القصف والجوع والشتاء.. ثلاثية الموت على غزة    مغادرة الطائرة الإغاثية ال24 إلى بيروت    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء الخميس المقبل    «التعليم»: 7 % من الطلاب حققوا أداء عالياً في الاختبارات الوطنية    وزير المالية : التضخم في المملكة تحت السيطرة رغم ارتفاعه عالميًا    بدء التسجيل لحجز موقع في المتنزه البري بالمنطقة الشرقية    محافظ الطائف يرأس إجتماعآ لمناقشة خدمات الأوقاف    أمير منطقة تبوك يستقبل الرئيس التنفيذي لشركة المياه الوطنية    «السلمان» يستقبل قائد العمليات المشتركة بدولة الإمارات    مناقشة معوقات مشروع الصرف الصحي وخطر الأودية في صبيا    اكتمل العقد    دوري يلو: التعادل السلبي يطغى على لقاء نيوم والباطن    11 ورقة عمل في اليوم الثاني لمؤتمر الابتكار    حملة على الباعة المخالفين بالدمام    تكريم المشاركين بمبادرة المانجروف    «الخريجي» يشارك في المؤتمر العاشر لتحالف الحضارات في لشبونة    بلاك هات تنطلق في ملهم بمشاركة 59 رئيس قطاع أمن السيبراني    استقبل مدير عام هيئة الهلال الأحمر نائب الرئيس التنفيذي لتجمع نجران الصحي    خادم الحرمين الشريفين يتلقى رسالة خطية من أمير دولة الكويت    أهمية الدور المناط بالمحافظين في نقل الصورة التي يشعر بها المواطن    جمعية «الأسر المنتجة» بجازان تختتم دورة «تصوير الأعراس والمناسبات»    رئيس «اتزان»: 16 جهة مشاركة في ملتقى "التنشئة التربوية بين الواقع والمأمول" في جازان    وزير الشؤون الإسلامية: ميزانية المملكة تعكس حجم نجاحات الإصلاحات الإقتصادية التي نفذتها القيادة الرشيدة    زيارة رسمية لتعزيز التعاون بين رئاسة الإفتاء وتعليم منطقة عسير    المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة يناقش تحديات إعادة ترميم الأعضاء وتغطية الجروح    مركز صحي سهل تنومة يُقيم فعالية "الأسبوع الخليجي للسكري"    سموتريتش يدعو مجدداً إلى تهجير نصف سكان غزة    "سلمان للإغاثة" يوقع مذكرة تفاهم مع مؤسسة الأمير محمد بن فهد للتنمية الإنسانية    الخريف يبحث تعزيز التعاون المشترك في قطاعي الصناعة والتعدين مع تونس وطاجيكستان    نائب وزير الدفاع يرأس وفد المملكة في اجتماع الدورة ال 21 لمجلس الدفاع المشترك لوزراء الدفاع بدول مجلس التعاون    نوف بنت عبدالرحمن: "طموحنا كجبل طويق".. وسنأخذ المعاقين للقمة    مسؤول إسرائيلي: سنقبل ب«هدنة» في لبنان وليس إنهاء الحرب    السجن والغرامة ل 6 مواطنين.. استخدموا وروجوا أوراقاً نقدية مقلدة    هيئة الموسيقى تنظّم أسبوع الرياض الموسيقي لأول مرة في السعودية    الصحة الفلسطينية : الاحتلال يرتكب 7160 مجزرة بحق العائلات في غزة    الجدعان ل"الرياض":40% من "التوائم الملتصقة" يشتركون في الجهاز الهضمي    ترمب يستعد لإبعاد «المتحولين جنسيا» عن الجيش    حقوق المرأة في المملكة تؤكدها الشريعة الإسلامية ويحفظها النظام    تحدي NASA بجوائز 3 ملايين دولار    حرفية سعودية    استمرار انخفاض درجات الحرارة في 4 مناطق    ظهور « تاريخي» لسعود عبدالحميد في الدوري الإيطالي    «التعليم»: حظر استخدام الهواتف المحمولة بمدارس التعليم العام    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    حكايات تُروى لإرث يبقى    «بنان».. جسر بين الماضي والمستقبل    ألوان الطيف    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    خسارة الهلال وانتعاش الدوري    بايرن وسان جيرمان في مهمة لا تقبل القسمة على اثنين    النصر يتغلب على الغرافة بثلاثية في نخبة آسيا    وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الرباعي بشأن السودان    الأمير محمد بن سلمان يعزّي ولي عهد الكويت في وفاة الشيخ محمد عبدالعزيز الصباح    نوافذ للحياة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    5 حقائق من الضروري أن يعرفها الجميع عن التدخين    «مانشينيل».. أخطر شجرة في العالم    أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل الكوري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مدير مركز الوثائق التاريخية: نتعامل مع الوثائق التاريخية بحرص
نشر في اليوم يوم 19 - 03 - 2004

في دراسة لمدير مركز الوثائق التاريخية الدكتور علي أبا حسين قال فيها: إن (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا).
