بينما يواصل "المؤتمر الوطني العراقي الموحد" التحضيرات لعقد "الجمعية الوطنية" في نيويورك في 29 من الشهر الحالي، أكدت مصادر في تيار "الوسط الديموقراطي" ان "مراحل قطعت باتجاه عقد المؤتمر الموسع للمعارضة"، واعتبرت ان "التحضير الجيد لهذا المؤتمر الموسع هو في الاتفاق المسبق على كل التفاصيل"، في حين لا تزال مواقف أطراف المعارضة الأخرى تتراوح بين المشاركة في هذه الاجتماعات، وبين "التحفظ" و"الرفض"، وصولاً إلى "التريث". وكان ناطق باسم "المؤتمر الوطني" أعلن في نيويورك في 24 الشهر الماضي خلال وجود ممثلين للمعارضة العراقية ان "المؤتمر الوطني سيعقد الاجتماع الثالث لجمعيته الوطنية في نيويورك في 29 تشرين الأول اكتوبر، وان "لجنة تحضيرية شكلت للإعداد لعقد اجتماع موسع للمعارضة"، بهدف انتخاب قيادة جديدة وتوحيد جهود المعارضة للإطاحة بالنظام العراقي. وتفيد مصادر في المعارضة ان "الجمعية الوطنية" ستعقد جلسة تقر فيها توسيع قاعدة "المؤتمر" وتصوّت لصالح انضمام أحزاب وقوى تشكلت بعد عام 1992 في داخل العراق وخارجه، ثم ترفع الجلسة ليبدأ بعدها اجتماع موسع ل"الجمعية الوطنية". يذكر ان إعلان "المؤتمر" عقد جمعيته الوطنية أثار جدلاً مع تيار "الوسط"، خصوصاً أن الاعلان تزامن مع المفاوضات لتشكيل اللجنة التحضيرية، ما دفع بالسيد عدنان الباجه جي، من "الوسط"، إلى اعلان انسحابه من وفد المعارضة الذي كان مقرراً أن يزور نيويورك، إلا أنه عاد وسافر لاحقاً، وأشار أنه لم يسافر مع الوفد المشترك. وأعلن الباجه جي لاحقاً انسحابه من المشاورات والتحضيرات بشأن عقد الاجتماع الموسع، في حين اعتبر الشريف علي بن الحسين من الحركة الملكية الدستورية، ان "دور "الوسط" ينحسر كلما اقترب موعد الاجتماع الموسع"، كون "الوسط"، حسب ما يقول أقطابه، "ليس حزباً يضاف إلى القوى المعارضة الأخرى، بل أنه انشئ لهدف واحد هو تنشيط الجهود لعقد مؤتمر موسع للمعارضة يشمل أكبر عدد ممكن من التيارات المعارضة". ويبدو ان "عقدة" اللجنة التحضيرية وجدت طريقاً إلى الحل، بعدما "خف" الإصرار على إناطة أمور التحضير للاجتماع الموسع بها، كما كان يطالب بذلك تيار "الوسط". وفي هذا السياق، أعلن غسان العطية، من تيار "الوسط" إلى اذاعة "العراق الحر"، أنه يشارك هو والشريف علي بن الحسين مع "المؤتمر" في الترتيبات والتحضيرات لعقد الاجتماع الموسع للمعارضة، واعتبر ان "التحضير الجيد هو في الاتفاق المسبق على كل التفاصيل"، بما في ذلك شكل التنظيم الجديد واللجان والقيادة الجديدة. وذكر العطية ان الاجتماع الموسع سيعقد مباشرة بعد اجتماع "الجمعية الوطنية" ل"المؤتمر" الذي كان أعلن عن توسيع قاعدته. وأوضح العطية ان الباب مفتوح أمام كل قوى المعارضة للمشاركة في المؤتمر الموسع. وقال: "ليس هناك مجال لوحدة كل قوى المعارضة، لذلك لا بأس من اجتماع للتيارات المستعدة للتعاون مع بعضها"، موضحاً "اننا لا نذهب للاجتماع لكي نحوله إلى حلبة صراع". وتأتي هذه التطورات إثر زيارة قام بها فرانك ريتشياردوني المنسق الأميركي لشؤون المعارضة العراقية إلى لندن الأسبوع الماضي ولقائه مع بعض أقطابها. وعُلم ان مناقشاته دارت حول الاجتماعات في نيويورك و"إقناع" بعض الأطراف "المستنكفة" بالمشاركة فيها. تساؤلات وشكوك وأثار الإعلان عن عقد المؤتمر الموسع للمعارضة في نيويورك تساؤلات وشكوكاً كثيرة، كما استرجع مواقف سابقة لبعض قوى المعارضة من "المؤتمر الوطني" وطريقة عمله وارتباطاته. وتعود الشكوك والتساؤلات إلى أمرين أساسيين: الأول، الموقف من بعض رموز "المؤتمر"، والثاني "شبهة" العلاقة مع الولاياتالمتحدة. ليس بجديد القول إن هناك اعتراضات قوية على طريقة عمل رموز "المؤتمر" تصل إلى حد الاتهام بالتفرد والشكلية وعدم الشفافية وغيرها من الاتهامات. أما السبب الثاني