شهدت مدينة ميلانو الايطالية السبت التظاهرة الاكبر من نوعها للتنديد بالاجواء المعادية للمهاجرين الاجانب في البلاد. وقدر عدد المشاركين فيها بأكثر من 250 ألف شخص. وتأتي هذه التظاهرة التي قادها زعماء النقابات العمالية والاحزاب اليسارية والتنظيمات المعنية بالمهاجرين، رداً على المسيرة التي نظمتها قوى اليمين الايطالي المعارضة الشهر الماضي وطالبت فيها الحكومة بطرد المهاجرين وتعديل قوانين الهجرة بشكل يتلاءم مع تصفية وجودهم على الساحة الايطالية. كما تأتي غداة حوادث عنف اجتاحات المدينة التي تعتبر عاصمة الصناعة الايطالية. وفجّرت هذه الحوادث قضية الهجرة غير الشرعية الى البلاد، وانتهت بظهور دعوات عنصرية لترحيل جميع الاجانب غير الاوروبيين من الاراضي الايطالية، خصوصاً بعد اغتيال تسعة اشخاص في غضون تسعة ايام على ايدي من وصفتهم التقارير الامنية الايطالية بأنهم "مهاجرون ينتمون الى عصابات المافيا الألبانية". وقامت قوات الشرطة والدرك في ضوء تلك الحوادث الدامية بالقاء القبض على ما لا يقل عن 150 ألف مهاجر من مختلف الجنسيات غير الاوروبية ومعظمهم من العرب والمسلمين ووجهت الى هؤلاء تهمة "الاقامة غير المشروعة في الاراضي الايطالية" واحتجزتهم في معسكرات موقتة لحين الانتهاء من دراسة اوضاعهم التي تتطلب وقتاً غير مقيّد بالمعايير البيروقراطية الايطالية. وقال ل "الحياة" فالتر فالتروني زعيم حزب اليسار الديموقراطي وهو اكبر الاحزاب السياسية التي تقود الائتلاف الحاكم في البلاد ان "المهاجرين الذين تنظّم امورهم القانونية لا يمكن اعتبارهم خطراً يداهم البنية الثقافية والاقتصادية للمجتمع الايطالي، بل هم قوة اضافية في اغناء هذه البنية. وعلينا خلق وعي لدى الناس يتسم بالتسامح وادراك اهمية هذا الوجود وحيويته. كما اننا سندعو الى تظاهرة اخرى في روما تضامناً مع المهاجرين وذلك في 24 نيسان ابريل المقبل". اما راقصة الباليه العالمية المعروفة كارلا فراتشي التي شاركت ايضاً في التظاهرة فأكدت ل "الحياة" ان "من الضروري احياء مبدأ التسامح الذي عرف به الشعب الايطالي منذ اقدم العصور". ورأت ان "وجود المهاجرين، يشكل حقاً قوة ثقافية جديدة لاننا في حاجة اليهم كما هم في حاجة الينا، في وقت يتناقص عدد السكان عندنا الى ما دون الحدّ المطلوب". وشدد زعيم حزب اعادة التأسيس الشيوعي فاوستو بيرتينوتي في تصريح الى "الحياة" على "ضرورة التصدي بكل الوسائل للدعوات العنصرية التي تتبناها قوى اليمين والتي تحاول زرعها في الوجدان الايطالي". واضاف: "نحن لا نحتاج مطلقاً الى مراقبة الاراضي الايطالية وتحركات المهاجر، بل نحتاج الى سياسة اجتماعية جديدة تضم المهاجرين الى الواقع الاجتماعي ولا تضعهم على الهامش". وفي المقابل، دعا اومبرتو بوسي زعيم رابطة الشما الانفصالية مؤيديه وأنصاره الى تظاهرة في 14 آذار مارس المقبل للتنديد باجراءات الحكومة الحالية والرامية الى احتضان 250 ألف مهاجر جديد في البلاد، محذراً من ان عددهم سيتحول الى ثلاثة ملايين.