«الإحصاء»: إيرادات «غير الربحي» بلغت 54.4 مليار ريال ل 2023    اختتام اعمال الدورة 44 لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب في البحرين    مدرب قطر يُبرر الاعتماد على الشباب    وفد عراقي في دمشق.. وعملية عسكرية في طرطوس لملاحقة فلول الأسد    مجلس التعاون الخليجي يدعو لاحترام سيادة سوريا واستقرار لبنان    المملكة رئيساً للمنظمة العربية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة «الأرابوساي»    الجمعية العمومية لاتحاد كأس الخليج العربي تعتمد استضافة السعودية لخليجي27    وزير الشؤون الإسلامية يلتقي كبار ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة    تدخل جراحي عاجل ينقذ مريضاً من شلل دائم في عنيزة    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي ال (46) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون    استخدام الجوال يتصدّر مسببات الحوادث المرورية بمنطقة تبوك    الذهب يرتفع بفضل ضعف الدولار والاضطرابات الجيوسياسية    استمرار هطول أمطار رعدية على عدد من مناطق المملكة    استشهاد خمسة صحفيين في غارة إسرائيلية وسط قطاع غزة    الفكر الإبداعي يقود الذكاء الاصطناعي    الحمدان: «الأخضر دايماً راسه مرفوع»    المملكة ترحب بالعالم    رينارد: مواجهة اليمن صعبة وغريبة    وطن الأفراح    حملة «إغاثة غزة» تتجاوز 703 ملايين ريال    "الثقافة" تطلق أربع خدمات جديدة في منصة الابتعاث الثقافي    "الثقافة" و"الأوقاف" توقعان مذكرة تفاهم في المجالات ذات الاهتمام المشترك    أهازيج أهالي العلا تعلن مربعانية الشتاء    حلاوةُ ولاةِ الأمر    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    شرائح المستقبل واستعادة القدرات المفقودة    الأبعاد التاريخية والثقافية للإبل في معرض «الإبل جواهر حية»    أمير نجران يواسي أسرة ابن نمشان    63% من المعتمرين يفضلون التسوق بالمدينة المنورة    منع تسويق 1.9 طن مواد غذائية فاسدة في جدة    نجران: «الإسعاف الجوي» ينقل مصاباً بحادث انقلاب في «سلطانة»    العناكب وسرطان البحر.. تعالج سرطان الجلد    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    الدرعان يُتوَّج بجائزة العمل التطوعي    أسرتا ناجي والعمري تحتفلان بزفاف المهندس محمود    فرضية الطائرة وجاهزية المطار !    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    واتساب تطلق ميزة مسح المستندات لهواتف آيفون    «كانسيلو وكيسيه» ينافسان على أفضل هدف في النخبة الآسيوية    في المرحلة ال 18 من الدوري الإنجليزي «بوكسينغ داي».. ليفربول للابتعاد بالصدارة.. وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    تدشين "دجِيرَة البركة" للكاتب حلواني    مسابقة المهارات    إطلاق النسخة الثانية من برنامج «جيل الأدب»    نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء    لمن لا يحب كرة القدم" كأس العالم 2034″    المأمول من بعثاتنا الدبلوماسية    أفراحنا إلى أين؟    آل الشيخ يلتقي ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة    %91 غير مصابين بالقلق    اطلاع قطاع الأعمال على الفرص المتاحة بمنطقة المدينة    الصادرات غير النفطية للمملكة ترتفع بنسبة 12.7 % في أكتوبر    اكتشاف سناجب «آكلة للحوم»    دور العلوم والتكنولوجيا في الحد من الضرر    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس أذربيجان في ضحايا حادث تحطم الطائرة    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    مفوض الإفتاء بجازان: "التعليم مسؤولية توجيه الأفكار نحو العقيدة الصحيحة وحماية المجتمع من الفكر الدخيل"    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المؤتمر السنوي ل"الحياة" و"الوسط" يتابع أعماله في بيروت . مداخلات عن تأثيرات الإعلام العربي المكتوب العابر للحدود ودعوة لإنقاذ القارئ العربي من قهر صحافته المحلية والتموضع على "الانترنت"
نشر في الحياة يوم 02 - 12 - 1999

} تابع المؤتمر السنوي للتحرير ل"الحياة" و"الوسط" أعماله في فندق "ريفييرا"، في بيروت، وخصصت مداخلات اليوم الثاني لمناقشة "تأثيرات الإعلام العربي المكتوب العابر للحدود" في حضور أسرتي "الحياة" و"الوسط" وممثلي "تهامة" و"مكشف".
