تزايدت في السنوات الاخيرة الارشادات والنصائح والتحذيرات الطبية للنساء بشأن سن اليأس الذي تبلغه المرأة في سنّ يتفاوت بين 48 و55 عاماً، تاركة النساء امام احتمالات مرضية يبدو كأن لا مفر منها بعد هذه السن: اما الاصابة بمرض ترقق العظم وإما سرطان الثدي وإما الذبحة القلبية. وتشير الدراسات عن صحة المرأة الى ان معدل الحياة لم يكن يصل الى الخمسين في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، اذ لم يكن مقدراً للنساء الوصول الى مرحلة سن اليأس، وبالتالي معرفة الآثار التي يخلفها انقطاع الطمث لديهن، حين يتراجع انتاج اجسادهن لهورمون الاستروجين بنسبة قد تصل الى 80 في المئة ما قد يؤدي الى الاصابة بترقق العظم اذ قد تخسر المرأة بعد ست سنوات عن انقطاع الطمث ما نسبته ثلث كثافة العظم في عمودها الفقري. وقد يزحف هذا المرض الى جسد المرأة من دون ألم الى ان تصاب بكسر ما في عظمها، وعادة تحصل الكسور في عظمة الورك أو الزند أو العمود الفقري. والانحناء الذي قد يصيب ظهر المرأة المسنة يدل عادة الى الضعف الذي أصاب العمود الفقري نتيجة ترقق العظم الذي يؤدي الى تفتت الفقرات. الا ان معدل الحياة خلال القرن العشرين ارتفع من خمسين عاماً في بدايته ليتجاوز الثمانين في نهايته، ما وضع النساء امام تجارب صحية جديدة، والجسم الطبي امام تحديات علمية لم تكن معروفة سابقاً تستوجب علاجات وطرق وقاية. وتفيد دراسة اميركية ان 75 في المئة من خسارة العظم لدى النساء تحصل في العقدين اللذين يليان سن اليأس، ويعود السبب الى نقص هورمون الاستروجين، وليس الى عامل الشيخوخة. ثم ان مرض القلب هو السبب الاكثر شيوعاً لموت النساء بعد سن الخمسين، اذ تصبح الاصابة به قريبة من نسبة اصابة الرجال، بعد ست سنوات أو عشر من سن اليأس، لأن هورمون الاستروجين يبقي مستوى الكولستيرول في الدم منخفضاً، وحينما ينخفض هذا الهورمون يؤدي الى ارتفاع الكولستيرول، وبالتالي تصبح الاصابة بمرض القلب محتملة. سرطان الثدي وعلى رغم ان سرطان الثدي غير ناتج عن نقص الاستروجين، فانه يصبح هماً اساسياً بعد سن اليأس، اذ ان احتمال الاصابة به يرتفع مع تقدم العمر، حيث تصاب سبعة في المئة تقريباً من النساء اللواتي تجاوزن سن الستين. ويحصي مستشفى الجامعة الاميركية في بيروت نحو 786 مصاباً بالسرطان يدخلونه سنوياً، والاكثر شيوعاً هو سرطان الثدي لدى النساء 35 في المئة من حالات اصابة النساء سجلت ادارة المستشفى 1821 حالة منها بين العامين 1983 و1995. وفي دراسة 10220 حالة وصلت الى المستشفى، تبيّن ان متوسط عمر الاصابة بسرطان الثدي هو خمسون عاماً، وان 80 في المئة من النساء المريضات اصبن به بعد الاربعين. وتشير دراسات اخرى الى ان تناول النساء هورمون الاستروجين لتعويض نقصانه الطبيعي في اجسادهن يخفض نسبة الاصابة بترقق العظم الى النصف، الا انه يدفعهن الى الوقوع ضحية الاصابة بسرطان الثدي والعكس صحيح. ووصل اخيراً الى الاسواق عقار جديد تقول الشركة المصنعة له، "ايلي ليلي"، انه "العلاج الوحيد لحماية شاملة للمرأة بعد انقطاع الطمث" هو دواء "رالوكسيفين" RaloXifene، الاول ضمن مجموعة ادوية تعرف بالادوية المعدلة لمستقلات الاستروجين ذات التأثير الانتقائي. فهو يزيد من كثافة المعادن في العظام ويقلل من نسبة الكوليسترول ومن خطر اصابة المرأة بسرطان الثدي ولا يعرّضها للنزيف أو زيادة الوزن أو الألم في الثدي، وهي عوارض جانبية مرتبطة بالعلاج الهورموني". وتشير دراسة عرضت في اجتماع الجمعية الاميركية للأورام السريرية عقد في لوس انجيليس العام الماضي الى انخفاض خطورة الاصابة بسرطان الثدي عند 64 في المئة من النساء بعد اتباع العلاج بالعقار المذكور لاكثر من ستة اشهر، وعند 74 في المئة لدى اللواتي اتبعنه لمدة تزيد عن 12 شهراً. وتبقى للاطباء نصائحهم بوقاية طبيعية تتمثل بالامتناع عن التدخين وشرب الكحول وتناول الاطعمة الغنية بالكالسيوم والفيتامين واتباع طريقة عيش وأكل سليمة وممارسة التمارين الرياضية.