انضمت المعارضة الإيرانية الموجودة في الداخل امس إلى حملة التأييد للرئيس سيد محمد خاتمي، وحذرت المحافظين من "فتنة تحرق الأخضر واليابس". وفيما استمر تبادل الاتهامات والانتقادات بين جناحي النظام الإيراني الرئيسيين، بدأت تعلو أصوات تطالب بإقالة رئيس السلطة القضائية واستبداله ب "فقيه مجتهد عادل ومحايد" نتيجة مضاعفات اعتقال رئيس بلدية طهران غلامحسين كرباستشي وما واكب القرار القضائي باعتقاله من "مخالفات قانونية وشبهات تدفع إلى تأكيد ان المسألة باتت سياسية هدفها إضعاف حكومة" خاتمي. ورفضت محكمة الاستئناف طلباً لاطلاق رئيس البلدية. وبدا واضحاً أن الرئيس لا يؤثر أي تصعيد قد يتجاوز إطاره السياسي ليتحول إلى عنف يمكن ان يؤدي إلى صدامات في الشارع وفوضى. واجتمعت الحكومة في وقت متقدم ليل الأحد وأصدرت بياناً دعا المواطنين إلى "عدم تنظيم تجمعات وتظاهرات" تأييداً لكرباستشي. وبرر البيان هذه الدعوة ب "الحفاظ على الهدوء والسلم الاجتماعي". وشدد على ان "المسألة ستحل بسرعة نظراً إلى حساسيتها والمناخ الشعبي والسياسي السائد" في إيران. وكان التيار الطالبي الراديكالي القوي في الجامعة والمؤيد لخاتمي دعا إلى تجمع "حاشد" أمام مدخل جامعة طهران وسط العاصمة. وكان متوقعاً تنظيم التجمع الحاشد اليوم بعدما سمحت به وزارة الداخلية. لكن الحكومة برئاسة خاتمي ناشدت منظمي التجمع والرأي العام "ضبط النفس والامتناع عن اظهار مشاعر التأييد والتخلي عن تنظيم التظاهرات المؤيدة له كرباستشي بانتظار بت قضيته سلماً". وقالت مصادر مطلعة ل "الحياة" إن معلومات توافرت تفيد أن "متسللين كانوا يخططون لافتعال مشكلة داخل التجمع، مما يمكن أن يؤدي إلى احتكاكات وعنف". لكن فراهاني عضو الشورى المركزية للاتحاد الطالبي المؤيد لخاتمي رأى أن الحكومة اتخذت قرارها بسبب ضغوط. وقال ل "الحياة" ان قيادة الاتحاد اجتمعت أمس و"درست حيثيات بيان الحكومة واعتبرت أنها تعرّضت لضغوط كي تمنع التجمعات، وقررنا عدم تنظيم التجمع، لكننا سنستمر في تحركاتنا للدفاع عن الحكومة بطرق أخرى". وملأت ملصقات مؤيدة لخاتمي وكرباستشي جدران شوارع في طهران، واعتبر بعضها ان "كرباستشي بطل"، وحملت ملصقات أخرى عبارة "تباً للسلطة القضائىة الحزبية". وأكد المحامي بهمان كشاورز الذي يتولى الدفاع عن كرباستشي أنه مُنع من لقائه وحضور التحقيق معه في سجن أوين "بحجة ان الملف ما زال في مرحلة التحقيق ولا ضرورة لحضور الدفاع". وأكدت مصادر سياسية أمس ان محكمة الاستئناف رفضت طلباً لاطلاق كرباستشي قدمه محاميه. وأوضحت ل "الحياة" ان الاجتماع الذي ضمّ ليل أول من أمس خاتمي ويزدي ورئيس البرلمان علي أكبر ناطق نوري ورئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني لمناقشة المسألة بناء على طلب مرشد الجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي، تطرّق إلى مسألة الافراج الموقت عن رئيس بلدية طهران. ونقلت عن