صادق المجلس الفيديرالي الروسي مجلس الشيوخ بغالبية ساحقة على معاهدة "الصداقة والتعاون والشراكة" مع اوكرانيا التي تم التوقيع عليها في كييف عام 1997. وكان الرئيس الروسي بوريس يلتسن ونظيره الأوكراني ليونيد كوتشما وقعا المعاهدة وأقرها البرلمان الروسي في ظل ضغوط من رئيس الوزراء يفغيني بريماكوف ووزير الخارجية ايغور ايفانوف. وأرفق مجلس الشيوخ الروسي موافقته مساء أول من أمس الثلثاء، بشرط مصادقة كييف على ثلاثة اتفاقات ثنائية بخصوص اسطول البحر الأسود الذي يتخذ من قاعدة سيباستوبول البحرية مقراً له على بحر القرم وهو الأسطول الذي شكل المسألة الشائكة الأهم في العلاقات الروسية الأوكرانية منذ انهيار الاتحاد السوفياتي. وتعني موافقة روسيا على المعاهدة، اعترافها بسيادة اوكرانيا ووحدة أراضيها. ورحب الرئيسان الروسي والأوكراني بالتصديق على المعاهدة بعدما رفض مجلسا البرلمان الروسي المصادقة عليها مرات عدة في السابق. لكن ردود الفعل المتباينة المتناقضة التي أتت من الأوساط السياسية في كل من روسياوأوكرانيا، تدل على ان العلاقات "غير المثالية" بين البلدين لا تزال على حالها منذ انهيار الاتحاد السوفياتي. ورغم ان بريماكوف رحب بالمصادقة على المعاهدة ووصفها بأنها "نصر للعقلانية والحكمة"، يعتقد معارضو المعاهدة، وبينهم عمدة مدينة موسكو يوري لوجكوف الذي وصفها بأنها "مخجلة"، انها ضد مصالح روسيا الحيوية في العلاقات المفتاح بين روسياواوكرانيا. ويلعب لوجكوف الذي يبدو انه سيترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، الورقة القومية في تعامله مع أوكرانيا. ويشير الى ان تبني المعاهدة المذكورة يضر بالمصالح الروسية في مجالات معينة بينها رسو اسطول البحر الأسود الروسي في ميناء سيباستوبول والخلاف الحدودي حول شبه جزيرة القرم التي منحها خروتشوف الى اوكرانيا بعد وفاة ستالين، اضافة الى الديون الأوكرانية الضخمة المستحقة لروسيا لقاء ما اشترته كييف من غاز. ويضاف الى ذلك ايضاً التمييز اللغوي والثقافي الذي تمارسه اوكرانيا ضد الروس القاطنين فيها والذين يبلغ تعدادهم 12 مليون نسمة، وتقرب اوكرانيا من حلف الاطلسي، ما يثير استياء معارضي المعاهدة كافة. ورحب المسؤولون الأوكرانيون بمصادقة روسيا على المعاهدة، رغم ان عدداً من البرلمانيين القوميين عارض الاتفاق، وفسّر البند الخاص بأسطول البحر الأسود على أنه محاولة للضغط على اوكرانيا وابتزازها. ويذكر ان برلمان اوكرانيا صادق على المعاهدة في كانون الثاني يناير 1998. ويعتقد عدد من البرلمانيين القوميين الأوكرانيين الآن ان البرلمان الأوكراني قد يؤخر المصادقة على الاتفاق الخاص بأسطول البحر الأسود. ويعني هذا كله ان وقتاً طويلاً سيمضي قبل ان تصبح العلاقات الروسية - الأوكرانية سلسة وودية، خصوصاً وان روسياواوكرانيا مقبلتان على حملة انتخابية رئاسية غير معلنة، علماً ان الانتخابات البرلمانية الروسية صارت على الأبواب.