هناك رجال خلد التاريخ ذكرهم، وان آثارهم المادية والمعنوية دالة عليهم، فهي تحكي سيرة رجال عاهدوا الله تعالى أن يسيروا على هدي كتابه وسنة نبيه فزادت دولتهم قوة الى قوة عددها وعددها، وسمت نفوسم على الماديات الى معنويات فأصبح هدفهم واحدا وهم مستميتون في سبيل تحقيقه. ومن هؤلاء القادة الملك (عبدالعزيز) رحمه الله فهو الذي وجد قومه متفرقين يغزو بعضهم بعضا فوحدهم، ووجد الدخيل الاجنبي يحاول ان يجعل له موطىء قدم. فأبى إلا أن يحقق ما يصبو اليه وهو طرد الأجنبي وتوحيد الجزيرة العربية، ورسم خطة حكيمة لتحرير البلاد وتوحيدها تحت راية (لا إله إلا الله)، فكان الله في عونه وعون أبنائه واتباعه وأعوانه وقومه الذين التفوا حوله يدافعون عن بلادهم ويعيدون الحكم لأهله. فوحد البلاد وأمن طرق العباد ورزقهم الله من فضله حتى أصبحت الدولة كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا.
ويعرف أبا حسين بعض المصطلحات فيقول: إن التاريخ تعريف الوقت، أما علم التاريخ فيتضمن ذكر الوقائع لاسيما ما كان منها متعلقا بالقبائل والأقاليم مع تعيين أوقاتها وبيان أسبابها ومسبباتها. ولتوخي الدقة في تسجيل هاتيك الوقائع، لابد من الاعتماد على من يكون قريبا (زمان ومكان) الوقعة التي شهد وقوعها بشكل مباشر. فهو في الغالب أكثر دقة في تدوين الحوادث من البعيد ي الزمان أو المكان أو فيهما معا. مع العلم بأن كثيرا ما يفتقد المؤرخ القريب من الحادثة زمانا ومكانا الى الدقة والأمانة، وبخاصة في القضايا التي تتعلق بالعقيدة الدينية او المذهبية أو السياسية.
ويضيف أبا حسين قائلا: إن مصادر التاريخ كثيرة منها (الوثائق) و(الكتب المخطوطة والمطبوعة).
ولاشك في ان (الوثائق) من المصادر الأولى في كتابة التاريخ وان اختلفت في أهميتها وفقا للزمان والمكان اللذين وقعت فيها الحوادث أو بما تحويه من معلومات عن اشخاص او مواضع أووقائع تاريخية. فمن الوثائق: التقارير والرسائل التي يكتبها الحكام والسفراء والقناصل والمعتمدون السياسيون والوكلاء اعتمادا على مخبريهم. وهنا يدخل فيها عامل التحيز المقصود أو غير المقصود لأنهم يكتبون - والحالة هذه - وفقا لمنظورهم أو سياسة البلاد التي ينتمون اليها. واحيانا يكتب لهم الخبر شخص لا يتحرى الدقة في كتاباته فتأتي مخالفة للحقيقة او بعيدة عنها. وكان الباحث في التاريخ يبحث عن الحقيقة اينما كانت ليصل الى القرار النهائي.
