خطت العلاقات المصرية - السودانية في شكل متسارع يؤكد حسم نقاط الخلاف بينهما. إذ اتفق الرئيسان حسني مبارك وعمر حسن البشير على تطبيع كامل للعلاقات بين بلديهما واعادة السفير المصري الى الخرطوم بعد قطيعة استمرت اربع سنوات. وعقد مبارك والبشير صباح أمس جلسة محادثات اقتصرت عليهما غادر على أثرها الرئيس السوداني مصر في ختام زيارته التي استمرت يوماً واحداً. واصدر الجانبان المصري والسوداني بياناً مشتركاً تعاهد فيه مبارك والبشير على تضافر جهودهما لتحقيق السلام والأمن والاستقرار في السودان من خلال التوصل الى حل سياسي شامل يحفظ للسودان وحدته وسلامة اراضيه ويحقق تطلعات ابناء الشعب السوداني. ولفت البيان الى ان المبادرة المصرية - الليبية لتحقيق الوفاق الوطني والحل السياسي الشامل تمثل الاطار المناسب لتوجيه الجهود نحو تحقيق التسوية السلمية في السودان. وعبّر البشير عن استعداده لاتخاذ الخطوات التي تهيئ الاجواء لتحقيق الوفاق الوطني. وكذلك عبّر الرئيسان عن ثقتهما في ان تسعى المعارضة الى تفعيل عملية الوفاق في اطار المبادرة المصرية - الليبية. ودعا البيان منظمة "إيغاد" الى التنسيق مع الجهود المصرية - الليبية باعتبار انه لا "تعارض ولا تنافس" بينهما من أجل التوصل الى حل سياسي شامل ودائم في السودان. ودفعاً ل"العلاقات الاخوية بين البلدين الشقيقين"، اتفق مبارك والبشير على تطبيع العلاقات بين البلدين بصورة كاملة واعادة السفير المصري الى الخرطوم بصورة فورية. كما اتفقا على حل مشكلة حلايب في "اطار تكاملي أخوي يشكل رافداً في حركة التكامل الشامل بين البلدين". وأشار البيان الى الاتفاق على تنفيذ عدد من المشاريع الاستراتيجية الكبرى التي تحقق الامن الغذائي للبلدين. واتفق مبارك والبشير على تشكيل لجنة وزارية مشتركة برئاسة وزيري الخارجية تتولى متابعة العلاقات الثنائية وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه. وتناولت محادثات مبارك والبشير "التطورات الاخيرة في السودان الشقيق والاجراءات التي اتخذتها قيادته الشرعية لتصحيح الاوضاع والحفاظ على وحدة الصف فيه وتحقيق الاستقرار والأمن لشعبه بكل طوائفه وقواه وحماية لمصالحه الوطنية العليا". واكد الرئيسان في بيانهما ان "تحقيق السلام والامن والاستقرار في السودان يتطلب تضافر جميع الجهود الوطنية والاقليمية والدولية من اجل التوصل الى حل سياسي شامل". ووصف الرئيس البشير خلال لقائه مساء اول من امس رؤساء تحرير وسائل الاعلام المصرية - العلاقات مع مصر - بأنها "استراتيجية". وقال: "بعض الظروف والتصرفات غيرالسليمة كانت السبب في سوء الفهم الذي وقع بين الدولتين الشقيقتين، وهذه الظروف انتهت تماماً". وقال: "الدعم المصري كان له تأثير كبير في استقرار الوضع، كما ان التحرك المصري الى منطقة الخليج ادى الى حصول السودان على تأييد ومساندة حركته التصحيحية". واستبعد البشير إمكان مصالحة سياسية أو حزبية مع رئيس البرلمان الدكتور حسن الترابي. وقال "لن نسمح بعودة الازدواجية للحكم وللقرارات. ولن نسمح لأحد بأن يسلب الدولة ومؤسساتها ورئيسها سلطاته". لكنه تحدث عن مصالحة "اجتماعية انسانية". وتابع ان الجيش السوداني "الذي سقط منه 20 الف شهيد دفاعاً عن وحدة التراب السوداني والمحافظة على وحدة شماله وجنوبه، لن يسمح بانفصال الجنوب أو تمزيق السودان". وقال: "أثق ثقة تامة في تأييد الجيش لتصحيح الوضع والاجراءات التي اتخذتها بالنسبة لحل البرلمان واعلان حال الطوارئ. والشارع السياسي يؤيد هذه الخطوات ولا خوف من أي تحرك مضاد". وسئل عن قول الترابي انهما تقاسما الادوار يوم "حركة التصحيح": أنت تذهب الى قصر الرئاسة وهو يذهب الى السجن للتمويه. فضحك البشير وقال: "لا أنكر ان تعاوناً قام بيننا في البداية. كانت الاوضاع صعبة والطريق الى النصر، كما يقول، شبه مستحيل. العديد من المحاولات الانقلابية باءت بالفشل وبالتالي كان بيننا تعاون ... لكن الوضع الحالي يختلف عما كان عليه في العام 1989". وعن اتهام الترابي للاجهزة الرسمية التابعة للرئيس بأنها كانت وراء محاولة اغتيال الرئيس مبارك في اديس ابابا، قال: "هذا كلام غير صحيح. وعلى كل حال فلقد تجاوزنا اديس ابابا ونحن في مرحلة جديدة". وعن "تغلغل الترابي في الجيش"، قال: "إنني جزء من القوات المسلحة وأعرف تماماً ما يدور في داخلها. ولو كنت اشك لحظة في أي تحرك من داخل الجيش ما تمكنت من الخروج الى مصر وليبيا".