القدس المحتلة -رويترز - منذ خمسة اعوام عندما كانت اسرائيل تسلم اجزاء من الضفة الغربيةوغزة وكانت شعبية عرفات في اوجها لم يكن الرئيس الفلسطيني يلقي بمعارضيه في السجن. واليوم يقول محللون ان الانتقاد العلني لعرفات او لمسؤولي الحكومة قد يدفع الى عقاب عنيف وسريع بصرف النظر عما يثيره ذلك من غضب. ويعتقدون بأن نفاد صبره على المعارضين يعكس ضعفه في مواجهة التذمر الواسع النطاق ازاء الفساد المستشري في الحكومة وعدم قدرته على تحرير المزيد من اراضي الضفة الغربية وقطاع غزة من الاحتلال الاسرائيلي. وقال مناحم كلاين المحلل الاسرائيلي ان عرفات ارتكب خطأ كبيرا بحمله على 20 مشرعا واكاديميا ومهنيا اتهموه في الاسبوع الماضي في منشور بتشجيع الفساد والاستسلام لاسرائيل. واضاف كلاين استاذ العلوم السياسية في جامعة بار ايلان ان "رد فعل عرفات على المنشور افزع الكثير من الاسرائيليين. فقد بدأوا يفكرون في ان هذا النظام ربما لا يكون مستقراً فلماذا تنسحب اسرائيل من المزيد من الاراضي من الضفة الغربية". واتهم الفلسطينيون الحكومات الاسرائيلية بالمماطلة منذ ان وقعت اسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية اول اتفاق عام 1993. وفي مواجهة الاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية المستمرة قال العديد من الفلسطينيين ان المنشور يعكس وجهة نظرهم الشخصية ويأملون في ان تقود هذه المشاعر الى اصلاحات. وقال غسان الخطيب وهو محلل سياسي فلسطيني: "عرفات اتخذ رد الفعل هذا من منطلق ضعف، فاسرائيل تضعفه من ناحية وشعبيته تتآكل من ناحية اخرى. الامور ساءت الى درجة لا يمكن تخيلها". ودعا المنشور الشديد اللهجة الشعب الى الاتحاد في مواجهة "طغيان" السلطة الفلسطينية و"خداعها" السياسي. ويقول محللون ان الشخصيات التي وقعت على المنشور ليست من الزعامات الشعبية القوية التي يمكنها احداث تغييرات او الانشقاق عن النظام السياسي القائم. وتراجع نحو نصفهم في ما بعد وشجبوا المنشور. وقال الطيب عبدالرحيم مستشار عرفات ان الرئيس كان سيرد بالأسلوب نفسه لو حدث ذلك منذ خمس سنوات لأنه يعتبر المنشور خطيرا بسبب دعوته الشعب للخروج والتمرد ويتهمه بخيانة القضية. وقال مسؤولون فلسطينيون ان مجموعة محدودة من مساعدي الرئيس نصحوه بتجاهل المنشور في حين حثه بعض مستشاريه الأمنيين باتخاذ اجراء ضد الموقعين ومن بينهم من يتمتعون بحصانة لعضويتهم في المجلس التشريعي. وسمع عرفات نصيحة مستشاريه الامنيين، فاعتقل ثمانية من الموقعين ووضع ثلاثة تحت الاقامة الجبرية في منازلهم لكنه احترم الحصانة البرلمانية لتسعة اعضاء في المجلس التشريعي غير ان احدهم اصيب بطلق ناري من مسلح ملثم خارج منزله في مدينة نابلس بالضفة الغربية. وبدأ خمسة من المعتقلين من الاكاديميين والمهنيين اضراباً عن الطعام احتجاجاً على سجنهم. وخرج انصار عرفات من حركة "فتح" الى الشوارع في الضفة الغربية في استعراض للقوة ليقولوا للعامة ان عرفات لا يمس وانه فوق كل الانتقادات. وقال مسؤول فلسطيني طلب عدم نشر اسمه: "اعتقد بأن رسالة عرفات للشعب كانت: انتقدوا من تريدون لكن لا تقتربوا مني ولن اجري تغييرات تحت الضغوط".