يزدي ان محكمة الاستئناف هي التي تستطيع نقض قرار قاضي المحكمة الابتدائية اعتقال كرباستشي بتهمة الاختلاس. وفيما كان الاجتماع الرباعي منعقداً، صرح نائب رئيس محكمة طهران المكلف ملاحقة قضايا الفساد المالي محسني اجئي إلى التلفزيون بأن رئيس البلدية سيحاكم علناً ولن يطلق. وأوضحت المصادر السياسية ان قاضي محكمة الاستئناف الذي رفض طلب الافراج الموقت، هو من "المحافظين". الى ذلك أفادت صحف ان البرلمان سيعقد اليوم جلسة مغلقة لمناقشة القضية، ويتوقع ان يحضرها وزير الداخلية عبدالله نوري الذي يتعرض لانتقادات حادة من المحافظين، فيما اكدت صحيفة "فردا" القريبة الى اليمين المحافظ ان لجنة النفط في البرلمان قدمت سؤالاً لوزير النفط بيجن زنكنة عن سبب ابقاء مساعده علي هاشمي رفسنجاني في منصبه "على رغم اعترافه امام قاضي التحقيق بأنه تلقى أموالاً من مسؤولين في بلدية طهران لتمويل حملة الانتخابات" البرلمانية عام 1996. ورد زنكنة بأن هاشمي، وهو ابن شقيق الرئيس السابق "لا موجب لإعفائه من منصبه طالما لم يصدر قرار قضائي بادانته". وأمس دافع وزير الداخلية عبدالله نوري مجدداً عن رئيس بلدية طهران وحض انصاره على التزام الهدوء. وقال خلال معرض لپ"منجزات كرباستشي" نظم بسرعة: "نسينا ما كانت عليه طهران قبل تسع سنوات" اي قبل تولي كرباستشي رئاسة البلدية. وأعرب عن امله بحل المشكلة قريباً. وتعكس ملامح "الازمة" أو "العاصفة" السياسية المطبوعات والبيانات التي تصدر بكثافة يومياً مؤيدة لكرباستشي او منددة به، مما حدا بصحيفة "جمهوري اسلامي" القريبة الى التيار المتشدد الى التحذير من ان "مجتمعنا لا يستطيع تحمل التوتر والإثارة والاستفزاز، ومن الأفضل لعقلاء الطرفين جعل اتباعهم يدركون ذلك بوضوح". ورأت ان "اعداء الثورة والبلاد التواقين الى تصعيد الصراع وإذكاء الخلافات بين الجانبين وإلحاق الضرر بالنظام، ما كان بامكانهم ان يحققوا أفضل مما تحقق الآن". وانضمت "حركة الحرية" الليبرالية المعارضة الى مؤيدي الحكومة ومنتقدي المحافظين، وأصدرت امس بياناً تلقته "الحياة" اكدت فيه انها تعارض "تصرفات السلطة القضائية اللاعادلة ومخالفاتها القانونية" في ملف بلدية طهران. واتهمت اليمين المحافظ بأنه يعمل لاشاعة "الاضطرابات" في ايران، مؤكدة ان "التيار المهزوم" في الانتخابات الرئاسية العام الماضي "يخطط للفوضى والنزاعات وبلوغ مرحلة المواجهة بهدف تركيع حكومة خاتمي". ودعت الحركة التي يتزعمها الدكتور ابراهيم يزدي الى "دعم برامج خاتمي وتفادي اي توتر او مواجهة من اجل احباط هجوم اليمين وحملاته على الحكومة". وحملت بعنف على السلطة القضائية داعية الى "استبدال" رئيسها بپ"شخصية مؤهلة حدد الدستور صفاتها، أي: فقيه مجتهد وعادل على دراية بالقوانين وحكيم، ومحايد". وحذر بيان "حركة الحرية" المحافظين من ان "عليهم ان يدركوا ان أي عمل يهدف الى اضعاف حكومة خاتمي سيؤدي الى فتنة تحرق الأبيض واليابس".