- الرأي - خلود النبهان - جازان : ليس النجاح حكرًا على طريق واحد، بل هو قدرة على التحول، واستثمار الشغف، والبحث عن المعنى في كل تجربة. هكذا يمكن قراءة قصة محمد مروعي مجيري، الرجل الذي بدأ رحلته بين سطور الصحافة، ليوثق الأحداث ويحاور الشخصيات، قبل أن يخط بيديه فصلاً جديدًا في حياته، عنوانه "العسل". لكنه لم يكن مجرد تحول مهني، بل كان امتدادًا لروح البحث عن التميز، سواء كان ذلك في الصحف أو في المناحل. لم يكن مجيري مجرد صحفي، بل كان شاهدًا على لحظات التحول والتطور، ومن خلال عمله لأكثر من 15 عامًا محررًا في صحيفة الرياض، استحق أن يكون أول من يُتوَّج ب جائزة الأمير محمد بن ناصر الإعلامية عام 1426ه، تقديرًا لجهوده في نقل صوت جازان إلى العالم. لكنه، وعلى عكس ما هو متوقع، لم يتوقف عند ذلك المجد، بل قرر أن يخوض تجربة جديدة، بعيدًا عن رائحة الحبر، قريبًا من رحيق الأزهار. التحول إلى تربية النحل والزراعة قبل 17 عامًا، ترك محمد مجيري قلمه جانبًا ليحمل أدوات النحال، مؤمنًا أن العسل ليس مجرد منتج، بل هو فنٌ وعلمٌ وتاريخٌ تتوارثه الأجيال. أسس "مناحل بيش"، ومن خلالها أصبح سفيرًا للعسل السعودي عالميًا، حيث حمل خلاصة خبرته إلى معارض دولية ومسابقات عالمية، ليضع اسم جازان على خارطة العسل الفاخر. لم يكن الأمر مجرد ممارسة، بل رحلة علمية اكتسب خلالها مجيري خبرة واسعة في علم تربية النحل وإنتاج العسل الطبيعي، فأتقن أسرار النحالين ودرس بيئة النحل المحلية، مما جعله قادرًا على تقديم عسل بمواصفات فاخرة، يعكس طبيعة منطقة جازان الغنية بتنوعها البيئي. مشاركة محلية ودولية تعزز مكانة العسل السعودي حرص مجيري على المشاركة في أبرز المعارض المحلية والدولية لتعريف العالم بجودة العسل السعودي، فكانت بداياته مع مهرجان العسل في الباحة في نسخته الأولى، ثم واصل حضوره في المناسبات الكبرى مثل يوم الغذاء العالمي الذي تنظمه وزارة البيئة والزراعة بالتعاون مع منظمة الفاو. لكن طموحه لم يتوقف عند الحدود المحلية، فقد خاض التحدي في المحافل الدولية، وكان أول نحال سعودي يحصل على جائزة البلاتينيوم في مسابقة لندن للعسل عن عسل السلم البلدي، المستخرج من أزهار أشجار السلم في وادي بيش بمنطقة جازان، والذي يعد من أجود أنواع العسل عالميًا. إنجاز عالمي: 4 ميداليات دولية في مسابقة العسل بلندن في واحدة من أهم محطات النجاح، حصدت "مناحل بيش" أربع ميداليات عالمية ضمن مسابقة العسل الدولية في لندن، والتي تُعد من أبرز المسابقات العالمية في هذا المجال، حيث تنافست 700 عينة عسل من 35 دولة، ليحصد العسل السعودي مكانة متقدمة، ويحقق الإنجازات التالية: • ميدالية بلاتينيوم عن عسل زهرة السلم البلدي، المعروف بجودته العالية ورحيقه الزهري المميز. • 3 ميداليات ذهبية في فئة جودة العسل العالمي عن عسل السدر والسمر المستخرج من الأشجار البرية في جازان. • الميدالية الذهبية لعسل الطلح، الذي يتميز برحيقه الفريد المستخرج من بيئة المنطقة. جودة العسل.. رحلة تقييم عالمية لم يكن تحقيق هذه الجوائز مجرد مصادفة، فقد خضعت عينات العسل المشارك لعمليات تقييم دقيقة، تضمنت تحليلًا مخبريًا متقدمًا في مختبرات معتمدة دوليًا، إضافةً إلى مراجعة من قبل لجنة تحكيم عالمية مكونة من خبراء متخصصين في تقييم جودة العسل، للتأكد من مطابقته لأعلى المعايير العالمية. طموح نحو العالمية أعرب الاستاذ محمد عن فخره بالمكانة التي وصل إليها العسل السعودي في المنافسات الدولية، مؤكدًا أن هذا الإنجاز لم يكن ليتحقق لولا الدعم الكبير من حكومة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، من خلال البرامج والمبادرات التي تعزز قطاع النحل والعسل، بما في ذلك برامج القروض الزراعية ودعم النحالين. وأكد مجيري أن المنافسة العالمية ليست مجرد هدف، بل مسؤولية لتعزيز سمعة العسل السعودي كمنتج فاخر يضاهي أفضل أنواع العسل عالميًا، مشيرًا إلى أن "مناحل بيش" ستواصل تطوير إنتاجها، والمشاركة في المحافل الدولية، لضمان وصول العسل السعودي إلى الأسواق العالمية. وهو يتطلع إلى انشاء مصنع للتعبئة والتغليف للعسل بالمنطقة لاسيما المنطقة تنتج مئات الأطنان من العسل. بهذا، يواصل الاستاذ محمد مروعي مجيري رحلته المتميزة، جامعًا بين حكمة الصحفي وصبر النحال، وبين دقة الحروف ونقاء الرحيق، ليؤكد أن الشغف حين يقترن بالعمل الجاد، يصبح بوابة للإنجازات التي تتجاوز الحدود. ‹ › ×