وإذ أجمع المشاركون في الجلسة على تأثير ثورة المعلومات على الإعلام العربي المكتوب بشكل عام والعابر للحدود بشكل خاص، شدّد أستاذ الإعلام الدكتور نبيل دجاني على اهمية توجه مثل هذا الإعلام الى تحليل الحدث وتقويم معناه للقارئ طالما انه لا يستطيع ان ينافس الإعلام القطري. ورأى البروفسور في الإقتصاد الدكتور جلال الدين أحمد أمين ان على هذا النوع من الإعلام ان ينقذ المواطن العربي من القهر المعلوماتي الذي تمارسه ضده صحافته المحلية، فتقدم اليه حلقة اتصال بالعالم الواسع وبالدول العربية الأخرى. ونبّه رئيس تحرير نشرة "ميدل ايست ميرور" فواز ناجية الى امكان خسارة القرّاء من الجيل الشاب من ابناء المغتربين نتيجة عدم إلمامه باللغة العربية وخسارة قرّاء غير عرب يرغبون في الإطلاع على اخبار العالم العربي والإسلامي، داعياً بإلحاح الى استحداث موقع على شبكة "الانترنت" باللغة الانكليزية لكسب الرأي العام المنتشر في اقطار العالم.
الدكتور نبيل دجاني إستاذ الإعلام ورئيس دائرة العلوم الإجتماعية والسلوكية في الجامعة الأميركية في بيروت، حاصل على دكتوراه في الأبحاث والنظريات الإعلامية من جامعة "أيوا" الأميركية. ساهم في الكثير من الأبحاث الدولية المقارنة لدى اليونسكو والمنظمة الدولية للأبحاث الإعلامية وفي إنشاء فرع الإعلام في الجامعة الأميركية في بيروت العام 1970، وله ثلاثة كتب ونحو 30 بحثاً علمياً.
ورأى في مداخلة له عن "الصحافة العربية عبر الأقطار" أن "الإعلام المكتوب العابر للحدود ليس بالشيء الجديد في عالمنا العربي. فلو نظرنا الى تاريخ الصحافة في العالم العربي لوجدنا أن الصحافة المصرية كانت في الأربعينات وأوائل الخمسينات إلى حدّ كبير عابرة للأقطار العربية. وفي الخمسينات والستينات كانت صحف النخبة اللبنانية مثل "الحياة" و"النهار" ومن ثم "الأنوار" صحافة عابرة للأقطار العربية بامتياز". وأضاف "غير أن الصحافة العربية العابرة للأقطار في العقود الماضية تختلف اختلافاً كبيراً عن مثيلاتها اليوم. كانت تفتقر الى عامل السرعة في التوزيع بسبب الإتكال على وسائل النقل التقليدية وكان محتوى تلك الصحف يتوجه بصورة عامة الى القرّاء في القطر الذي تصدر فيه الصحيفة".
