وافقت اللجنة المكلفة بانظمة «الاتحاد من اجل حركة شعبية» حزب الاغلبية الحاكمة في فرنسا على التعديل الجديد الذي فرضه نيكولاسركوزي رئيس الحزب ووزير الداخلية على نصوص الحزب مما يسمح له بأن يكون المرشح الوحيد باسم هذا الحزب خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة التي ستجري عام 2007م. وكان المقربون من وزير الداخلية يعدون العدة لهذا التعديل منذ عدة اشهر فتوصلوا الى حد كبير الى ما كانوا يرغبون في التوصل اليه وذلك عبر اقناع اغلب اعضاء المكتب السياسي في الحزب بضرورة التصويت لصالح التعديل. اما المقربون من الرئيس الفرنسي جاك شيراك ودومينيك دوفيلبان رئيس الوزراء فإنهم كانوا يعترضون اعتراضاً كلياً على هذا التعديل لأنهم مقتنعون ان الغاية منه هو قطع الطريق على دوفيلبان للترشح الى رئاسة الجمهورية بعد ان باتت حظوظ شيراك في الترشيح ضعيفة جداً لأسباب عديدة اهمها اوضاعه الصحية وسنه المتقدمة. وكان مساندو دوفيلبان يقولون ان التعديل الذي طرحه سركوزي يتنافى وتقليداً دأب عليه «الديغوليون» ويتمثل في ترشيح الشخص الديغولي الذي يقوم حوله اجماع او شبه اجماع لدى شرائح كثيرة من المجتمع الفرنسي تتجاوز بكثير حدود الحزب الديغولي. ولكن سركوزي رفض هذه المقولة واعتبر ان الديغوليين يعيشون على الماضي او يسخرون منه عندما يقدمون مثل هذه الحجة. ويقدم بنفسه تبريرات وحججاً كثيرة تدعو اليوم لاختيار شخص واحد يمثل الحزب من قبل القاعدة ويكون مرشحاً للانتخابات الرئاسية القادمة. ومن هذه الحجج والتبريرات ضرورة التزام الشفافية وضرورة احترام رأي القاعدة وضرورة الفصل بين الديغولية كفلسفة وحزب «الاتحاد من اجل حركة شعبية». ويمضي سركوزي واتباعه او المقربون منه فيقولون انه من المنطقي جداً الاقرار بأن الرئيس الفرنسي الحالي جاك شيراك هو الذي كان وراء تأسيس حزب الاغلبية الحاكمة الحالية بعيد الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2002م ولكنهم يضيفون فيقولون ان الحزب الجديد ليس نسخة مطابقة للأصل من الحزب الديغولي القديم لأنه عبارة عن ائتلاف يضم الديغوليين وجزءاً هاماً من التيارات والاحزاب الليبرالية واليمينية التقليدية الاخرى. ومن ثم فإنه غير صحيح الانطلاق من حيثيات واعتبارات وتقاليد تكون حكراً على الفلسفة الديغولية. عامل الوقت والمهم ان سركوزي قد سجل انتصاراً مرحلياً هاماً على خصمه دوفيلبان في السباق المحموم بينهما نحو كرسي الرئاسة. فمشروع التعديل الذي سيعرض في الشهر القادم على الهياكل القاعدية في الحزب يعني في حال الموافقة عليه وهو امر محسوم مسبقاً لصالح سركوزي سيسمح له بالحصول على مبالغ مالية هامة تمكنه من القيام بحملة انتخابية واسعة النطاق في مختلف مدن البلاد وقراها ومناطقها على عكس سركوزي الذي سيجد نفسه مضطراً الى التركيز على وسائل الإعلام اكثر من التعويل على الاتصال المباشر مع الجماهير. ومع ذلك فإن دوفيلبان يعول كثيراً على الوقت لكسب الرهان. فعملية اختيار مرشح يسانده حزب «الاتحاد من اجل حركة شعبية» لن يتم الا في بداية عام 2007 من جهة. ومن جهة اخرى توصل اتباعه والمقربون من رئيس الجمهورية الى اقناع المكتب السياسي في الحزب باستبدال كلمة «تعيين» مرشح واحد عن الحزب بعبارة «مساندة» مرشح واحد عن الحزب وهذا يعني انه من حق اي شخص آخر من الحزب ترشيح نفسه باسمه الشخصي دون ان يتنافى ذلك مع انظمة الحزب الداخلية. واذا كانت عمليات استطلاع الرأي اليوم تخلص الى امكانية انتصار سركوزي على كل منافسيه من اليسار في الانتخابات الرئاسية القادمة فإنها ترى ان دوفيلبان قادر على بز سركوزي اذا دارت المنافسة بينهما في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية القادمة. ومن ثم فإن دوفيلبان شبه مقتنع بأن حظوظ فوزه في اعقاب الانتخابات الرئاسية القادمة لا تزال قائمة برمتها لعدة اسباب اهمها ان احزاب اليسار ضعيفة اليوم وان لديه املاً في البقاء الى الدورة الثانية مع سركوزي. عندها سيفضله اغلب ناخبي اليسار على سركوزي.