قام بالرسم على القناع سري أحمد، وهو فتى أصم في الثالثة عشرة من عمره، يقطن في غزة. أنجز الرسمة عام 1994 خلال ورشة أشرفت عليها الين اوغريدي. وظهرت الرسمة على غلاف نشرة توضيحية لمشروع "قلب الأمور". وقامت لينا بهو، وهي مدرسة أدب انكليزي في إحدى مدارس بيروت بنسخ الرسمة وتوزيعها على تلاميذها في الصف الثاني عشر، طالبة منهم أن يعتبروا، بأي طريقة يرتأونها، عما يعتقدون أن سري أحمد يود قوله لو استطاع الكلام. كان أحد هذه التعابير هو الشعر الظاهر إلى جانب الرسمة. كتبته الطالبة رولا سلامة باللغة الانكليزية، وقام بترجمته إلى العربية عصام لقّيس، وهو طالب دكتوراه في كلية الهندسة في جامعة ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT في الولاياتالمتحدة. كذلك فقد قامت بترجمته إلى الاسبانية رندة غطاس، وهي طالبة ماجستير في كلية التصميم المعماري في جامعة هارفرد. بعبارة أخرى، كانت الرسمة، والتي انجزها سري أحمد في غزة مصدر إلهام ونقاش لعدد من الاشخاص والمجموعات في مواقع عدة بعيدة: رولا ولينا في بيروت، وعصام ورندة في كامبدرج، وطلبة الصف الثاني عشر في مدرسة في بيروت، ومجموعتي "قلب الأمور" في بوسطن ولبنان اللتين تعملان على إصدار مجلة "قلب الأمور" وغيرهم. ومما يجدر ذكره هو ان كل طرف من هذه الأطراف تجاوب مع الرسمة عن طريق تعبير خاص به. وما يجدر ذكره أيضاً أن الرسمة لم تُرسم بغرض النشر، وكذلك الحال بالنسبة للشعر. لكننا اخترناهما لأننا شعرنا بأنهما يعكسان روح المشروع الذي سميناه "قلب الأمور". ما هو مشروع "قلب الأمور"؟ يرتكز المشروع على القناعة بأن أكبر كنز وأعظم ثروة نملكها هي خبرات الناس. تلك الطاقات والمواهب والقدرات الكامنة داخل كل منا، خبرات في حاجة لمن يكتشفها ويرعاها ويصقلها، خبرات كانت على مرّ الزمان السرّ الكامن وراء كل حضارة والشريان المغذي لكل تطور، بل القوة المحركة لكل تقدم. إن أحد أهم طرق الكشف عن هذه الخبرات وصقلها واستثمارها لجعلها لبنة أساسية في إغناء الحياة وبناء المستقبل، هو توفير القنوات والمنابر التي يعبّر من خلالها الأفراد، الشبان والشابات على وجه الخصوص. منابر تفسح المجال لعرض الخبرات والتعبير عن الخواطر والأفكار والمشاعر، بهدف إبراز التنوع والغنى الموجودين في أي مجتمع. منابر تشجع الجميع على التأمّل في خبراتهم وتجاربهم وما يمكن ان تحمله في طياتها من دروس وعبر جديرة بالمشاركة مع الآخرين، علّها تُسهم في إثراء الحوار وبناء الفكر وخلق تواصل إنساني واجتماعي بين العرب في شتى المواقع. هذه هي رؤيا مشروع "قلب الأمور"، والذي تمثّل المجلة التي تحمل نفس الاسم أحد مظاهره. رؤيا نبتت ونمت كنبتة يانعة من بذرة هذا الحلم، حلم الكشف عن الكنز الكامن داخل كل منا وتحويله إلى تعابير ومنتوجات حضارية، تُترجم خبراتنا وتجاربنا وأفكارنا ومشاعرنا، بل آلامنا وآمالنا، إلى قصة أو شعر أو أغنية أو فكرة أو رسمة أو مسرحية. تشمل هذه الرؤيا، من بين ما تشمل، بناء معانٍ ومفاهيم للكلمات