حسم جاك سانتير رئيس المفوضية الاوروبية المستقيلة الجدل حول استمرار المفوضين في مناصبهم حتى حزيران يونيو المقبل، معلنا امس الاربعاء "انه وزملاءه التسعة عشر سيتركون مكاتبهم في اسرع وقت". واضاف: "استقلنا وليس في نيّتنا البقاء في مناصبنا لحظة واحدة اطول مما ينبغي". وجاء ذلك في وقت برز رئيس الوزراء الايطالي السابق رومانو برودي مرشحا قويا لخلافة سانتير فيما تسابقت الدول الاوروبية الى التأكيد على وجوب اصلاح المفوضية والاجهزة الاوروبية الاخرى وتحصينها ضد الفساد. وايدت غالبية هذه الدول احداث تغييرات جذرية في تشكيلة المفوضية مدخلا لذلك، ما حسم تكهنات ومواقف متضاربة من العواصم الاوروبية، شكلت استقطاباً في معسكرين احدهما، يدعو الى الابقاء على المفوضين لتصريف الاعمال حتى موعد انتخابات البرلمان الاوروبي في 12 حزيران يونيو المقبل. وتبلور المحور الآخر الداعي للتغيير وتقوده الرئاسة الالمانية التي ايدت اتخاذ اجراء استثنائي يعفي المفوضين من مهمة تصريف الاعمال في اقرب وقت ممكن. واعطت الرئاسة الالمانية دلائل قوية على انها عازمة على الا تجعل من استقالة المفوضية "ازمة اوروبية" وقام المستشار الالماني غيرهارد شرودر بحسم الوضع من خلال تحركه السريع وانتقاله منذ اندلاع الازمة الى مركز الاتحاد الاوروبي بعد زيارتين خاطفتين لحليفيه الاساسيين توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني وفيم كوك رئيس الوزراء الهولندي. وفضلاً عن اجماع قادة الدول الثلاث على ضرورة مغادرة سانتير بسرعة، برزت ملامح اخرى عن توافقهم على رفض فكرة استعادة اي من المفوضين مناصبهم في التشكيلة الجديدة بمعزل عما اذا كان تقرير "لجنة الحكماء" نسب مخالفات لهم ام لا. ويعتقد المراقبون في بروكسيل ان هذه العقدة قد تعيق بشكل جدي تبلور توافق اوروبي حول وسائل استبدال المفوضية بما يناسب الايقاع الالماني المتلهف لمواصلة اعمال الرئاسة الاوروبية التي تعطلت بفعل الاستقالة. ويعتقد المراقبون ان ليس لدى المانيا الكثير من الاوراق لتمضي بالمفوضية خارج الازمة من دون التعاون والتوافق الاوروبيين، لا سيما وان النصوص القانونية ل "معاهدة امستردام" الاتحادية تفتقر الى اي نص يعالج احتمال الاستقالة الجماعية للمفوضين. وركز المستشار الالماني في تصريحاته امس على قوة المؤسسات الاوروبية وقال ان "اوروبا ليست من دون قيادة… وهذا الامر سيتضح بجلاء". ولكنه رفض اعطاء اي اشارات عمن يمكن ان يخلف سانتير، مؤكداً ان ذلك سيكون آخر خطوة في المشاورات الاوروبية. واعتبر رئيس الوزراء البريطاني توني بلير الاستقالة "فرصة لمراجعة المؤسسة الاوروبية بفروعها واصلها". ورفض ان يجري انتقاء رئيس جديد للمفوضية على الاسس التي اتبعت في الماضي، وقال "ليس بوسعنا ان نركز جدلنا على المصالح الضيقة لهذا البلد او ذاك". وتتمثل الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي بعدد متفاوت من اعضاء المفوضية العشرين. وترشح كل من فرنساوالمانيا وايطاليا واسبانيا والمملكة المتحدة مفوضين اثنين، فيما ترشح بقية الدول العشر مفوضاً واحداً فقط. وتعين الدول اسماء مفوضيها فيما يجري انتخاب رئيس المفوضية من قبل زعماء الدول الاعضاء ويقر التشكيلة بمجملها البرلمان الاوروبي. وتستمر مهمة المفوضية خمس سنوات، كان يفترض ان تنتهي بالنسبة الى المستقيلة في 31 كانون الاول ديسمبر 1999 . وفي روما، أبلغت "الحياة" مصادر قريبة من رئيس الوزراء الايطالي ماسيمو داليما الذي التقى شرودر أمس، ان الرجلين اتفقا على أن برودي هو المرشح الأوفر حظاً لخلافة سانتير وهو يملك المؤهلات السياسية والاقتصادية لذلك فضلاً عن خبرته في التنظيم الإداري.