الوثيقة والماضي
فالوثيقة هي التي تكشف عن حقيقة الماضي سواء كانت مكتوبة بالحروف او كانت خريطة او صورة على ورق أو مصورة على شريط مرئي أو مسموع أو محفورة على حجر او نحو ذلك. فهي التي تدل الباحث على الحقيقة المنشودة، ومن هنا ظهر الاهتمام بالوثائق والحفاظ عليها وتخزينها على ميكروفيلم وعمل فهارس لها. وكلما كانت الوثائق أو الرسائل مكتوبة بخط أصحاب الشأن أو مختومة بأختامهم وكتبت في نفس الزمان موضوع البحث وفي نفس المكان كانت في الغالب أكثر دقة واعتمد عليها الباحثون الى حد كبير، لأنها تؤرخ أحداثا وتصف وقائع وصفا قريبا من الحقيقة ان لم تكن هي الحقيقة نفسها، لأنها تمتاز - والحالة هذه - بالدقة في التوقيت والوضوح وكتبت من شاهد عيان.
رسائل ملكية
ويستعرض الباحث تاريخ أو توقيت استعادة الملك عبدالعزيز (الاحساء) وذلك بعرض ما ورد في بعض الكتب المطبوعة وبعض البحوث المقدمة في مؤتمرات أو منحوا درجات علمية عليا، وقارنها برسائل عثر عليها بخاتم (الملك عبدالعزيز) باللون الازرق، او بختم اخيه (محمد بن عبدالرحمن آل فيصل)، ومن بعض سكان الاحساء الذين استقبلوا الملك عبدالعزيز وهو يحرر بلادهم من الدخيل الأجنبي.
ومن هؤلاء (عبدالرحمن بن طلال الجبر) و(حسن بن جبر الجبر) و(ابراهيم بن عبدالرحمن بالغنيم). والحافظ والعجاجي والقصيبي ويوسف بن سويلم وبنو هجر وغيرهم. فقد كتب الملك عبدالعزيز خطابا الى شيخ البحرين وهو ينعته (بالوالد) في جميع رسائله فيقول: من عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل الى جناب الأجل الأمجد الأفخم بهي الشيم الوالد المكرم الشيخ عيسى بن علي آل خليفة أدام الله تعالى وجوده وأبقاه آمين. ورسالة اخرى موجهة الى ابن شيخ البحرين وبنفس التاريخ، وكلها تؤكد استعادة الاحساء بأهون حال من فضل الله.
ويؤكد الباحث قوله: حين رجوعنا الى بعض الرسائل التي كتبها معاصرون من اهل الاحساء ومنها رسالة موجهة الى شيخ البحرين من (حسن بن جبر الجبر) مؤرخة في 3 جمادى الآخرة 1331ه/ الموافق 10 مايو 1913م وفيها :نبشرك ونهنئك بعز الامام عبدالعزيز ونصره. فقد تولى الاحساء في ليلة الاثنين ثامن وعشرين من الشهر الماضي (جمادى الاولى) 1331ه الموافق 5 مايو 1913م. هكذا أكدت هذه الرسالة استعادة الاحساء بدقة التوقيت مساء واسم اليوم وتاريخه ثم الشهر والسنة.
وتستطرد الرسالة: وهجد الامام عبدالعزيز الكوت بنفسه ومعه مائتان نفر وتولى البروج واهلها.
وأضاف: الباحث ان هناك رسائل أخرى أكدت هذا الأمر منها رسالة عبدالرحمن بن طلال الجبر وغيره.
