الاستاذ جهاد الخازن تحية طيبة وبعد، اطلعت بشيء من الاستغراب على رسالة بخصوص "سليمان فيضي" ارسلها اليكم من الكويت السيد علي نادر الشيخ خزعل، "يصحح" فيها معلومات وردت في الكلمة القيمة التي كتبتموها عن مذكرات المرحوم سليمان فيضي ويدعي فيها ان المرحوم سليمان فيضي كان يعمل لدى السيد طالب بوظيفة كاتب ثم لدى الشيخ خزعل، امير المحمرة بوظيفة كاتب اضافي، ولم يكن مستشاراً للأخير. وانني اذ اشكركم على ما تفضلتم به عني في حاشيتكم على تلك الرسالة، ارجو ان تسمحوا لي بابداء بعض الملاحظات التي تؤكد صحة ما جاء في النبذة التي كتبتها عن الراحل في مقدمة الكتاب: 1 - ان كاتب الرسالة الذي ادعى ان سليمان فيضي كان كاتباً لدى السيد طالب ثم لدى الشيخ خزعل، لم يعزز ادعاءه هذا بأي نوع من التوثيق. 2 - كان سليمان فيضي قبل وأثناء تعاونه مع السيد طالب وقبل عمله مستشاراً للشيخ خزعل، حقوقيا وحاكماً قاضيا مرموقاً وعضوا في "مجلس المبعوثان" العثماني، وهو منصب مهم في الدولة العثمانية وليس من المعقول ان يعمل شخص شغل مثل هذه المناصب الرفيعة بوظيفة كاتب لدى السيد طالب الذي كان زميلاً له في "مجلس المبعوثان" اذ كان كلاهما نائباً عن ولاية البصرة. 3 - في تموز يوليو عام 1911 دعا سليمان فيضي نفراً من الوطنيين المثقفين واتفق معهم على تأسيس فرع "للحزب الحر المعتدل" في البصرة لمقاومة "جمعية الاتحاد والترقي"، ونظراً للعداء المستحكم بين السيد طالب النقيب وجمعية الاتحاد والترقي رغبوا في الافادة من اسناد السيل طالب فعرضوا الامر عليه، فرحب بالفكرة وشجعهم على تأسيس فرع الحزب في البصرة. وانتخب السيد طالب رئيساً له، فيما انتخب سليمان فيضي معتمداً لهذا الحزب، كما كان ايضاً معتمداً لحزب "الحرية والائتلاف" في نهاية 1911، ومعتمداً لپ"الجمعية الاصلاحية" في البصرة عام 1913 وقد مثّل هذه الاحزاب في "مجلس المبعوثان" العثماني مرتين وكان المتحدث الرسمي باسمها. 4 - تحتوي المذكرات على صور رسائل من السيد طالب الى سليمان فيضي مصورة عن الأصل في المذكرات، الصفحتان 317 و318 اضافة الى ما جاء في غضون المذكرات وما كشفته الوثائق البريطانية، وهي تدل جميعاً على ان سليمان فيضي كان الساعد الأيمن للسيد طالب وأقرب مستشاريه اليه، وقد أوكل السيد طالب اليه القرار بمصيره حين احتل الانكليز البصرة، اذ كتب السيد طالب الى السير برسي كوكس في 10 كانون الأول ديسمبر 1914 ان أي تعهد يعطيه سليمان فيضي سيكون مقبولا نص الرسالة في المذكرات ص 213 كما كتب رسالة الى فيضي بتاريخ 1/11/1915 يخوله فيها بكامل الصلاحية لمكالمة الكولونيل كوكس "وأن تعطيه كلمتك عني... لكونك صديقي الحميم وتعرفني معرفة تامة". وهذه الرسائل تدل على نوعية العلاقة بين السيد طالب وفيضي، وتدحض ما ذكره كاتب الرسالة من ان فيضي كان يعمل كاتباً لدى السيد طالب. 5 - فيما يتعلق بأمير المحمرة الشيخ خزعل، فقد كان التحاق سليمان فيضي بالشيخ خزعل بعد استقالته من منصبه كحاكم قاض في محكمة استئناف العراق، ومحاضراً في مدرسة الحقوق، وبعد ان رفض عرض رئيس الوزراء، عبدالمحسن السعدون، بتعيينه متصرفاً للواء المنتفق والذي شغر بتعيين متصرفه ياسين الهاشمي وزيراً للمواصلات في وزارة السعدون الأولى. وليس من المعقول ان يعمل قاض سابق في محكمة الاستئناف، وشخص اعتذر عن عدم قبول منصب المتصرفية، بوظيفة كاتب اضافي لدى الشيخ خزعل او غيره. 6 - ارسل الشيخ خزعل كتاباً الى ملك العراق فيصل الأول بتاريخ 28 حزيران يونيو 1923 يطلب فيه موافقته على تعيين سليمان فيضي "معتمدا" له الكتاب محفوظ في المكتبة الوطنية ببغداد مع اوراق البلاط الملكي - ملف الشيخ خزعل رقم 2089، وقد نقل في مذكرات فيضي ص 375. ونشرت الصحف العراقية خبر تعيين سليمان فيضي في امارة عربستان، ومنها جريدة "الاستقلال" الصادرة في بغداد بتاريخ 12 تموز يوليو 1923، وجاء فيها: "ان صاحب العظمة السردار أقدس جناب الشيخ خزعل خان قد انتدب جناب القانوني الفاضل الاستاذ الحاج سليمان فيضي افندي الموصلي لأن يكون معتمداً سياسياً لعظمته لدى حكومة جلالة ملكنا المفدى في العراق ولدى امراء العرب في الجزيرة بنية السعي لتوثيق الروابط الودية وتوطيد الدعائم السياسية بين الطرفين. ولعمري فان عظمته قد اعطى القوس باريها... الخ" ارفق لكم صورة الجريدة التي نشرت هذا الخبر في سنة 1923. ونشر نصه في المذكرات - هامش الصفحة 378. وأوكل الشيخ خزعل الى سليمان فيضي القيام بمهمات عديدة منها مفاوضة الملك فيصل في امور مهمة وحساسة، كما ان مراسلات الشيخ خزعل مع سليمان فيضي تدل على درجة الود والتقدير وطبيعة العلاقة بينهما، اذ يخاطبه الشيخ خزعل في رسائله بعبارة: "نور العين المحترم الحاج سليمان المكرم" وليست هذه صيغة مخاطبة امير "لكاتب اضافي" عنده أرفق صورة الكتاب، بخط الشيخ خزعل، في المذكرات ص 385. 7 - وأخيراً فان الرسالة الموجهة اليكم والمنشورة في "الحياة" الغراء يوم 21 كانون الثاني يناير 1999 تدل بوضوح على ان كاتبها ليس ملماً بتاريخ المنطقة والفترة التي تعاون فيها سليمان فيضي مع السيد طالب والشيخ خزعل، كما انها تدل على عدم اطلاعه على مذكرات سليمان فيضي نفسها، ولا شك انه لو قرأها لصحح معلوماته. وتفضلوا بقبول فائق تقديري واحترامي. نجدة فتحي صفوة المحرر: نرجو ان تكون هذه الرسالة الاخيرة عن الموضوع، رغم اهميته، ونعتذر عن عدم نشر الوثائق المرفقة لضيق المكان.