اعلنت شركة "هيولت بكارد"، حجر الزاوية في سيليكون فالي في ولاية كاليفورنيا، الثلثاء الماضي، انها ستنقسم الى شركتين مستقلتين تركّز احداهما على الاجهزة والطابعات والماسحات والثانية على معدات التفحص الالكترونية ومنتجات التكنولوجيا الطبية، وذلك رداً على التقلّب الدائم والحاد الذي يواجه الشركات الناشطة في مجال التكنولوجيا المتطورة. ورحّبت بورصة نيويورك بهذا الاتجاه ما انعكس ارتفاعاً في سعر سهم الشركة مقداره 2.75 دولار الى 68.625 دولار. ويقول محللون ان تقسيم الشركة الى جزءين يمكّن القسم المكلّف انتاج الاجهزة الكومبيوترية والتصويرية من المنافسة بفعالية اكبر مع الشركات العاملة في هذا المجال والتي تتكبد تكاليف اقل مثل شركات "دل كومبيوتر كورب" و"صن مايكروسستمز انك" و"لكسمارك انترناشونال غروب". وعلى رغم استناد السمعة الطيبة ل "هيولت بكارد" الى جودة معدات الاختيار والقياس التي تنتجها، ارتفعت كلفة انتاجها في شكل كبير، ما ادى الى انخفاض الانتاج وتخلفه عن النمو الذي يُسجل في مجال انتاج اجهزة الكومبيوتر والطابعات والماسحات. وقال ستيفن ميلانوفيتش احد المحللين في شركة "ميريل لينش": "بذلت الشركة نشاطاً في مختلف المجالات وكان اداؤها جيداً لاعوام عدة، لكن الوقت حان لاتخاذ خطوة مشابهة لما اعلنته الشركة عن نيتها الانقسام، ونعتقد ان هذا الامر سيعود بالنفع على المساهمين فيها". يذكر ان "هيولت بكارد" بذلت جهوداً كبيرة لجني ما كانت تقدر انها ستجنيه وما كان المحللون يقدّرونه وتمكنت بصعوبة من تجاوز ذلك في خلال آخر ربع تمّ فيه حساب الايرادات بفضل تدابير حازمة حاسمة لخفض التكاليف. وجاء نمو متوسط الايرادات من النشاط في مجال انتاج معدات الفحص والقياس، وهي المعدات التي تشمل اجهزة طبية متنوعة متعددة ودقيقة، افضل بقليل من عشرة في المئة في العقد الماضي. لكن نسبة النمو تراجعت خلال آخر عام مالي الى واحد في المئة. بسبب الازمة الاقتصادية الآسيوية والبطء في النشاط الخاص بأشباه الموصلات. وقال لويس اي بلات، رئيس مجلس ادارة "هيولت بكارد" ورئيسها وكبير المسؤولين التنفيذيين فيها، في مقابلة هاتفية : "لا نزال ننشط في عدد من المجالات تحت سقف واحد، وازداد التنوع في هذه المجالات مع مرور الايام وشمل المنتجات والتسويق والزبائن". وبعد انقسام الشركة سيواصل القسم المكلف انتاج الاجهزة الكومبيوترية والتصويرية حمل اسم "هيولت بكارد كو" فيما سيتم اختيار اسم جديد للشركة التي ستنتج معدات القياس. وتنوي "هيولت بكارد" طرح 15 في المئة من اسهم الشركة التي ستنتج معدات القياس في السوق بحلول نهاية السنة الجارية، ما سيكون اكثر طرح مبدئي عام للاسهم في تاريخ سيليكون فالي. ويذكر ان هذا القسم عاد على "هيولت بكارد" ب 7.6 بليون دولار من اصل عائداتها في العام المالي الماضي والتي بلغت 47.1 بليون دولار. وقال بلات: "سيساهم انقسام الشركة في تنويع انشطتنا وتحسين جودتها". واضاف ان شركته تنوع في وقت تركز شركات مثل "صن مايكروسيستمز" على نتاج واحد. واكد بلات البالغ من العمر 58 عاماً، انه سيبقى في منصبه حتى اتمام عملية تقسيم الشركة، وهي