاءات الكاذبة عن التجسس لا علاقة لها بما حدث اثناء ذلك الشهر الحاسم. وللأسف ان العراق اختار ألا ينفذ تعهداته اثناء ذلك الشهر الحاسم، ولقد تركني دون خيار آخر سوى التقدم بالتقرير الواقعي.
من جهتك كنت تدرك، بلا شك، ان تفعيل الخيار العسكري سيؤدي إلى نسف "أونسكوم" وتحييدها لفترة طويلة؟
- لم أكن أعرف ان الخيار العسكري سيفعل، فهذا ليس أمراً عائداً لي. ولم أكن أعرف ما هي نتائج وافرازات العمل العسكري على "أونسكوم". اسمعي لي. في امكاننا التخمين بذكاء في هذا الأمر، كما تفعلين الآن: احتمالات العمل العسكري، واحتمالات الصعوبات أمام "أونسكوم" ولا أريد أن أقول انكِ تحاولين ان تقوديني إلى إدانة وتكذيب نفسي. لكن نمط اسئلتك ينطوي على التالي: لو دققت في هذه الافتراضات لكان عليّ النظر في كتابة تقرير ينقص عن الحقيقة بهدف تجنب النتائج. ودعيني أقول لك انني عانيت لأيام وربما لشهور ازاء ذلك التقرير، وكان عليّ ان أتصارع بين الحقيقة وعواقبها. ولقد توصلت إلى الاستنتاج بأن من الأفضل قول الحقيقة من أجل الحقيقة ومن أجل تاريخ هذه المسألة ومن أجل كرامة موظفي "أونسكوم" الذين قاموا بعملهم كما يجب.
عندما تنظر إلى الوضع السائد اليوم، هل تندم على كتابة تقريرك بالصورة التي كتبتها؟
- لا. وقد سئلت هذا السؤال بصورة مباشرة، علماً بافرازات وعواقب التقرير عليّ شخصياً وعلى "أونسكوم"، ألست نادماً لعدم قيامك بتحريف الحقائق؟ أجبت: لا، على رغم ثقل العواقب، وعليّ شخصياً. لا. لم يكن امامي أي خيار آخر. بل لو كتبت غير ما كتبته لكان شعوري أسوأ.
ما فعلته يشكل نوعاً من "اطلاق النار على قدميك". ودعني اضع امامك قولاً لأحد العاملين في "أونسكوم" لا بد انه سيؤذي شعورك. وصفك بأنك "الملك بلا مملكة". شعرت عبر اتصالاتي مع الموظفين لديك بأن هناك غضب عليك ومنك، ادرك ان هذا يؤذيك بلا شك. لكني اضعه أمامك، فكيف تشعر ازاء هذه الآراء؟
- أجد صعوبة في التعليق على ذلك، جزئياً لاني لست ملوكياً جداً، واني راضٍ تماماً بسبب اقتناعي بأن القيادة التقنية في "أونسكوم" كانت ستصاب بالرعب لو أسأت تقديم وعرض تجربتهم في الساحة اثناء ذلك الشهر.
لا بد أنك تفكر أحياناً، يا الهي اين أنا؟ ها أنت شخصياً تواجه التهم العنيفة ضدك وها هي المنظمة التي تترأسها في حال فوضى، معطلة تماماً، غير فاعلة، تتلقى اللطمات شمالاً وجنوباً. ألا تفكر أحياناً باحتمالات ارتكابك خطأ؟ ألا تقول لنفسك: لربما كان في وسعي التصرف بصورة مختلفة؟ لربما أسأت الحسابات؟ لربما اسأت القراءة السياسية؟ لربما اخطأت؟ ألا يخطر ذلك في بالك؟
- بالطبع اني اسأل نفسي هذا السؤال. لكني أريد منك ان تسألي نفسك السؤال: من أين أتى ذلك؟ والجواب هو، انه جاء نتيجة التصرف العراقي. وثانياً، وفي ما يتعلق بلطم "اونسكوم" وكأنها كلب، ماذا وراءه؟ لن اعطي جواباً عن ذلك. سأترك السؤال مطروحاً: هل هذا حصراً افراز لتقرير "أونسكوم"، أو هل هناك غايات أخرى ومصالح أخرى تلعب الاعيبها؟
ماذا لو كنت ضحية عملية توريط لك، عراقية، أميركية، أو عراقية - أميركية لغايات متضاربة؟ ألا تتساءل أحياناً ان كنت وقعت في فخ نصب لك؟
- اسمع كلمة "فخ" تكراراً هذه الأيام، سيما من السيد سكوت ريتر. هذا ممكن دائماً. لكني اعتقد ان ملامح المشكلة واضحة.
