اعتبر، عضو الهيئة الرئاسية ل"المؤتمر الوطني العراقي" أحمد الجلبي ان "مؤتمر نيويورك" الذي عقد قبل اسبوعين لا يشكل السقف الذي تطمح المعارضة العراقية في الوصول اليه، وأعلن ان المجال مفتوح لتحسينه. وأخذ الجلبي، في حديث مع "الحياة" على بعض المعارضين تبريرهم عدم مشاركتهم في مؤتمر نيويورك بعدم جدية الولاياتالمتحدة في الوقت الذي ينادون فيه باستقلالية المعارضة! وقال ان مهمة تغيير النظام هي من مسؤولية الشعب العراقي "ونحن لا نطالب الولاياتالمتحدة القيام بهذه المهمة نيابة عنا". ونفى ان يكون "قانون تحرير العراق" السبيل الوحيد لتغيير النظام، واعتبر انه يشكل تطوراً مهماً في الموقف الاميركي، من دعم مطلق للنظام العراقي في الثمانينات إبان الحرب ضد الجمهورية الاسلامية في ايران، الى الاحتواء، ثم أخيراً الالتزام بتغيير النظام كما ينص "قانون تحرير العراق". وقال ان هناك تحولاً كبيراً في أوساط الكونغرس لجهة كيفية التعاطي مع العراق. وأوضح ان السناتور، عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ جورج بايدن أعلن انه سيصوت الى جانب أي قرار لاستخدام القوات العسكرية الاميركية في العراق لإسقاط صدام. وأخذ الجلبي على بعض المعارضين انهم يكثرون من النقد الذي يجيدونه، لكن من دون ان يقدموا أية خطة بديلة. وقال ان "إقرار الفيديرالية" تم بالتوافق بعد درس جدي ومعمق، "ونحن نستطيع ان ندافع عن هذه الصيغة من دون أي تردد". ونفى ان يكون "المؤتمر" تسلم أي أموال من الادارة الاميركية، وقال ان الأموال التي خصصتها الادارة كان الكونغرس قد أقرها، وتدفع الى هيئات اميركية متخصصة لتنفيذ مهمات محددة تتعلق بنشاطات "المؤتمر" مثل عقد الاجتماعات وغيرها. وقال الجلبي ان العمل العسكري ضد النظام انطلاقاً من شمال العراق محكوم ب"حرصنا على عدم تعريض الشعب الكردي وأمنه للخطر". ورحب بعقد مؤتمر للمعارضة في كردستان، معتبراً انه سيكون، اذا عقد، مكملاً لاجتماع نيويورك، موضحاً "خيارنا الأول لمكان عقد اجتماع للمعارضة كان دائماً شمال العراق، إلا أنه بسبب عدم توافر ضمانات أمنية اميركية لعقده هناك، وايضاً بسبب حرصنا على عدم تعريض سلامة الشعب الكردي للخطر فضلنا عقده في نيويورك". وعزا سبب فشل المفاوضات مع "تيار الوسط الديموقراطي" الى إصرار "الوسط" على الاتفاق على كل الأمور والهيئات قبل عقد مؤتمر نيويورك. ونفى الجلبي أي تدخل أميركي لاستبعاده من رئاسة الهيئة القيادية ل"المؤتمر" واعتبر هذه الاشاعات من "نسج خيال بعض الصحافيين". ونفى علمه بشأن الحديث عن امكان توطين الفلسطينيين في العراق. وهنا نص الحديث: رفعتم قبل "مؤتمر نيويورك" أهدافاً كبيرة تسعون لتحقيقها، مثل التأكيد على وحدة المعارضة وانتخاب قيادة جديدة والاتفاق على استراتيجية وبرنامج عمل موحدين لإطاحة نظام صدام حسين، ماذا حققتم من هذه الأهداف؟ - أولاً، القيادة الجديدة انتخبت من قبل "المؤتمر الوطني"، وهي فعلاً جديدة، ولا يعني ذلك ان كل الأشخاص في هذه القيادة جدد، بل المقصود أنها قيادة جديدة تم اختيار اعضائها بعدما تم تعديل النظام الأساسي بشكل يتواءم مع المرحلة القائمة. ثانياً، حوالى نصف المشاركين في هذا المؤتمر قوى وشخصيات جديدة لم تشارك في اجتماع صلاح الدين، وأعلنت وحدتها وتكاتفها نحو التيار الأساسي وخرجنا باستراتيجية جديدة، تتمثل في ثلاثة اتجاهات: أولاً: ديبلوماسياً، بمحاصرة النظام عن طريق متابعة الجهود لمحاكمة صدام حسين، وهناك ملفات أعدت، وحققنا انجازات مهمة في الأشهر الماضية في هذا الإطار. وتبنى المؤتمر هذا الأمر، وحصلنا على تأييد الأميركيين. فديفيد شيفر، السفير الأميركي المفوض لشؤون جرائم الحرب، حضر الجلسة الافتتاحية للمؤتمر وألقى كلمة تحدث فيها بإسهاب ووضوح عن توجه الإدارة الأميركية لمحاكمة صدام. لكن هناك كلاماً أميركياً آخر يشير إلى صعوبة تشكيل محكمة دولية لمحاكمة صدام، لأن ذلك سيتطلب موافقة مجلس الأمن الذي يعارض بعض اعضائه الدائمين هذه الفكرة ويضع عليها الفيتو؟ - هذا صحيح، لكن هذا لا يعني توقف الجهود والنشاطات لتقديم صدام للمحاكمة. المحكمة الدولية ليست السبيل الوحيد لتقديم صدام للمحاكمة أمامها. هناك إمكان لمحاكمة صدام بتهم "إبادة الجنس"، وبإمكان أي دولة ان تثير هذا الأمر أمام محكمة العدل الدولية. وسابقة محاكمة الرئيس التشيلي السابق اوغستو بينوشيه تفتح المجال أمامنا. ثانياً، معاودة الاتصال بدول الجوار وطرح أفكارنا لمحاولة اقناعهم وطمأنتهم بأن لدينا عمقاً داخل العراق لإسقاط صدام إذا حصلنا على تأييد من هذه الدول والمجتمع الدولي. وإذا نجحنا في إسقاط النظام الحالي، وإقامة نظام ديموقراطي في العراق، فانه لن يهدد مصالح دول الجوار، بل بالعكس نسعى لإقامة أفضل العلاقات مع هذه الدول، ونؤكد على انتمائنا إلى هذا المحيط ورغبتنا في العيش بسلام ونبذ الحرب. والاتجاه الثالث في استراتيجيتنا التوجه إلى داخل العراق لاستقطاب القوات المسلحة العراقية وتعبئتها ودعمها للمشاركة في إسقاط النظام. هذه الاستراتيجية التي تبناها "المؤتمر" ستترجم عبر برنامج عمل يتضمن نشاطاً ديبلوماسياً وإعلامياً واسعاً. والآن يمكن التأكيد على أن "المؤتمر" بقي صامداً في مواجهة صدام، وأنه على رغم حالة المد والجزر التي مر بها، لم يغب "المؤتمر" عن الساحة أبداً طوال هذه السنوات. والآن تجد ان كل الأطراف عادت إلى خيار "المؤتمر" كإطار لعملها. والولاياتالمتحدة بعدما كانت ابتعدت عن التنسيق مع "المؤتمر" ودعمه عادت وتعاملت بشكل ايجابي معه. لكن هناك قوى وشخصيات رئيسية قاطعت "مؤتمر نيويورك" واعترضت على عقده في نيويورك، فكيف تتحدثون عن وحدة المعارضة إذن؟ - أولاً، نحن على اتصال مستمر مع هذه الأطراف، ونسعى إلى حوار مستمر معها. صحيح انهم لم يحضروا الاجتماع، إلا أنهم لم يهاجموه. لكن لهم مآخذ واعتراضات كثيرة على الاجتماع مثل اتهام الموقف الأميركي بعدم الجدية في إعلان تغيير النظام العراقي أو في أحسن الحالات اتهامه بالغموض؟ - هل هذا اعتراض على الولاياتالمتحدة أم على المعارضة؟ أما الربط بين انتقاد أميركا وعدم المشاركة، فهو أمر مستغرب. ثم ان هذه الأطراف تنادي باستقلالية المعارضة العراقية، إلا أنها تربط مشاركتها بالموقف الأميركي. وهذا الأمر فيه تناقض واضح. بالإضافة إلى أن هذا الرأي يتضمن إقراراً ضمنياً مفاده ان عملية اسقاط صدام تكون أسهل بكثير إذا حظيت بدعم أميركي. ويبدو ان هذه الأطراف ليست ضد الدعم الأميركي. لكن هؤلاء المعارضين يعتبرون ان تغيير النظام هو من مسؤولية الشعب العراقي أولاً؟ - ونحن نقول الشيء نفسه، نقول إن مهمة تغيير النظام هي من مسؤولية الشعب العراقي. والشعب العراقي يقوم بهذه المهمة، لكنه لكي ينجح بشكل سريع يحتاج إلى تأييد ودعم. نحن لا نطالب الولاياتالمتحدة أن تقوم بمهمة اسقاط النظام نيابة عنا. لكن بعض الأطراف المعارضة يأخذ عليكم انكم تعتبرون ان "قانون تحرير العراق" هو السبيل الوحيد لتغيير النظام؟ - نحن نعتبر ان "قانون تحرير العراق" يدعم الجهود الوطنية في إسقاط النظام، ولم نقل إنه السبيل الوحيد. ثم اننا لم نسمع من أي طرف معارض عن خطة بديلة لتغيير النظام. نعم، سمعنا انتقادات كثيرة، لكننا لم نسمع ولا خطة واحدة بديلة. وعلى رغم ذلك، نحن حريصون على الحوار المستمر مع أطراف المعارضة التي لم تشارك في موتمر نيويورك، ومهتمون بذلك. أما انتقادهم الموقف الأميركي واتهامه بغير الجدية، فنحن لا ندافع عن أميركا، وكل شخص باستطاعته ان يقوم الموقف الأميركي، لكن رأينا ان أميركا تقوم بعمل ضد صدام حسين أكثر من أي دولة أخرى. وواشنطن تنشر حالياً قوات عسكرية كبيرة في المنطقة وتفرض منطقتي حظر طيران في شمال العراقوجنوبه. وهذا عمل مهم جداً ومفيد، إذ لولا وجود القوات الأميركية في المنطقة لكان من الصعب على قوات المعارضة ان تمارس نشاطها ضد نظام صدام. لكن ألا تعتقد أن الوجود الأميركي في المنطقة هو لحماية المصالح الأميركية بالدرجة الأولى؟ - هذا أمر مسلم به وبديهي في العلاقات بين الدول. فأي دولة تتخذ اجراءات عسكرية أو سياسية تفعل ذلك لحماية مصالحها بالدرجة الأولى. وهذا لا خلاف عليه. ماذا عن الموقف الاميركي الذي يسأل عنه تقريباً كل المهتمين بالشأن العراقي؟ - الموقف الاميركي هو سؤال مركزي فعلاً. ويلاحظ المرء باستغراب مواقف بعض الاطراف العراقية المعارضة في هذا الشأن. من جهة يهاجموننا لأننا على علاقة قوية مع اميركا، ومن جهة ثانية يتهمون الولاياتالمتحدة بأنها غير جدية! هناك تناقض لدى هذه الأطراف في طرحها. ويبدو لي ان كل القوى ترغب في ان تكون اميركا جدية في تعاطيها مع مسألة تغيير النظام. السؤال الذي يطرح على هذه القوى هو: اذا اقتنعوا بجدية الولاياتالمتحدة، فهل سيعارضون دورها في المستقبل؟ بالنسبة الى الموقف الاميركي اريد ان اوضح الآتي: اصدر الكونغرس "قانون تحرير العراق" واصبح ملزماً للادارة الاميركية. والبند الاول فيه يقول ان سياسة واشنطن تجاه العراق يجب ان تكون عبر تغيير النظام في العراق. والنتيجة الملموسة الاولى لهذه السياسة كانت في اعلان توماس بيكرينغ، في كلمته امام مؤتمر نيويورك، ان الولاياتالمتحدة ستعتبر اي تحريك لقوات كبيرة جنوب خط 32 مهما كانت المبررات او الاهداف خرقاً لقرار مجلس الامن 949، ما يعني انها ستكون معرضة للرد الاميركي. وهذا اعلان سياسي مهم جداً من جانب واشنطن، يعني ان تحريك قوات عراقية نحو الجنوب حتى لو لم تكن له علاقة بتهديد الجيران، وكان بهدف قمع الشعب العراقي سيكون عرضة لرد اميركي حسب القرار 949. ومع ان هذا الاعلان لا يرقى الى ما نطمح اليه من اعلان "منطقة حظر بري" الا انه تطور مهم جداً في سياسة الولاياتالمتحدة، يقترب من تنفيذ ما نطالبها به، وهو حماية الشعب العراقي. بعض الاطراف المعارضة يقول ان المجتمع الدولي يجب ان يحمي الشعب العراقي ويضغط على النظام العراقي لتطبيق القرارات الدولية. هذا امر جميل، لكن من سيقوم في المجتمع الدولي بتنفيذ ذلك، واي دولة تستطيع ان تجبر صدام على تنفيذ القرارات الدولية وترسل قواتها في سبيل ذلك؟ مدغشقر مثلاً؟ وأود ان اشير الى نقطة مهمة هنا. في الثالث من هذا الشهر اجتمعت الهيئة الرئاسية للمؤتمر في مجلس الشيوخ مع 12 عضواً من قياديي الحزبين الديموقراطي والجمهوري وسمعنا منهم تأييداً لارسال قوات اميركية بهدف اسقاط صدام. فالسناتور جوزف بايدن، وهو عضو في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، اعلن انه سيصوت الى جانب اي قرار لاستخدام القوات العسكرية الاميركية في العراق لاسقاط صدام. وكذلك السناتور بوب كيري، أعلن في خطابه امام المؤتمر انه يؤيد استخدام القوات العسكرية الاميركية لاسقاط صدام. نحن استطعنا ان نوجه إلى حد كبير اتجاه التفكير لدى الأميركيين بأن مصلحتهم في إسقاط نظام صدام. وهذا هو مجال التعاون بيننا وبينهم، خصوصاً أن واشنطن كانت تعتقد في السابق أن مصلحتها في بقاء صدام، وقد دعمت نظامه بشكل قوي في الثمانينات إبان الحرب ضد إيران. وبعد حرب تحرير الكويت ارتكبت أميركا أمراً مخزياً، فبعد ضرب العراق لم تساعد الانتفاضة التي قامت ضد صدام التي كانت على وشك اسقاطه، فسمحت للنظام باستخدام طائراته المروحية التي أجهضت الانتفاضة. ثم اتبعت سياسة "الاحتواء المزدوج" والتي كانت تعني ابقاء صدام في السلطة. وعملنا كثيراً واستطعنا ان نصل إلى تغيير في سياسة أميركا عبر إقرار "قانون تحرير العراق"، وأهم نقطة فيه الاعلان السياسي، أي التزام الولاياتالمتحدة تغيير النظام العراقي، وبالذات مساعدة القوى الديموقراطية في العراق لتحقيق هذا التغيير، إضافة إلى تحديد نوع المساعدة التي تقدمها. لقد نجحنا في تغيير التوجه الأميركي أو السياسة الأميركية تجاه العراق. وهذا هو الأمر المهم جداً بالنسبة لنا، وليست الأمور الأخرى والتفاصيل. لكن بعض الأطراف المعارضة يعتبر ان واشنطن أصبحت مهيمنة على عمل "المؤتمر"، بدءاً من عقده وتمويله إلى كل التفاصيل الأخرى، بحيث فقد القرار العراقي المعارض استقلاليته؟ - الحديث عن الهيمنة الأميركية بعيد عن الواقع. لقد طرحنا قضية الشعب العراقي في الولاياتالمتحدة كما نراها نحن وليس كما يراها الأميركيون. وعلاقتنا مع الأميركيين لا تسير بشكل تلقائي. نصطدم أثناء العمل معهم بتناقضات حقيقية، نحاول حلها بالتعاون، ونتعامل معهم كأنداد. وقد أعلن ذلك السناتور بوب كيري وكذلك توماس بيكرينغ، وكيل وزارة الخارجية الأميركية، أمام المؤتمر ان أميركا لا تريد ان تفرض هيمنتها على المعارضة العراقية. نحن نتعامل مع أميركا على أساس تبادل المصالح وتفاهم سياسي قاسمه المشترك تغيير نظام صدام. تقولون بتبادل المصالح المشتركة، ماذا تقدمون في المقابل للولايات المتحدة؟ - نقدم للأميركيين وجهة نظرنا الأساسية، وهي اننا نتصدى لإسقاط نظام صدام، واننا نريد إقامة نظام ديموقراطي في العراق يعيش في سلام مع الشعب العراقي وجيران العراق، وهذا الأمر يعتبره الأميركيون ضرورياً لمصالحهم في هذه المنطقة الحيوية. والأميركيون أعربوا عن ترحيبهم واستعدادهم لمساعدتنا على تنفيذ هذا الهدف. جرى حديث في بعض الصحف عن استبعادكم من رئاسة الهيئة الرئاسية، علماً أن البيان الختامي نص على دورية رئاستها، فهل هذا صحيح؟ - هذا غير صحيح أبداً. ليس هناك أي اعتراض من أي طرف معارض على دوري. كما ليس هناك أي تدخل أميركي في هذا الأمر. وهذا الموضوع من نسج خيال بعض الصحافيين. الاعتراض على نهجكم لم يقتصر على الذين لم يشاركوا في مؤتمر نيويورك، بل إن بعض الذين شاركوا سجلوا اعتراضهم حتى قبل عقد المؤتمر، مثل "حركة الوفاق الوطني" التي أصدرت بياناً اعتبرت فيه أن مؤتمر نيويورك لا يشكل السقف لما يجب أن تصل إليه قوى المعارضة؟ - لا اعتقد ان هذا البيان يشكل نقداً لأي طرف محدد بقدر ما يشكل نقداً ذاتياً، لأن "حركة الوفاق الوطني" شاركت بشكل أساسي في التحضر لاجتماع نيويورك. أما الإعلان عن ان مؤتمر نيويورك لا يشكل السقف الذي تطمح أن تصل إليه المعارضة، فهذا أمر نتفق عليه جميعاً، ونعتبر ان المجال مفتوح لتحسينه. ولا اعتبر البيان انتقاداً بقدر ما هو نقد ذاتي. ونحن أخذنا هذه الملاحظات بعين الاعتبار، وكانت جزءاً من البحث الذي جرى في الرئاسة الموقتة والمجلس التنفيذي، و"الوفاق" كانت تشارك في هذه المحادثات، ونحن نعتبر هذه الملاحظات وغيرها انها دعوة لتحسين الأمور ودفع النشاط المشترك إلى الأمام. لماذا فشلت المفاوضات مع "تيار الوسط الديموقراطي"؟ - شكلت لجنة تحضيرية من الرئاسة الموقتة والشريف علي بن الحسين والدكتور غسان العطية، وقدم كل من الشريف علي والدكتور غسان العطية مجموعة من الأسماء أضيفت إلى "الموتمر"، وحضرت هذه العناصر الجديدة اجتماع نيويورك. لكن "تيار الوسط" لم يحضر، مثل سعد صالح جبر وعدنان الباجه جي وغسان العطية وغيرهم؟ - هم اتفقوا في ما بينهم على أن يترك المجال لكل طرف من أطراف "الوسط" ليقرر الحضور أو لا. هذا عائد إليهم. لكن من جهتنا، نحن قمنا بانجاز ما كان علينا من ناحية اللجنة التحضيرية وقبول أسماء الاعضاء الجدد الذين قدموا إليها. لكني اعتقد ان احد الأسباب لعدم مشاركتهم كان في اصرارهم على الاتفاق على كل الامور والهيئات من قبل هذه المجموعة الصغيرة قبل عقد المؤتمر، إذ لا يجوز دعوة مئات الشخصيات للمشاركة في مؤتمر وتكون كل الامور قد أقرت مسبقاً. وهذا امر ممجوج. نحن نتفق على بعض الامور ونحاول ان نمررها في الاجتماع بالتشاور وبطرق ديموقراطية. خصوصاً ان لدينا مجالاً واسعاً للتشاور وتنسيق المواقف لاقناع الآخرين، والا لماذا ندعو المئات من الشخصيات للمؤتمر اذا كنا سنقرر عنها مسبقاً. بعض اطراف المعارضة يقول ان هناك نية لاستبعاده عبر استفزازه لاتخاذ مواقف بعدم المشاركة؟ - العمل السياسي فيه تناقضات كثيرة، ووسائل الاعلام تلعب في بعض الاحيان دوراً سلبياً، وتكتب اموراً بعيدة عن الواقع، مثل ما كتبت بعض الصحف عن تدخل اميركي لاستبعاد احمد الجلبي من رئاسة الهيئة الرئاسية بناء على طلب بعض الأطراف المعارضة! فهل هذا يعتبر استفزازاً لي؟ قد يكون ذلك. لكنه يجب ان لا يؤثر على سير العمل. وهذا في رأيي انتقاد غير جدي. يلاحظ ان اقرار بعض المسائل في مؤتمر نيويورك تم بالتوافق وليس بالتصويت؟ - هناك ضرورة للتوافق حول بعض المسائل مثل تعديل النظام الأساسي والخطاب السياسي، والاعلان عن اطلاق حركة عسكرية ضد نظام صدام وإقرار شكل الميزانية العامة لعمل المعارضة. والقرارات السياسية المهمة مثل اتفاق سياسي مع دولة من الدول، او عقد مفاوضات مع اطراف دولية والحصول على مساعدات يجب ان يتم التوافق حولها. والتوافق لا يعني الاجماع. قلتم انكم توصلتم الى توافق على اعلان حملة عسكرية ضد صدام، هل وافقت كل الأحزاب الكردية على العمل العسكري لتغيير النظام خصوصاً "الحزب الديموقراطي"؟ - لم اقل اننا حصلنا على توافق لاعلان الحرب على نظام صدام، بل قلت ان هناك مسائل تتطلب التوافق، واعلان العمل العسكري أحدها. اما موقفنا بالنسبة الى العمل العسكري فنحن حريصون على عدم تعريض سلامة الشعب الكردي لأي خطر بأي شكل من الأشكال. لا نريد ان يشكل العمل ضد صدام اي تهديد لسلامة الشعب الكردي وأمنه. موقفنا في هذا المجال ينسجم تماماً مع موقف الاحزاب الكردية المشاركة في "المؤتمر"، الذي يتلخص بعدم مشاركتهم بأي عمل عسكري ضد صدام اذا لم يتوافر ضمان اميركي محدد لمنع قوات النظام العراقي من الدخول الى منطقة كردستان المحررة. لكن هذا الامر لا يعني انه لن يكون هناك عمل عسكري ضد صدام في مناطق اخرى في العراق نساهم فيه بقوة. يحكى عن اجتماع جديد للمعارضة العراقية يعقد في كردستان. فهل يشكل الاجتماع المزمع رداً على اجتماع نيويورك؟ - كان خيارنا الأول عقد المؤتمر في كردستان العراق. لكن الأحزاب الكردية اعتبرت ان عقده في كردستان سيشكل استفزازاً لصدام، وبالتالي هناك حاجة الى حماية اميركية لعقد مثل هذا الاجتماع. فوجهنا رسالة الى وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت نطلب منها حماية المنطقة اثناء عقد الاجتماع وبعده لا سيما ان النظام قد يقوم بعمل عسكري بعد الاجتماع ضد المنطقة. وتلقينا رسالة جوابية من ستروب تالبوت في نهاية شهر تموز يوليو الماضي جاء فيها ان الولاياتالمتحدة غير مستعدة لتقديم ضمانات اضافية، ما يعني عدم تقديم الاميركيين حماية للمنطقة الكردية في حال عقد الاجتماع وبالتالي احتمال تعريض الشعب الكردي لخطر رد من النظام العراقي. لذلك نحن نرحب بعقد اي اجتماع للمعارضة يعقد في السليمانية. و"الاتحاد الوطني الكردستاني"، هو الذي سيستضيف الاجتماع اذا عقد في السليمانية، ورئيسه جلال طالباني شارك بفاعلية في اجتماع نيويورك. ونحن ننسق معه بشأن هذا الموضوع. ولا نعتقد ان الاجتماع في السليمانية سيكون رداً على اجتماع نيويورك، بل مكملاً له. ونعتقد انه اذا عقد سيدفع العمل الوطني، وخصوصاً العمل الميداني منه الى الامام. اذا كان الدعم الخارجي ضرورياً لعمل المعارضة كما تقولون، فلا بد ان يمر عبر الدول المحيطة بالعراق. الا انه يلاحظ ان علاقاتكم مع هذه الدول غير متوازنة. فكيف يمكن لكم العمل على تغيير النظام اذا كانت الدول المحيطة بالعراق لا تسمح لكم على الأقل بالانطلاق منها؟ من اين تنطلقون اذن؟ - نحن ننطلق أساساً من داخل العراق لتغيير النظام. وأعترف ان علاقاتنا مع الدول العربية المحيطة تحتاج الى تطوير كبير. نحن في "المؤتمر" نسعى الى ذلك بكل السبل، لكن مع الأسف لم نلاقِ اي استجابة من الدول العربية. ونحن في المعارضة نسعى للاتصال مع كل الدو ل العربية لتوضيع الامور لهم. وهم اشقاؤنا ومجالنا الطبيعي، ونعتبر ان العلاقات الجيدة معهم ضرورية جداً لنجاحنا في مسعانا لاسقاط صدام. هناك حديث ان الادارة صرفت ل"المؤتمر" عدة ملايين من الدولارات، هل استلمتم اي مبلغ من الادارة؟ - في سنة 1998 طالبت واشنطن بمساعدة "المؤتمر" علناً. المساعدة الاميركية ل"المؤتمر" تقررت في الكونغرس الذي خصص اموالاً للمعارضة وبالذات ل"المؤتمر الوطني". وزارة الخارجية الاميركية لم تسلم "المؤتمر" اي اموال، بل تعاقدت مع اطراف اميركية متخصصة لتنفيذ مهمات محددة تتعلق ب"المؤتمر" منها الاجتماعات والزيارات. ونحن نعمل على انشاء آلية عمل شفافة ونظام دقيق لمراقبة الصرف، وان تكون هناك محاسبة ومساءلة بشأن كيفية صرف الأموال. و"المؤتمر" يسعى للحصول على تمويل من الاشقاء العرب، ولو توافر هذا الدعم فلن نكون حينها بحاجة الى الدعم الاميركي. جرى حديث عن امكان توطين الفلسطينيين في العراق مقابل اعادة تأهيل النظام، ويقال ان مساعدين لبعض اعضاء مجلس الشيوخ الاميركي زاروا العراق اخيرا طرحوا هذا الامر في بغداد، فما هي معلوماتكم بهذا الشأن؟ - لا علم لي بهذا الشأن. ولو كان هناك امر جدي لكنا في "المؤتمر" علمنا به.