تأكيد المصادر
ويرى الباحث انه في حال الرجوع للمصادر المطبوعة تكاد تتفق على تاريخ واحد لاستعادة الملك عبدالعزيز للاحساء وهو: في (الخامس من شهر جمادى الاولى 1331ه الموافق 1913م) وذكر البعض الآخر الموافق في 13 نيسان (ابريل) 1913م. وفصل البعض دخوله الاحساء بعد غروب الشمس بثلاث ساعات من الليلة الخامسة من جمادى الاولى 1331ه الموافق 13 نيسان (ابريل) 1913م. حين اعطى الملك عبدالعزيز أوامره لرجاله بالهجوم ومعهم وسائل لتسلق الاسوار وقد نجح المهاجمون وسيطروا على اسوار المدينة ومن ثم نادى المنادي بأن الحكم لله ثم لابن سعود.
ولدى مقارنة الكتب المطبوعة من الرسائل المعاصرة للأحداث ثبت لدينا ما ذكرته الوثائق ومنها رسالة الملك عبدالعزيز قائد الحملة حين اعطى سبب قيامه بتحرير الاحساء بقوله: وبعده نعرف جنابكم انه بهذه الأيام أهل الحسا اشتكوا لنا مما لحقهم من الضرر بدينهم ودنياهم بموجب الفساد والتعدي لا من حكومتهم ولا من البادية.
وسبب آخر ان الاحساء جزء من الجزيرة العربية التي حكمها آل سعود منذ قديم الزمان ثم استولى عليها الاجانب، فابن سعود قام بتحريرها واعادتها لأهلها ويقول: صرنا مجبرين على مراعاة حقوقنا والحمية لرعيتنا.
سياسة قائمة على تعاليم الدين
سياسة الملك عبدالعزيز يؤكد الباحث كما وصفها بأنها مستمدة من تعاليم الدين القويم وسنة الرسول عليه الصلاة والتسليم فهو يهب لنصرة بني قومه محاربا الفساد ولايرضى بالتعدي عليهم. وما كان من سكان الاحساء الا ان لبوا داعي الجهاد فانضموا لجيشه وهم مستبشرون بقدوم الملك عبدالعزيز الذي جاء لتحرير البلاد بعد ان اخبروه بالمسالك والطرق ومواضع الجند المرابط في الاحساء. فاستطاع ان يفتح البلاد بسرعة لانه بمعرفة الاحوال العسكرية للعدو كسب نصف المعرفة قبل ان يباشرها. وحدث الفتح دون قاتل ولا مقتول ولا ناهب ولا منهوب كما كتب احد المعاصرين من اهل الاحساء، حتى العسكر العثماني اعلن الملك عبدالعزيز لهم الامان وحلالهم وسلاحهم التي بأيديهم تركها لهم. وهذه الشيمة العربية ورثها من اجداده ومن بيئته النجدية الكريمة، وهو السياسي المحنك الذي يحترم مكانة الدول لذا فقد احترمته كعاهل موحد للجزيرة العربية تعامل مع الجميع باحترام وتقدير.
استقبال أهل الاحساء
لقد أرخ الملك عبدالعزيز رسالته في الاول من جمادى الآخر 1331م ذكر فيها تحرير الاحساء واستعادتها لحكم آل سعود، واستقبال هذا الفتح من اهلها استقبالا لا مثيل له. وهو يبشر شيخ البحرين باستعادة الاحساء بتاريخ 28 جمادى الاولى 1331ه كما ورد في رسائل معاصريه من أهالي الاحساء ومنهم (حسن بن جبر الجبر) و(عبدالرحمن بن طلال الجبر) الذين وقتوا تاريخ استعادة الاحساء من قبل الملك عبدالعزيز بالساعة واليوم والشهر والسنة.