وقال "سببان رئيسيان يمكن تقديمهما لتفسير نجاح هذه الصحف في اختراق الأقطار او الحدود في الماضي. الأول هو عدم نضوج مهنة الصحافة في الأقطار العربية الأخرى في ذلك الوقت، والثاني أهمية مركز مصر ولبنان سياسياً وثقافياً في فترات نمو صحفهما العابرة للأقطار اضافة الى حرية الصحافة النسبية التي نعما بها في تلك الفترة". واعتبر "ان غالبية الدول العربية لديها كوادر صحافية ناضجة مهنياً والتطورات العالمية والإقليمية جعلتها جميعاً على درجة كبيرة من الأهمية سياسياً واقتصادياً. ونرى اليوم صحفاً ذات مستوى مهني عالٍ في أغلب الأقطار العربية. وبطبيعة أن هذه الصحف تتوجه عموماً الى قرّاء محصورين في نطاق القطر الذي تصدر فيه فإن أخبارها عادة هي قطرية الأهمية. ولكون اهم مصادر الأنباء في وقتنا الحالي هو الوكالات الغربية الأربع فإن معظم الأخبار غير المحلية في الصحف القطرية هي عن العالم الغربي او تقدم بالشكل الذي يراه الغرب وهذا غالباً ما يجعل قارئ الصحف القطرية العربية ملماً بأنباء قطره وأنباء العالم الغربي وجاهلاً الكثير عن باقي الأقطار العربية فيرى بقية الأقطار العربية بالصورة التي يقدمها له الغرب من خلال وكالات أنبائه". وقال "أنا أدعي أن الصحف القطرية تساهم اليوم في إضعاف العصبية القومية وبناء العصبية القطرية، أو على الأقل تقويتها. ويمكن لمتتبع قراءة الصحف القطرية ان يقدم العديد من الأمثلة عن صحة ما أدعيه".
ورأى "ان اهم اختلاف في الصحف العربية العابرة للأقطار عن مثيلاتها في السابق عدم قطريتها وشمول تغطيتها جميع اقطار العالم العربي وهذا يؤدي الى إلمام قرّائها بأحداث الوطن ككل. واختلاف آخر مهم هو ان هذه الصحف تزيد في توزيعها وتوسع رقعته وبالتالي يزداد دخلها من الإعلان وتتحرر من كثير مما تعانيه المؤسسات الصحافية القطرية التي تضطر في كثير من الأحيان الى الارتهان لرأس المال الذي يدعمها، وكذلك ينتج عن زيادة الدخل تمكن الصحف العابرة للأقطار من استثمار اكبر في عناصر بشرية اكثر مهنية وفي تقنيات اكثر ملاءمة وتقدماً. ويمكن الصحف العربية العابرة للأقطار التحرر نسبياً من ضغوط السياسات المحلية، خصوصاً الخوف من خطر سحب الترخيص المسلط باستمرار على الصحف القطرية. ويمكن هذا التحرر والإمكانات المادية الصحف العربية العابرة للأقطار من الغوص في كشف خبايا المشاكل القطرية والقومية عن طريق إجراء التحريات الصحافية ونشرها وهذا نشاط مهني تخشى الصحف القطرية عادة من الغوص فيه او لا تستطيع ان تقوم به لإمكاناتها المالية المحدودة".
وعن خصائص الصحافة العربية العابرة للأقطار التي تمكنها من النجاح والقيام بدورها القومي الإيجابي، "ان يكون جهازها المهني من ذوي الخبرة والعلم ومن ذوي الحس القومي المسؤول. وأن يكون ناشر الصحيفة من المؤمنين بأن لصحيفته رسالة مسؤولة قبل ان تكون عملاً هدفه الربح التجاري او السياسي. وقبول الناشر والمهني الممارس عمله في الصحيفة بأن طبيعة الصحيفة العربية العابرة للأقطار تختلف عن طبيعة الصحف القطرية في كونها تشدد على ال"لماذا" في الحدث بينما الصحف القطرية تشدد على إعطاء تفاصيل الحدث. وهذا يعني ضرورة الإستعانة باختصاصيين لتحليل معنى الحدث وخلفيته. وقبول الناشر بأن دور صحيفته ليس منافسة الصحف القطرية بل مكمل لها. الصحافة القطرية هي عادة في وضع افضل للحصول على تفاصيل الحدث القطري وتقديمه لقارئها الذي يتوقع منها ان تُعلمه عن تفاصيل ما حدث في الحي الذي يقطن فيه. والصحف العابرة للأقطار هي عادة في وضع أفضل لتحليل الحدث وتقديم معناه للقارئ".
