لا تزال أعمال الروائي البريطاني غراهام غرين مطلوبة للسينما. منها: "نهاية علاقة" الرواية التي سبق أن قدمتها هوليوود عام 1995، وكانت من بطولة فان جونسون وديبورا كير. صاحب المشروع الجديد هو المخرج نيل جوردان، الذي بدأ التصوير في الفيلم الذي سيحمل العنوان نفسه وسيكون جاهزاً للعرض مع نهاية هذا العام. يقول جوردان إنه سيعيد التركيز على الجوانب التي تعرضت للرقابة في خمسينات هوليوود، وهو مع منتج الفيلم ستيفن وولي، مصممان على تقديم فيلم يحتفظ بجوهر السرد الروائي لغرين. تحكي الرواية قصة علاقة حب بين رجل وامرأة متزوجة، وهي حكاية تشع وسط الثيمة المحببة لهذا الروائي، أي الكاثوليكية والعلاقات الجنسية. ويعتقد القائمون على الفيلم البريطاني - الأميركي، ان موضوع الفيلم لا يزال يجذب الجمهور بعد كل تلك السنوات، لأن الحكاية لا تزال قائمة بشكل أو بآخر. تجري أحداث الرواية أيام الحرب في لندن، حيث يضيف احتمال خطر الموت مزيداً من الإثارة على أيروتيكية العلاقة. وعندما يصاب العشيق، تقسم العشيقة على إنهاء العلاقة، إذا شفي حبيبها وتجاوز مرحلة الخطر. لكن في الوقت نفسه كان الزوج المشكك بتصرفات زوجته، استدعى محققاً خاصاً ليراقب تحركاتها. المخرج نيل جوردان، الذي حصل على تقريظ النقاد عن فيلمه "اللعبة المبكية" وعن فيلمه "ابن القصاب"، يرى أن المزج بين الايروتيكية والشعور بالذنب لدى غراهام غرين، فكرة شديدة الجاذبية للدراما. "عندما قرأتها قبل خمس سنوات، شعرت أنها أفضل ما كتبه هذا الكاتب"... ويتابع: "إنها بسيطة في حكايتها، قوية في شحنتها الدرامية وتركيزها على اللاعقلانية، وهذا كله له علاقة بحياتنا المعاصرة". ما يراه جوردان ساحراً بشكل خاص في الكتاب، انه يعكس حياة الكاتب في أواخر أيامه. وقد بذل جهداً كبيراً لنقل هذه الأجواء إلى سيناريو الفيلم. فالحكاية تفترق في مسارها بعد ذلك، عندما يخوض غرين في الجانب الاخلاقي، فيحول الشخصية الرئيسية من امرأة خائنة إلى قديسة، وبذلك يزيد من الشحنة الدرامية، بهذا الاتجاه يطور الكاتب ثيمته، مما يسمح لها باكتساح شخصيات العمل. وفقاً لهذا الرأي، يعتقد جوردان أن قلة قليلة من الأفلام التي نقلت روايات غرين، نجحت في تحقيق هذا الجانب، مثل فيلم "الرجل الثالث". ووفقاً لمؤرخ سيرة غرين، نورمان شيري، لم يعجب الروائي الراحل بأكثر الأفلام التي اعتمدت على رواياته، وكره على وجه التحديد فيلم "نهاية علاقة"، واعجب بفيلم "صخرة برايتون". وكان يعلم أن نقل رواياته سيكون صعباً، إذ سيتم التركيز على الحكاية الظاهرة فقط، فهوليوود تخشى التعمق في جوهر الأعمال الأدبية، كرواية "القوة والمجد". ويعتقد شيري، الذي سيصدر الجزء الثالث والأخير من سيرة غرين نهاية شهر آذار مارس الجاري، ان الكاتب لم يكن مهتماً بأي شكل في أن تنقل أعماله إلى السينما. وحتى عندما كان يوقع على عقد بيع الرواية، يفعل ذلك وهو على يقين أنه لا يستطيع التحكم بتوجه الفيلم. أما فيلم "الرجل الثالث" فكان متميزاً، لأن غرين هو الذي كتب له السيناريو. ويمكن القول إن نجاحه قام على معالجته انهيار القيم، وكيفية الايمان بالعالم مرة أخرى بعد الحرب العالمية الثانية، وهي ثيمة لا تزال مطروحة حتى الآن، بعد انهيار المنظومة الاشتراكية. لكن من جانب آخر، ولأن غرين هو من أوائل الكتّاب البريطانيين الذين نموا مع تطور فن السينما، وبصفته ناقداً سينمائياً سابقاً، كان واضحاً له، ما الذي يحتاجه السيناريو تماماً لكي يكون فيلماً ناجحاً.