القدس المحتلة - أ ف ب - تثير موجة كره الأجانب في إسرائيل والتي تستهدف مواطنين عرباً ومهاجرين أفارقة، قلق منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان، ودفعت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الى توجيه دعوة لا سابق لها الى التسامح. وبات هذا العداء ظاهراً على العلن، والدليل عليه سلسلة تظاهرات وعرائض للدفاع عن «شرف النساء اليهوديات» الذي يهدده وجود العرب، وللتنديد ب «غزو المهاجرين» الأفارقة. وفي القدس، تجمع نحو عشرة آلاف يهودي مساء أول من أمس احتجاجاً على أي «تنازلات» محتملة عن الأراضي للفلسطينيين، وتأييداً لنداء يدعو اليهود لعدم بيع أو تأجير مساكن للعرب. وأفاد مصور لوكالة «فرانس برس» أن المتظاهرين، خصوصاً من اليهود المتشددين وشبان من المستوطنين، هتفوا: «لا لأولئك الذين يبيعون أرض إسرائيل بأبخس الأثمان». وكان المتظاهرون يلمحون الى خطة سلام تنسب الى رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ومفادها إنه يفكر بإخلاء مستوطنات في الضفة الغربية للسماح بقيام دولة فلسطينية. وصاح النائب مايكل بن اري من حزب الوحدة الوطنية اليميني المتطرف متوجهاً الى نتانياهو: «بيبي (لقب نتانياهو)، يجب عدم المس بأرض إسرائيل». وتحدث التلفزيون العام عن تجمع نحو عشرة آلاف شخص أثناء هذه التظاهرة التي جرت في ساحة صهيون، المكان التقليدي لتجمعات أحزاب اليمين الإسرائيلي في القدسالغربية. وفي بات يام على مشارف تل أبيب، تظاهر نحو 200 شخص من السكان المحليين والناشطين من اليمين المتطرف أتوا من كل أنحاء إسرائيل وهم يهتفون: «لن نسمح للعرب بأخذ بناتنا». وتم التجمع بعد أن أعرب وزير الداخلية ايلي يشائي من حزب «شاس» المتشدد عن قلقه من تزايد عدد السكان العرب لحي بات يام، قائلاً إن الوضع «يهدد الهوية اليهودية للمدينة». لكن رئيس بلدية بات يام شلومو لياني ندد علناً بالتظاهرة، وقال إنها «تثير خجله». وفي اليوم التالي، سار مئات الأشخاص في أحد الأحياء الشعبية لتل أبيب للمطالبة بطرد العمال من المهاجرين غير الشرعيين القادمين من أفريقيا. وشجع على هذه التظاهرات نداء وجهه حاخامات مطلع الشهر لمنع بيع أو إيجار المنازل لغير اليهود، ما يستهدف خصوصاً الأقلية العربية في إسرائيل. وأثار النداء استنكاراً كبيراً، لكن من دون أي شجب من السلطات. ومساء الخميس، دعت تشكيلات من اليمين المتطرف تابعة لحركة «كاخ» (المحظورة مبدئياً) الى دعم هؤلاء الحاخامات في القدسالغربية. من جهتها، أعلنت الشرطة الإسرائيلية الأربعاء توقيف عصابة من تسعة شبان يهود يشتبه في انهم اعتدوا على عرب في القدس. وعليه اعتبر نتانياهو الأربعاء أن من الضروري حض مواطنيه على التسامح. وقال في كلمة: «نحن دولة قانون، ونحن نحترم الجميع أياً كان أصلهم». واعتبرت الناطقة باسم الجمعية الإسرائيلية للحقوق المدنية رونيت سيلا أن موجة كره الأجانب تندرج في إطار «نزع الشرعية» العام عن الأقلية العربية والعدائية لغير اليهود الذي يحبذه الائتلاف الحاكم الذي يضم أحزاباً شعبوية ويهودية متشددة. وأضافت أن ردود الفعل المحدودة للسلطة مع التصريحات «العنصرية والمعادية للأجانب» من نواب، كلها يشجع على إصدار مشاريع قوانين عنصرية تحض على الكره وتهدد الديموقراطية في إسرائيل. ويبلغ عدد العرب الإسرائيليين المتحدرين من 160 ألف فلسطيني لازموا مناطقهم بعد إنشاء الدولة العبرية عام 1948، أكثر من 1,2 مليون شخص، أي 20 في المئة من إجمالي عدد السكان في إسرائيل. وهم يعانون من التمييز، خصوصاً على صعيد فرص العمل وشراء الشقق في مناطق يهودية. وحضت صحيفة «هآرتس» اليسارية الرئيس شمعون بيريز على التدخل «لإخماد نار الحقد والعنصرية التي تنتشر في إسرائيل». في المقابل، لا تعتبر صحيفة «يديعوت احرونوت» الواسعة الانتشار أن بالإمكان أن «ننسب هذه الظاهرة تلقائياً الى العنصرية» بل هي تعبير عن معارضة للمهاجرين، وهو شبيه بما يحصل في أوروبا. وبدأت إسرائيل بتشييد جدار أمني بطول 250 كيلومتراً على طول حدودها مع مصر لاعتراض أحد أهم مداخل المهاجرين غير الشرعيين. كما تعتزم إقامة مركز احتجاز كبير قرب الحدود لاستقبال آلاف المهاجرين، من بينهم 35 ألفاً من دون ترخيص إقامة تمكنوا من الاستقرار في إسرائيل منذ عام 2006. رحّلت السلطات المصرية أمس 29 إثيوبياً إلى بلادهم بعد اعتقالهم قبل أسابيع لدى محاولتهم التسلل إلى إسرائيل. وأفيد بأن المهاجرين الأفارقة أقروا خلال التحقيقات بأنهم تعرفوا إلى عدد من المهربين لمساعدتهم على التسلل إلى إسرائيل. ورحلت السلطات المصرية في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي 31 إثيوبياً اعتقلوا خلال محاولاتهم التسلل إلى إسرائيل عبر الحدود مع مصر. ويحاول الأفارقة على نحو مستمر التسلل عبر الحدود المصرية - الإسرائيلية طلباً للعمل أو اللجوء السياسي في إسرائيل، أو هرباً من الحروب في بلادهم. وتشير مصادر أمنية مصرية إلى أن القاهرة أحبطت تسلل أكثر من 500 إفريقي خلال العام الحالي.