وعدّد ثلاثة أمور قال انه يخشى منها على الصحف العربية العابرة للأقطار وهي: "استعانة الصحيفة بصحافيين محترفين ممن لا تنقصهم الخبرة ولكن ينقصهم الإلتزام بقضايا وطنهم والمنطقة. واضطرار الصحيفة الى اعتماد المواهب الموجودة في النطاق الجغرافي لعملها ممن قد لا يكون افضل الموجود. ولجوء الصحيفة الى ما تقدمه وكالات الأنباء الغربية من تحليل لأحداث الأقطار العربية عندما لا يكون لديها جهاز مراسلين فاعل في القطر الذي يقع الحدث فيه".
وختم دجاني مداخلته بالقول: "تنبأ مارشال مكلوهان في الستينات بأن الكرة الأرضية ستصبح "قرية عالمية" نتيجة لتطور التقنيات الإعلامية التي تجعل من الممكن التواصل الفوري بين سكان العالم أينما وجدوا. ما وفرته التقنيات الحديثة هو اتصال فوري وليس تواصلاً فورياً. ال"سي.أن.أن." ومالكي تقنيات الإتصال الحديثة من وكالات الأنباء تتصل بنا فوراً ولكنها لا تتواصل معنا. وبالتالي فإن العالم اليوم هو أشبه بجزر تربطها تقنيات الاتصال ولكنه بعيد كل البعد عن "القرية العالمية". الصحافة العربية العابرة للأقطار يمكنها ان تطور الاتصال بين ابناء الاقطار العربية الى تواصل على خطين، العالم العربي لا يحتاج الى ال"سي.أن.أن." بل الى صحافة عربية هادفة عابرة للأقطار".
جلال أمين
الدكتور جلال الدين أحمد أمين هو بروفسور في قسم الإقتصاد في الجامعة الأميركية في القاهرة، حاصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد من كلية لندن للإقتصاد وشغل منصب استاذ زائر في جامعة كاليفورنيا - لوس أنجلس، وحائز جائزة تقديرية في العلوم والفنون من الرئيس المصري وجائزة الدولة في الإقتصاد، وهو عضو في جمعية الإقتصاديين المصريين ولديه مؤلفات عدة باللغتين العربية والإنكليزية، وبعض الترجمات.
وقال في مداخلته "اذا كان من النادر ان نصادف انكليزياً يعيش في لندن ويقرأ يومياً صحيفة "تايمز" او "غارديان" ان يقرأ بعد ذلك صحيفة "واشنطن بوست" او "هيرالد تريبيون"، فأن الحال في العالم العربي مختلف، إذ أصبحت قراءة المصري او التونسي او الخليجي لجريدة عربية اخرى تصدر خارج العالم العربي أمراً ممكناً من ناحية نتيجة المقدرة التكنولوجية في النقل والإتصالات ومطلوباً جداً من ناحية اخرى. ذلك ان القارئ العربي يجد في الصحيفة الصادرة في بلده ان طابعها المحلي يشتد يوماً بعد يوم او تبدو اكثر فأكثر وكأنها اقرب الى ان تكون صحيفة القرية الصغيرة من ان تكون جريدة للعالم العربي بأكمله ناهيك عن العالم الأوسع، ان العالم ينفتح على بعضه اكثر فأكثر وجرائدنا المحلية تبدو كأنها تزداد انغلاقاً حتى في ما يتعلق بالأخبار المحلية نفسها او على الأقل بأنواع معينة من الأخبار المحلية".
وأضاف "حكوماتنا العربية أصبحت تخاف من خيالها ومن ثم فحتى خيالها لم يعد يظهر في جرائدنا المحلية، لكن الأمر لا يقتصر على خوف الحكومة من الناس، ذلك أن رؤساء التحرير يخافون بدورهم من الحكومة إذ أن تعيين المسؤولين عن الصحف المسماة بالقومية تقوم الحكومة بتعيينهم ورئيس التحرير يحتاط ويأخذ بالأسلم، وأي شيء أسلم من اخبار لقاءات الرئيس وخطبه وصوره، ولا أقصد طبعاً القول ان هذه الصحف القومية لا تنشر أبداً ما يهم القارئ العربي. فالصحف تنشر مثلاً عن مرض أديب كبير كنجيب محفوظ أو عن وفاة كاتب كبير مثل يوسف ادريس ولكن واجب الحيطة والأمان يتطلب منا أيضاً إدراج اسم الرئيس في الخبر، فبدلاً من الإفاضة في ذكر تفاصيل مرض نجيب محفوظ يركّز على خبر استفسار الرئيس عن صحته، وبدلاً من الإفاضة في ذكر سبب وفاة يوسف ادريس يركّز على إرسال رئاسة الجمهورية مندوباً لتشييع جنازته".
