إفتتح البطريرك الماروني الكاردينال نصرالله صفير أمس في بكركي الدورة الثالثة والثلاثين لمجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، التي تتناول قضايا كنسية ووطنية، وتستمر أسبوعاً، في حضور السفير البابوي في لبنان أنطونيو ماريا فيليو. ألقى البطريرك صفير كلمة في افتتاح دورة المجلس تناول في جزء كبير منها قضايا دينية واجتماعية. وأشار إلى استمرار الأزمة الإقتصادية التي يعانيها اللبنانيون، واضطرار بعضهم الى الهجرة. ثم تطرق الى حقوق الإنسان في لبنان، وسأل "كيف يمكن تبرير إبعاد سياسيين، من دون محاكمة وإدانة، على مدى سنوات؟ أو التسليم بإصدار أحكام في قضايا سياسية والإيهام أنها غير ذلك، وإبقاء المحكومين في السجون، كما هي الحال مع أبناء جزين وسواهم من قبلهم، وتوقيف رجال إدارة بتهمة الفساد، شهوراً، من دون محاكمتهم؟". ولفت الى قضية المخطوفين منذ سنوات والمجهولي المصير، وإلى "جرائم ارتكبت في وضح النهار واستهدفت قضاة على القوس من دون ان يعرف شيء عن الفاعلين، وعن جرائم قتل ارتكبت بقصد السرقة وكأن شيئاً لم يحدث؟ وهذه أمور لا تبعث على توطيد الثقة بالوضع القائم، ولا نريد ان نحمّل اهل الحكم المسؤولية بمقدار ما نحمّلها للظروف التي يمارسون فيها هذا الحكم، وهي معروفة. والسيادة لا تتحمل الشراكة، وهذا معروف ايضاً". ولفت الى انتقادات تطاول رجال الدين لكلامهم في الشؤون السياسية، معتبراً "انهم مواطنون ولهم الحق في إبداء رأيهم كغيرهم". واعتبر "ان الدائرة المصغرة في قانون الإنتخابات النيابية هي الأمثل في الوضع الراهن، ما دامت العلاقة شخصية بين المرشح والناخب، وفي غياب أحزاب منظمة فاعلة". وفي مرور عشر سنوات على اتفاق الطائف، قال صفير "ارتضيناه على رغم كل الصعوبات والعقبات، وسيلة لوضع حد للحرب وإسكات المدفع، على أن يطبّق، ابتداء من تشكيل حكومة وفاق وطني، وعلى أمل ان تكشف الممارسة ما فيه من ثغرات لسدّها لاحقاً. ولكن ما حدث كان غير المأمول، إذ غاب عنه رعاته العرب الثلاثة، منذ البداية، فتولى تطبيقه راعٍ رابع بمشاركة فريق من اثنين لبنانيين، ولا يزال يشعر الفريق المغيّب أنه مغيّب على غير صعيد، ولم تجرَ في ضوئه مصالحة وطنية أمر بإجرائها، وحتى اليوم يصنّف الناس في لبنان بين غالب ومغلوب، ويعاملون على هذا الأساس. فضلاً عن أن السلطة التنفيذية وضعت في مجلس الوزراء لا في شخص رئيسه، وهذا لم يطبّق قبلاً، ويخشى أن يؤدي قانون اللامركزية الإدارية الى عكس المراد". لكنه اضاف ان "ما يحمل على الأمل بغدٍ أفضل أن قد أصبح على رأس الدولة رجل الرئيس إميل لحود له من الصفات الطيبة والمزايا الكريمة والتجرّد التام ما يوحي الثقة، وما يرجى أن يتحلى به، من دون استثناء، جميع معاونيه". وتابع "لا مانع من إلغاء الطائفية السياسية، شرط أن تلغى من النفوس قبل أن تلغى من النصوص، وهذه عملية تقتضي لها تربية عميقة قد تمتد أجيالاً. وما دام اللبناني يتمتع، إذا جاز التعبير، بهويتين لبنانية وطائفية، فالحل، ولو موقتاً، يكون باعتماد نظام توافقي طوائفي ديموقراطي يحفظ لكل طائفة ما لها، ولكل شخص ما له من حقوق، ويلزمه ما يلزم سواه من واجبات".