أثار خطاب الرئيس الجزائري اليمين زروال مساء أول من أمس ردوداً اتسمت بالارتياح الموسوم بالحذر. وهدد زروال في خطابه ب "اتخاذ تدابير" ضد من يتسبب في انحراف الانتخابات الرئاسية عن أهدافها. ودعا لجنة الانتخابات إلى بدء عملها محدداً يوم 15 نيسان ابريل المقبل موعداً للاقتراع. وطالب رئيس الحكومة السابق السيد بلعيد عبدالسلام بانسحاب "مرشح الاجماع" عبدالعزيز بوتفليقة من السباق الرئاسي "لأنه سبب المشكلة في الجزائر"، واعتبر الخطاب مهماً، لكنه أضاف ان "الضمانات تكون في الواقع الميداني". وأكد رئيس الهيئة السياسية لحركة مجتمع السلم السيد أحمد دان تثمينه للخطاب، خصوصاً إشارته إلى دور الطبقة السياسية. ولاحظ في تصريحات إلى الاذاعة الجزائرية ان الخطاب جاء متأخراً، وقال "نحن في حاجة إلى قوانين وليس إلى تعليمات". ووصف حزب التجديد الجزائري الخطاب بأنه "صارم"، وأعربت جبهة التحرير عن ارتياحها إلى مضمونه. وتزامن خطاب زروال مع إصدار وزارة الداخلية بياناً أعلنت فيه فتح عملية مراجعة القوائم الانتخابية بدءاً من الاثنين المقبل ولمدة أسبوع. واستدعى زروال، في خطابه الذي بثه التلفزيون الجزائري مساء أول من أمس، الهيئة الانتخابية وفقاً للدستور الذي يقضي بدعوتها قبل 60 يوماً من الاقتراع. وحدد زروال يوم الخميس 15 نيسان ابريل المقبل موعداً لاجراء الانتخابات الرئاسية، التي بلغ عدد المرشحين فيها 40 شخصاً، سحبوا استمارات جمع التوقيعات المطلوبة للترشيح، وهي 75 ألف توقيع. ويعطي الدستور الجزائري مهلة 15 يوماً للمرشحين لاستكمال جمع التوقيعات وايداع ملف الترشيح للرئاسة لدى المجلس الدستوري الذي سيعلن رسمياً عن اسماء المرشحين بعد توافر الشروط المطلوبة. وذكر زروال بقراره في العاشر من أيلول سبتمبر الماضي اجراء انتخابات رئاسية. ووصف ذلك القرار بأنه "وثبة نوعية للممارسة الديموقراطية السليمة"، وجدد تعهداته ب "ضمان الصدقية لهذا الاقتراع". ودعا زروال الطبقة السياسية إلى جعل الموعد الانتخابي خدمة للديموقراطية والجزائر، وجدد نداءه إلى مشاركتها في الاقتراع، ورد على اتهامات وجهت إلى السلطة أكدت ان نتيجة الانتخابات معروفة مسبقاً. واعتبر زروال ان ما قام به أعضاء من حكومة السيد إسماعيل حمداني في "التعبير عن اختيارهم لأحد المرشحين مبادرة فردية"، واعترف بأن ذلك "غذّى بعض الشيء محاولات تعكير جو الثقة الذي يجب أن يكون طابع الانتخابات المقبلة. وأكد أنها "مجرد تصرفات لا يمكن أبداً ان تنال من الضمان الذي تقدمت به أمام الشعب". وشدد على أنها "اطروحات وتصرفات ليس من شأنها أن تساعد على توفير الشروط الضرورية لتنظيم وسير انتخابات نزيهة". ورداً على التصريحات التي نسبت إلى المؤسسة العسكرية بأن تزكيتها مرشحاً معيناً، قال زروال: "لا يمكن لأي كان أن يعطي نفسه الحق في التعبير باسم مؤسسات الدولة ما لم يكن مخولاً بذلك شرعاً وقانوناً، كما لا يمكن لأي شخص المساس بغير حق بصدقية هذه المؤسسات التي هي في خدمة الشعب دون غيره، وفي خدمة ارادته السيدة". وهي إشارة إلى تصريحات بعض الجنرالات المتقاعدين عن دعم المؤسسة العسكرية للسيد عبدالعزيز بوتفليقة. وأعلن زروال للمرة الأولى، بلهجة صارمة، عن امكان اتخاذ اجراءات ضد "المتسببين في الانحرف عن الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها من خلال الانتخابات الرئاسية". وردد زروال التهديد مرتين. وقال: "لن أتردد أبداً في اتخاذ التدابير التي تفرض نفسها إذا استفحلت النزعة إلى تحريف هذه الانتخابات عن مغزاها واستمر السلوك الرامي إلى تحويل هذا المسار عن أهدافه النبيلة". ولاحظت أوساط قريبة من الرئيس الجزائري انه "يهدد في خطبه وتصريحاته إلا إذا كان اتخذ القرار، وبالتالي فإن التهديد يأتي تتويجاً لهذا القرار". وبدا أن الرئيس وضع نفسه بهذا التهديد أمام خيارين: أولاً، إبعاد الضباط الذين نسبت إليهم عملية تزكية مرشح معين، وفتح تحقيق في شأن ما نشر على لسان شخصيات سياسية بأن الانتخابات الرئاسية تتجه نحو فرض مرشح معين. وثانياً، التراجع عن اجراء الانتخابات الرئاسية واستكمال مدته في حال عدم توافر الشروط. ويظهر من لهجة الخطاب ان الرئيس مقدم على اجراءات في المؤسسة العسكرية في حال استمرت التصريحات المنسوبة إلى بعض القيادات. وقد دحض المقولة التي راجت في الجزائر بأن نتائج الانتخابات معروفة مسبقاً بقوله: "إن البعض لم يتردد في الايهام زعماً بأن نتيجة المنافسة الانتخابية معروفة مسبقاً، في حين أن كثافة النشاط السياسي المسجل وتعدد الترشيحات المعلنة تثبت عكس ذلك كل يوم". وأشارت مصادر مطلعة إلى ان مجموعة الأحزاب الخمسة والمرشحين الأحرار، ستتخذ مبادرات جديدة لضمان نزاهة الانتخابات، ومنها اطلاع الرئيس على التجاوزات.