"بعدما كان سيدها، صار بدو يترجى حتى يرقص بعرسها". هذا المثل الدارج في لبنان ينطبق فعلاً على وضع متولي السلطة في لبنان في قرار دخول مفاوضات السلام مع إسرائيل. بالأمس رفضوا بعنف عرض وزيرة خارجية الولاياتالمتحدة خروج الجيوش الغريبة من لبنان، متمسكين بوحدة المسارين ووحدة المصير مع سورية، ورفضوا أيضاً عرض رئيس وزراء إسرائيل الخروج من جنوبلبنان تنفيذاً للقرار 425، مع ما يفرضه القرار 426 من تدابير لحفظ الأمن على حدود البلدين، الشيء الطبيعي بعد 17 سنة من الاحتلال وما ستخلفه من تعقيدات. ما هو ممنوع على متولي السلطة في لبنان مسموح للسلطة في سورية. اليوم، وفجأة، حللت سورية عودة المفاوضات مع إسرائيل، وقررت قبول مباشرة الاجتماعات بين باراك والشرع في واشنطن من دون أن يعلن الجانب الإسرائيلي موافقته على الانسحاب إلى حدود عام 1967 في الجولان وفي جنوبلبنان، ومن دون أن يدخل مندوب عن لبنان طرفاً في هذه المفاوضات، عملاً بوحدة المسارين ووحدة المصير. فماذا سيفعل متولو سلطة لبنان الآن...؟ بالطبع ترجى سعادة السفير الأميركي أن لا ينسوا لبنان، ورجاهم ان يشملوا جنوبلبنان بعطفهم في مفاوضاتهم على الجولان. أما ما تبقى في لبنان من رسوبيات فعلى الله... متى وكيف سيجمع السلاح الفلسطيني من المخيمات في لبنان وما هو مصيرهم؟ متى وكيف سيجمع سلاح حزب الله المتغلغل في لبنان وما هو مصيره؟ متى وكيف ستخرج القوات السورية من لبنان وما هو مصيرها؟ هل ستخرج سورية فعلاً من لبنان أم أنها ستبقى فيه إلى ما شاء الله، بحجة منع تقاتل من سلحتهم ودفعتهم وتدفعهم للتقاتل، لتدخل وتبقى مسيطرة على سلطته، وتحمي المليون ونصف المليون سوري العاملين بطريقة غير شرعية في لبنان؟ إن من أوجدتهم سورية وولتهم السلطة في لبنان لن ينقلبوا عليها ولا حتى طلب خروج جيشها منه كباقي الجيوش غير اللبنانية، وسمع الجميع تصاريحهم، وهي لن تخرج منه بإرادتها مشكورة. والتبعية أمر صعب لم يتعوده لبنان ولن يقبلها اللبنانيون... وحتى لا يعود الاقتتال إلى داخل لبنان، كما قال فخامة العماد... فلا حول ولا قوة إلا بمن هم خارج لبنان بمضاعفة الجهد في إقناع أصحاب القرار من الدول العظمى في العالم لاستعادة سيادة بلدهم بتنفيذ القرار 520. باريس - اللواء عصام أبو جمرة