رسائل معاصرة
أما ما ورد في الرسائل المعاصرة لهذا الحدث التاريخي من ان عدد القتلى من ربعنا والقول لعبدالرحمن بن طلال الجبر ثلاثة ومثلهم ثلاثة مصاويب وان العسكر قدر ستة قتلى وثلاثة مصابين. أما حسن بن جبر الجبر فذكر اسماء نفرين هما: عبدالمحسن ابن سويلم وابن مروان والرباعي صويب، بينما لم تذكر ذلك ما تيسر لنا من الكتب المطبوعة. كما ورد عدد المقاتلين مع ابن سعود في رسالة انهم مائتان بينما ذكرت بعض المصارد انهم ستمائة وفي قول اربعمائة. ولم يذكر ان ابن سعود في رسالته عدد رجاله في استعادة الاحساء. والملاحظ أن العدد سواء كان ستمائة أو أربعمائة أو مائتين وكلها بتمام المئات مما يظن ان هذا من قبيل التخمين، خاصة ان قائد الحملة ومدبرها ومخططها ومنفذها ابن سعود لم يذكر عدد رجاله. واكد (وليام هنري شكسبير) ما ذكرته مصادر كثيرة حول سرعة استعادة الملك عبدالعزيز الاحساء فقال: حين مر (شكسبير بالملك عبدالعزيز) وكان مخيما بالخفس 1331/ 1913 يجهز قواته قبل الانطلاق للاحساء ومكث معه في المعسكر لمدة خمسة أيام. وبعد عودته رفع تقريره الى (السير برسي كوكس) الذي علق عليه قبل ان يرفعه الى حكومة الهند بالآتي:
لقد استولى ابن سعود على الاحساء دون صعوبة تذكر. وذكر شكسبير في تقريره انه قد فوجىء بسرعة استيلاء الملك على الاحساء وكيف انه لم يكن ليختار احسن من هذا التوقيت للقيام بذلك. وقد أدار الامر بحكمة من خلال اتصاله برجالات الاحساء.
ولكن شكسبير لم يحدد تاريخ استعادة اقليم الاحساء باليوم والشهر بل قال في عام 1331ه/ 1913م.
لقد امر الملك عبدالعزيز رجاله ألا ينزعوا من اي جندي عثماني سلاحه وامر بالركائب وعيالهم فرحلهم الى العقير وارسل معهم احمد بن ثنيان يخفرهم ويؤمن طريقهم.
ويخلص المؤلف في بحثه قائلا: يقتضي تصحيح تاريخ استعادة ابن سعود للاحساء في 28 جمادى الاولى 1331ه الموافق الخامس من مايو 1913م، وليست استعادة الاحساء في الخامس من جمادى الاولى 1331ه كما ذكرت طائفة من المصادر التاريخية.
ما الوثيقة؟
وتحدث الباحث عن رسائل الملك عبدالعزيز قائلا: لاشك في ان تاريخ الامم رهين بتراثها، ومن ذلك التراث (الوثائق). فهي من المصادر الاولى في التدوين التاريخي، فلا تاريخ بدون وثائق والوثيقة لغة من وثق يثق: أي ائتمن، والوثيق هو المحكم، والوثائقي حارس لأثمن الكنوز، والوثيقة صلة بين ماضين اوحاضرنا، وان اختلفت الوثائق في أهميتها وفقا للزمان والمكان اللذين وقعت فيها الحوادث التاريخية المدونة في الوثائق من معلومات، عن اشخاص او مواضع او وقائع تاريخية. ومن الوثائق (الرسائل) والتقارير التي يكتبها الحكام والسفراء والقناصل والمعتمدون السياسيون والوكلاء اعتمادا على مخبريهم. وهنا يدخل عامل التحيز المقصود او غير المقصود.
ومن هنا ظهر الاهتمام بالوثائق، ومنها (الرسائل) والحفاظ عليها وتخزينها على ميكروفيلم وعمل فهارس لها، خاصة تلك التي كتبت بأمانة وصدق وبخط اصحاب الشأن أو ختمت بأختامهم وبنفس الزمان والمكان موضوع البحث. وبذا تكون أكثر دقة في الغالب ويعتمد عليها الباحثون الى حد كبير، لأنها تؤرخ احداثا وتصف وقائع وصفا قريبا للحقيقة ان لم تكن الحقيقة نفسها، لأنها تمتاز - والحالة هذه - بالدقة في التوقيت والوضوح في الوصف وكتبت من شاهد عيان يكتب او يملى على من يكتب بصدق وأمانة وذلك - لعمري - ما وجدته في عشرات الرسائل الاصلية غير المصورة للملك عبدالعزيز رحمه الله والمحفوظة في مركز الوثائق التاريخية في البحرين والمختومة بخاتمه ذي الحبر الازرق احيانا او الاسود اخرى، والتي وجهها لشيوخ البحرين عبر مائة سنة خلت، واقدمها يعود تاريخه الى 1319ه مختومة بخاتم الامام عبدالرحمن آل فيصل، ورسالة مؤرخة في 5 شعبان 1320ه من الملك عبدالعزيز الى شيخ البحرين.
