اعتقلت الشرطة البريطانية فجر أمس ثلاثة ناشطين إسلاميين في إطار قوانين مكافحة الإرهاب. وعُلم ان زعيم جماعة "أنصار الشريعة" السيد مصطفى كامل أبو حمزة المصري ومسؤول "المرصد الإعلامي الإسلامي" السيد ياسر توفيق السري أبو عمّار المصري من بين المعتقلين. ولم تُعرف هوية الثالث. وقالت ناطقة باسم الشرطة ل "الحياة" ان ضباط جهاز "مكافحة الإرهاب" في سكوتلنديارد دهموا السادسة والنصف فجراً ثلاثة منازل في مناطق مختلفة في غرب لندن واعتقلوا ثلاثة أشخاص أعمارهم 40 سنة و36 سنة و39 سنة بناء على "المادة 14 من قانون مكافحة الارهاب". وأوضحت انهم يُستجوبون في مركز للشرطة في وسط لندن. ورفضت تأكيد أو نفي ارتباط الاعتقالات بالأحداث الأخيرة في اليمن. ومعروف ان صنعاء طلبت من لندن، في كانون الثاني يناير الماضي، تسليمها "أبو حمزة" لمحاكمته بتهمة التورط بإرسال جماعة تضم ثمانية بريطانيين وجزائريين إثنين للقيام بعمليات عُنف في اليمن. ويُحاكم أعضاء هذه المجموعة وبينهم نجل "أبو حمزة" محمد ونجل زوجته محسن غيلان، في عدن حالياً بتهم تراوح بين ضلوعهم بمؤامرة تفجير مزعومة خلال أعياد الميلاد ورأس السنة كانون الأول/ديسمبر الماضي، والارتباط ب "جيش عدن أبين الإسلامي" الذي يُحاكم زعيمه زين العابدين أبو بكر المحضار في زنجبار حالياً بتهمة خطف 16 أجنبياً نهاية السنة الماضية. وينفي المعتقلون البريطانيون والجزائريان الاتهامات اليمنية. ورفضت الناطقة باسم الشرطة تأكيد أو نفي اعتقال "أبو حمزة" و"أبو عمّار"، ولم تجب عما اذا كان اعتقالهما يرتبط بعلاقتهما بزعيم "جيش عدن". ومعروف ان الرجلين أصدرا بيانات خلال عملية خطف الغربيين في محافظة أبين، أشارا فيها الى مطالب قدّمها "جيش عدن" لإطلاق الرهائن. ولكن في وقت واصل "أبو حمزة" حملته على السلطات اليمنية بعد مقتل اربعة من الرهائن خلال عملية تحريرهم، محذّراً الغربيين من زيارة اليمن، التزم "أبو عمّار" الصمت مفضّلاً العمل بعيداً عن الأضواء لتأمين إطلاق المعتقلين البريطانيين والجزائريين في اليمن. وهو أكد أكثر من مرة، في مجالسه الخاصة، انه لم يؤيد قتل الغربيين في اليمن، وانه كان تلقّى تأكيدات من "أبو الحسن المحضار" شخصياً بعدم المس برهائنه. ويقول انه واثق بأن المحضار ما كان ليقتل أي رهينة، لو لم تتدخل قوات الأمن اليمنية محاولة إطلاق الرهائن. ومعلوم ان السياح ال 16 خُطفوا في 28 كانون الأول الماضي، وأطلقتهم قوات الأمن في اليوم التالي في عملية أسفرت عن مقتل اربعة منهم ثلاثة بريطانيين واسترالي وثلاثة من الخاطفين. وعلمت "الحياة" ان الشرطة البريطانية لم تفتش مسجد فنزبري بارك، شمال لندن، الذي ينشط فيه "أبو حمزة". وأكدت ذلك الناطقة باسم الشرطة قائلة ان لا خطط موضوعة حالياً لدهم المسجد، وان عمليات الدهم شملت حتى