والمصطلحات التي نسمعها ونستعملها، وايجاد فرص للتحاور والتواصل بين مختلف الأجيال، لتصغير الهوة التي خلقتها الظروف والمستجدات بين الناس، ذلك التواصل الذي نحن في أمسّ الحاجة إليه الآن أكثر من أي وقت مضى، على أمل الإسهام في بناء زخم حضاري عربي نحن محتاجون ومهيأون له. تعكس المعاني المتعددة لكلمة "قلب" في عنوان المشروع المبادئ الأساسية التي تحكم فكر وعمل المشروع والمجلة: استكناه ما هو جوهري، وإبراز ما هو غير ظاهر، والسعي لتوحيد مختلف "الأجزاء" ضمن كل متكامل كما يفعل القلب في جسم الانسان. ربما يكون سري أحمد حبيس اللغة والمكان. إلا أن ذلك لا يمنع ان تكون حياته جزءاً من الحوار العام ومادة لبناء المستقبل. وذلك ممكن عن طريق التعبير الذاتي عن حياته، مثل الرسمة التي رسمها على القناع. فرسمته تعكس حلماً يخترق حواجز اللغة والمكان بالنسبة له، وينطلق كحمامة تهمّ بالطيران من خلال نافذة إلى المروج الخضراء الشاسعة. من هنا ينبع الاقتناع بضرورة اتقان قدرة على التعبير كقيمة أساسية وكهدف رئيسي في فلسفتنا التربوية والعملية. وقد جاء على لسان علي بن أبي طالب قبل 1400 سنة: "قيمة كل امرئ ما يُحسِن". وفي رأيي اننا لو اتخذنا هذه العبارة مبدأ أساسياً في فلسفتنا التربوية ومؤسساتنا التعليمية، لغنانا ذلك عن الكثير من عمليات الهدر، والتي يشار إليها عادة بتطوير المناهج وبرامج تدريب المعلمين. تعكس الرسمة والشعر معاً روح ورؤيا "قلب الأمور" من أوجه عدة: - كل خبرة لها قيمة. ولكن الخبرات تبقى غير ظاهرة حتى يتم التعبير عنها. وهنا بالضبط تكمن قيمة التعابير والمنتوجات الحضارية، والتي من الضروري أن تكون من الأولويات في عمليات التعليم. فخبرة سري أحمد، مثلاً، ربما تفتقر إلى الرموز السائدة فهو لا يملك أية مؤهلات أو وسائل مادية أو رموز ظاهرة وربما يظهر لأناس من الخارج ك "خبراء التنمية" مثلاً، وكأنه يفتقر إلى كل شيء، إلا أن قيمة ما يملكه تصبح ظاهرة، بل صارخة، عن طريق التعبير عنها. بل ربما تزيد في غناها وصدقها عن خبرات الكثيرين من حملة المؤهلات والرموز البراقة. من هنا، فإن الخبرة والتعلم الذي يعني، من بين ما يعنيه، تحويل الخبرات إلى تعابير ومنتوجات حضارية يمثلان، كما توضح رسمة سري أحمد، أغلى ما يملكه البشر. فلو أن سري، مثلاً، حاول أن يقلّد الموناليزا ونجح في رسمها أكمل النجاح، لما كان لذلك أي معنى أو تأثير، ولما استحق حتى ان يذكر. ولعل هذا يوضح الاختلاف بين الاصالة والتقليد. - من الممكن ان لا يلتقي سري ورولا وعصام ورندة ولينا وآلان وماري وأمية ومنير، جميعاً وجهاً لوجه أبداً، لكن ذلك لا يعني ان ليس في إمكانهم ان يتواصلوا ويبدعوا معاً، وأن يعبروا عن خبراتهم ومشاعرهم وأفكارهم بامانة وصدق، وأن تصبح هذه جميعاً لبنات في بناء المستقبل. إن العالم كل واحد متكامل، ومن الممكن كسر الحواجز المصطنعة التي تفصلنا عن بعضنا البعض، باستمرار. يعكس التفاعل بين جميع الاشخاص الذين ذكرتهم والذين لم اذكرهم، مثالاً