لهذه الشكوك فهو العلاقة مع الولاياتالمتحدة، إذ لا تخفى علاقة بعض رموز "المؤتمر" وعلى رأسها أحمد الجلبي واياد علاوي بواشنطن. ويلاحظ في هذا الصدد ان مواقف مختلف قوى المعارضة تشدد على أهمية الدور الأميركي في الشأن العراقي، لكن الخلاف بينها يبدأ من "كيفية نسج" علاقة مع واشنطن للاستفادة منها، مروراً بالتدخل الأميركي الفاضح في الشؤون الداخلية لنشاطات المعارضة وانتهاء - وهو الأهم - بمدى جدية إعلان واشنطن عن سعيها لتغيير النظام العراقي، ناهيك عن دعم المعارضة لإقامة البديل الديموقراطي. هناك أطراف معارضة تعتبر ان واشنطن غير جادة في سعيها لتغيير النظام في العراق، بل وتتهمها بدعم النظام العراقي ضد المعارضة، وتستدل على ذلك بالموقف الأميركي الذي سمح للنظام باستخدام المروحيات العسكرية في قمع الانتفاضة في آذار مارس 1991 بعدما سيطر الثوار على 14 محافظة من أصل 18، إضافة إلى عجز واشنطن عن حماية أفراد المعارضة في أربيل حين اجتاحتها قوات النظام العراقي في آب اغسطس 1996، ما أدى إلى قتل عشرات المعارضين. ويرى بعضهم ان واشنطن تحبذ تغييراً من داخل النظام، بحيث يتم التغيير، إذا حصل، في رأس السلطة فقط، مثل "انقلاب القصر"، أو انقلاب عسكري. ومع ذلك، يرى بعض أطراف المعارضة ان التعامل مع الولاياتالمتحدة ضروري ولا غنى عنه، كونها القوة الدولية الوحيدة المؤثرة في الشأن العراقي، ويدعو إلى "تقنين" العلاقة مع واشنطن بضوابط ويطالب بالمكاشفة والشفافية. ومع قرب عقد المؤتمر العتيد في واشنطن، تتزايد الضغوط على الأطراف المعارضة لتحديد مواقفها، في حين تسعى إلى إخفاء أوراقها لتأمين أفضل الشروط في حال تجاوبها. إلا أن هناك أطرافاً وأحزاباً وقوى حسمت موقفها من اجتماعات واشنطن، فإضافة إلى "الوسط" يؤيد الأكراد عقد اجتماعات واشنطن، في حين تشير معلومات إلى عدم مشاركة "المجلس العراقي الحر" و"اتحاد الديموقراطيين" وحزب "الدعوة الإسلامية" و"الحزب الشيوعي" و"المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق"، إضافة إلى شخصيات معارضة أخرى. ولا يستبعد ان تعيد بعض هذه الأطراف النظر في مواقفها. وهناك أطراف تتعرض لضغوط اقليمية تمنعها من المشاركة. الحزب الشيوعي العراقي أكد انه ليس معنياً بما يجري الحديث عنه بشأن اجتماع للجمعية الوطنية التابعة ل "المؤتمر الوطني العراقي الموحد" او اجتماع عام تعد بعض اطراف المعارضة لعقده في اميركا. وهو ينطلق في موقفه ازاء هذه التحركات "من انها تعوّل اساساً على العامل الخارجي، وهي تندرج ضمن المساعي الاميركية الهادفة الى احتواء المعارضة العراقية الفاعلة، ومنع اتحادها في أطر تتجاوز الرغبات والتوجهات المحددة في واشنطن، وابعادها عن ساحة النضال الحقيقية على ارض الوطن، واجهاض اي تحرك وطني يمكن ان تقوم به على اساس من الاستقلالية وحفظ المصالح الوطنية". واعتبر ان "هذه المساعي، التي تهدف الى تأمين مصالح الولاياتالمتحدة وإحكام هيمنتها على العراق والمنطقة ومواردها الاقتصادية، تريد الافادة من المعارضة كغطاء سياسي اعلامي عند إحداث اي تغيير بمعزل عن ارادة الشعب العراقي". ويرى الحزب ان توحيد قوى المعارضة شأن داخلي خاص بها وحدها، ويرفض اي وصاية او هيمنة خارجية عليها. كما يؤكد على ان اي عمل يستهدف اسقاط الديكتاتورية وتغيير السلطة يجب ان يعتمد على قوى الشعب في الداخل، ووحدة الجهد المعارض الوطني، من دون ان يعني هذا بالطبع الاستهانة بالعامل الخارجي او انكار دوره المتزايد في عالم اليوم، ولا ينفي ضرورة التفاعل الايجابي مع كل جهد خارجي يدعم نضال الشعب والافادة منه في اطار البديل الوطني الديموقراطي. وكان "المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق" اصدر بياناً دعا فيه "الى عقد مؤتمر تحضيري يسبق عقد الاجتماع الموسع