وقال "لقد أضعف القهر صحفنا المحلية، ولكن القهر لا يأتي من السلطة السياسية وحدها بل من مجمل ما يسمى بالمؤسسة. وصحفنا لا تجرؤ على التشكيك في أي شيء يتعلق بأي شخص ينتمي الى المؤسسة، ليس فقط المؤسسة السياسية، بل أيضاً المؤسسة الدينية والفنية والأدبية. فلا يجوز توجيه أي نقد لشيخ الأزهر مثلاً أو المفتي، ولا حتى للشيخ شعراوي الذي كانت ترعاه المؤسسة، ولا يجوز توجيه اي نقد لنجيب محفوظ التي ترعاه المؤسسة ايضاً، ولا حتى أم كلثوم او عبدالوهّاب سواء في حياتهما او بعد مماتهما. ومن اصعب الأمور نشر نقد لطه حسين. لقد حاول بعض الصحافيين الشباب والموهوبين في مصر منذ ثلاث سنوات ان يتخلصوا من هذه الأغلال وسمحوا لأنفسهم انتقاد اي عضو من اعضاء المؤسسة، فأصدروا صحيفة اسبوعة سمّوها "الدستور"، ذهلنا عندما قرأنا اول عدد او عددين منها وتبيّن كم نحن محرومون صحافة حقيقية وكم هناك من الأشياء الطريفة والمفيدة لم تكن تُكتب أو تُقرأ".
وأشار الى ان "لا عجب اذا كان لإذاعة ال"بي.بي.سي." وخصوصاً القسم العربي فيها كل هذا النجاح لدى المستمعين العرب. فإذا أراد العربي تأكيد الخبر الذي يقول، كان يصرّح انه سمعه من الإذاعة البريطانية. الآن اصبح من الحكمة ان نقوم بهذا الدور نحن، الى جانب الإذاعة والتلفزيون والصحافة العربية العابرة للحدود. وهذه الأخيرة اصبح مطلوباً منها ان تنقذ العربي من القهر المعلوماتي الذي تمارسه ضده صحافته المحلية، فتقدم له حلقة اتصال بالعالم الواسع وبالدول العربية الأخرى. فلا يمنع مرور المعلومات ما تفرضه السلطة من حواجز".
وأضاف "مع كل ذلك، نقول للقيّمين على صحيفة "الحياة" ومجلة "الوسط"، يجب علينا في ما أظن أن لا نبالغ في الظن بأن الصحافة العابرة للحدود لا تحيط بها هي ايضاً المخاطر والمحاذير، فهذا العبور للحدود له هو نفسه اخطاره التي لا بد ان تذكّرنا بأخطار انها صورة من صور العولمة اي انفتاح الأمم والثقافات بعضها على بعض. ان هذا العبور يعني اتساعاً للسوق، وأي اتساع للسوق له مخاطره، إذ أنه يحمل دائماً في طياته التنازل عن التميّز في سبيل إرضاء الكمّ الواسع. ولا بد هنا من أن أعبّر عن إعجابي المتميّز بنجاح "الحياة" و"الوسط" حتى الآن على الأقل، نجاحاً ملحوظاً في عدم وقوعهما في هذا الفخ، وإن كان الخطر موجوداً دائماً. أضف إلى ذلك ان ما تكسبه الصحيفة من اتساع سوقها اقتصاداً ونفوذاً لا بد ان تدفع ثمناً له ضعفاً لفقدانها النكهة المحلية الخاصة".
وختم "ليس لنا في النهاية إلا ان نعبّر عن املنا في أن تستمر "الحياة" و"الوسط" في تحقيق هذه الدرجة من العالمية والنجاح، وفي جلب تلك المنافع الثمينة ومن تجنّب الأخطار التي لا بد أن تتعرّض لها اي صحيفة عابرة للحدود".