الرسالة وثيقة هامة
هكذا ترك الملك عبدالعزيز سفرا خالدا من الرسائل التي ختمها بخاتمه، وأرخها باليوم والشهر والسنة وهي تحكي تاريخ معاركه حيث كتب يقول: حدثت المعركة (ضحى) أو (في السحر) أو (عند الفجر) بدقة التوقيت التاريخي.
مدينة الزبير
وتحدث البحث عن مدينة الزبير وقال: ان الملك عبدالعزيز فضلها موضعا ينزل فيه حين يراجع الحكومة العثمانية لتحقيق الامن والسلام في ربوع دياره وديار آبائه وأجداده من الجزيرة العربية، تحت شعار سياسته التي استندت على ما جاء في الشريعة الاسلامية المستمدة من كتاب الله تعالى وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام بقوله لرجاله: (حاربوا من حاربكم وسالموا من سالمكم، أما البيوت فلا تدخلوها، واما الحريم فمن اعتدى عليهن فيدي عليه). والوثيقة او الرسالة التي تحكي لنا نزول الملك عبدالعزيز رحمه الله في (مدينة الزبير).وأضاف الباحث: ان الملك عبدالعزيز ذكر في رسالته انه قصد (سعدون والظفير) وذلك بعد ترك موضع (الردينييه) فوصل (الحفر) حيث بلغة الخبر ان سعدون والظفير اختلفا فيما بينهما فتحاربا وانكسر سعدون فاتجه هاربا على فرسه فزبن (الخميسية)، فما كان من (ابن سويط) الا ان ارسل لابن سعود هدايا فقال الملك: وطاحوا علينا فعفونا عنهم.
الوثيقة العثمانية
وتحدث الباحث عن الوثيقة العثمانية التي عاصرت هذه الفترة فقال: (انه وقع اعتداء على اغنام اهل الزبير من قبل رجال سعدون باشا وذلك بجوار مدينة الزبير) فربما ان ابن سعود هب مسرعا لرد اعتداء رجال سعدون باشا على اهل الزبير على ما اوردته هذه الوثيقة العثمانية المؤرخة في 1329ه، والمرفقة صورتها ادناه حيث تزامن تاريخها مع رسالة ابن سعود الى شيخ البحرين في 19 ربيع الآخر 1329ه، وقد لجأت الدولة العثمانية الى سعدون تطلب منه قمع حركة قام بها الشيخ مبارك والشيخ خزعل والسيد طالب النقيب، فما كان من الشيخ مبارك إلا أن طلب مساعدة الملك عبدالعزيز فتقدم لمساعدته فلم يقدم سعدون على مهاجمة الكويت طيلة وجود الملك عبدالعزيز.
وتفصيل ذلك حسبما ورد في برقية عثمانية تحمل توقيع طالب بك النقيب مرفوعة الى وزارة الداخلية في اسطنبول حول وصول (عجيمي السعدون) على رأس قوة عسكرية قوامها الف وخمسمائة من فرسانه ووصولهم بالقرب من مدينة الزبير. واشار المتصرف الى ما بين عجيمي السعدون وطالب النقيب من نفور ومنافسه وامكان استفادة الحكومة العثمانية من ذلك.