الآن شققاً سكنية فقط. وفي حين يسكن "أبو حمزة" في شارع ايدي في شيبردز بوش غرب لندن، يسكن السري في منطقة ميدافيل شمال غربي العاصمة. وقالت مصادر اسلامية ان الشرطة طردت زوجة السري من منزلها. في وقت وقف شرطي أمام مدخل منزل أبو حمزة. ولا يُعرف كذلك إذا كان اعتقال "أبو حمزة" له علاقة بتصريحه الأخير الى "الحياة" الشهر الماضي، الذي كشف فيه خطة لإطلاق "الغام طائرة" بهدف إنهاء "هيمنة الغرب" على الأجواء. وهو عاد وأكد هذا الموضوع في مؤتمر لجماعات إسلامية متشددة عُقد نهاية شباط فبراير في لندن. وتثير المواقف المتشددة لپ"أبو حمزة" كثيراً من اللغط في العديد من الأوساط. وهو من المجاهدين السابقين في أفغانستان حيث فقد، في 1993، يديه الاثنتين وإحدى عينيه بانفجار لغم. وتمثّل نشاطه العلني الأخير في مشاركته في تظاهرة أمام مقر رئاسة الحكومة البريطانية يوم الجمعة للمطالبة بإطلاق معتقلين إسلاميين. ولا ينتمي "أبو حمزة" الذي يحمل الجنسية البريطانية منذ العام 1985، الى أي تنظيم إسلامي مصري. لكنه يرأس جماعة تُطلق على نفسها إسم "أنصار الشريعة" يُعاونه في إدارتها بعض البريطانيين بينهم "المستشار السياسي" محمد يوسف يهودي أشهر إسلامه. أما "أبو عمّار المصري" وهو طالب لجوء سياسي في بريطانيا منذ العام 1994، فإنه على عكس "أبو حمزة" كان يُشدد على إعلان مواقف بعيدة عن التطرف ويحاول الدفاع عن قضايا تهم حقوق الإنسان. غير ان السلطات المصرية تتهمه بأنه "واجهة" ل "جماعة الجهاد". وهو محكوم غيابياً - أمام محكمة عسكرية - بالاعدام بتهمة التورط في محاولة اغتيال رئيس الوزراء المصري السابق عاطف صدقي عام 1993. وينفي السري التهمة. وتُعرف عنه علاقته الواسعة والجيدة بوسائل الإعلام. ولا يُعرف حتى الآن ما اذا كانت الشرطة ستوجّه الى أي من المعتقلين إتهامات تتعلق بالارهاب. لكن أوساطاً مطّلعة ترى ان الشرطة ستكون في موقف حرج إذا لم توجّه اتهامات الى "أبو حمزة" تحديداً الذي كان يجهر في الآونة الأخيرة بأنه يتوقع توقيفه. وهذه العملية الثانية للشرطة في أوساط الإسلاميين بعد "عملية التحدي" في ايلول سبتمبر الماضي التي اسفرت عن اعتقال السعودي خالد الفواز وخمسة إسلاميين مصريين. وفي صنعاء، قال مصدر رسمي في وزارة الخارجية اليمنية لوكالة الأنباء الرسمية ان اعتقال "أبو حمزة" يؤكد صحة الاتهامات التي وجّهتها اليه السلطات اليمنية. وقال ان حادثة خطف السياح في أبين "خُطط لها خارج اليمن بغرض الاساءة الى اليمن وضرب السياحة". وزاد ان اعتقاله يدل على "حسن التعاون اليمني البريطاني في مكافحة الإرهاب". وفي القاهرة، لم تعلّق السلطات المصرية على نبأ اعتقال السري ومصطفى كامل. وربما كان هذا التحفظ مردّه انتظار ما سيفعله القضاء البريطاني مع الإثنين، وهل سيوجه اليهما اتهامات أم لا.