لفصائل المعارضة العراقية، مشدداً على ضرورة تفادي الارتجال في ذلك الاجتماع". وقال ان عقد اجتماع موسع للمعارضة العراقية وان كان امراً مهماً وعملاً مفيداً لتأكيد الثوابت السابقة ولتعزيز وحدة المعارضة وتأكيد خطابها السياسي وبرنامجها العملي والميداني في عملية التغيير والذي يعتمد بصورة اساسية على ابناء الشعب العراقي وقواه السياسية الفاعلة، "ولكننا نعتقد ان ذلك يحتاج في الوقت الحاضر الى مزيد من الوقت للتشاور والتنسيق ويجب ان تسبقه اجتماعات تحضيرية مكثفة ومناسبة لمختلف فصائل المعارضة ليتمكن الاجتماع من تحقيق الهدف المنشود". وعبر عن خشيته من "ان يعقد المؤتمر على عجالة وبصورة لا تعكس بصدق تقدم الواقع الجهادي لابناء الشعب العراقي وتطور حركة المعارضة". وأكد المجلس "ضرورة عقد اجتماع تحضيري واسع لقوى المعارضة العراقية يسبق اية اجتماعات لمؤتمر موسع لقوى المعارضة العراقية". ومن الذين يتعرضون لضغوط للمشاركة في اجتماع واشنطن كل من السيد محمد بحر العلوم والسيد حسين الصدر. وذكر السيد بحر العلوم أنه لم يبلور موقفه بعد من المشاركة، علماً ان الاتجاه لديه حالياً هو في عدم المشاركة، ويعزو سبب ذلك إلى أن "المشروع الذي يُدرس أميركي صرف، وأنا لست مقتنعاً بجدية الأميركيين بالتغيير، وليس هناك ما يبرر مشاركتي مع قناعتي بلا جدوى ذلك". وذكر أنه طرح على الأميركيين لتأكيد جديتهم "العمل على محاكمة صدام ومد حماية الشعب العراقي إلى الجنوب وتنفيذ القرار الدولي 688 ولم أحصل على جواب". أما السيد حسين الصدر، فأكد على ضرورة "قيام مظلة للمعارضة العراقية تأخذ على عاتقها الارتقاء بالعمل المعارض إلى مستوى نشاطات المعارضة في الداخل"، مشيراً إلى أن "الدعوة إلى اجتماعات المعارضة في واشنطن توحي وكأن هناك لوناً من ألوان الامتيازات أو مكاسب لجهة معينة"، ودعا إلى توفير فرص النجاح لعقد الاجتماع، محذراً من أن "الإصرار على الحصول على مكسب ذاتي أو فئوي سيؤدي إلى عدم فاعلية المعارضة". وأوضح الصدر ان هناك ضغوطاً عليه للمشاركة في مؤتمر واشنطن، إلا أنه رفض اعطاء موقف حالياً من المشاركة "إلى أن تتبلور بعض الأمور". ومع إعلان الأحزاب والرموز الإسلامية الشيعية عن عدم مشاركتها في اجتماعات واشنطن تجري محاولات ومشاورات لتشكيل "كتلة" من الإسلاميين الشيعة المستقلين والديموقراطيين ذوي الميول الإسلامية، اعضاء في "الجمعية الوطنية" ل"المؤتمر" تشارك في اجتماعات واشنطن ك"مجموعة ضغط" لوبي. وأعلن موفق الربيعي ان المشاورات جارية للاتفاق على آلية لتنظيم هذه المجموعة من أجل التأثير في المناقشات التي ستجري في اجتماعات واشنطن. وأوضح الربيعي ان هذه المجموعة ليست حزباً أو حركة سياسية، وأعلن "التمسك بالثوابت الوطنية التي أقرها مؤتمر صلاح الدين". التدريب الأميركي } تبدأ في الرابع من الشهر المقبل أول دورة تدريبية في واشنطن لعناصر من المعارضة العراقية، على المسائل الإدارية والكومبيوتر والتنسيق بين الجيش والمدنيين. وتشكل هذه العناصر، التي يتوقع ان يتراوح عددها بين 30 و40 عنصراً، الدفعة الأولى من عناصر المعارضة بعد الاتفاق على تقديم كل حزب أو حركة 6 أو 7 عناصر لكل دورة. المعارضون يتبادلون الاتهامات } من المفارقات ان معارضاً مقيماً في دمشق اتهم معارضاً آخر مقيماً في لندن، في إحدى الندوات التلفزيونية ب"العمالة" للولايات المتحدة، لأنه زار ضمن وفد المعارضة المشترك واشنطن في أيار مايو الماضي واجتمع مع الأميركيين. وعندما سأل المعارض "العميل" زميله ما إذا كان اجتمع مع أميركيين، فأجابه: "نعم، اجتمعت مع أميركيين، لكن هنا في دمشق، ولم أذهب إليهم في واشنطن"! وكأنه يقول: "إن الأميركان في دمشق أكثر عراقية من أميركيي واشنطن" أو ان أميركيي دمشق "وطنيون"، في حين ان أميركيي واشنطن "عملاء"!