محسوساً ل "قلب الأمور" كمنبر يتواصل الناس من خلاله عبر الحواجز. - يكوّن بناء معانٍ للكلمات في ضوء خبراتنا جزءاً عضوياً من عملية البناء الفكري في المجتمع. والمثال المذكور هنا، مثلاً، يُغني معاني الكلمات: خبرة وتعبيراً وتواصل وتعلم وحضارة وقيمة ومقياس ومعرفة وأصالة وتقليد. كذلك، فإن من الممكن أن تسهم الرسمة والشعر في تغيير توجهات ومدارك، وإعطاء قيمة الأمور قيّمة ولكنها غير ظاهرة حالياً. فمثلاً، بدلاً من النظر إلى سري ورولا نظرة شفقة، لقد قلبا المفهوم رأساً على عقب، فهما مبدعان وملهمان. إذ عندما أنظر إلى الرسمة لا أشعر بالشفقة، بل أتمنى لو كانت لديّ نفس القدرة على التعبير عن نفسي عبر الرسم. في الحقيقة، أشعر بالشفقة على من نخدعهم عادة عن طريق اعطائهم شهادات معرفة، فيقضون سنين طويلة في المدارس والجامعات من دون أن يكتسبوا قدرات حقيقية، مثل القدرة على التعبير عن الخبرات الذاتية وايصالها إلى الآخرين. ربما حُرم سري أحمد من القدرة على التعبير عن طريق الرسم، إذ نراه يداعب الألوان بريشته، فتكون الخطوط أقوى من الكلمات، وتكون الظلال والألوات أقوى من الصرخات في ترجمة ما يدور في صدره من خلجات. هو "فنان" ربما لم تعرفه المعارض أو العواصم الكبيرة، ولكنه يفوق بعض مشاهير الفن بصدق أحاسيسه ونقاوة مشاعره. كذلك الحال بالنسبة لرولا في بيروت، إذ عندما وقع نظرها على الرسمة، تفاعلت معها بنفس المستوى من الصدق والنقاوة، وانطلقت لتعبّر بالكلمات عما تفجر في داخلها من أحاسيس ومشاعر. ربما تظهر الرسمة والشعر، لمن هو معتاد على قياس الأمور فقط من خلال المقاييس الشكلية التقنية السائدة، وكأنهما ليسا أفضل ما يمكن من انتاج. ولكن، وكما روى الجاحظ قبل ألف ومئتي سنة، فإن ما يخرج من القلب يقع في القلب. لا شك ان الشكل مهم، إلا أنه دائماً جزء من سياق أكبر. لذلك من الضروري اعطاء قيمة للتعابير الأكثر صدقاً، وليس فقط للأفضل شكلاً، ففي أي تعبير حضاري، هناك شقان: الصدق والشكل، إذا ضعف أحدهما ضعف الآخر. من الصعب المغالاة في أهمية القدرة على التعبير، فبدون التعابير والمنتوجات الشخصية والحضارية يبقى الشخص أو الشعب مهمشاً في أفضل الأحوال. فالحياة تُعاش ليس عن طريق المشاهدة أو عن طريق تقليد الآخرين، وإنما عن طريق خلق تعابيرنا الشخصية عما نمر ونفكر ونحس به. وهذا صحيح بوجه خاص بالنسبة إلى العرب، إذ يشكل "البيان والتبيين"، مستعينين بتعبير الجاحظ مرة ثانية، بعداً رئيسياً في الحضارة العربية. كما تنبع أهمية التعبير من أن أحد أسباب تهميش العرب عالمياً في العصر الحاضر نابع من غياب زخم عربي في المنتوجات الحضارية العربية. ويكمن السبب - بالنسبة إلى عملية التهميش بالذات - فينا اكثر مما هو بفعل قوى خارجية. اذ كم مرة يحدث ان ندخل مكتبة او دار بيع للكتب ونجد كتباً ومراجع تعكس خبرات وتجارب عربية، وفي مختلف المجالات؟ لماذا لا نجد اثراً، الا في ما ندر، لسيرة ذاتية لرئيس جامعة عربية او لرئيس تحرير صحيفة؟ او توثيقاً لتجربة مدير مؤسسة او شركة؟ لماذا لا نجد الا نادراً مذكرات فنان او اديب او اقتصادي او مزارع؟ او حياة معلم او عامل او طالب او سائق تاكسي؟ يحمل بعض سائقي التاكسيات، مثلاً، في المدن العربية شهادات جامعية في الادب العربي، ويسمعون من ركّابهم كل يوم عشرات من التعابير الملفتة للانتباه. ما المانع ان يظهر بينهم "جاحظ صغير" يجمع ويدوّن ما يسمعه من الناس، بدلاً ن ان يشكو سوء حظه باستمرار؟ لماذا لا نجد العاباً للاطفال تجسّد شخصيات مثل جحا او حنظلة او غيرهما الى جانب باربي وشخصيات والت ديزني، ان لم نقل بدلاً منها؟ كيف يمكن ان نبني مستقبلنا من دون ان يكون هذا الزخم الخبراتي الكامن في حياة الناس وذاكرتهم جزءاً من عملية البناء؟ لمحة موجزة عن تاريخ المشروع حتى الآن؟ تعود جذور المشروع الى عملي في مؤسسة تامر في فلسطين والى الحوارات مع سيرين حليله بوجه خاص. الا ان المشروع في شكله الحالي بدأ كأفكار وتأملات، قمت بصياغة اولية لبعضها بالعربية في شهر آب اغسطس 1997، ومن ثم عمدت الى مناقشتها مع بعض الاشخاص ولم يمض وقت طويل حتى بدأت ألمس حماساً وتشجيعاً للفكرة فاق توقعاتي من قبل مجموعة من العرب في منطقة مدينة بوسطن في الولاياتالمتحدة، ومجموعة اخرى في بيروت. وفي اليوم التاسع من شهر تشرين الثاني نوفمبر من عام 1997، كان الاجتماع الرسمي، الاول ل "قلب الامور". ضم ذلك الاجتماع اربعة وعشرين شخصاً من دول عربية عدة، بالاضافة الى عرب من الولاياتالمتحدة. لقد وضعت تلك الاجتماعات الاسبوعية، والتي استمرت مدة تفوق السبعة اشهر، اللبنة الاولى، وبنت التصور العام للمشروع والمجلة. كذلك، وفي الوقت نفسه، عقدت ايضاً اجتماعات دورية في بيروت. واستمر النقاش والحوار بهدف بلورة وصياغة رؤيانا لطبيعة المشروع وكيفية عمل المجلة. كان لكل اجتماع جوّه وطابعه الخاص. فتنوعت الاجواء وتعددت اشكال الحوار واساليب التعبير، وكان بعضها صاخباً ومؤلماً. وربما ما يميز مجموعة عن اخرى، في نهاية المطاف، ليس غياب مواجهات مؤلمة، وانما استمرار العمل واعتبار مثل هذه المواجهات جزءاً طبيعياً من اية عملية بناء اجتماعي فكري عملي. وقد ترك كل اجتماع بصمته الخاصة في نفوس المشاركين. وحرصنا قدر الامكان ان تتخلل الاجتماعات فترات للكتابة التأملية تلتها قراءة ما تمت كتابته. ومنذ حزيران يونيو 1998، قامت مجموعة مصغرة بمتابعة تنفيذ العمل الذي اتفق عليه في اجتماعات "قلب الامور" والذي يتلخص بضرورة العمل على تكوين هيئة للتحرير والتحضير لانتاج ما سميناه "اللقمة الصغيرة الاولى" كنموذج لما سيُنشر في المستقبل، والمتمثلة بالرسمة والشعر المنشورين مع هذا المقال. اننا ننظر الى هيئة التحرير كشريان للمشروع والمجلة، وتتكون الهيئة حالياً من مجموعة الافراد العرب، اغلبهما في ريعان الشباب، من داخل العالم العربي ومن خارجه، افراد على رغم اختلاف خلفياتهم وتنوع مواقعهم وتباين اسهاماتهم في الحياة، الا انهم يتلاقون ويتشابهون بتعبيرهم عن وحدة الحياة واستمراريتها، كل على