هل تنظر إلى سكوت ريتر بأنه استثناء في صفوف الذين يعملون في "أونسكوم"؟ أو انك تخشى ان يكون في الكواليس غير "ريتر" آخرون مثله؟
- حتى الآن، انه الاستثناء الوحيد.
هل الحق الأذى ب "أونسكوم" أو بك شخصياً فقط؟
- اعتقد ان سكوت ريتر لم يساعدنا، رغم أنه يزعم أنه يريد نجاح "أونسكوم".
ما هو هدفه؟
- إنه يقول إنه يريد أن تتمكن "أونسكوم" من تنفيذ مهامها.
أراك تتردد في تصديق ذلك؟
- ان طريقته، في الواقع، لم تساعد في ذلك في الفترة الأخيرة.
وهل تشعر ان هناك افراداً في طابق الأمين العام يريدون التخلص منك؟
- لا أعرف. أريد ان أختبئ وراء ما أقرأه في الصحافة.
وهل ما زلت تتمتع بثقة كوفي أنان من وجهة نظرك؟
- علاقتنا حسنة. ولا شك لديّ بعزمه على تنفيذ هذه المهمة كما يجب. واني أقدر علاقتي به. وفي ما يخص انهاء المهمة لصالح الأمم المتحدة اننا معاً في هذه المسألة.
وهل صحيح ما قلته لصحيفة في سيدني بأنك تفكر بانهاء مهامك مع انتهاء ولايتك هذه السنة؟
- لا. هذا غير صحيح. لقد أسيء نقل ما قلته. فقد سئلت: متى تنتهي الولاية الموكلة إليك؟ قلت: لسنتين وتنتهي في 30 حزيران يونيو. ثم سئلت: هل ستسعى لولاية أخرى. فأجبت اني لا ادري ولم أقرر ذلك بعد.
هل تفكر جدياً بالاعتزال مع نهاية الولاية الموكلة إليك في أواخر حزيران؟
- لا.
وهل ما زلت تستثني الاستقالة كلياً!
- كلياً.
ولماذا تصر على البقاء وأنت تواجه صعوبات مكلفة عليك شخصياً؟
- لأنه لا بد من اتمام المهمة. إعادة الأمور إلى نصابها لربما بصورة جديدة. وفي هذا الإطار قلت إنه في حال ان هذه الصورة الجديدة تشمل الاستنتاج بأن من الأفضل ان تكون بدوني وبرئاسة شخص آخر، لن أكون الكلب في السبيل. فلقد استثمرت 25 سنة في سبيل نزع السلاح، فلماذا أكون عثرة؟ أما ان يقال إن مشكلة رفض العراق الامتثال للقانون الدولي ستحل إذا تم تقديم رأس ريتشارد بتلر على طبق، هذه ظرفة. وهذا سخيف.
المشكلة ليست العراق، وإنما قول السفير الصيني ان تصرف ريتشارد بتلر "غير مشرف" وقول السفير الروسي "اننا لا نثق به"؟
- وهل سمعت ما قاله الأعضاء الآخرون في مجلس الأمن؟ ان الأكثرية تقول: ان "أونسكوم" منظمتنا، وريتشارد بتلر يقوم بالمهمة بصورة جيدة.
أراك لا توافق إذن مع الذين يقولون ان الولايات المتحدة في الحقيقة تريدك ان تتنحى؟
- لم يسبق لي أن سمعت مثل ذلك. اتعتقدين انهم الأميركيين يريدون ذلك؟
نعم، اعتقد ان الولايات المتحدة لن تمانع لو قررت التنحي. لقد أصبحت تشكل مشكلة لها.
- الولايات المتحدة؟
نعم.
- ليس هذا ما يقولونه لي.
ابق إذن، فلربما نجري حديثاً آخر قريباً!
- فليكن...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.