لاقى قرار الرئيس السوداني عمر حسن البشير حل البرلمان السوداني ارتياحاً لدى المصريين. لكن المسؤولين امتنعوا عن الخوض في التطورات السودانية بانتظار اتضاح الامور، تحاشياً لتكرار ما حدث في حزيران يونيو 1989 عندما سجن البشير رئيس "الجبهة الاسلامية القومية" الدكتور حسن الترابي في مسعى لخلع عباءة "الجبهة" عن الرئيس السوداني بعد الإنقلاب مباشرة. وقال وزير الخارجية المصري عمرو موسى في أول تعليق رسمي على احداث السودان :"نحن نتابع ما يجري في السودان وعلى اتصال مستمر مع حكومته"، فيما امتنع كبار المسؤولين والديبلوماسيين عن الخوض في التطورات او التطرق الى السيناريوات المقبلة على صعيد العلاقة المصرية - السودانية. ويتوقع ان توفد القاهرة مبعوثاً الى الخرطوم لإجراء محادثات مع البشير للبحث في التطورات الاخيرة على الساحة السودانية. وجاء توقيت قرارات البشير مفاجأة للأوساط السياسية المصرية التي توقعت تصاعد النزاع بين البشير والترابي، لكنها لم تتوقع ان يصل الامر الى حل البرلمان واعلان حال الطوارىء. وتتوقع مصادر ديبلوماسية في الجامعة العربية ان يحسم البشير الصراع لمصلحة المؤسسة العسكرية، وان يتخلص من الترابي الذي سعى الى تقليص نفوذ الرئيس السوداني وصلاحياته في الفترة الاخيرة. وعلى الصعيد الشعبي لم ينس المصريون محاولة الاغتيال التي تعرض لها الرئيس حسني مبارك في أديس أبابا في حزيران يونيو من العام 1995، والدور الذي لعبه الإعلام المصري في تحميل الترابي مسؤولية تدهور العلاقات بين البلدين والخطوات التصعيدية التي اتخذها السودان ضد مصر ومنها مصادرة الممتلكات والمنشآت التربوية المصرية في السودان. وكانت القاهرة اول دولة اعترفت بالإنقلاب الذي قاده البشير في حزيران يونيو 1989 وأوفدت رئيس الاستخبارات آنذاك أمين نمر الى الخرطوم لتقديم العون والتشاور مع البشير وأعوانه. في غضون ذلك اتصل الامين العام لجامعة الدول العربية الدكتور عصمت عبدالمجيد هاتفياً امس بالسفير السوداني لدى مصر وبحث معه في تأثير التغيرات في داخل السودان على خطى الوفاق الوطني السوداني ومساعي تحقيق المصالحة. وقال مسؤول في الجامعة العربية ل"الحياة" "ان ما يجري في السودان شأن داخلي، ونأمل ان تسير الامورفي شكل هادىء للحفاظ على مصالح الشعب السوداني". لافتاً الى ضرورة احترام الشرعية والقانون، وحذر من تداعيات حدوث صراع داخلي في السودان، مشدداً على ضرورة الحفاظ على وحدة السودان وسلامة أراضيه.