"الزلزال" الانتخابي الذي أحدثه الرئيس الإيراني السابق هاشمي رفسنجاني عبر تقديمه طلب ترشيحه للانتخابات البرلمانية المقررة في شباط فبراير المقبل، ما زال يشغل الساحة وسط وجهات نظر متفاوتة، تتفق عند المعتدلين في التيارين الاصلاحي والمحافظ، وتختلف مع المتشددين في التيارين. وسُجِل نشاط لرفسنجاني على صعيد قضيتين مهمتين هما قضية عبدالله نوري وزير الداخلية السابق، وقضية غلامحسين كرباستشي الرئيس السابق لبلدية طهران، فيما برز موقف لافت لرئيس السلطة القضائية هاشمي شاهرودي يدعو إلى عدم إقحام القضاء في"تجاوزات" الصحف. وتوقعت مصادر مطلعة اطلاق كرباستشي قريباً بموجب عفو. وحدد رفسنجاني استحقاقات المرحلة عبر حديثه عن أهداف مشاركته في الانتخابات، مركزاً على إيجاد الوفاق الوطني ودعم برامج الحكومة. ورأى في حديث بعض الصحف مبكراً عن رئاسته البرلمان الجديد "ألاعيب صبيانية"، مشيراً إلى أن من السابق لأوانه الجزم في الأمر ومؤكداً أنه لا يفكر في المسألة الآن. واللافت أنه تحدث عن جلسات عدة مع مرشد الجمهورية آية الله علي خامنئي، كانت حصيلتها وجهات نظر متقاربة في شأن خوض رفسنجاني الانتخابات. وكان خامنئي حض أخيراً الشخصيات "الكفؤ جداً" على خوض المعركة البرلمانية، الامر الذي فسّره مراقبون بأنه تأكيد لحضور رفسنجاني، والذي انقسمت حياله آراء التيار الاصلاحي بين مؤيد ومعارض. لكن الرئيس السابق نأى بنفسه عن هذا الجدل، فأكد حياده و"استقلاليته" تاركاً لكل الأطراف اتخاذ قرارها في شأن إدراج اسمه على لوائحها. وزاد أن مشاركته هي أداء لتكليف "ديني". وذكر قريبون إلى رفسنجاني أن هذا التكليف يأخذ عنوان الحفاظ على الحريات في المجتمع الايراني، والتنمية في كل المجالات. وقال حسين مرعشي وكيل حزب "كوادر البناء" ان المتشددين في الجناح اليميني المحافظ ينتظرون أن يوجه المتطرفون في الجناح اليساري الاصلاحي ضربة إلى رفسنجاني، فيما رأى أحد أقطاب اليمين المحافظ محمد رضا باهنر أن المهم أن يصبح الرئيس السابق رئيساً للبرلمان الجديد، وفي غير هذه الحال لا معنى لوجوده في البرلمان. وحمل باهنر على من وصفهم بالمتشددين المعارضين لرفسنجاني، في إشارة إلى حزب "جبهة المشاركة"، علماً أن المحافظين يدعمون في شكل تام رئاسة الأخير البرلمان المقبل، وساندوا هذا التوجه بإعلان رئيس البرلمان الحالي ناطق نوري عدم ترشحه. وبين الأحزاب والجمعيات الاصلاحية التي أيدت الرئيس السابق حزب "كوادر البناء" وحزب "العمل الاسلامي"، وحزب "التضامن الاسلامي"، و"بيت العامل"، ما رأت فيه صحيفة "انتخاب" محافظة معتدلة رسالة فحواها أن خوض رفسنجاني الانتخابات يعتبر تعزيزاً لتيار الاعتدال. كرباستشي ونوري في غضون ذلك توقعت مصادر واسعة الاطلاع اطلاق كرباستشي قريباً، علماً أنه يقضي عقوبة بالسجن لإدانته بالفساد وسوء الإدارة. ونفت المصادر أن يكون ذلك ثمرة للقاء الذي جمع رفسنجاني وكرباستشي الأسبوع الماضي، أثناء وجود الأخير في "إجازة" خارج السجن. وقالت ان الرئيس السابق لبلدية طهران قضى ثلث مدة عقوبته، ويمكن اطلاقه بموجب عفو. ولم تستبعد مصادر أخرى أن يدرج شاهرودي اسم كرباستشي على قائمة الذين سيصدر عفو عنهم لمناسبة شهر رمضان. في المقابل اجتمع محسن رهامي محامي عبدالله نوري مع رفسنجاني، وطرح قضية استئناف الحكم ضد موكله واحتمالات موافقة محكمة رجال الدين. ومعروف أن محاكمة نوري أثارت زوبعة سياسية في ايران، لكنها لم تؤد إلى اضطرابات، إذ أن كل التيارات دعا إلى التزام الهدوء. هذا الاستقرار عززته مواقف جديدة لشاهرودي تحض على معالجة التجاوزات الصحافية بعيداً عن القضاء. وهو شدد على ضرورة ممارسة وزارة الثقافة والإرشاد دورها في متابعة هذه المخالفات، في إشارة ضمنية إلى محاكمات الصحف الاصلاحية ومسؤوليها.