تعكس طريقة نقل التلفزيونات اللبنانية حدث نزع شريط الأسلاك الشوكية من حول بلدة أرنون وما أعقبه من تظاهرات وزيارات لسياسيين قاموا بها الى البلدة، مسافة القوى والأطراف اللبنانيين الذين كما تقاسموا الأعلام، تهافتوا أمس الى أرنون لتقاسم عائدات هذا الحدث. ف"الشبكة الوطنية للإرسال" أن-بي-أن التي يسهم رئيس المجلس النيابي نبيه بري في حصة كبرى فيها حصرت الصور التي بثتها بتلك التي التقطت لحاملي أعلام "حركة أمل"، واستصرحت عدداً من هؤلاء مبرزة صور بري وراءهم. أما محطة تلفزيون "المستقبل" التي يملكها الرئيس السابق للحكومة رفيق الحريري أسهماً كثيرة فيها، فجعل مصوروها يلاحقون بعدساتهم الشباب الذين كانوا قليلين بين الجموع مرتدين معاطف كتب عليها شعار "شباب المستقبل، وهو نادٍ أو تجمع أنشأه الحريري لمؤيديه الشباب. وكان حدث العبور الى أرنون خبراً ثانياً في تلفزيون "المنار" الذي يملكه "حزب الله"، في حين كان الخبر الأول في نشرة أخباره، تمكن أحد مقاتلي الحزب من الإفلات من دبابات اسرائيلية حاصرته في بلدة مركبا، فربط التلفزيون الخبر الأول بالثاني، وألمح في مقدمة نشرته الى أن قضية المقاوم كانت حافزاً للشباب ومحرضاً لهم على اقتحام الأسلاك التي وضعها الاحتلال الإسرائيلي حول أرنون. أما المفارقة في النقل التلفزيوني اللبناني لواقعة أرنون، فكانت طريقة تغطية المؤسسة اللبنانية للإرسال أل-بي-سي له، وهي من أكثر الوسائل الإعلامية قرباً للعهد والحكومة هذه الأيام، فقد أبرزت نشرتها المسائية أول من أمس صور الفتية والشبان وهم يحملون أعلام الحزب الشيوعي اللبناني، وأشارت في أكثر من موضع في نشرتها الى أن المبادرين بنزع الشريط كانوا أعضاء في "اتحاد الشباب الديموقراطي" المنظمة الشبابية للحزب الشيوعي. ومن جهة أخرى شكا عدد من المصورين التلفزيونيين ملاحقة حملة الأعلام لهم، وقال أحدهم أنه ما أن يشرع بتصوير مقابلة حتى يصطف هؤلاء وراء المستصرح ليلوحوا بأعلام أحزابهم. وتهافت وسائل الإعلام على تجاذب الحدث حجب الأنظار عن تفاصيل التحضير له، خصوصاً أن اجتماعيين سبقاه للقوى والمنظمات الشبابية نوقش خلالهما بيان الدعوة اليه التي وجهها اتحاد الشباب الديموقراطي، ودعا الى "الاعتصام حتى تحرير أرنون". وتفاوت التجاوب مع هذه الدعوة، إذ لقيت فتوراً وتحفظات لدى قوى عدة بينها "حزب الله"، واقترحت قوى أخرى إقامة سلسلة نشاطات غير متعلقة بمنطقة أرنون وخارجها، مما اضطر الاتحاد الى توجيه الدعوة وحده وتحمل مسؤوليتها مستفيداً من التفاف مجموعات يسارية جامعية على مسافات متفاوتة من الحزب الشيوعي حوله وحماستها للدعوة، كمجموعة "يسار بلا حدود" في الجامعة الأميركية ومجموعة "طانيوس شاهين" في الجامعة اليسوعية. وقال المنسق للاتحاد سمير دياب ل"الحياة": "شارك عدد من أعضاء المنظمات الشبابية في المسيرة، لكن الموقف العام لهذه المنظمات كان ميالاً الى الاقتراح الثاني". وأشار بعض المصادر الى أن معلومات وصلت الى الاتحاد والمجموعات المشاركة في دخول أرنون، من القوى الأمنية اللبنانية انها تشك في وجود ألغام أرضية أدعت اسرائيل أنها زرعتها في محيط الأسلاك. واتصل مسؤولون في الاتحاد بالصليب الأحمر الدولي وأبلغوا اليه أن تظاهرة ستنطلق الجمعة الى أرنون، إلا أن ممثل المنظمة الدولية نصحهم بالتريث لأن الأمر يتطلب اتصالاً بالإسرائيليين لكنهم رفضوا وأصروا على موعد المسيرة"، ونهار الجمعة ظهراً عبرت الحافلات التي استأجرها الاتحاد، ونقل فيها طلاباً من بيروت والجبل والبقاع وصيدا ومدينة النبطية الى أرنون. حضور الدولة وعلى خلاف أحداث مشابهة حصلت في الماضي، كان للدولة اللبنانية حضور واضح في هذا الحدث، لعل أبرز صوره، وان الرمزية، طغيان العلم اللبناني على أعلام الأحزاب الأخرى. إذ حرص المشاركون في المسيرة الأولى على تقديمه على أعلام أحزابهم. وأشار دياب الى تعاون الجيش اللبناني مع المتظاهرين، خصوصاً عند وصولهم الى حاجزه على مثلث كفرتبنيت ما سهل عبور الحافلات التي تقلهم وسرع فيه، وقدم بعض المساعدات الميدانية، من مثل الطعام، وإرشاد الحافلات وتنظيم سيرها. ولاحظ زائرو أرنون أمس أن صوراً للرئيس أميل لحود ألصقها أعضاء في جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية "الأحباش" على جدران البلدة ومنازلها. وأشار مراقبون الى أن تطور زخم التحركات في شأن أرنون على مدى الأسبوع الفائت، خصوصاً في أوساط طالبية لم يكن مصادفة، إذ حرص من يقف وراءها على عدم اقتصارها على فئات بعينها، فكانت تظاهرة الشموع التي انطلقت مساء الثلثاء الفائت من الجامعة اليسوعية في الأشرفية بالذات الى بيت الأممالمتحدة "اسكوا"، فضلاً عن تحركات أخرى مماثلة، وبينها واحد كان مقرراً للاتحاد العمالي العام اليوم الأحد في اتجاه البلدة، الغي بعد ازالة الشريط.