رأى مراقبون في البلقان أمس الأحد ان قرارات مجموعة الاتصال الدولية الخاصة بالتسوية السلمية للوضع المضطرب في اقليم كوسوفو، "تحتمل تفسيرات عدة تمكن كل طرف في النزاع بانتقاء ما يناسبه ويتماشى مع أهدافه". وحسب الفقرة الثالثة في نص القرارات الصادر عن المجموعة في اجتماع وزراء خارجية دولها في لندن يوم الجمعة الماضي فإن الدعوة الى التفاوض وجهت الى "ممثلين من جمهورية الاتحاد اليوغوسلافي والحكومة الصربية وممثلي ألبان كوسوفو للاجتماع في رامبوييه في فترة أقصاها السادس من شباط فبراير الجاري برئاسة كل من هوبير فيدرين وزير خارجية فرنسا وروبن كوك وزير خارجية بريطانيا، لاجراء مفاوضات مباشرة بمشاركة مجموعة الاتصال. وتعترف المجموعة بالحقوق المشروعة للجماعات العرقية الأخرى في كوسوفو". ونشرت صحيفة "بوليتيكا" الصادرة في بلغراد أمس ان هذه الفقرة حفزت الحكومة اليوغوسلافية على وضع ثلاثة مطالب في مقابل حضورها المفاوضات المقترحة. وتتركز هذه المطالب على اعتراف مجموعة الاتصال بأن اقليم كوسوفو هو جزء من صربيا وأن تعقد المفاوضات حول الحل في أراضي كوسوفو وان يشارك في هذ المفاوضات ممثلون عن جميع الأعراق في الاقليم. ويعني ذلك، حسب مصادر الصرب، ان تمثيل سكان الاقليم يجب ألا يقتصر على الألبان وانما يتعين أن يشاركهم في ذلك السكان الصرب وأبناء الجبل الأسود والأتراك والبوشناق المسلمين والغجر الذين يطلق عليهم اسم "المصريين". أما الألبان فهم يفسرون الفقرة التي تنص على أن الاتفاق "انتقالي" وهو "آلية للتوصل الى حل نهائي بعد فترة 3 سنوات" بأنها تعطيهم ضمنا "الحق في تقرير المصير والاستقلال". لكن فقرة تالية تشير الى "ضمان وحدة أراضي الاتحاد اليوغوسلافي بالنسبة للدول المجاورة لها"، تدل حسب التفسير الصربي على عدم انفصال الاقليم في أي حال من الأحوال، سواء بالاستقلال أو الانضمام الى الجارة ألبانيا. وينطبق على القرارات التحليل الذي أوردته وكالة "رويترز" الذي يرى أن الوجود الصربي يتآكل في كوسوفو ذلك ان الألبان الذين يشكلون أكثرية السكان، سيهيمنون في أي ترتيب مستقبلي على غالبية المناصب وعلى ادارة شؤون الاقليم بما في ذلك الأجهزة الأمنية وهو ما سيضطر رجال الشرطة الصربية الى مغادرة كوسوفو في حين سيتعين على قوات الجيش اليوغوسلافي التزام ثكناتها وقصر دورها على القيام بدوريات على الحدود. ويبدو أن الوضع في الاقليم في حال الاتفاق، سيكون شبيهاً بالبوسنة اذ تشير فقرات التنفيذ في قرارات مجموعة الاتصال الى وجوب "ايجاد آلية لحل الخلافات وتشكيل لجنة مشتركة للاشراف على تطبيق الاتفاق ومشاركة منظمة الأمن والتعاون الأوروبية وغيرها من المحافل الدولية، اذا احتاج الأمر". وتردد ان قوة من حلف شمال الأطلسي قوامها 20 ألف جندي هي المعنية بعبارة "وغيرها من المحافل الدولية". لكن الواضح حتى الآن ان حكومة بلغراد ترفض اعطاء كوسوفو وضعاً شبيهاً بالبوسنة، وذلك لأنها تعتبر الاقليم جزءاً من أراضي صربيا ودولة يوغوسلافيا وهو ما يختلف عن البوسنة التي تتكون من ثلاث جماعات عرقية تتقاسم السلطة في البوسنة - الهرسك المستقلة بكاملها وهو ما ليس موجوداً في اقليم كوسوفو الذي هو جزء من صربيا ويوغوسلافيا. وتوقعت مصادر صربية مطلعة ان يكون الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوشيفيتش اطلع وزير الخارجية البريطاني روبن كوك على شروطه وتفسيراته ومخاوفه خلال زيارة الأخير لبلغراد لابلاغها مضمون قرارات مجموعة الاتصال.