اختارت قواعد حزب "التجمع من أجل الجمهورية" الديغولي الوزيرة السابقة ميشال اليو - ماري 53 عاماً رئيسة للحزب، وعهدت اليها بمهمة العمل على اعادة توحيده واصلاحه. وحصلت اليو - ماري على 62 في المئة من الاصوات في الانتخابات الحزبية الداخلية مساء أول من أمس، في مقابل 37 في المئة لمنافسها عضو مجلس الشيوخ جان - بيار دولوفوا، لتصبح أول امرأة تترأس الحزب الديغولي. ومن المرتقب ان يؤدي انتخاب اليو - ماري الى تهدئة البلبلة التي تسود الحزب منذ الاستقالة العاصفة لرئيسه السابق رئيس الجمعية الوطنية السابق فيليب سيغان عشية الانتخابات الأوروبية في الربيع الماضي. فالهزيمة القاسية التي واجهها الديغوليون في هذه الانتخابات أغرقت حزبهم في تنافس داخلي، وعم صفوفه تبادل الاتهامات في شأن المسؤولية عن حال الانهيار، وصولاً الى مؤسس الحزب الرئيس جاك شيراك. وسط هذه الأجواء اعتبر ترشيح اليو - ماري نفسها لرئاسة الحزب بمثابة سباحة عكس التيار. فهي بخلاف المرشحين الخمسة الذين تنافسوا معها في الدورة الأولى من الانتخابات الداخلية في نهاية تشرين الثاني نوفمبر الماضي، لا تمثل أياً من المحاور. كما نُظر الى وجودها في السباق على انه بمثابة إرضاء للداعين الى مشاركة اكبر للمرأة في الحياة العامة. لكن الدورة الأولى من الانتخابات جاءت لتخالف هذه النظرة، بعدما حلت اليو - ماري في المرتبة الثانية بعد دولوفوا الذي خاض حملته انطلاقاً من كونه المرشح الضمني لشيراك. وبعد المفاجأة التي أثارها تقدمها في الدورة الأولى، طرأ تحول جذري على كيفية النظر اليها. وتحول ما استخدم في البداية للتشكيك في قدرتها على الفوز نقاطاً لمصلحتها. فرفضها الانتماء الى أي من المحاور الحزبية الحالية امتداد لرفضها، خلال انتخابات الرئاسة في 1995، الاختيار بين شيراك ومنافسه من حزب "التجمع" رئيس الوزراء السابق ادوار بالادور، ويساعدها هذا الأمر حالياً في سعيها الى التقريب بين المحاور المتخاصمة. وفي أول تصريح أدلت به عقب فوزها، اكدت الرئيسة الجديدة ل"التجمع من أجل الجمهورية" انها ستتفرغ في اطار المنصب الذي ستتولاه ثلاث سنوات لعملية اعادة الوحدة للحزب وتأمين التفافه حول شيراك، خصوصاً في معركة الرئاسة المقبلة. ولتحقيق هدفها يتوجب عليها اتمام مهمة عسيرة تقضي بصوغ هوية جديدة واضحة ومحددة للديغوليين، بعد الإبهام والتباين في صفوفهم منذ مدة. وتمتلك اليو - ماري، التي تربت على الديغولية في ظل والدها برنار ماري النائب السابق القريب من الجنرال شارل ديغول، قدراً من المزايا التي تتيح لها تحقيق ما تطمح اليه. فهي دؤوبة ومجتهدة، وهذا ما جعلها تعمل في شبابها على مراكمة ست شهادات جامعية بينها دكتوراه في القانون، ومن ثم تتولى مناصب رسمية عدة منها وزيرة دولة للتربية 1986 ووزيرة الشباب والرياضة 1993 ورئيسة لبلدية سان جان دو - لوز حالياً. كما انها تنبذ العداء وتعتبر على الدوام انه في الإمكان القيام بأي شيء وقول أي شيء بواسطة الابتسامة. فهل تنجح بفضل ابتسامتها بالنهوض بحزبها من نقطة الصفر التي يوجد فيها حالياً؟