في السادس من آب اغسطس 1908، تم افتتاح سكة حديد الحجاز التي بات في امكانها، اعتباراً من ذلك التاريخ ان تربط دمشق بالمدينة المنورة. والحال ان هذا الجزء من خط السكة الحجازية يأتي ضمن اطار مشروع كبير كانت سكة حديد بغداد قد حصلت من أجله على امتياز يخولها مد الطريق من قونية الى بغداد عن طريق اضنه. ومنذ العام 1889 كان هناك رجال أعمال ألمان يفاوضون، من جانبهم للحصول على امتياز في بلاد الأناضول يمتد من ازميت الى أنقرة. ومن المعروف ان هذا التعاون كانت تركيا هي التي سعت اليه متقاربة فيه مع المانيا، لخشيتها من أن ترى النفوذ البريطاني يتسع ويتمدد في طول تلك المنطقة وعرضها. وكان الاتفاق ينص على أن الخط سوف يمتد في نهاية الأمر حتى مدينة البصرة على الخليج. الألمان، ودائماً بمباركة الأتراك، ركزوا على استراتيجية كان الهدف منها، بكل وضوح، لجم النشاط الاستعماري البريطاني المتمدد في المنطقة. وفي هذا الاطار يذكر أن الامبراطور غيوم الثاني، بعد تخلصه في العام 1890 من وزيره بسمارك - الذي كان لا يريد أن يناقشه أحد في ضرورة فرض الهيمنة البروسية، والوصول الى وحدة المانية متكاملة - كان - أي الامبراطور - قد أقام برنامج لانشاء السفن، منذ العام 1898، حيث كان يريد منافسة انكلترا، بأسرع ما يمكن، في مجال كانت السيطرة فيه لها، حيث ان شركاتها البحرية كانت منتشرة ومهيمنة في أربع زوايا الأرض. ومن هنا كان غيوم يحرص على تعزيز التعاون مع الأتراك، الذين، في مجال آخر، منحوا الشركة الألمانية الكبيرة "باغداباهن" امتياز التنقيب عن الثروات الطبيعية واستغلالها، على جانبي خط السكة الحديد لمسافة تصل الى عشرين كيلومترا. وكان من الواضح في ذلك كله أن خطة غيوم تقوم على ثلاث محاور: انشاء خط حديدي يمتد من برلين الى بغداد. اضفاء طابع شديد الاستراتيجية على ذلك المشروع مما يعزز قيام محور سياسي الماني - عثماني. البدء في التنقيب عن البترول في منطقة الموصل.