طريقته وكل حسب اهتماماته ومهاراته. يتشابهون في شعورهم بالمسؤولية نحو الذات والآخرين والاجيال القادمة، ويعكسون اندماج الفكر والروح بالعمل، ويجسّدون روح الصداقة والتعاون والانتماء. هؤلاء الاعضاء على رغم تباين افكارهم وانتماءاتهم، يشتركون ويتصفون ويتميزون بتقديرهم واهتمامهم بابراز الخبرات الشخصية ونشر الكتابات التأملية، ويشعرون بأهمية الدخول في الحوار مع من هم قريبون منهم بحكم المسافات ومن هم عبر الحدود. سيساعد مثل هذا الحوار والتفاعل على تحويل الفرد من مستهلك لمعان جامدة ومتلق لمفاهيم جاهزة الى بانٍ لفهم العالم على قاعدة عريضة متنوعة من الخبرات والتجارب. ان الكتابات والمساهمات التي تصل المجلة سيتم توزيعها على اعضاء هيئة التحرير لمناقشتها ومن ثم يتم نشرها في المجلة على امل ان تكون ملهمة للآخرين بحيث تحفزهم على التفكير والاتيان بأعمال اكثر ابتكاراً والكتابة عنها. نظراً لأن معظم اعضاء هيئة التحرير ينتمون لمؤسسات وهيئات اجتماعية مختلفة، فان التفاعل بينهم من خلال المجلة سيخلق قاعدة خصبة للتفاعل والبناء. مئات الاشكال من الحوار والتواصل بين افراد ومجموعات تفصلهم الحدود والمسافات. كل عضو سيكون بمثابة حلقة الوصل مع المجلة في المجتمع حيث يعيش. سيقوم على حثّ الآخرين على الكتابة، ويساعد في توضيح الفكرة وتوزيع ما ينتج عن قلب الامور. كل هذه الطاقات والجهود تصبّ حالياً بشكل طوعي كامل ودون مقابل، وسيبقى كذلك في المستقبل، ولكن مع امكانية تفرّع شخصين لمتابعة متطلبات العمل اليومية. نأمل بوجه خاص ان تسهم الهيئات الطلابية في المدارس والجامعات العربية، وكذلك تجمعات الطلاب العرب خارج العالم العربي بتجاربها عبر المنابر المتوفرة محلياً او عالمياً، بما فيها ملحق "شباب" في جريدة "الحياة" ومجلة "قلب الامور". هناك طاقات بشرية عربية هائلة، لكنها في اغلبها مبعثرة ومشتتة حول العالم. وعلى الرغم من ان التشتت ينطوي عادة على كثير من المآسي والآلام، الا انه يحمل في طيّاته ايضاً بذور نهضة وبناء، نحن في اشد الحاجة اليهما. فلو رصدنا مثلاً المئات، ان لم يكن الآلاف، من الشعراء والكتّاب والفنانين العراقيين والجزائريين والسعوديين والمصريين واللبنانيين والفلسطينيين والمغاربة، وغيرهم، المتناثرين داخل العالم العربي وخارجه لوعينا مدى الزخم الحضاري الذي يمكن بناؤه. من هذا المنطلق يمكن النظر الى الشتات كظاهرة غنية بالكنوز البشرية ومليئة بما هو ضروري لبناء المستقبل، وليس فقط كظاهرة مؤلمة ومفتتة نبكي عليها ونشتم مسببيها. ستُنشر "قلب الامور" بالعربية والانكليزية، كما نأمل ان تنشر ايضاً بالاسبانية والفرنسية، وذلك لفتح المجال لاكبر عدد من العرب للمشاركة في الحوار والبناء والعمل المشترك. فهناك على سبيل المثال ما يزيد عن 18 مليون عربي في دول اميركا اللاتينية يتكلمون الاسبانية، نأمل ان يكونوا جزءاً فاعلاً من هذه الحوارات والانتاج والبناء. حلم جميل، وفي نفس الوقت ممكن، بل ممكن جداً وهو ضروري وضروري جداً.