ناجية
والسيد فواز ناجية هو رئيس تحرير نشرة "ميدل إيست ميرور" اليومية الصادرة من لندن وهو حاصل على درجة ماجستير في الإقتصاد من الجامعة الأميركية في بيروت وأسّس مجلة "مونداي مورنينغ" في بيروت.
وعن الموضوع نفسه تناول في مستهل مداخلته تجربته المبكرة "مع وكالة "أسوشييتد برس" في الخمسينات وكيفية العمل بوسائل تقنية تختلف عما هي عليه الآن مع ثورة المعلومات في العالم ومزاحمة الراديو والتلفزيون للحلول محل الكلمة المكتوبة".
وأشار الى تجربته في العلاقات العامة مع شركة "أرامكو" التي اوجبت عليه اقامة اتصالات مع الصحافة. وقال ان وعيه "لأهمية الإعلام والكلمة المكتوبة في تشكيل الرأي العام والسياسات" جعله يلاحظ "ان التأثير في الرأي العام يحتاج الى جهود متواصلة".
وتحدث عن علاقته بصحيفة "الحياة" عبر ناشرها كامل مروّه قائلاً "انها كانت الصحيفة الأولى في لبنان ومعظم العالم العربي في الستينات". وانتقل الى الحديث عن "ميدل ايست ميرور" وهي يومية ناطقة باللغة الإنكليزية "تنشر الأخبار والتحليلات والتعليقات في الصحف الصادرة بالعربية والفارسية والتركية والعبرية لمراسلين في الشرق الأوسط، ويتم تحريرها في لندن وإرسالها إلكترونياً الى المشتركين في اليوم نفسه وهي بالتالي تجعل الشرق الأوسط يتحدث عن نفسه من دون ان تقدم رأيها الخاص أو تحليلها".
وإذ أشاد "بدقة الأخبار والآراء في "الحياة" ومصداقيتها ومهنيتها وموضوعيتها وإفساحها في المجال امام المعلّقين الضيوف للتعبير على صفحاتها"، توقف عند "عدم خضوع صفحاتها لا لرقابة الحكومة ولا لرقابة ناشرها ورئيس تحريرها، وتوقف أيضاً عند "ميثاق الشرف" الذي أعلنه ناشر "الحياة" الأمير خالد بن سلطان عارضاً بعض بنوده في هذا الإطار".
ورأى "ان قرّاء "الحياة" في تزايد في العالم العربي وفي أوروبا وأميركا لأنها أوجدت رابطاً مشتركاً بين المغتربين"، لكنه توقّع "ان يقل عدد القرّاء من الجيل الشاب أبناء المغتربين للصحافة العربية". وقال "ان اكثر العوائق التي تواجه "الحياة" و"الوسط" وكل الإعلام العربي المطبوع في التأثير في الرأي العام العابر للحدود العربية هو العائق اللغوي، ولا يمكنه ذلك إلاّ باستخدامه "اللغة العالمية" السائدة في أيامنا هذه وهي الإنكليزية".
وأضاف "ان الغرب متحفز للمعرفة أكثر عن العالم العربي والإسلامي، آماله وتطلعاته، خيباته ونجاحاته، إلا أن المشكلة هي في اللغة التي لا يستطيع فهمها. وعلى "الحياة" ومن اجل تأثير اكبر خارج العالم العربي وفي الأجيال الشابة ان توجد لنفسها موقعاً على شبكة ال"انترنت" باللغة الانكليزية باختيارها ثلاثة أخبار او أربعة مهمة ومميزة في اليوم، وعدداً مماثلاً من التعليقات والتحليلات المستقلة عن أحداث إقليمية مهمة. وأعتقد انها الطريقة الأفضل عندما يتعلق الأمر بالتأثير في الرأي العام غير العربي وفي هذه الأثناء فإن "ميدل إيست ميرور" ستواصل دورها في أن تكون لسان "الحياة" و"الوسط" كلما دعت الضرورة مضيئة شمعة بدلاً من لعن الظلام".
وقدّم المحاضرين مدير التحرير في مكتب بيروت الزميل وليد شقير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.