اختلاف المؤرخين
بينما ذكر (القطراني): ان (سعدون) هو الذي توجه على رأس جيش قوامه 1500 مسلح نحو الزبير بحجة ملاحقة الظفير ولكنه توفي اثر زيارته السيد طالب النقيب على ظهر سفينة عثمانية. فسعدون وليس عجيمي هو الذي اتخذ من الزبير قاعدة لتحركاته.. أما في رسالة الملك عبدالعزيز فإن ابن سعود قصد سعدون والظفير.
وفي وثيقة عثمانية مؤرخة في 22 ابريل 1329 رومي حول سير عجيمي السعدون الى جهة مدينة الزبير بألف وخمسمائة من فرسانه وضرورة اتخاذ التدابير اللازمة للحيلولة دون وقوع ما يخل بالأمن والسكون. وهنا هب ابن سعود لنجدة مدينة الزبير ونزلها للمراجعة مع الحكومة (العثمانية) حول الاحساء واطرافها وبعد ذلك توجه للكويت.
قصبة الزبير
كانت (قصبة الزبير) المكان المناسب الذي اختاره (فهد باشا السعدون) حين طلب من السلطان العثماني ان يسمح له ولعائلته بالاقامة في مدينة الزبير. فصدرت الارادة السنية بالموافقة على طلبه والسماح له بالسفر الى الحجاز لأداء فريضة الحج والاقامة عند عودته مع عائلته في مدينة الزبير وذلك في السابع من شهر رمضان 1304ه.
وممن طلبوا الاقامة في (مدينة الزبير) (سليمان بن منصور باشا السعدون) فقد ورد في محضر جلسة عقدها مجلس الوكلاء (مجلس الوزراء العثماني) في 27 جمادى الآخرة 1304ه للبحث في طلبه وتمخضت الجلسة عن قرار في استعلام الوالي العثماني الذي ايد ذلك الطلب، فصدرت الموافقة في 12 رجب 1304ه للسماح له ولأفراد عائلته بالاقامة في مدينة الزبير.الدولة العثمانية والإمام عبدالرحمن وبعد وقعة الشنانة او وقعة وادي الرمة التي حدثت في الثامن عشر من رجب 1322ه الموافق في سبتمبر 1904م لجأت الدولة العثمانية الى الشيخ مبارك ليتوسط لدى الإمام عبدالرحمن آل فيصل، وطلبت ان يجتمع الامام مع الوالي العثماني في الزبير، فتوجه الامام الى الكويت واستصحب الشيخ مبارك الى الزبير واجتمعا بالوالي العثماني، لكن الامام رفض اقتراحات الوالي العثماني رفضا قاطعا لأن فيه تدخلا اجنبيا في شؤون البلاد.
وفي وثيقة عثمانية رقم 8307 تشير الى زيارة الملك ابن سعود للكويت والبصرة وعقده اتفاقا مع الانجليز والوثيقة مؤرخة بتاريخ 12 مارس 1917م ولم تفصح الوثيقة عن مكان عقد الاجتماع الذي تم فيه الاتفاق.
اجماع على مدينة الزبير
ويشرح الباحث أهمية (مدينة الزبير) بقوله: هذه هي (مدينة الزبير) الموضع الذي اختاره الامام عبدالرحمن آل فيصل والملك عبدالعزيز آل سعود والشيخ مبارك آل صباح للاجتماع فيه واستقر فيه السعدون والنقيب وآخرون لما عرف عن سكانها النجديين من صدق المعاملة وحفظ الأمانة، وولاء لديارهم التي نزحوا منها، واهتمامهم بالتجارة والتكافل الاجتماعي فيما بينهم ورعاية العلماء وطلاب العلم. اما السياسة فتركوها لاولي الأمر.
وهي مدينة الزبير بن العوام ابن عمة رسول الله عليه الصلاة والسلام ومن العشرة المبشرين بالجنة، و(طلحة بن عبيدالله) الذي صد سهما بيده عن رسول الله في معركة أحد. و(انس بن مالك) خادم رسول الله و(الحسن البصري) و(ابن سيرين).
رجال زاروا المدينة
فعاليات تربوية في مدينة الزبير


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.