العملية التي قد تستغرق بين 12 و18 شهراً. ومعلوم ان "هيولت بكارد" تسيطر على حصة كبيرة من النشاط في مجال الطابعات، لكنها عانت الكثير في محاولاتها لامتلاك قسم معين من السوق مثل امتلاك "صن مايكروسيستمز" لقسم من انترنت، ومثل سيطرة "دل" على اجهزة الكومبيوتر الشخصية، او سيطرة "آي. بي. ام" على سوق الاجهزة الضخمة الخاصة بالشركات. ويقول المحللون ان "هيولت بكارد" افتقرت الى استراتيجية متماسكة للسيطرة على اي جزء من اجزاء هذه السوق. وليس واضحاً ما اذا كان تقسيم الشركة على النحو الذي أُشير اليه سابقاً سيغيّر الصورة التي هي عليها. وقال جيمس مور، كبير المسؤولين التنفيذيين في شركة "جيو باركنرز ريسيرش" في مساتشوسيتس: "اعتقد ان القسم المكلف انتاج معدات الاختبار والقياس هو جوهرة التاج في الشركة، اذ ان التكنولوجيا المتطورة كامنة في القياس والاختبار، وتذهب المواهب الى القياس والاختيار. لكن المشكلة تكمن في اجهزة الكومبيوتر الشخصية. وارتكبت الشركة خطأ فادحاً اذ دخلت الى عالم الاجهزة الشخصية فصارت طرفاً في حرب اسعار مع كومباك. وما لم تدركه الشركتان هو ان دل تضربهما معاً". فقد أخذت "دل" حصة من سوق "كومباك كومبيوتر" وسوق "هيولت بكارد" بواسطة الجمع بين البيع المباشر الذي يوفر التكاليف الثابتة التي يتكبدها التجار والموزعون وبين ما اتاحه لها بيع الاجهزة بأسعار اعلى من المتوسط. ومع ذلك قال بلات ان طريقتي الشركتين في العمل تتقاربان بالفعل "فدل تبذل جهوداً مندفعة في سبيل تجنيد التجار والموزعين للمساهمة في خدمة الزبائن الذين يفضّلون ان يُخدموا بطريقتها، فيما بدأنا نحن في تطبيق استراتيجيات مختلفة تتناول تشغيل عدد من الجهات. وما يحدث حالياً هو اننا نتقارب". يذكر ان عائدات "هيولت بكارد" في السنة المالية الجارية بلغت 10.2 بليون دولار من نشاطها في مجال الكومبيوتر، ما شكّل زيادة ثلاثة في المئة على عائدات العام الماضي. لكن مبيعات "دل" ازدادت 38 في المئة في الفترة نفسها، فيما تراجع الدخل من القسم المكلف انتاج معدات القياس 11 في المئة، وتراجع الدخل من قسم انتاج معدات الاختيار والقياس 14 في المئة، وازداد الدخل من معدات التحليل الكيماوي ثمانية في المئة، وتراج العائد من انتاج المعدات الطبية 13 في المئة. وقال بلات ان نتائج ربع واحد لم تكن وراء القرار بتقسيم الشركة ، لكنه اعترف بأن هذه النتائج ربما كانت عاملاً في اتخاذ القرار. واضاف: "لو كان عامنا ممتازاً لما كنا على الارجح في عجلة من أمرنا في شأن تقسيم الشركة". وتمّت حتى الآن تسمية ادوارد بارنهولت نائب رئيس "هيولت بكارد" التنفيذي والمدير العام لقسم انتاج معدات القياس في الشركة، كبيراً للمسؤولين التنفيذيين في الشركة الجديدة. وقال بارنهولت: "سنبذل قصارى جهودنا لنكون شركة جديدة برأس مال قدره ثمانية بلايين دولار تنافس بفعالية الشركات ذات الاحجام كافة". واضاف ان من المحتمل ان تعكس الشركة الجديدة تراث "هيولت بكارد" وتمثل ارثها بصرف النظر عن الاسم الذي ستحمله و"لا شك في اننا سنستند الى دعامات هذا الارث وهي الدعامات التي تشكل قيمة لا نرغب في التخلي عنها".