اجمع قادة الاتحاد الاوروبي، المجتمعون في برلين امس ، على ترشيح رئيس الوزراء الايطالي السابق رومانو برودي لرئاسة المفوضية الاوروبية. وكان الكشف عن الفساد المتفشي فيه الممفوضية أدى الى استقالة رئيسها جاك سانتير وسائر اعضائها. ويتوقع ان يوافق البرلمان الاوروبي الشهر المقبل على ترشيح برودي، لتبدأ حكومات الدول الاعضاء تسليمه اسماء مرشحيها لعضوية المفوضية. ويجتمع البرلمان في حزيران يونيو المقبل لمنح المفوضية الجديدة الثقة فتبدأ عملها رسمياً. ويحظى "البروفسور" رومانو برودي 59 عاماً باحترام وتقدير فئات شعبية وأحزاب سياسية متعددة في ايطاليا. فهو الشخصية "النموذجية" التي قادت "تحالف الزيتون" اليسار - الوسط في المنافسة مع "قطب الحرية" اليميني الذي يتزعمه سيلفيو بيرلوسكوني وحقق انتصاراً لليسار الايطالي هو الأول في تاريخ البلاد المعاصر في الانتخابات النيابية عام 1996. وبرودي استاذ في الاقتصاد وخريج الجامعة الكاثوليكية في ميلانو و"لندن سكول أوف ايكونوميكس" معهد لندن للاقتصاد وهو استاذ زائر في جامعة هارفرد، متزوج من احدى تلميذاته وهي اليوم استاذة جامعية وتهيئ نفسها لقيادة بلدية مدينة بولونيا في الانتخابات البلدية المقبلة. وصف بأنه "من حملة الافكار الجديدة"، علماً بأنه ليس دخيلاً على السياسة الايطالية التي يتعاطاها منذ اكثر من 35 عاماً. بدأ عضواً في مجلس بلدي عام 1965 في بولونيا التي يطلق عليها "المدينة الحمراء" لأن الشيوعيين حكموها عشرات السنين ولا يزالون، بعدما تحولوا الى "حزب اليسار الديموقراطي". الا ان برودي ابتعد عن السياسة، منصرفاً الى ممارسة عمله كرجل اقتصاد من الطراز الأول، فدخل عام 1978 في حكومة ثعلب السياسة الايطالية جوليو اندريوتي كوزير للصناعة، وسرعان ما ابتعد مرة اخرى عن الساحة سنوات عدة، حتى تم استدعاؤه عام 1982 ليرأس مؤسسة "آي. آر. آي." IRI الحكومية للبناء الصناعي وهي من اهم المؤسسات الرسمية التي تشرف على المشاريع الايطالية داخل البلاد وخارجها. ونجح "البروفسور" في انتشال هذه المؤسسة العملاقة من ازماتها المالية وفضائحها على مدى عشرين عاماً. ونجح برودي في تأمين استقرار سياسي واقتصادي لايطاليا واعادة وضعها على سكة الوحدة الأوروبية بعدما رفع شعاره الكبير اثناء توليه رئاسة الوزراء: "الدولة المخفَفة"، اي الأقل حضوراً على الصعيد العام، خصوصاً في المجال الاقتصادي، مع التشديد على ضرورة اعادة توزيع الثروات ووضع قانون لمكافحة الاحتكارات. وهو القائل مرة: "أؤمن حقاً باقتصاد السوق، ولكن ضمن تقاليد ثقافتنا الأوروبية التي تقوم ايضاً على التضامن وتأمين الحماية للأكثر ضعفاً". يبقى ان هذا الرجل المتواضع الذي يقف في الطوابير لشراء بطاقات سفره من روما الى بولونيا، ويأكل في المطاعم الشعبية، ويقود صباح الأحد دراجته الهوائية ليقطع مسافات طويلة برفقة ابناء الحي الذي يسكنه، معروف لدى مواطنيه ب "العمّ الطيب".