يقيم آلاف النازحين من الجولان السوري المحتل غداً حفلة زواج جماعية لن تجمع العروسين وأهاليهما في نقطة واحدة بسبب الظروف التي فرضها الاحتلال الاسرائيلي لمرتفعات الجولان منذ العام 1967. وتقضي "الحفلة" ان تنتقل ثماني عرائس من الوطن الى "العدو المحتل" حيث يقيم ثمانية شبان، وذلك لقضاء بقية الحياة سوية... تحت الاحتلال الاسرائىلي او تحت السيادة الوطنية في حال أسفرت عملية السلام عن إعادة مرتفعات الجولان الى سورية. ولن ينظم عملية انتقال العرائس الى "بيت العدل"، أهالي العرسان ولا اقرباؤهم كما هو الحال عادة، بل "اللجنة الدولية للصليب الاحمر" التي تقوم بدور الوسيط بين الطرفين لترتيب انتقال الفتيات عبر الاسلاك الشائكة والمناطق المنزوعة والمحصنة بالسلاح، وصولاً الى بيوتهن في واحدة من البلدات السورية الخمس التي لا تزال قائمة الى الان في الجولان وتضم نحو 13 الف نسمة. وقال مندوب "لجنة الصليب الاحمر" كلود فوالا لپ"الحياة" ان "عائلات الطرفين تتصل بالسلطات المعنية في الجانبين السوري والاسرائيلي لتطلب إذن الانتقال، قبل ان يتصل بنا اهالي كل طرف لنقل الطلبات الى الطرف الاخر" الى ان نصل الى صيغة مقبولة من الطرفين السوري والاسرائىلي. ويرفض فوالا الحديث عن عملية يوم غد، وهو يشرف على انتقال العرائس بين النقطتين السورية و"الاسرائىلية" في الجانب الآخر في المنطقة التي شكلت في الهضبة بموجب اتفاق فك الاشتباك الذي توصل اليه وزير الخارجية الاميركي الاسبق هنري كسينجر في أيار مايو عام 1974 بعد حرب تشرين الاول اكتوبر العام 1973. وكانت حفلة زواج جماعية هي الأكبر حصلت في ايلول سبتمبر الماضي، وشملت خمس عرائس انتقلن الى الجولان. واتاحت فرصة السماح عبر "الصليب الاحمر" للشباب السوريين بالدراسة في الجامعات السورية منذ نهاية السبعينات الى حصول 47 زواجاً الى الان، إذ ان 300 طالب يدرسون في سورية وتشرف "اللجنة الدولية" على انتقالهم من البلاد وإليها، اضافة الى 300 شخص آخرين يزورون أماكن مقدسة في وطنهم. وقال فوالا: "ان سبب وجود بعثتين لنا في الطرفين، هو حماية 13 ألف سوري تحت الاحتلال بموجب اتفاقية جنيف الرابعة، ولا يحق لهم عبور الحدود لزيارة أهاليهم منذ ثلاثين سنة". وكان اتجاه الزيجات الاولى معاكساً لما عليه الحال الان، اذ ان نحو عشرين فتاة انتقلن من القسم المحتل الى سورية، لكن اعتباراً من العام 1993 بدأت العودة الى الجولان بسبب حرص دمشق على عدم إفراغ الجولان من سكانها خصوصاً في ضوء زيادة عدد المستوطنين الى أكثر من 15 الفاً في أربعين مستوطنة ومزرعة أقيمت بعد الاحتلال. وقال معنيون في تنظيم عملية انتقال السوريين لپ"الحياة" ان السلطات الاسرائىلية "تتعمد تأخير إعطاء الموافقات للمّ الشمل وتعرقل عودة الطلاب الدارسين في الجامعات السورية، لقضاء اجازاتهم أو للعمل بعد انتهاء الدراسة في اطار ضغطها على سكان الجولان لتركه". وأكد فوالا "اننا في الطرفين نبذل جهودنا كي يعبر المواطنون التخوم بين القسم المحتل وسورية لأسباب انسانية". وزاد: "نلعب دور الوسيط الحيادي بين الطرفين طالما ان الاتصالات المباشرة بين اسرائىل وسورية غير موجودة". وبعيداً عن الابعاد السياسية، فإن مشهد انتقال العرائس يوم غد سيكون صعباً على أهاليهن، ولن يكون هناك مكان للفرح لأن الفتيات لن يشاهدن أهاليهن الاّ في المناسبات التي تفصل بينها سنوات، لذلك حرص الاقارب على تخصيص الاسبوع الاخير لحفلات الوداع.