تجتهد الحكومة الإسرائيلية قبل أسابيع قليلة من اجراء الانتخابات النيابية فيها في تسليط الأضواء على ما قد تتمخض عنه نتائج هذه الانتخابات ومسألة اعلان السلطة الفلسطينية إقامة الدولة الفلسطينية، وتسابق الحكومة الزمن بوضع وتنفيذ مخططات هيكلية لمستوطنات يهودية جديدة في الأراضي الفلسطينية، إذ وصلت عمليات الاستيلاء على الأرض ذروتها هذه الأيام. وفي أقل من أسبوع، اعلنت الحكومة الإسرائيلية عن ايداع مخططين جديدين في مستوطنة غليوم في جنوبالقدسالمحتلة يتم بموجبها إقامة نحو 500 وحدة استيطانية جديدة. وفي الاسبوع ذاته اعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو خلال إحدى زياراته في إطار الحملة الانتخابية توسيع المخطط الهيكلي لمستوطنة معاليه افرايم في وادي طوباس في منطقة غور الأردن لرفع عدد الوحدات الاستيطانية فيها من 400 وحدة سكنية إلى 1600 وحدة سكنية استيطانية. وأكد عزم إسرائيل على "البقاء إلى الأبد في منطقة غور الأردن... حدودنا الشرقية". وفي وسط الضفة الغربية وتحديداً في غرب مدينة رام الله أعلنت الحكومة الإسرائيلية عزمها إقامة 760 وحدة استيطانية في مستوطنة نيلي المقامة على أراضي قرية دير قديس الفلسطينية. وتشتد الهجمة الاستيطانية حدة في جنوبالضفة الغربية في قلب مدينة الخليل في حي تل الرميدة وفي القرى المحيطة بها في اطار مشروع وزير الخارجية الإسرائيلية وزير البنية التحتية ارييل شارون الذي تضمن تكثيف الاستيطان اليهودي في أماكن واسعة في جنوبالضفة الغربية وربطها بشبكة طرق وتواصل سكني مع مستوطنات تقع وراء الخط الأخضر في منطقة بئر السبع. وشرعت الحكومة الإسرائيلية بالفعل في ضم عشرات الدونمات من أراضي قرية الظاهرية في جنوب الخليل إلى مستوطنة شمعة. فأكد أصحاب الأراضي التي وضعت إسرائيل يدها عليها بأوامر عسكرية ان سياسة الحكومة الإسرائيلية الاستيطانية تتمثل في تنفيذ مشاريعها في حال المصادقة عليها رسمياً من دون اعطاء فرصة لاصحاب الأراضي الفلسطينيين للاعتراض على قرار مصادرة أراضيهم بحجب تفاصيل هذه المشاريع حتى اللحظة الأخيرة قبل نفاد المدة الزمنية التي تعطيها هذه السلطات عادة للفلسطينيين للاعتراض قضائياً. وفي خضم حمى الحملة الانتخابية في إسرائيل ومساعي حكومة نتانياهو الحثيثة لكسب أصوات مزيد من المستوطنين، وصلت الجرافات الإسرائيلية إلى المناطق الفلسطينية التي كان يفترض الانسحاب منها في اطار اتفاق واي ريفر في شمال الضفة الغربية وشرعت السلطات شرق الطرق الاستيطانية الالتفافية في المنطقة الواقعة بين قرى كفر الديك وبروقين وسلفيت شمال الضفة الغربية لربط المستوطنات اليهودية في هذه المنطقة بشارع آخر جنوب مدينة الخليل. ولا يعزل التواصل الجغرافي بين مستوطنات الضفة الغربية من خلال شبكة الطرق الالتفافية القرى الفلسطينية عن بعضها البعض ويخلق منها جيوباً سكنية للفلسطينيين فحسب، بل يفرض أمراً واقعاً ستستخدمه إسرائيل في مفاوضات الحل النهائي على مصير الأراضي الفلسطينية برمتها. ولن يتضمن هذا الحل في نظر نتانياهو وشارون بأي حال من الأحوال ازالة أي من المستوطنات ال 144 التي زرعت في الضفة الغربية طولاً وعرضاً وشملت إقامة 10 مستوطنات جديدة في العام الماضي. ويجعل هذا العمل القرى والمدن الفلسطينية جزراً معزولة تحيط بها كتل استيطانية كبيرة والطرق الالتفافية مخصصة لاستخدام اليهود فقط. ولتنفيذ هذا المخطط قبل الشروع في المفاوضات النهائية التي قررت اتفاقات أوسلو وواي ريفر أن تنتهي في الرابع من أيار مايو المقبل، اطلق شارون فور التوقيع على مذكرة واي ريفر في الثالث من تشرين الأول اكتوبر الماضي. دعوة رسمية للمستوطنين اليهود للاستيلاء على التلال الفلسطينية. وجاء رد المستوطنين سريعاً إذ لم يكد شارون يختتم تصريحاته حتى استولى هؤلاء على تسع تلال فلسطينية ركز معظمها على فصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها وشرع في توسيع مستوطنات شيلو وعليه ومعاليه ليفونة لتشكل قاعدة انطلاق لتكثيف الاستيطان اليهودي فوق التلال وسط الضفة الغربية. وتتجاوز الهجمة الاستيطانية المنظمة والمتصاعدة للحكومة الإسرائيلية "رشوة" الناخب اليميني، إذ أشارت احصاءات فلسطينية وإسرائيلية متطابقة إلى أن الحكومة الإسرائيلية أقامت خلال العام الماضي وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية ثم بدأ تنفيذ ثمانية مشاريع توسعية في ثماني مستوطنات تصل مساحتها إلى نحو 8500 دونم، إضافة إلى ايداع 15 مشروعاً لخرائط تفصيلية للتوسع في المستوطنات الإسرائيلية المقامة على الأراضي الفلسطينية. وأشار تقرير صادر عن دائرة الخرائط والمساحة في جمعية الدراسات العربية في القدس إلى ان الحكومة الإسرائيلية عززت سياستها الاستيطانية بعد التوقيع على مذكرة واي ريفر الأخيرة، كما حصل بعد التوقيع على اتفاق أوسلو. وفي الوقت الذي تبني فيه الحكومة الإسرائيلية مزيداً من المستوطنات، تحدثت مصادر إسرائيلية عن تزايد هجرة الإسرائيليين إلى الأراضي الفلسطينية للسكن في هذه المستوطنات.